بتصريح مثير؛ افتتح محافظ البصرة، أسعد العيداني، معركة إدارة المحافظات العراقية، وسط استمرار الخلافات بين القوى السياسية. وأدى العيداني اليمين القانونية أمام رئيس محكمة الاستئناف في البصرة بعد استقالته من منصبه محافظاً للبصرة، معلناً أنه سيكون عضواً في مجلس المحافظة لساعات فقط؛ في إشارة إلى إعادة انتخابه محافظاً لدورة جديدة.
ومع أن العيداني؛ الذي يتزعم تحالفاً اسمه «تصميم» في «الإطار التنسيقي» الشيعي، حصل تحالفه على «النصف زائداً واحد» في انتخابات مجالس المحافظات التي أجريت أواخر العام الماضي، ويعد الأقرب إلى منصب المحافظات، لكن لا تزال الخلافات قائمة بشأنه بين بعض مكونات «الإطار».
وكان انعقاد جلسة مجلس محافظة البصرة قد تأجل الثلاثاء إلى السبت المقبل بسبب استمرار الخلافات، لكن تحالف «نبني» الذي يتزعمه هادي العامري أقر بأن منصب محافظ البصرة هو من حصة «تصميم».
و أعلن القيادي في تحالف« نبني» و«عصائب أهل الحق»، عدي عواد، أن المنصب هو من حصة «تصميم»، دون الإشارة إلى اسم العيداني. و من جهته أكد رئيس كتلة «تصميم» في البرلمان العراقي عامر الفايز تمسك كتلته بإعادة انتخاب العيداني محافظاً للبصرة.
وقال الفايز في تصريح صحافي إن «العيداني كان حصد غالبية الأصوات على المستوى الشخصي فضلاً عن حصول تحالفنا على أغلبية المقاعد».
ورداً على الاتهامات التي أطلقها بعض قوى «الإطار التنسيقي» من أن العيداني استغل موارد الدولة، يقول الفايز إن «الفعاليات الاجتماعية في البصرة، فضلاً عن الأصوات التي حصل عليها العيداني، تؤكد وقوفها إلى جانبه».
رغم أن إعلان العيداني أنه سيبقى عضواً في مجلس المحافظة لساعات يؤكد ثقته بإعادة انتخابه، فإنه من جانب آخر ينطوي على استفزاز لبعض قوى «الإطار»، خصوصاً «ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي الذي يصر على تغيير كل المحافظين؛ بمن فيهم الذين حققوا نجاحات في محافظاتهم مثل محافظ البصرة أسعد العيداني ومحافظ واسط محمد المياحي ومحافظ كربلاء نصيف الخطابي.
وطبقاً لكتاب صادر عن القضاء الذي يؤكد أداء اليمين القانونية لأعضاء مجالس المحافظات بعد 15 يوماً من تاريخ المصادقة على نتائج الانتخابات، فإنه بالإضافة إلى تأدية اليمين من قبل أعضاء مجلس محافظة البصرة، فإن أعضاء مجلس محافظة ذي قار أدوا اليوم الخميس اليمين القانونية أمام رئيس محكمة الاستئناف في ذي قار.
وفي حين ينتظر تقديم أعضاء مجالس باقي المحافظات العراقية الـ15 التي أجريت فيها الانتخابات المحلية؛ بما فيها كركوك المتنازع عليها، فإن الخلافات السياسية لا تزال قائمة بين مختلف القوى السياسية بشأن كيفية إدارة المحافظات سواء لجهة منصب المحافظ، ورئيس مجلس المحافظات. وبسبب استمرار الخلافات؛ فقد بدأ يسود انطباع بالشارع العراقي أن القوى السياسية التقليدية باتت تخشى الناجحين من المسؤولين بمن فيهم المحافظون الذين تمكنوا من تقديم خدمات متميزة للجمهور، لا سيما في بعض المحافظات الوسطى والجنوبية.
«مطارد» بين منصبين
ورغم أن الجدل بشأن بقاء المحافظين «الناجحين» في إدارة المحافظات من عدمه يشمل اثنين آخرين غير العيداني؛ هما محافظا واسط وكربلاء، فإن أمر محافظ البصرة أسعد العيداني يبدو مختلفاً لجهة أنه بات أحد القيادات السياسية البارزة في العراق من الجيل الثاني بعد جيل الزعامات الأول في عراق بعد عام 2003.
فالعيداني المطارد الآن لجهة عدم اقتناع بعض قوى «الإطار» ببقائه في منصبه رغم حصوله على الأغلبية، كانت قوى «الإطار التنسيقي» رشحته رئيساً للوزراء عام 2020 بعد استقالة عادل عبد المهدي، لكن الرئيس العراقي السابق برهم صالح كان اعتذر من عدم تكليفه بتشكيل الحكومة لأسباب سياسية نتيجة الانقسام داخل البيت الشيعي بشأنه.
وخلال محادثات اختيار رئيس وزراء خلفاً للكاظمي بعد انتخابات 2021، كان العيداني مرشحاً للمنصب مع عدد من قيادات الجيل الثاني؛ بمن فيهم محمد شياع السوداني الذي وقع عليه اختيار قوى «الإطار التنسيقي» للمنصب.
إلى ذلك؛ وفي الوقت الذي تتباين فيه رؤى ومواقف قوى «الإطار التنسيقي» الشيعي بشأن طريقة إدارة محافظات الوسط والجنوب؛ فإنها تتفق بشأن كيفية إدارة المحافظات الأخرى التي يتشارك في إدارتها الشيعة والسنة والكرد.
ويحتدم الخلاف الشيعي ـ السني حول محافظة ديالى، فضلاً عن خلاف، لكن بمستوى أقل، بشأن محافظة كركوك؛ لأن العرب السنة والكرد تمكنوا من الحصول على غالبية الأصوات، وهو ما يجعل إدارة كركوك تخضع لطريقة التوافق نفسها التي كان متفقاً عليها خلال السنوات السابقة، لا سيما أن كلاً من «الحزب الديمقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، والكتل الشيعية، لم يحصل على عدد المقاعد الكافية التي تؤهلها لمنافسة الكتل السنية هناك، فضلاً عن «الاتحاد الوطني الكردستاني» والقوائم التركمانية.