التوتر العسكري في البحر الأحمر يهدد صيادي اليمن بالموت والجوع

بعد مقتل 8 في ظروف غامضة واختفاء آخرين

تمكنت الجماعة الحوثية من إعاقة حركة الملاحة في البحر الأحمر الذي يعد أحد أهم الممرات الملاحية في العالم (أ.ف.ب)
تمكنت الجماعة الحوثية من إعاقة حركة الملاحة في البحر الأحمر الذي يعد أحد أهم الممرات الملاحية في العالم (أ.ف.ب)
TT

التوتر العسكري في البحر الأحمر يهدد صيادي اليمن بالموت والجوع

تمكنت الجماعة الحوثية من إعاقة حركة الملاحة في البحر الأحمر الذي يعد أحد أهم الممرات الملاحية في العالم (أ.ف.ب)
تمكنت الجماعة الحوثية من إعاقة حركة الملاحة في البحر الأحمر الذي يعد أحد أهم الممرات الملاحية في العالم (أ.ف.ب)

يهدد التوتر العسكري في البحر الأحمر وخليج عدن آلاف الصيادين بالجوع والموت، إثر المخاطر التي باتت تواجه حياتهم، عقب عسكرة المياه الإقليمية اليمنية والتصعيد الحوثي ضد سفن الشحن التجاري والقوات الدولية، حيث أفادت المصادر اليمنية بمقتل 8 صيادين في ظروف غامضة واختفاء آخرين.

ويشكو صيادون يمنيون، في محافظات الحديدة وحجة وتعز، من أن البحر لم يعد آمناً بالنسبة لهم، وأن تحركاتهم أصبحت محدودة بالقرب من السواحل ولأوقات قصيرة ومحدودة، خاصة بعد أنباء عن نشر الجماعة الحوثية الألغام البحرية مجدداً لمنع اقتراب قوات البحرية الغربية من السواحل اليمنية، ما يهدد الآلاف من الصيادين بالبطالة والجوع.

وخلال الأيام الماضية عثر سكان في جزر «ذو الحراب» المقابلة لمديرية ميدي التابعة لمحافظة حجة، شمال مدينة الحديدة، على جثث 8 صيادين من أبناء مديرية الخوخة، الواقعة إلى جنوب الحديدة، بعد أسبوع من اختفائهم في رحلة صيد في البحر الأحمر، وبحسب السكان فإن الجثث كان عليها آثار طلقات نارية.

صياد يمني في الحديدة عقب عودته من البحر الأحمر (الشرق الأوسط)

وتم التعرف على هوية الصيادين القتلى من ملامحهم وبعض مقتنياتهم الشخصية مثل الساعات، بعد أن دفعت الرياح والأمواج جثثهم إلى شواطئ الجزر، ويرجح أنهم قتلوا بنيران جهة عسكرية في البحر الأحمر، دون معرفة تلك الجهة ودوافعها وزمان ومكان وقوع الحادثة، كما لم يُعرف مصير القارب الذي كانوا على متنه.

وتبعد الخوخة عن مدينة الحديدة ما يقارب 163 كيلومتراً جنوباً، فيما تقع ميدي شمال الحديدة على مسافة تقدر بحوالي 226 كيلومتراً. وسارعت الجماعة الحوثية إلى اتهام القوات الغربية بقتل الصيادين الثمانية أثناء مزاولتهم مهنتهم في المياه الإقليمية دون أن تورد أي تفاصيل حول الواقعة.

استطلاع بقوارب الصيادين

وفي السياق نفسه، كشفت مصادر مطلعة في الحديدة لـ«الشرق الأوسط» أن عدداً من الصيادين اشتكوا من إجبارهم على الإبحار إلى مسافات بعيدة عن السواحل، والاقتراب من مسار السفن التجارية، تحت رقابة زوارق حربية تابعة للجماعة.

وأضافت المصادر، التي تعمل في جهة رسمية معنية بالاصطياد السمكي على السواحل اليمنية، وتسيطر عليها الجماعة الحوثية، أن قادة وعناصر حوثيين يستأجرون قوارب الصيادين الذين توقفوا عن الاصطياد خوفاً على حياتهم من العمليات العسكرية في البحر الأحمر، دون أن يتم إبلاغهم بالغرض من استئجار قواربهم.

