ما الخريطة المتوقعة بعد انتخابات العراق المحلية؟

كركوك «فوز سياسي» للسوداني والمالكي وجهاً لوجه مع الحلبوسي في بغداد

موظفون عراقيون يفرزون أصوات الناخبين تمهيداً لمطابقتها مع العد الإلكتروني 18 نوفمبر (أ.ف.ب)
موظفون عراقيون يفرزون أصوات الناخبين تمهيداً لمطابقتها مع العد الإلكتروني 18 نوفمبر (أ.ف.ب)
TT

ما الخريطة المتوقعة بعد انتخابات العراق المحلية؟

موظفون عراقيون يفرزون أصوات الناخبين تمهيداً لمطابقتها مع العد الإلكتروني 18 نوفمبر (أ.ف.ب)
موظفون عراقيون يفرزون أصوات الناخبين تمهيداً لمطابقتها مع العد الإلكتروني 18 نوفمبر (أ.ف.ب)

أظهرت الانتخابات المحلية الرابعة في العراق نتائج أولية تحكمت فيها خرائط الجغرافية والسياسة، وبينما تشير التوقعات إلى أن يكون رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ورئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي أكبر الفائزين، فإن المراقبين يصفون إجراء الانتخابات في كركوك المتنازع عليها «نجاحاً» لحكومة محمد شياع السوداني.

وأعلنت مفوضية الانتخابات، أمس (الاثنين)، تطابق نتائج العد بين الإلكتروني واليدوي، لكن نسبة المشاركة المتدنية في الاقتراع أثارت جدلاً واسعاً في البلاد.

ويبلغ عدد الناخبين الذين يحق لهم الانتخاب نحو 23 مليوناً، باستثناء الناخبين من سكان إقليم كردستان، وبينما شارك في الانتخابات المحلية نحو 6 ملايين عراقي.

وقالت مفوضية الانتخابات، في بيان صحافي: إن نسبة المشاركة بلغت 41 في المائة، لكن يبدو أنها احتسبت ذلك قياساً إلى عدد العراقيين الذين حدثوا بطاقاتهم الانتخابية، ويبلغ عددهم 16 مليون ناخب.

وليس من المتوقع أن يؤثر مستوى المشاركة على النتائج التي بدأت مؤشراتها بالظهور من خلال وكلاء الأحزاب، منذ ليلة الاثنين، في وقت بدأت القوى الكبرى وضع خططها الأولية للتفاوض على تشكيل الحكومات المحلية.

المالكي والحلبوسي

طبقاً للنتائج الأولية، فإن زعماء تقليديين كرّسوا نفوذهم في المحافظات، أبرزهم نوري المالكي الذي حقق على ما يبدو تفوقاً واضحاً في بغداد، في حين تمّكن رئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي من حصد غالبية أصوات الناخبين في الأنبار وأجزاء من بغداد.

وأظهرت النتائج، أيضاً، تفوقاً واضحاً لمحافظ البصرة أسعد العيداني، الذي رفض التحالف مع قوى الإطار التنسيقي وتمكن من الغلب على مرشحيها في الاقتراع المحلي، ليضمن على الورق البقاء في منصبه.

والحال، أن المحافظ الحالي لواسط (جنوب بغداد) تمكن أيضاً من حصد غالبية الأصوات، في محافظة كانت محط نزاع انتخابي بين الأحزاب الشيعية المنضوية في الإطار التنسيقي.

ويبدو أن المحافظين الحاليين استثمروا وجودهم على رأس الحكومات المحلية في حصد عدد وازن من الأصوات، ففي كربلاء أيضاً تمكنت قائمة المحافظ نصيف الخطابي من حصد أعلى الأصوات متفوقة على بقية قوائم الإطار التنسيقي، وقد يكون مؤهلاً هو الآخر للبقاء في منصبه.

وتبقى هذه المؤشرات مجرد تخمينات فرضتها الأرقام الأولية، لكن من المحتمل أن تتغير المعادلات إذا ما نجحت القوى السياسية في تشكيل تحالفات تقلب معادلة الأرقام.

وحتى قبل أن تبدأ الانتخابات، فقد محافظا ميسان والنجف، المنتميان إلى التيار الصدري، منصبيهما على خلفية مقاطعة الاقتراع، وباتت الطريق سالكة لقوى الإطار التنسيقي لتشكيل الحكومة المحلية في هاتين المدنيتين.

وعلى الأغلب، فإن كتلة «عصائب أهل الحق» حققت نتائج متقدمة في محافظة ميسان، لكن المفاوضات في النجف ستكون شاقة أكثر بسبب التنافس الشديد بين قوى الإطار، ولحساسية المدينة بالنسبة للقوى السياسية الشيعية.

