تصعيد الحوثيين يدخل منعطفاً خطراً إثر حريق ضخم في ناقلة بريطانية

العليمي: الحل الشراكة مع الشرعية للقضاء على قدرات الجماعة

ناقلة نفط بريطانية تعرضت لهجوم حوثي في خليج عدن (أ.ف.ب)
ناقلة نفط بريطانية تعرضت لهجوم حوثي في خليج عدن (أ.ف.ب)
TT

تصعيد الحوثيين يدخل منعطفاً خطراً إثر حريق ضخم في ناقلة بريطانية

ناقلة نفط بريطانية تعرضت لهجوم حوثي في خليج عدن (أ.ف.ب)
ناقلة نفط بريطانية تعرضت لهجوم حوثي في خليج عدن (أ.ف.ب)

دخلت هجمات الجماعة الحوثية في اليمن ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منعطفاً خطراً، بعد أن أدى صاروخ، مساء الجمعة، إلى اشتعال حريق ضخم في ناقلة نفط بريطانية في خليج عدن، حيث استغرق الأمر ساعات للسيطرة عليه، وهو الحادث الذي كان يهدد بكارثة بيئية في حال غرق الناقلة.

الهجوم الحوثي جاء وسط تصاعد القلق الدولي من آثار تصعيد الجماعة المدعومة من إيران رغم الضربات التي وجهتها واشنطن وبريطانيا؛ أملاً في الحد من قدرات الجماعة، وهي العمليات التي رأى رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، السبت، أنها ليست حلاً وأن الحل يكمن في الشراكة مع الحكومة لاستعادة الدولة ومؤسساتها.

حريق ضخم في ناقلة بريطانية بعد تعرضها لصاروخ حوثي في خليج عدن (أ.ف.ب)

وردّت واشنطن، في وقت مبكر، السبت، بتنفيذ ضربات قالت إنها استهدفت صاروخاً كان مستعداً للإطلاق، وأكدت الجماعة الحوثية الضربة وقالت إنها استهدفت موقعاً بالقرب من ميناء رأس عيسى شمال الحديدة.

وبلغت الهجمات الحوثية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي نحو 34 هجوماً في البحر الأحمر وخليج عدن، ولم تفلح الضربات الأميركية التي بلغت 10 ضربات شاركت بريطانيا في اثنتين منها في تقليص التهديد البحري الأول من نوعه في واحد من أهم ممرات التجارة في العالم.

وتقول الجماعة المدعومة من إيران إنها تشن الهجمات لمنع ملاحة السفن الإسرائيلية والمتجهة من وإلى موانئ تل أبيب، قبل أن تضيف إلى القائمة السفن الأميركية والبريطانية، وأن توقف الهجمات رهن بوقف الحرب على قطاع غزة.

وفي خضم هذا التصعيد، أفادت هيئة العمليات البحرية البريطانية، السبت، بأنها تلقت بلاغاً عن اقتراب قارب صغير من سفينة شحن على متنه 4 مسلحين بالقرب من الصومال، وأن الطاقم الأمني تبادل إطلاق النار مع المسلحين قبل أن يغادروا المكان.

حريق في ناقلة وضربة أميركية

ذكرت شركة تجارة السلع «ترافيجورا» أن طاقم الناقلة البريطانية «مارلين لواندا» أخمد، السبت، حريقاً اندلع على متنها، بعد أن أصيبت بصاروخ مضاد للسفن أطلقه الحوثيون في خليج عدن، مساء الجمعة.

وقالت «ترافيجورا»، في بيان نقلته «رويترز»، إن «جميع أفراد طاقم الناقلة مارلين لواندا بخير وتم إخماد الحريق في صهريج الشحن بالكامل». وأضافت أن السفينة تبحر الآن نحو مرفأ آمن وأن سفناً بحرية من الهند والولايات المتحدة وفرنسا ساعدت في جهود إخماد الحريق.

وأفادت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، بأنه «في 26 يناير (كانون الثاني)، في نحو الساعة 7:45 مساءً (بتوقيت صنعاء)، أطلق الإرهابيون الحوثيون المدعومون من إيران صاروخاً باليستياً مضاداً للسفن من المناطق التي يسيطرون عليها في اليمن وأصابوا ناقلة النفط (مارلين لواندا) التي ترفع علم جزر مارشال».

وأضاف البيان أن السفينة أطلقت نداء استغاثة وأبلغت عن وقوع أضرار، وأن المدمرة الأميركية «يو إس إس كارني» وسفن التحالف الأخرى استجابت وقدمت المساعدة. ولم يتم الإبلاغ عن أي إصابات.