اضطر آلاف الصيادين اليمنيين إلى إيقاف أنشطتهم بسبب المخاطر التي تتهدد حياتهم في البحر الأحمر (إعلام محلي)

وترجح المصادر أن إجبار الصيادين على الإبحار إلى مسار السفن أو استئجار قواربهم، يهدف إلى تنفيذ عمليات استطلاع لمسار السفن التجارية والعسكرية، وقياس ردود الفعل حول تلك التحركات، أو استخدام الصيادين دروعاً بشرية.

وأعلن المرصد اليمني للألغام الأسبوع الماضي أنه حصل على «معلومات خاصة» بنشر الجماعة الحوثية ألغاماً بحرية أمام جزيرة كمران، ومدينة الصليف، وميناء الحديدة، ومواقع أخرى.

وأوضح فارس الحميري، المدير التنفيذي للمرصد، أن الجماعة الحوثية حولت سخانات المياه الكهربائية إلى ألغام بحرية بعد حشوها بمواد شديدة الانفجار، وبأحجام تصل إلى 40 كيلوغراماً. وتتوقع مصادر حكومية أن نشاط الاصطياد في السواحل المحررة غرب البلاد تراجع إلى حد أدنى من 40 في المائة، مع تأكيداتها بتلقي شكاوى عن اختفاء أكثر من 60 صياداً لم تصل معلومات عنهم، في ظل تعدد أسباب غيابهم لمدد زمنية طويلة بسبب أعمال القرصنة، والاعتياد على احتجاز قوات خفر السواحل الإريترية للصيادين اليمنيين منذ سنوات.

تراجع كميات الصيد

تفيد مصادر يمنية مطلعة أخرى في مدينة الحديدة بأن كميات الأسماك التي تصل إلى سوق السمك في المدينة لم تتراجع، لكن التراجع حدث في الكميات التي يتم توزيعها إلى باقي المدن والمحافظات البعيدة عن السواحل بشكل واضح، لكن سكان هذه المناطق تعودوا على تراجع وغلاء الأسماك في الشتاء بسبب البرد.

يواجه الصيادون اليمنيون مخاطر كثيرة خلال ممارسة مهنتهم بسبب التوتر العسكري في البحر الأحمر (إكس)

وبينت المصادر في حديثها لـ«الشرق الأوسط» أن إقبال سكان المدن الساحلية على الأسماك يجعلها دائماً ذات أولوية في إمداد أسواقها بالأسماك، على عكس المدن البعيدة التي لا تعد الأسماك وجبات رئيسية بالنسبة لسكانها، الذين تعودوا على قلة كميات الأسماك وغلائها في أوقات مختلفة خلال العام.

ووفق المصادر، فإن الصيادين حالياً يضطرون إلى التحرك في موازاة الساحل طولاً بدلاً من التوغل إلى العمق، خوفاً من أي تطورات أو أعمال عسكرية بالقرب من مناطق الاصطياد، رغم أن السفن الحربية الغربية تتحرك في المياه الدولية بعيداً عن مناطق الاصطياد.

وزادت مخاوف الصيادين بعد إغراق البحرية الأميركية ثلاثة زوارق تابعة للجماعة الحوثية أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وذلك خوفاً من الاشتباه بتبعية قواربهم للجماعة الحوثية، أو وقوع أي اشتباكات مفاجئة.

يعد الصيد أحد موارد معيشة مئات الآلاف من سكان السواحل اليمنية (رويترز)

أما عن أسعار السمك، فهي مرتفعة منذ ما قبل هذه الأحداث لعدة عوامل طبقاً للمصادر، وتتمثل تلك العوامل بغلاء الوقود، والتعسفات التي يتعرض لها الصيادون وتجار الأسماك، والجبايات التي يُلزمون بدفعها باستمرار، إلى جانب تدمير العديد من مرافئ الصيادين، أو تحويلها إلى منافذ لتهريب الأسلحة.

ونوهت المصادر إلى أنه لم يعد بإمكان الصيادين والتجار رفع أسعار الأسماك؛ نظراً لمحدودية القدرة الشرائية للسكان بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة جراء الانقلاب والحرب.