صندوق اقتراع ينهي ذاتياً وقت الاقتراع داخل مركز انتخابي في بغداد 18 نوفمبر (أ.ف.ب)

«ضجة» في بغداد

كان من المفترض أن تكون مقاطعة التيار الصدري مفيدة لقوى الإطار التنسيقي، الذي كان يطمح إلى حصد أصوات الناخبين الشيعة في بغداد، لكن النتائج لم تعكس شيئاً من هذا، سوى أن ائتلاف «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي ينافس بشدة على المركز الأول في العاصمة.

ومع نتائج المالكي الواعدة، فإن بقية قوى الإطار التنسيقي كانت تخشى من خسارة الكفة المرجحة في بغداد، لا سيما مع تقدم الحزب الذي يقوده رئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي.

وتمكن الحلبوسي من التنافس على المراتب الأولى في بغداد، وقد يعني فوزه كسر القاعدة الراسخة منذ عام 2003 بأن يكون منصب المحافظ حكراً على القوى الشيعية، ورغم أن استمرارها وارد هذه الانتخابات، لكن تقدم القوى السنية قد يصعّب من المهمة، ويفتح الباب أمام مفاوضات شاقة قبل التوصل إلى صيغة التحالف السياسي الذي سيحكم بغداد.

حرب الجغرافية المذهبية - السياسية بقدر ما جعلت المالكي يحتل المرتبة الأولى في الجغرافية الشيعية؛ ما يعني خسارة كبيرة للتيار الصدري، فإن المعدلة نفسها سمحت للحلبوسي باكتساح أصوات الناخبين في محافظة الأنبار، ومدن أخرى غرب العراق، بدرجات متفاوتة، في حين يقترب من مصاف المراكز الأولى في بغداد، وجهاً لوجه مع المالكي.

ويقول مقربون من الرئيس المقال: إن النتائج الأولية لحزب «تقدم» تمنح «رسالتين للمنافسين السنة والخصوم في الإطار التنسيقي» الذين تحالفوا لاستبعاد الحلبوسي من البرلمان، وسعوا لاحقاً لحل الحزب وحرمانه من التنافس على مجالس المحافظات.

رجل أمن يغلق بناية مركز انتخابي في بغداد بعد انتهاء التصويت 17 نوفمبر (أ.ف.ب)

كركوك «إنجاز للسوداني»

المفارقة التي بدت أكثر لفتاً هي إجراء الانتخابات في محافظة كركوك المتنازع عليها، للمرة الأولى منذ عام 2005؛ إذ لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من تنفيذ هذا الاستحقاق طوال السنوات الماضية لأسباب سياسية وأمنية.

بين العرب والكرد والتركمان والمشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي. فهذه المحافظة لم تتمكن أي حكومة سابقة منذ عام 2005 وإلى آخر حكومة وهي حكومة مصطفى الكاظمي من إجراء انتخابات لمجالس المحافظات فيها.

ويقول مراقبون: إن رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني، والذي لم يشترك في الانتخابات، حقق «فوزاً سياسياً مهماً» بعدما فكك واحدة من عقد المدينة المضطربة بين ثلاثة مكونات قومية؛ العرب والكرد والتركمان.

وبحسب تقديرات مفوضية الانتخابات، فإن سكان كركوك سجلوا نشاطاً ملحوظاً يوم الاقتراع؛ إذ تفيد الأرقام الأولية بأن نصف ناخبي المحافظة أدلوا بأصواتهم في يومي الاقتراع العام والخاص.

وقال السواني، في بيان صحافي: إن «الإنجاز الأهم تمثل في إقامة الانتخابات بمحافظة كركوك»، مشيراً إلى أن «الحكومة أوفت بالتزامها الوارد في منهاجها الوزاري، وحققت خطوة أخرى نحو اللامركزية الإدارية، لتدعيم السلم الأهلي والاستقرار، وتحقيق لإرادة متأخرة تعثرت منذ عام 2013».

موظفون عراقيون يجرون عملية «العد والفرز» لأصوات انتخابية في بغداد 18 نوفمبر (أ.ف.ب)

شكاوى حمراء وصفراء

في السياق، تسلمت المفوضية «شكاوى حمراء» تتضمن التزوير أو التلاعب بأوراق الاقتراع؛ ما قد يؤثر على نتائج المراكز الانتخابية المعنية، لكنها تلقت أيضاً شكاوى مصنفة على أنها «صفراء وخضراء»، لن تؤثر على النتائج.

