إسرائيل تشل مدينة غزة مع احتدام القتال... وتحكم حصار المستشفيات

نتنياهو يتحدث عن قتال مستمر ونهاية «حماس»... والحركة تحذّر من «حرب نفسية»... وكوهين يخشى «النافذة الزمنية»

عائلة فلسطينية بعد وصولها إلى مستشفى ناصر بمدينة خان يونس عقب غارة إسرائيلية اليوم (أ.ف.ب)
عائلة فلسطينية بعد وصولها إلى مستشفى ناصر بمدينة خان يونس عقب غارة إسرائيلية اليوم (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تشل مدينة غزة مع احتدام القتال... وتحكم حصار المستشفيات

عائلة فلسطينية بعد وصولها إلى مستشفى ناصر بمدينة خان يونس عقب غارة إسرائيلية اليوم (أ.ف.ب)
عائلة فلسطينية بعد وصولها إلى مستشفى ناصر بمدينة خان يونس عقب غارة إسرائيلية اليوم (أ.ف.ب)

استمر القتال المحتدم في مدينة غزة التي تحاول إسرائيل عزلها عن العالم، بعد قطع الوقود والاتصالات والإنترنت، وإجبار كثير من سكانها، بما في ذلك الصحافيون والمؤسسات الإعلامية، على الرحيل إلى الجنوب. وسجل أعنف الاشتباكات بين الجيش الإسرائيلي و«كتائب القسام» في مستشفى الشفاء ومستشفى القدس بمدينة غزة، على الرغم من استهداف المسيّرات الإسرائيلية لكل من يتحرك في المدينة، محدثة شللاً شبه كامل في المدينة، وهي مركز حكم حركة «حماس».

واحتدم القتال في اليوم الـ38 للحرب في محيط المستشفيات التي يحاول الجيش الإسرائيلي إفراغها من المرضى والجرحى والكوادر الطبية، وهو قتال مستمر منذ 3 أيام، أدى إلى إخراج جميع مستشفيات شمال قطاع غزة عن الخدمة نهائياً.

جنود إسرائيليون يشاركون في الحرب على قطاع غزة (الجيش الإسرائيلي - رويترز)

وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن كل المستشفيات في شمال قطاع غزة أصبحت خارج الخدمة، وأن أطفالاً من الخدج ومرضى في قسم العناية المركزة في مستشفى الشفاء قضوا بسبب انقطاع الكهرباء والقصف والحصار المحكم.

والشفاء هو أكبر مستشفى في قطاع غزة، وتقول إسرائيل إن قيادة «حماس» و«القسام» تتخذ من مكاتب وأنفاق أسفله مقراً لها، وهو ما جعله واحداً من أهم أهداف الحرب، وحوّله إلى ما يشبه مقبرة جماعية.

وقال جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة إن مئات الجثث ملقاة في محيط مستشفيي الشفاء والقدس اللذين تقدمت الدبابات بجوارهما. وأكد مدير عام وزارة الصحة في غزة، منير البرش، أن 100 جثة تتحلل في ساحة مجمع الشفاء، فيما قال المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية، أشرف القدرة، إن 32 مريضاً على الأقل من مستشفى الشفاء بغزة توفوا خلال الأيام الثلاثة الماضية، بينهم ثلاثة أطفال خدج.

أطفال فلسطينيون ينتظرون الحصول على طعام في رفح اليوم (أ.ب)

وتحاصر إسرائيل مستشفى الشفاء بالطائرات المسيّرة فيما تبعد الدبابات مئات الأمتار عنه، بخلاف مستشفى القدس الذي تقف الدبابات على بواباته، وبدأ بإخلاء جميع مرضاه وطواقمه. وتوقفت 23 مستشفى من أصل 35 عن العمل بشكل كامل، جميعها في منطقة الشمال.

ومع انتهاء اليوم الـ38 من الحرب، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن نهاية الحرب ليست قريبة. وأكد نتنياهو خلال زيارة جنود إسرائيليين على حدود غزة «هذه ليست مجرد عملية، إنها حرب ولن يكون هناك وقف لإطلاق النار الآن، وسنعمل على إعادة الرهائن، وسنعيد الأمن التام لسكان الغلاف وسننهي (حماس)».

