ليسوا أرقاماً... وجوه من غزة تصبح «أيقونات الحرب»

الطفل محمد أبو لولي كما ظهر في فيديو بعد القصف (المصور عبد الله العطار بإنستغرام)
الطفل محمد أبو لولي كما ظهر في فيديو بعد القصف (المصور عبد الله العطار بإنستغرام)
TT

ليسوا أرقاماً... وجوه من غزة تصبح «أيقونات الحرب»

الطفل محمد أبو لولي كما ظهر في فيديو بعد القصف (المصور عبد الله العطار بإنستغرام)
الطفل محمد أبو لولي كما ظهر في فيديو بعد القصف (المصور عبد الله العطار بإنستغرام)

لمعت - إن جاز التعبير - وجوه فلسطينية من قلب مأساة غزة، حتى إن رحلت بأجسادها فإنها ستعيش في ذاكرة فلسطينية أرهقها الحرب.

وفي الوقت الذي يلملم فيه الفلسطينيون الناجون بقايا أحبائهم من ضحايا القصف الإسرائيلي، يسعى آخرون إلى توثيق ذكريات ذويهم الذين رحلوا جراء العدوان، للتذكير بأن من رحلوا ليسوا أرقاماً في عداد الضحايا.

في هذا التقرير نرصد بعض الوجوه التي انتشرت قصصها عبر مواقع التواصل الاجتماعي منذ شهر، بعد أن شن الجيش الإسرائيلي عدوانه على غزة، الذي حصد نحو 10 آلاف شخص أغلبهم من المدنيين، بحسب السلطات الفلسطينية.

«أبو شادي»... بائع الحلوى للغلابة

وتفاعل متابعون عبر موقع «إكس» مع وفاة مسعود محمد القطاطي، الذي اشتهر باسم «أبو شادي» نسبة لابنه مدرس اللغة الإنجليزية، وكان يبيع الكنافة النابلسية منذ عام 1971 في غزة.

أبو شادي يعد الكنافة النابلسية (مواقع التواصل)

واشتهر أبو شادي بتقديم الحلوى الفلسطينية مجاناً لغير المحتاجين، حتى أطلق عليه محبوه لقب «أبو الغلابة».

وقتل أبو شادي، مع عدد من أبنائه وأحفاده، أول من أمس (الجمعة)، بعد قصف إسرائيلي أدى إلى مقتل العشرات في حي الزيتون جنوب غزة.

يوسف... «شعره كيرلي وأبيضاني وحلو»

ستظل كلمة والدة الطفل يوسف وهي توصفه خلال البحث عنه وسط الناجين من القصف «شعره كيرلي وأبيضاني وحلو» راسخة لفترات طويلة في أذهان من يتعلقون بالقضية الفلسطينية.

وعقب وفاة الطفل انتشرت صور الطفل يوسف الفلسطيني، وعمره 7 سنوات، وهو في زي الدراسة، كما انتشر المقطع الذي يرصد معاناة الأم في البحث عن طفلها وسط متابعين عبر مواقع التواصل.

الطفل يوسف الفلسطيني (فيسبوك)

وكانت والدته قد قالت في تصريحات بعد وفاته، إنها كانت جالسة مع ابنها، وفجأة أصبح كل شيء أسود، وأضافت: «وجدت يد ابنتي طالعة من تحت السجاد... وبعدين كنا نبحث عن يوسف»، ويقول والده الذي يعمل طبيباً: «آخر لحظات معه كان بجيي جيري علي رافع ايديه بده يحضني».

كما تداول متابعون لقطات ليوسف قبل مقتله في الغارات الإسرائيلية وهو ينطق بالإنجليزية التي يتعلمها.

وتفاعل الممثل السوري معتصم النهار مع وفاة يوسف وكتب على حسابه في موقع «إكس»: «هذا هو يوسف. يلي شعره كيرلي وأبيضاني وحلو... الله يرحمك يا حبيبي وينتقم من قاتلك شر انتقام».

الطفل محمد أبو لولي

ورغم أنه لم يرحل عن عالمنا، فإن دقائق وثقت خوف الطفل محمد وارتعاده من القصف الإسرائيلي كانت مؤثرة في الكثيرين.

وانتشر منذ أسبوعين، مقطع للطفل محمد أبو لولي وهو يرتعد خوفاً بعد القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، كما التقطت عدسة المصور عبد الله العطار.

ونشر أقارب الطفل محمد بعد ذلك لقطات له وهو يتعافى من آثار القصف المدمر على القطاع.

المراسل محمد أبو حطب

ومن عالم الصحافة، تفاعل متابعون مع وفاة المراسل بتلفزيون فلسطين محمد أبو حطب، الذي قدم زميله سلمان البشير تقريراً مؤثراً بعد وفاته.