وبحسب تصريح متلفز للمتحدثة باسم المفوضية، جمانة الغلاي، فإن الشكاوى الصفراء بلغت 43 شكوى، سيتم ردها لمخالفتها الشروط الشكلية والموضوعية».

في حين أشارت الشكوى «الخضراء» إلى أخطاء ارتكبها موظفو الاقتراع أو الوكلاء أو المراقبين أو حتى الأجهزة الأمنية، وتكون غير مؤثرة على نتائج الانتخابات».


مقالات ذات صلة

القضاء الأميركي يمنح 3 من معتقلي «أبو غريب» السابقين 42 مليون دولار

الولايات المتحدة​ أحد المعتقلين يظهر داخل زنزانة انفرادية خارجية وهو يتحدث مع جندي في سجن أبو غريب بالعراق (أ.ب)

القضاء الأميركي يمنح 3 من معتقلي «أبو غريب» السابقين 42 مليون دولار

أصدرت هيئة محلفين أميركية، اليوم (الثلاثاء)، حكماً بمنح 42 مليون دولار لثلاثة معتقلين سابقين في سجن أبو غريب العراقي سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق د. جعفر الجوثري يحمل صور الأقمار الاصطناعية ويستكشف موقع معركة القادسية (أ.ب)

في العراق... صور الأقمار الاصطناعية تقود علماء الآثار إلى موقع معركة تاريخية

قادت صور الأقمار الاصطناعية التي تم رفع السرية عنها والتي تعود إلى سبعينات القرن العشرين فريقاً أثرياً بريطانياً - عراقياً إلى ما يعتقدون أنه موقع معركة قديمة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي الأعرجي مع قائد «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي (صفحة الأعرجي على إكس)

مستشار الأمن القومي العراقي يكرر رفض بلده استهداف دول الجوار عبر أراضيه وأجوائه

أعاد مستشار الأمن القومي العراقي، قاسم الأعرجي، الثلاثاء، التذكير بموقف بلده الثابت برفض استخدام أراضيه وأجوائه لاستهداف دول الجوار.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مركب سياحي في البصرة (أ.ف.ب)

بغداد ترفض طلباً كردياً بتأجيل التعداد السكاني في المناطق «المتنازع عليها»

رفضت الحكومة المركزية في بغداد طلباً لحكومة إقليم كردستان بتأجيل إجراء التعداد السكاني في المناطق «المتنازع عليها» إلى موعد لاحق.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي وزيرة الهجرة العراقية إيفان فائق مع السفير اللبناني في بغداد (موقع الوزارة)

تضارب في الأرقام الرسمية للنازحين اللبنانيين إلى العراق

تضاربت الأرقام الرسمية بشأن أعداد النازحين اللبنانيين الذين وفدوا إلى العراق هرباً من الحرب الدائرة في بلادهم، وتراوحت بين 18 و36 ألفاً.

فاضل النشمي (بغداد)

«الجهاد الإسلامي» تنشر فيديو لأحد الأسرى الإسرائيليين

أرشيفية لمجموعة من المقاتلين التابعين لـ«سرايا القدس» في غزة (إ.ب.أ)
أرشيفية لمجموعة من المقاتلين التابعين لـ«سرايا القدس» في غزة (إ.ب.أ)
TT

«الجهاد الإسلامي» تنشر فيديو لأحد الأسرى الإسرائيليين

أرشيفية لمجموعة من المقاتلين التابعين لـ«سرايا القدس» في غزة (إ.ب.أ)
أرشيفية لمجموعة من المقاتلين التابعين لـ«سرايا القدس» في غزة (إ.ب.أ)

نشرت «سرايا القدس»، الجناح العسكري لحركة «الجهاد الإسلامي»، الأربعاء، مقطع فيديو يُظهر شخصاً قدَّم نفسه على أنه أحد الرهائن الإسرائيليين في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وتحدّث الشخص باللغة العبرية، وذكر العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان، ما يوحي بأن الفيديو ليس قديماً، ودعا الإسرائيليين إلى تكثيف الاحتجاجات الرامية إلى «الضغط على الحكومة لإطلاق سراح الرهائن».

من جانبه، قال منتدى عائلات الرهائن والمفقودين الإسرائيليين، بعد أن نُشر الفيديو، إنه «لم يعد في الإمكان إهدار الوقت». وقال المنتدى، في بيان: «يؤكّد الفيديو المروّع الحاجة المُلحّة لإعادة الرهائن». وأضاف: «يواجه الرهائن خطراً متزايداً بفقدان حياتهم، بعد أكثر من سنة على الاحتجاز... لم يعد في الإمكان إهدار الوقت».