شنّت واشنطن ولندن ضربات عدة أملاً في تحجيم قدرات الحوثيين دون جدوى (أ.ف.ب)

وتبنّت الجماعة الحوثية الهجوم، في بيان للمتحدث العسكري باسمها يحيى سريع، الذي زعم أنه تم استهداف السفينة بعدد من الصواريخ البحرية المناسبة، وأن الإصابة كانت مباشرة، ما أدى إلى احتراقها.

ومع أمل واشنطن أن تؤدي الضربات إلى تقليص قدرة الحوثيين، إلى جانب التدابير الناعمة الأخرى مثل العقوبات على القادة والتصنيف الخاص على لوائح الإرهاب، فإن الجماعة لا تزال قادرة على التهديد.

وذكرت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، أنه في 27 يناير، في نحو الساعة 3:45 صباحاً (بتوقيت صنعاء)، نفّذت قواتها ضربة ضد صاروخ حوثي مضاد للسفن يستهدف البحر الأحمر وكان جاهزاً للإطلاق.

وحددت القوات الأميركية - بحسب البيان- الصاروخ في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، وقررت أنه يمثل تهديداً وشيكاً للسفن التجارية وسفن البحرية الأميركية في المنطقة، ودمرته دفاعاً عن النفس. وقالت إن ذلك الإجراء سيحمي «حرية الملاحة ويجعل المياه الدولية أكثر أماناً لسفن البحرية الأميركية والسفن التجارية».

الضربات ليس حلاً

بينما تقول الحكومة اليمنية إن الحوثيين استغلوا أحداث غزة لتبييض جرائمهم ضد اليمنيين وخدمة أجندة إيران وليس نصرة للفلسطينيين، رأى رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي أن الضربات الأميركية والبريطانية على أهداف للحوثيين في اليمن رداً على استهدافهم سفناً تجارية في البحر الأحمر «ليست الحلّ» مؤكداً أن «الحل هو القضاء على قدراتهم العسكرية».

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (أ.ف.ب)

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية، أن العليمي قال لصحافيين في الرياض، السبت، إن «العمليات الدفاعية ليست الحل، الحل هو القضاء على قدرات الحوثيين العسكرية»، وإن «الحل هو شراكة مع الحكومة الشرعية للسيطرة على هذه المناطق واستعادة مؤسسات الدولة».

في غضون ذلك، أفاد الإعلام الرسمي بأن العليمي استقبل في الرياض، السبت، مساعدة مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، سونالي كردي، وسفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفن فايجن، وتطرق اللقاء إلى «الدعم الدولي المطلوب للاقتصاد اليمني، وفرص استئناف العملية السياسية في ضوء تصعيد الميليشيات الحوثية الإرهابية على مختلف المستويات».

وطبقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، جدّد العليمي التزام المجلس الذي يقوده والحكومة «بنهج السلام الشامل والعادل، ودعم جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة من أجل إنهاء المعاناة الإنسانية التي صنعتها الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني».

وأكد رئيس مجلس الحكم اليمني الدعم الكامل لمجتمع العمل الإنساني ضد إجراءات الحوثيين بحق موظفي الوكالات الإغاثية من الجنسيتين الأميركية والبريطانية وتقديم جميع التسهيلات للعمل الإنساني من العاصمة المؤقتة عدن والمحافظات المحررة.

العليمي مجتمعاً مع مسؤولين أميركيين في الرياض السبت (سبأ)

وكانت الجماعة المدعومة إيرانياً قد أبلغت الأمم المتحدة بسرعة مغادرة العاملين في الوكالات الإنسانية من حاملي الجنسيتين الأميركية والبريطانية، المناطق الخاضعة لها في غضون شهر، وهو ما عدّته الأمم المتحدة خرقاً للقانون الإنساني.

وفرضت واشنطن ولندن، الخميس الماضي، عقوبات مشتركة على 4 من القادة العسكريين الحوثيين؛ يتصدرهم وزير دفاع الجماعة إلى جانب قائدي قواتها البحرية وخفر سواحلها ومسؤول المشتريات في قواتها، بالتزامن مع تهديد زعيمها عبد الملك الحوثي باستمرار الهجمات البحرية.

وصنّفت واشنطن الجماعة الحوثية على لوائح الإرهاب بشكل خاص، وهو التصنيف الذي رأى فيه مراقبون أنه في درجة مخففة، كما شكلت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي تحالفاً متعدد الجنسيات لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن أطلقت عليه «حارس الازدهار».