وجاءت تصريحات نتنياهو حول مواصلة الحرب على الرغم من تأكيد وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين أن الوقت السياسي للقتال في غزة بدأ ينفد. وقال كوهين: «نحن ندرك أن الضغوط المتزايدة قد بدأت على إسرائيل. أقدّر أن النافذة الزمنية تتراوح من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع حتى يبدأ الضغط الدولي الثقيل».

البحث عن ضحايا وناجين تحت الأنقاض عقب غارة إسرائيلية على خان يونس اليوم (أ.ب)

ووفق وزارة الخارجية الإسرائيلية، فإنه بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول)، حصلت إسرائيل على الضوء الأخضر لحرب مفتوحة، لكن الضوء الآن في نهاية اللون البرتقالي، قبل أن يصل للضوء الأحمر.

وفي محاولة لاستثمار الوقت المتبقي، صعدت إسرائيل ضرباتها، وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري، إن الجيش اغتال قائد المنظومة المضادة للدبابات في لواء خان يونس يعقوب عاشور، والرئيس السابق للمخابرات العسكرية لـ«حماس» محمد دبابش، وتحسين مسلم، قائد سرية الإسناد الحربي في بيت لاهيا، وجهاد عزام، ضابط تحقيقات الاستخبارات العسكرية لـ«حماس» في منطقة الزيتون ومنير حرب، رئيس منظومة الدعاية التابعة للواء رفح.

كما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل خلية عملت في محيط مستشفى القدس، وداهم ضواحي مخيم الشاطئ، وعثر على مواد متفجرة واسعة النطاق احتوت على المواد القابلة للاشتعال والكثير من العبوات الناسفة، وقطع أسلحة وعتاد قتالي ومخططات عملياتية، كما توغل في منزل أحد مسؤولي منظمة «الجهاد الإسلامي»، وعثر داخل منزله على كثير من الوسائل القتالية، وفي بلدة بيت حانون عثر على فتحة نفق ومواد استخباراتية ووسائل قتالية.

حريق عقب غارة إسرائيلية في رفح بجنوب قطاع غزة اليوم (أ.ف.ب)

كما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه اكتشف العشرات من قطع الأسلحة والوسائل القتالية فوق سطح الماء في البحر وفي عمقه، بما في ذلك زوارق مطاطية، وأحزمة ناسفة، وعبوات ناسفة، وأنواع ذخيرة وغيرها.

لكن «حماس» قالت إن الاحتلال يحاول تسويق تقدم وهمي في غزة، وشن حرب نفسية على سكانها. وقال الناطق باسم «حماس» فوزي برهوم إن «المقاومة ثابتة ومتصاعدة وتدير المعركة بكل وعي وفهم واقتدار وتتحكم في إدارة الميدان».

وأضاف «أن وجود دبابات الاحتلال في أماكن محددة لا يعني سيطرتها على الميدان. على مدار الساعة تقوم المقاومة بعمليات نوعية وإبداعية، وتدمر دبابات ومدرعات العدو وتقتل من جنوده في كل محاور القتال».

وأكدت «كتائب القسام» في بيانات منفصلة أنها دمرت دبابات وآليات وناقلات جند في مواقع مختلفة، كما هاجمت جنوداً متحصنين في مبان، وأصابت جندياً عبر قناص. وقالت الكتائب إن مقاتليها يخوضون اشتباكات عنيفة على عدة محاور شمال وجنوب مدينة غزة.

ومع إطباق الحصار على مستشفيات غزة وانتشار الدبابات في شوارعها، وقطع الاتصالات، ومحاصرة المستشفيات، انقطعت إلى حد كبير التحديثات المتعلقة بالضحايا.

وناشدت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني المجتمع الدولي «تأمين الوصول الآمن لطواقم الإسعاف إلى الجرحى والشهداء في قطاع غزة، وتحديداً في غزة وشمال غزة». وقالت الجمعية في بيان إن فرق الدفاع المدني ومركبات الإسعاف لم تستطع الوصول إلى مواطنين محاصرين في مدينة غزة وعائلات عالقة في منازلها أو تحت الأنقاض، وعشرات الجثامين والجرحى، بسبب منع قوات الاحتلال مركبات الإسعاف من الاقتراب، واستهداف كل من يحاول التحرك.