وإلى جانب كل ذلك، فإن الصيادين وتجار الأسماك يتجنبون رفع الأسعار خوفاً من أي إجراءات تعسفية حوثية ضدهم، كالمنع من مزاولة المهنة، أو فرض غرامات عليهم تحت مبرر مخالفة التعليمات المتعلقة بالأسعار.


مقالات ذات صلة

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

العالم العربي للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال، من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي سوق سوداء لبيع غاز الطهي في صنعاء (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يخصصون أسطوانات غاز الطهي لأتباعهم

خصصت الجماعة الحوثية ملايين الريالات اليمنية لتوزيع أسطوانات الغاز على أتباعها دون غيرهم من السكان الذين يواجهون الصعوبات في توفير الحد الأدنى من القوت الضروري.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

قالت الإمارات إنها ترحب ببيان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بشأن التوصل إلى اتفاق بين الأطراف اليمنية حول الخطوط الجوية والقطاع المصرفي.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
العالم العربي دخان يتصاعد من موقع الغارات الجوية الإسرائيلية بمدينة الحديدة الساحلية باليمن في هذه الصورة المنشورة 20 يوليو 2024 (رويترز)

الحوثيون: هجماتنا على إسرائيل ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية

قال عبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين، الخميس، إن هجمات الجماعة على إسرائيل تضامناً مع الفلسطينيين في قطاع غزة ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي طائرة تابعة للخطوط الجوية اليمنية في طريقها من صنعاء إلى عمان (أرشيفية - أ.ب)

اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي في اليمن يدخل مسار التنفيذ

دخل اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي بين الحكومة اليمنية والحوثيين حيّز التنفيذ مع عودة «السويفت» الدولي إلى البنوك المعاقبة، واستئناف الرحلات من صنعاء إلى عمان.

علي ربيع (عدن)

هجوم مسلح بـ«رسالة سياسية» على مقر بارزاني في كركوك

صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
TT

هجوم مسلح بـ«رسالة سياسية» على مقر بارزاني في كركوك

صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)
صورة من الجو لمدينة كركوك (غيتي)

تعرض مقر «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، الذي يتزعمه مسعود بارزاني، فجر السبت، لهجوم بأسلحة خفيفة من قبل مجهولين في محافظة كركوك.

يأتي الهجوم في غمرة الحديث عن قيادة بارزاني لمفوضات مع المكونين العربي والتركماني لحسم معضلة الحكومة المحلية ومنصب المحافظ بعد نحو 7 أشهر على إجراء الانتخابات المحلية، فيما نفى مسؤول كردي رفيع ذلك، وذكر لـ«الشرق الأوسط» أن «مسعود بارزاني يوجد خارج البلاد هذه الأيام ولم يلتق أعضاء في مجلس كركوك».

وقالت مصادر أمنية في المحافظة إن مسلحين مجهولين أطلقوا فجر السبت النار على مقر «الحزب الديمقراطي الكردستاني» في منطقة ساحة العمال وسط كركوك ولم يسفر عن الهجوم أي إصابات بشرية أو أضرار مادية.

وحضرت قوة من الشرطة عقب الهجوم إلى موقع الحادث، وفتحت تحقيقاً وعممت أوصاف المهاجمين الذين فروا إلى جهة مجهولة.

وسبق أن أثار مقر «الحزب الديمقراطي» في كركوك أزمة كبيرة داخل المحافظة نهاية العام الماضي، بعد أن طالب قيادة العمليات العسكرية بتسليم المقر الذي تشغله منذ عام 2017، وحدثت مواجهات بين أنصار الحزب والقوات الأمنية أدت إلى مقتل أفراد إلى جانب ضابط في قوات «البيشمركة».

وانتهت الأزمة بعد قيام رئيس الحزب مسعود بارزاني بتسليم وإهداء المقر، في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى جامعة كركوك لـ«يكون في خدمة طلب العلم والمثقفين في المدينة».