وألقت الهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن بتبعاتها على النواحي الاقتصادية في اليمن، وعلى تكاليف الشحن الدولي، حيث عزفت كبريات الشركات عن الملاحة في المنطقة، ما تسبب في تكبيد قناة السويس نحو 40 في المائة من مداخيلها.


مقالات ذات صلة

كيف سيتصرف الحوثيون عقب الضربات الإسرائيلية على إيران؟

تحليل إخباري مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

كيف سيتصرف الحوثيون عقب الضربات الإسرائيلية على إيران؟

تلقت الجماعة الحوثية في اليمن صدمة كبيرة على إثر الضربات الإسرائيلية على إيران، فيما يتوقع باحثون يمنيون أن الجماعة قد تجنح للتصعيد العسكري لخدمة أجندة طهران

علي ربيع (عدن)
العالم العربي 37‎ % من أطفال جزيرة سقطرى لم يحصلوا على أي جرعة من اللقاحات (الأمم المتحدة)

دعم سعودي يساند اليمن في مواجهة الكوليرا

تساهم المساعدات التي يقدمها مركز الملك سلمان في علاج تفشي الكوليرا باليمن، في حين أطلقت منظمة الصحة العالمية برنامجاً لمكافحة سوء التغذية في جزيرة سقطرى.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي جانب من عملية إتلاف مواد مخدرة ضُبطت سابقاً على الحدود اليمنية - السعودية (سبأ)

إحباط تهريب ما يزيد على مليون و500 ألف قرص مخدر كانت متجهة من صنعاء نحو السعودية

أعلنت سلطات الحدود اليمنية إحباط تهريب كمية كبيرة من الحبوب المخدرة، كانت متجهة من صنعاء إلى المملكة العربية السعودية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي طفل يبيع الورد في أحد شوارع صنعاء وبجواره آخر يبيع المياه المعدنية (إكس)

تنامٍ متسارع لعمالة الأطفال في إب اليمنية

تتنامى ظاهرة عمالة الأطفال بمحافظة إب اليمنية ذات الكثافة السكانية العالية، بعد أن تسببت الحرب والأوضاع المعيشية الناتجة عنها في تسرب الأطفال من المدارس.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي صاروخ حوثي سابق اعترضه الجيش الإسرائيلي وشوهد من مدينة عسقلان (رويترز)

الحوثيون يلوّحون بصواريخ أكثر خطراً على إسرائيل

لوّحت الجماعة الحوثية بامتلاكها صواريخ أكثر تطوراً وفاعلية، قالت إنها لم تستخدمها حتى الآن، وذلك في معرض ردها على الضربة الإسرائيلية الأخيرة على ميناء الحديدة

علي ربيع (عدن)

كيف سيتصرف الحوثيون عقب الضربات الإسرائيلية على إيران؟

كيف سيتصرف الحوثيون عقب الضربات الإسرائيلية على إيران؟
TT

كيف سيتصرف الحوثيون عقب الضربات الإسرائيلية على إيران؟

كيف سيتصرف الحوثيون عقب الضربات الإسرائيلية على إيران؟

تلقت الجماعة الحوثية في اليمن صدمة كبيرة إثر الضربات الإسرائيلية غير المسبوقة على إيران، فيما يتوقع سياسيون وباحثون يمنيون أن الجماعة ستنتظر التعليمات الجديدة من طهران بخصوص التصعيد المرتقَب المطلوب منها، سواء على صعيد تكثيف إطلاق الصواريخ والمسيّرات، أو على صعيد العودة للهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن.

وعلى وَقْع هذه الضربات الإسرائيلية المتواصلة على إيران، توالت مواقف الكيانات الحوثية، عبر بيانات متضامنة، ابتداءً من أعلى الهرم الانقلابي للجماعة، ووصولاً إلى مكتبها السياسي، وانتهاءً بقادتها وناشطيها.

وبينما عمّ الذهول مؤيدي الجماعة والموالين لها، أكد مجلس حكمها الانقلابي على حق إيران في «الرد الرادع على العدوان الأرعن»، وقال في بيان إن الجماعة تقف مع طهران «في حقها المشروع للرد».

وحمل البيان الحوثي الولايات المتحدة المسؤولية عن الهجمات الإسرائيلية، وقال إن علمها بالهجمات «لا يعفيها من المسؤولية، بل هي بذلك تثبت أنها متورِّطة ويجب محاسبتها على ذلك».