المراسل محمد أبو حطب (تلفزيون فلسطين)

وقال البشير في تقرير له الخميس الماضي، بعد خلع سترته وخوذته: «لا حماية، لا حماية دولية إطلاقاً، لا حصانة من أي شيء، هذه الدروع لا تحمينا ولا تلك القبعات. هذه مجرد شعارات نرتديها، ولا تحمي أي صحافي على الإطلاق. معدات الحماية هذه لا تحمينا».

وقُتل أبو حطب و11 من أفراد عائلته، الخميس، في جنوب قطاع غزة بعد غارة جوية إسرائيلية مزعومة على منزله، بحسب بيان صادر عن شبكة تلفزيون فلسطين.

وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن استشهاد محمد أبو حطب وأفراد عائلته جاء نتيجة «غارة جوية إسرائيلية مدمرة» على منزله في خان يونس.

وكان أبو حطب يقدم تقريره على الهواء مباشرة مساء الخميس، خارج مستشفى ناصر في غزة، وقد كان الأخير له. عاد بعدها إلى منزله وبعد 30 دقيقة من ظهوره على الهواء قُتل في الغارة.


مقالات ذات صلة

الأمطار تزيد معاناة الغزيين... وتحرمهم من المصدر الوحيد للكهرباء

المشرق العربي فلسطينيات يستخدمن طريقاً جافاً لنقل المياه إلى خيمتهن بعد هطول أمطار غزيرة بدير البلح وسط قطاع غزة الأحد (أ.ف.ب)

الأمطار تزيد معاناة الغزيين... وتحرمهم من المصدر الوحيد للكهرباء

منذ أن قطعت الحكومة الإسرائيلية الكهرباء عن غزة بفعل حربها المستمرة ضد القطاع منذ نحو 14 شهراً، اعتمد السكان على البديل الوحيد المتوفر، وهو الطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون نازحون في أحد شوارع غرب مدينة غزة اليوم (أ.ف.ب)

حكومة غزة: مئات آلاف النازحين يستعدون للعيش في الشوارع دون مساعدات أو مأوى

قال مكتب الإعلام الحكومي في غزة إن مئات آلاف النازحين في القطاع يستعدون للعيش في الشوارع دون مساعدات أو مأوى.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يتحدث خلال مؤتمر حوارات المتوسط ​​في روما بإيطاليا 25 نوفمبر 2024 (رويترز)

مصر تشدد على ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية لاستعادة وضعها في قطاع غزة

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ضرورة تمكين السلطة الفلسطينية من استعادة وضعها في قطاع غزة، قائلاً إن مصر ترفض تماماً تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم.

«الشرق الأوسط» (روما)
شؤون إقليمية صبي فلسطيني ينقذ دراجة هوائية تالفة من بين أنقاض منزل دُمر في غارة إسرائيلية على مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة الأحد (الفرنسية)

استيطان غزة... هدف لا تُعلنه إسرائيل لكنها تنفذه

تشير تصريحات إسرائيلية لمسؤولين حاليين وسابقين وحملات لقادة مستوطنين، إلى احتلال طويل لغزة واستئناف الاستيطان، حتى بات ذلك هدفاً غير معلن للحرب لكنه يُنفذ بدقة.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (د.ب.أ) play-circle 01:47

موجة نزوح جديدة في غزة... وإصابة مدير مستشفى «كمال عدوان» بقصف إسرائيلي

أفادت وزارة الصحة في غزة، الأحد، بارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 44 ألفاً و211 وإصابة 104 آلاف و567 منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)
النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)
النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)

يعقد البرلمان اللبناني جلسة تشريعية الخميس المقبل لإقرار عدد من اقتراحات القوانين التي تكتسب صفة «تشريع الضرورة»؛ أبرزها اقتراح القانون الذي تقدّمت به كتلة «الاعتدال الوطني» للتمديد مرّة ثانية لقائد الجيش العماد جوزف عون، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، والمدير العام للأمن العام اللواء الياس البيسري.

ورغم تحفّظ بعض الكتل على اقتراح التمديد لقادة المؤسسات العسكرية والأمنية، لأسباب سياسية أو قانونية، فإن القانون سيأخذ طريقه للإقرار، وفق تقدير عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب أيوب حميّد.

وأوضح حميد لـ«الشرق الأوسط» أن «الصورة شبه محسومة لجهة إقرار قانون التمديد لقادة الأجهزة الأمنية، وهناك أيضاً اقتراحات قوانين ضرورية وتستدعي إقرارها؛ لأنها تتعلّق بحقوق الناس، منها ما يتعلّق بعمل الإدارات والقضاء والمصارف». ولم يخفِ حميّد «وجود تحفّظ لدى بعض الكتل حول التمديد لقائد الجيش، وهذا حقّها، لكن ذلك لن يهدد بتطيير الجلسة؛ لأن النصاب القانوني لانعقادها، أي (النصف زائداً واحداً - 65 نائباً)، مؤمن».

الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين خلال اجتماعه مع قائد الجيش اللبناني جوزف عون في زيارته الأخيرة إلى بيروت (أ.ف.ب)

وهل يشارك نواب «حزب الله» في الجلسة؟ رجّح حميّد أن «تكون هناك مشاركة متواضعة لهم؛ إذ لديهم ظروفهم التي نقدرها». وعمّا إذا كانت ظروف تغيّب نواب «الحزب» أو أغلبهم ذات طابع أمني أم سياسي، أي اعتراضاً على التمديد لقائد الجيش، رفض النائب حميّد الخوض في التفاصيل، داعياً إلى «تفهّم ظروف الزملاء في هذه المرحلة الدقيقة».

وإلى جانب اقتراح كتلة «الاعتدال الوطني»، الذي يحظى بتأييد غالبية نيابية، كانت كتلة «الجمهورية القوية» قدّمت اقتراح قانون للتمديد لقائد الجيش وحده من دون قادة الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى اقتراح القانون الذي قدّمه عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبد الله، للتمديد لجميع الضبّاط من رتبة عميد حتى لا يُحرم هؤلاء من حقّهم في تبوّؤ مركز القيادة، إلّا إن التوافق اقتصر على اقتراح قانون التمديد للعماد جوزف عون واللواءين عثمان والبيسري.

ورأى عضو كتلة «الاعتدال الوطني» النائب وليد البعريني أن اقتراح كتلته «يكتسب طابع الشمولية، والتمديد لقائد الجيش وحده يفقد القانون شموليته ويعرضه للطعن أمام المجلس الدستوري». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الكتلة آثرت التمديد لقائد الجيش والأجهزة الأمنية ليس حبّاً في الأشخاص والأسماء، رغم احترامنا وتقديرنا لدورهم الوطني، بل حفاظاً على المؤسسات العسكرية والأمنية». وعن سبب استبعاد اقتراح النائب بلال عبد الله الأكثر شمولية، لفت البعريني إلى أن «هناك رهاناً على انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت، وعندها تأخذ المؤسسات دورها وينتظم عملها بشكل قانوني ودستوري».

وفي حين لم يعرف موقف نواب «حزب الله» من التمديد لقائد الجيش، فإن هذا الأمر يلقى معارضة قويّة من تكتل «لبنان القوي» برئاسة النائب جبران باسيل.

وأشار عضو التكتل النائب جيمي جبّور، إلى أن «اجتماع الكتلة الذي سيعقد في الساعات المقبلة سيحدد الموقف من المشاركة في الجلسة النيابية ومسألة التمديد»، لكنه أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «(التيار الوطني الحرّ) لديه موقف مبدئي عبّر عنه في المرّة السابقة، وهو أنه ضدّ التمديد لقائد الجيش؛ لأن انتظام عمل المؤسسات العسكرية والأمنية يتطلب إفساح المجال أمام ضباط آخرين لتسلّم هذا المنصب». وعدّ أن «الإصرار على التمديد لقائد الجيش الحالي مرتبط بترشيحه لرئاسة الجمهورية، ويفترض تحييد الجيش عن الاستخدام السياسي؛ لأن الجيش يلعب دوراً وطنياً، خصوصاً في المرحلة المقبلة، وبالتالي يجب إبعاده عن الحسابات السياسية»، عادّاً أنه «لا خوف من الفراغ في مركز القيادة ما دام الضابط الأعلى رتبة يتسلّم هذا المنصب».

وعمّا إذا كان «التيار الوطني الحرّ» يقبل أن يشغل ضابط غير مسيحي هذا الموقع ولو بالوكالة، خصوصاً أن اللواء بيار صعب، الذي كان يزكيه «التيار الوطني الحرّ» لشغل المنصب، أحيل على التقاعد، اتهم جبور بعض القوى بـ«إفراغ المجلس العسكري من أعضائه جراء الطعن في قرار وزير الدفاع الوطني (موريس سليم) الذي مدّد بموجبه لعضو المجلس العسكري اللواء بيار صعب والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد مصطفى استناداً إلى القانون الذي أقرّه مجلس النواب للتمديد لقادة الأجهزة الأمنيّة، لكن مجلس شورى الدولة أبطل هذا القرار».

وقال: «هناك استهداف لكل من يمتّ إلى (التيار الوطني الحرّ) بصلة سواء بالتعيين والحملات السياسية». وعمّا إذا كان ذلك اعترافاً بأن عضو المجلس العسكري اللواء بيار صعب ينتمي إلى «التيار الوطني الحرّ»، أجاب النائب جبّور: «ليس خافياً على أحد أن تعيين اللواء صعب في المجلس العسكري جاء بناء على اقتراح من الرئيس ميشال عون، وهناك رغبة في اجتثاث كل من يمتّ بصلة إلى الرئيس عون و(التيار)». ودعا إلى «اعتماد آلية جديدة، هي تعيين قائد جيش جديد وقادة للأجهزة الأمنية، لكن القيادات والكتل السياسية خضعت للأسف لقوى خارجية فرضت هذا التمديد، بدليل جولات بعض السفراء على قيادات ومطالبتها بحتمية التمديد لقائد الجيش».