متظاهرون من الكرد فوق بناية مقر حزب بارزاني في كركوك (أرشيفية - شبكة روادو)

معلومات أولية عن الهجوم

وأعلن المتحدث باسم الفرع الثالث لـ«الديمقراطي» في كركوك عن امتلاك الحزب «معلومات عن استهداف المقر»، في حين قال الباحث الكردي كفاح محمود إن «الشبهات تحوم حول المستفيد من تعطيل عمل مجلس المحافظة وعدم التوصل إلى شخصية متفق عليها لإدارة المحافظة».

وأضاف محمود في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنه «باستنتاج بسيط يمكن الربط بين عمليات حرق الأسواق في أربيل وكركوك ودهوك وبين هذه العملية التي كانت تستهدف اختراق سور الحماية والدخول إلى المبنى وإحراقه، خصوصاً وأنها تشبه توقيتات حرق الأسواق التي جرت في ساعة متأخرة من الليل وتحديداً في الساعات الأولى للصباح».

وتابع محمود: «هذه الأذرع لديها مراكز ووجود وتتسبب في إشكاليات إقليمية بين العراق وإقليم كردستان من جهة وبين دول الجوار من جهة أخرى».

وذكر محمود أن «الأمر المتعلق بمعرفة الجناة يبقى معلقاً لحين كشف تسجيلات منظومة الكاميرات التي صورت حركة تلك العناصر التي استخدمت مبنى قيد الإنشاء».

وتتهم أوساط «الحزب الديمقراطي»، منذ فترة طويلة، عناصر «حزب العمال» الكردستاني التركي بالتورط في مختلف الأعمال العدائية التي تقع ضده وضد بعض الشركات النفطية وشركات الغاز العاملة في الإقليم، خصوصاً في محافظتي كركوك والسليمانية، كما تحمله مسؤولية توغل القوات التركية داخل الأراضي العراقية في إقليم كردستان.

وقال المتحدث باسم الفرع الثالث لـ«الحزب الديمقراطي الكردستاني» في كركوك، مريوان جلال، السبت، إن «الفرع كان يمتلك معلومات عن استهداف المقر، وإن الهجوم يحمل طابعاً سياسياً وتزامن مع دور الحزب في تقريب وجهات النظر لتشكيل إدارة كركوك ومجلسها».

وأضاف في تصريحات صحافية أن «الهجوم يحمل طابعاً سياسياً وهو ليس استهدافاً للحزب الديمقراطي الكردستاني، بل يستهدف جميع مكونات كركوك، وجاء في وقت يعمل فيه الحزب الديمقراطي بتقريب وجهات النظر بين مكونات المحافظة للشروع بتشكيل إدارة المحافظة، وتفعيل عمل المجلس لغرض تقديم الخدمات لجميع مكونات المحافظة».

السوداني خلال استقباله نواباً من المكون التركماني (إعلام حكومي)

السوداني يجتمع بالتركمان

من جانبه، استقبل رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، السبت، عضوين من المكون التركماني في مجلس محافظة كركوك، وحثهم على الاتفاق بشأن اختيار منصب محافظ كركوك بما يلبّي تطلعات أبناء المحافظة.

ولم تفلح جهود رئيس الوزراء محمد السوداني حتى الآن في حل أزمة المحافظة برغم لقاءاته المتكررة مع القوى الفائزة في مقاعد مجلسها.

وأشار السوداني، خلال اللقاء، طبقاً لبيان صادر عن مكتبه، إلى «أهمية تقديم مصلحة أبناء كركوك في أي اتفاق بين القوى السياسية التي فازت بالانتخابات، إثر النجاح في إجرائها بعد تعطل استمر منذ عام 2005».

وشدد السوداني على ضرورة «اختيار الإدارات الحكومية المحلية الناجحة، والاتفاق بشأن اختيار منصب محافظ كركوك بما يلبّي تطلعات أبناء المحافظة».

وتتردد منذ أسابيع أنباء عن سعي القوى المتخاصمة في مجلس المحافظة للاتفاق على صيغة لحسم منصب المحافظ من خلال تدويره بين الكتل الفائزة، بحيث يشغل الأكراد المنصب في السنتين الأولى، ثم يذهب إلى العرب في السنتين الأخيرتين من عمر دورة مجلس المحافظة المحددة بأربع سنوات، وهناك حديث عن أن للتركمان حصة في عملية التدوير رغم امتلاكهم لمقعدين فقط من أصل 16 مقعداً في المجلس.