زعيم الحوثيين توعد باستمرار هجمات جماعته باتجاه إسرائيل (إ.ب.أ)

من جهته، قال المكتب السياسي للجماعة الحوثية في بيان آخر، إن ما تدّعيه إسرائيل حول البرنامج النووي الإيراني «لا أساس له من الصحة، وليس لها الحق أن تكون شرطي المنطقة تقرر عنها ما تريد أن تفعل».

وأكد مكتب الجماعة أنه يؤيد حق إيران الكامل والمشروع في الدفاع عن نفسها، وفي تطوير برنامجها النووي.

جاء موقف الحوثيين من هذه التطورات غداة خطبة لزعيمهم عبد الملك الحوثي دعا فيها أتباعه للاحتشاد الأسبوعي في الميادين لاستعراض القوة، كما توعَّد باستمرار الهجمات باتجاه إسرائيل ضمن ما يقول إنه لمساندة الفلسطينيين في غزة.

وتبنى الحوثي إطلاق 11 صاروخاً بين باليستي وفرط صوتي ومسيّرات خلال أسبوع واحد، زاعماً أنها استهدفت أهدافاً في حيفا ويافا وأسدود، وأن 5 صواريخ منها استهدفت مطار بن غوريون.

صواريخ اعتراضية إسرائيلية تتصدى لهجوم حوثي (رويترز)

وادعى الحوثي أن أحد الصواريخ أحدث إرباكاً للمنظومة الدفاعية الإسرائيلية، وأن مجمل الهجمات أجبرت ملايين الإسرائيليين على الهروب إلى الملاجئ، وتفعيل صافرات الإنذار.

وبحسب ادعاءات زعيم الحوثيين، فإن هجمات جماعته تهدف لفرض حصار جوي على إسرائيل. كما زعم أن منع ملاحة السفن الإسرائيلية مستمر في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب.

تحديث الأوامر

على الرغم من عدم صدور موقف حوثي فوري بخصوص الانخراط العسكري في معركة إيران مع إسرائيل، فإن باحثين يمنيين يرون أن الجماعة في انتظار الحصول على التعليمات من طهران، سواء لتكثيف إطلاق الصواريخ والمسيّرات، أو للعودة إلى مهاجمة السفن، بما في ذلك السفن الأميركية.

ويقول الباحث والأكاديمي اليمني فارس البيل، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن تصرف الحوثي سيندرج ضمن خطة إيران للرد أو المواجهة، كما كان سابقاً لحماية إيران وتحقيق تقدم سياسي وعسكري لها».

ويجزم البيل بأن الضربة الموسعة والمربكة الإسرائيلية على إيران أربكت الأذرع، بما فيها الحوثيون، ويضيف: «الحوثيون كأقرانهم لا يمتلكون القرار، ولم تمنحهم إيران حتى مساحة للمناورة، لذلك لا تجد ردّات فعل واضحة حتى الآن، ما يعني أنهم في انتظار تحديث الأوامر».

حاملة طائرات أميركية انسحبت من البحر الأحمر عقب تعهد الحوثيين بعدم مهاجمة السفن (أ.ب)

وستتضح (بحسب البيل) طبيعة المرحلة المقبلة للحوثيين بناءً على مصير إيران؛ فإما أن تحرق الأخيرة كل مراكبها، وتدفع بالحوثي لإشعال النار فيما حوله، أو ستفاوض به للبقاء.

ويرى الباحث اليمني أنه كان من الممكن أن تدفع إيران الحوثيين للسيطرة على باب المندب وحتى إغلاقه، باعتبار أن هذه هي مهمتهم المنشودة بالأساس، وخنق العالم اقتصادياً لتحقيق السيطرة لإيران.

ويستدرك بالقول: «لكن يبدو الأمر مختلفاً بعد الضربة الموجعة؛ إذ لا يُستبعد أن يطلق الحوثيون النار بشكل عشوائي، ويهاجمون السفن، ويطلقون الصواريخ باتجاه إسرائيل، وربما إلى قواعد في المنطقة أو أهداف ثانوية».

وفي حين لا يعتقد البيل أن إيران ستدخر الحوثيين بعد خسارتها القوية في صلب هيكلها الأساسي، ينظر إلى أن الأمر برمته عائد على قدرة إيران على الرد أو الاستسلام.

