لم يحمل الموفد الفرنسي جان إيف لودريان أي طرح جديد إلى السياسيين اللبنانيين خلال جولتهم الرابعة عليهم، حيث التقى الأربعاء عددا منهم، وجدّد التأكيد على الرسالة نفسها وهي المرتبطة بضرورة التوافق لانتخاب رئيس للجمهورية، كما نوّه بأداء الجيش مؤكداً استمرار دعم بلاده المطلق للمؤسسة العسكرية.
واستهل لودريان لقاءاته بالاجتماع مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ومن ثم رئيس البرلمان نبيه بري وقائد الجيش العماد جوزيف عون ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط والبطريرك الماروني بشارة الراعي ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية.
وشدد الموفد الفرنسي خلال لقائه ميقاتي على أن زيارته إلى لبنان تهدف إلى تجديد التأكيد على موقف «اللجنة الخماسية» بدعوة اللبنانيين إلى توحيد الموقف والإسراع في إنجاز الانتخابات الرئاسية، والاستعداد لمساعدتهم في هذا الإطار، مشددا على أنه سيجري عدة لقاءات واجتماعات تهدف إلى تأمين التوافق اللبناني حيال الاستحقاقات الراهنة.
وخلال لقائه قائد الجيش، نوّه لودريان بأداء الجيش في ظلّ التحديات التي يواجهها مؤكداً استمرار دعم بلاده المطلق للمؤسسة العسكرية. ومن جهته، شكر العماد عون فرنسا على اهتمامها الدائم بالجيش وإرسالها المساعدات له بصورة متواصلة وآخرها المساعدات الطبية.
وفيما لم يدل لودريان بعد لقائه بري بأي تصريح، لفتت مصادر مطلعة على لقاءاته لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الموفد الفرنسي جدد التأكيد على أهمية انتخاب رئيس وإنهاء الشغور الرئاسي من دون الدخول في أي أسماء، لكنه شدد على ضرورة التوافق بعيدا عن التصلب في المواقف، ما رأت فيه المعارضة أنه دعوة متجددة للذهاب إلى خيار ثالث، بعيدا عن مرشحي «حزب الله» رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، والمعارضة، الوزير السابق جهاد أزعور.
وفيما حذّر لودريان من امتداد هذا الفراغ إلى قيادة الجيش لا سيما في هذه المرحلة، جدد أمام من التقاهم، بحسب المصادر، إمكانية العمل على عقد اجتماع تشاوري يجمع فيه المسؤولين اللبنانيين للتوافق على رئيس، مشددا على أن بقاء الفراغ في رئاسة الجمهورية من شأنه أن ينعكس سلبا على لبنان خاصة في ظل المتغيرات التي تشهدها المنطقة في هذه المرحلة وما ستشهده في مرحلة ما بعد حرب غزة، لا سيما لجهة المفاوضات.
وبعد لقائه الموفد الفرنسي، قال جعجع: «لودريان أكّد وجود خطرِ جدّي على لبنان واعتبر أنّ على الحكومة تَحمُّل مسؤوليّاتها وتطبيق القرار 1701 وسحب الميليشيات من الجنوب وطَرَح الذهاب إلى خيار ثالث في ملف الرئاسة».
وانتقد جعجع مطالبة «حزب الله» الحكومة بالتعويض عن الأضرار التي نتجت عن القصف الإسرائيلي، قائلا «من تَسبَّب بهجرة أهالي الجنوب فليُعوِّض عليهم لأنه ليست الدولة هي التي اتّخذت قراراً بشنّ العمليات». ورأى أنه «من الجنون ترك قيادة الجيش تحت أهواء مختلفة والحلّ الأبسط هو التمديد لقائد الجيش الحالي لسنة واحدة».
وعن الاستحقاق الرئاسي قال «نريد رئيساً للدّولة و«حزب الله» يُريد رئيساً له ويجب الاحتكام للمجلس النيابي لكن مُشكلة الرئاسة ليست عند الموارنة ومعطل الانتخابات هو محور الممانعة».
وتأتي زيارة لودريان إلى بيروت، بعد ساعات على تلقي ميقاتي رسالة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون محذرا فيها من امتداد الصراع إلى لبنان وبأن ذلك ستكون له عواقب وخيمة على البلد وعلى الشعب.
وأشار الرئيس الفرنسي إلى أنه أكد لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أكثر من مناسبة «كل الاهتمام الذي نوليه لبلدكم وأعربت له عن قلقي إزاء مخاطر التصعيد وامتداد الصراع إلى لبنان».
وفيما تتجه الأنظار إلى ما ستنتهي إليه زيارة الموفد الفرنسي، تحذّر المعارضة من استغلال فريق الممانعة الحرب على غزة، وضرورة أن يكون لبنان مفاوِضا على الطاولة في مرحلة ما بعد حرب غزة.
وربط النائب في كتلة حزب «القوات» غياث يزبك زيارة الموفد الفرنسي إلى بيروت بالحرب في غزة. وقال في حديث إذاعي «الدول الأوروبية وشركاؤنا العرب يريدون حلّاً في لبنان وإذا اتجهت الأمور في المنطقة إلى التسوية، فإن لبنان يجب أن يكون مفاوِضا على الطاولة، خاصة أنّ مرحلة ما بعد حرب غزة بدأت تطل، وفرنسا لمحت إلى أنه سيحصل ضغط كبير على لبنان من خلال إصرار إسرائيل وأميركا من خلفها على تطبيق 1701 بحذافيره، وعدم إبقاء لبنان نقطة تقلق إسرائيل في حال استمر عدم الالتزام اللبناني بالقرار الأممي».
من جهته، اعتبر النائب غسان سكاف أن على لودريان إقناع الفريق الممانع بمرشح ثالث حيادي، سائلا «هل سيقبل هذا الفريق أم أنه سيبقي الأمور مرتبطة بما سيحدث في غزة؟».
وأكد «ضرورة الاحتكام إلى الدستور وإلى موازين القوى التي أنتجتها الانتخابات النيابية الأخيرة. ويجب ألا يكون الرهان على بعض المتغيرات الخارجية بما فيها غزة، لاستدراج عروض رئاسية. نحن ننتظر زيارة لودريان ولكن نعرف أن الإخفاقات الفرنسية المتراكمة في إدارة الأزمة الرئاسية تطرح علامات استفهام حول الجدوى من زيارة لودريان الرابعة ونترقب ما سينتج عنها»، مبديا في الوقت نفسه تخوفه من «فشل هذه الزيارة بسبب تصلب مواقف القوى السياسية أكثر مما كانت عليه قبل حرب غزة».