وقصفت إسرائيل مناطق مختلفة في قطاع غزة، بما فيها مناطق الجنوب التي قالت إنها آمنة. وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن عدد الضحايا جراء العدوان الإسرائيلي ارتفع إلى 11240، فيما وصل عدد الجرحى إلى 28200 جريح. وقالت الصحة في بيان إن «من بين الشهداء 4609 أطفال، و3100 امرأة، و678 مسناً».

ووفق «الصحة»، لا تشمل هذه الأرقام حصيلة يوم الاثنين «لصعوبة جمع المعلومات مع فقدان الاتصال»، لكنها قالت إن «3250 مواطناً ما زالوا مفقودين أو تحت الأنقاض، بينهم 1700 طفل».


مقالات ذات صلة

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

شؤون إقليمية بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (أ.ب)

إسرائيل ليست عضواً في «الجنائية الدولية»... كيف تلاحق المحكمة نتنياهو وغالانت؟

ما يجب أن نعرفه عن النطاق القانوني للمحكمة الجنائية الدولية، حيث تسعى إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو؛ ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي جنازة فلسطينيين قُتلوا في غارة إسرائيلية في مدينة غزة (رويترز)

مستشفيات غزة مهددة بالتوقف عن العمل... و19 قتيلاً في القصف الإسرائيلي

حذرت وزارة الصحة التابعة لحركة «حماس» في قطاع غزة أمس (الجمعة)، من توقف كل مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز) play-circle 01:41

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

انتزع ترمب الفوز من منافسته الديمقراطية، معتمداً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية.

رنا أبتر (واشنطن)
المشرق العربي دبابة إسرائيلية على مثلث مرجعيون - ديرميماس - القليعة قرب نهر الليطاني بجنوب لبنان (متداول)

إسرائيل تملأ غياب هوكستين بالغارات والتوغلات

تملأ إسرائيل غياب الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكستين الذي يحمل مبادرة أميركية لوقف إطلاق النار، بالغارات العنيفة، وتوسعة رقعة التوغل البري الذي وصل إلى مشارف

نذير رضا (بيروت)
المشرق العربي إسرائيل تخشى أن تتم ملاحقة ضباطها أيضاً بعد إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو (مكتب الإعلام الحكومي في إسرائيل - أ.ف.ب)

«نتنياهو المطلوب» يقلق إسرائيل على ضباطها

في ظلّ معلومات عن اتجاه دول أجنبية إلى تقليص اتصالاتها مع الحكومة الإسرائيلية غداة صدور مذكرة توقيف دولية بحق رئيسها، بنيامين نتنياهو، وأخرى بحق وزير دفاعه

نظير مجلي (تل أبيب)

لبنان: مقتل 5 في قصف إسرائيلي على بعلبك

عمال يزيلون الأنقاض من موقع غارة جوية إسرائيلية على احد المنازل في بعلبك (أ.ف.ب)
عمال يزيلون الأنقاض من موقع غارة جوية إسرائيلية على احد المنازل في بعلبك (أ.ف.ب)
TT

لبنان: مقتل 5 في قصف إسرائيلي على بعلبك

عمال يزيلون الأنقاض من موقع غارة جوية إسرائيلية على احد المنازل في بعلبك (أ.ف.ب)
عمال يزيلون الأنقاض من موقع غارة جوية إسرائيلية على احد المنازل في بعلبك (أ.ف.ب)

أفادت تقارير إعلامية لبنانية اليوم (السبت) بمقتل 5 في قصف إسرائيلي استهدف بلدة شمسطار في بعلبك.

وأضافت التقارير أن القتلى هم أم وأطفالها الأربعة.

وذكرت «الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام» أمس (الجمعة) أن إسرائيل شنت غارة على قرية دورس بمحافظة بعلبك الهرمل، مما أسفر عن مقتل سبعة مدنيين.

وأشارت الوكالة إلى أن الغارة استهدفت منزل مدير عام مستشفى دار الأمل الجامعي في دورس.

وفي وقت سابق من أمس، كشفت وزارة الصحة اللبنانية أن الهجمات الإسرائيلية على لبنان منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023 قتلت 3 آلاف و645 شخصاً.