وفي كل الأحوال، يبقى الحوثيون (وفق الباحث اليمني) ورقة إيران الأكثر قدرة على التحرُّك، بخلاف «الحشد الشعبي» في العراق المرصود والمحاصر بدقة، لذلك يمكن أن نشهد انتحاراً للجماعة.

مفترق طرق

«بعد الضربات الإسرائيلية القاسية التي استهدفت قلب المنظومة العسكرية والعلمية الإيرانية، تقف الجماعة الحوثية أمام مفترق طرق حقيقي»، وفق ما يقوله المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر.

ولا يرجح الطاهر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تواصل الجماعة الحوثية التصعيد بالوتيرة السابقة ذاتها؛ خصوصاً في ظل إدراكها أن انخراطها المباشر في الرد قد يضع قياداتها ضمن أهداف إسرائيل، على غرار ما حدث مع «حماس» و«حزب الله».

وفي المقابل، قد تلجأ الجماعة - بحسب تقديره - إلى إعادة استخدام ورقة الهجمات على السفن كخطوة رمزية أكثر من كونها عسكرية استراتيجية، وذلك بهدف امتصاص الغضب الإيراني، والحفاظ على موقعها ضمن محور «المقاومة” دون الدخول في مواجهة مباشرة مع إسرائيل.

عنصر موالٍ للحوثيين في صنعاء يحمل مجسماً لطائرة مسيرة (رويترز)

ويضيف: «سيكون هذا التصعيد (إن حدث) بروباغندا سياسية لخدمة الجماعة في الداخل اليمني أكثر من تحقيق مكاسب عسكرية».

ويتابع الطاهر بالقول: «من المهم أن نضع في الحسبان أن مثل هذه الخطوات محفوفة بالمخاطر؛ فالهجمات على الملاحة الدولية قد تستفز المجتمع الدولي بشكل جماعي، وتؤدي إلى رد فعل أوسع يُهدد بقاء الجماعة نفسها؛ خصوصاً مع تزايد الاختراقات الاستخباراتية في صفوفها، كما كشفت الأحداث الأخيرة».

ويقرأ أن الحوثيين باتوا اليوم في وضع لا يُحسدون عليه، إذ عليهم إرضاء طهران، وتجنب مصير الضربات الدقيقة، وإقناع جمهورهم بأنهم جزء من المواجهة، دون أن يُضحوا بقياداتهم.

وأمام هذا التحدي (وفق الطاهر) قد يلجأ الحوثيون للتصعيد المحسوب، أو للمناورة الإعلامية فقط، دون تحرك فعلي، لكنهم قد يسعون للاستفزازات لكي تستمر إسرائيل بقصف البنية التحتية.

تصعيد متوقع

في سياق التكهُّن بما سيكون عليه الأمر بالنسبة للحوثيين بعد الهجوم الإسرائيلي الواسع على المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية وقتل قيادات الصف الأول في الجيش الإيراني، يعتقد المحلل السياسي اليمني رماح الجبري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن ذلك يضع الحوثيين أمام لحظة فارقة ومفصلية.

ولأن الجماعة الحوثية ذراع إيرانية عسكرية وعقائدية، فالمتوقع (وفق الجبري) أن تتحرك وفقاً لتوجيهات طهران التي قد تجرها لمعارك في البحر الأحمر من جديد، بعد أن كانت تعهَّدت بعدم استهداف السفن.

مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

ولا يُستبعد الجبري أن تعود العمليات الحوثية في البحر الأحمر، ويقول: «يمكن أن نشهد تصعيداً حوثياً تجاه المصالح الدولية في باب المندب، وربما يصل إلى التهديد بإغلاق باب المندب؛ كون هذه هي المهمة الأساسية التي أنشأت إيران الجماعة من أجلها، فضلاً عن إطلاق الصواريخ بكثافة مستمرة تجاه إسرائيل».

ومع إدراك الحوثيين أن العودة العشوائية لاستهداف السفن في البحر الأحمر تحت شعار مهاجمة مصالح إسرائيل ستستدعي الضربات الأميركية من جديد، وتخرجهم عن الهدنة الضمنية القائمة، يتوقع الجبري أن تكون هناك أولاً عمليات حوثية رمزية لاختبار رد الفعل الأميركي.

ويجزم أن الجماعة الحوثية باتت أمام مفترق طرق؛ إما مصالحها أو مصالح إيران، ويشير إلى أنها خلال مواقفها في السنوات الماضية أظهرت أنها تقدم مصالح طهران على أي مصالح تخصها أو تخص الشعب اليمني.