مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط»: بغداد ستواجه عزلة دولية إذا استمرت هجمات الفصائل

واشنطن اختارت الرد على الهجمات في سوريا وليس العراق… حتى الآن

عدد من عناصر القوات الأميركية والتحالف الدولي على هامش حفل عسكري في بغداد 4 أكتوبر الماضي (الجيش الأميركي)
عدد من عناصر القوات الأميركية والتحالف الدولي على هامش حفل عسكري في بغداد 4 أكتوبر الماضي (الجيش الأميركي)
TT

مسؤول أميركي لـ«الشرق الأوسط»: بغداد ستواجه عزلة دولية إذا استمرت هجمات الفصائل

عدد من عناصر القوات الأميركية والتحالف الدولي على هامش حفل عسكري في بغداد 4 أكتوبر الماضي (الجيش الأميركي)
عدد من عناصر القوات الأميركية والتحالف الدولي على هامش حفل عسكري في بغداد 4 أكتوبر الماضي (الجيش الأميركي)

رجّح مسؤول أميركي رفيع أن تواجه بغداد عزلة دولية غير مسبوقة إذا استمرت الهجمات ضد القواعد العسكرية التي تستضيف مستشارين أميركيين في العراق. ورغم تصاعد الدعوات السياسية لغلق السفارة الأميركية، فإن المسؤول تحدث عن «فرصة مواتية» للحكومة العراقية لتفرض سيطرتها على «المجموعات المسلحة المنفلتة»، ووقف أعمالها العدائية.

ومنذ أسابيع تتعرّض قوات التحالف الدولي في العراق وسوريا إلى هجمات صاروخية باستخدام الطائرات المسيّرة، تقول مجموعات تطلق على نفسها «المقاومة الإسلامية» إنها تهدف إلى كبح الحرب على غزة، لكن المسؤولين الأميركيين قلقون للغاية من التداعيات الخطرة لهذه الهجمات.

وقدم المسؤول الأميركي، الذي تحدث إلى «الشرق الأوسط»، طالباً عدم الكشف عن هويته، رؤية حول تداعيات التصعيد الميداني والسياسي في العراق، على خلفية المعارك الدائرة في قطاع غزة.

الفصائل لا تعمل بأمر السوداني لكن مَن يقود الحكومة ليس عليه جلب النار إلى المنزل

وقال المسؤول: «إن الإيرانيين يزعمون في العلن أنهم لا يرغبون في توسيع الصراع، لكنهم في الحقيقة يطوّرون أدوات وكلائهم في المنطقة، وينشرون مجاميع مسلحة جديدة في المنطقة».

وكشف تقرير سابق لـ«الشرق الأوسط»، نقلاً عن مصادر عراقية، أن «الحرس الثوري» الإيراني يراجع خطط انتشار الفصائل العراقية غرب البلاد، في حين أجرى عمليات مسح لمناطق حدودية عند المثلث الأردني - السعودي.

ويميل الأميركيون إلى الاعتقاد بأن رئيس الحكومة العراقي، محمد شياع السوداني، حريص على عدم تفاقم التصعيد، وأنه يحاول ملاحقة الجماعات المسلحة، لكن مع ازدياد الهجمات «ثمة حاجة إلى ما هو أكثر من ذلك»، وفقاً للمسؤول الأميركي.

الإيرانيون يعلنون عدم رغبتهم في توسيع الصراع ويطوّرون أدوات وكلائهم في المنطقة

لكنّ سياسيين بارزين في تحالف «الإطار التنسيقي» الحاكم، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، الأسبوع الماضي، بشأن قدرة السوداني على الحد من هجمات الفصائل، قالوا إن «وقف التصعيد داخل العراق يتطلب من السوداني في نهاية المطاف التحدث مع الإيرانيين أنفسهم».

وقال المسؤول الأميركي: «لا توجد منطقة رمادية في هذا النزاع، إما أن تكون مع المجموعات المسلحة المنفلتة، أو مع الدولة والقانون (…) نعرف أن الفصائل لا تعمل بأوامر من السوداني، لكن مَن يقود الحكومة ليس عليه أن يجلب النار إلى المنزل».

واختارت واشنطن، حتى الآن، الرد على الهجمات في سوريا وليس في العراق، بحسب المسؤول الأميركي؛ لأنها لا تريد أن يتورط هذا البلد أكثر في هذا النزاع، غير أن الوضع يتغير الآن «ولا يمكن توقع الرد على مزيد من الهجمات، خصوصاً حين يسقط ضحايا من العسكريين أو المدنيين».

وخلال جلسة استماع لمجلس الشيوخ الأميركي، كانت مخصصة (الثلاثاء الماضي) لطلب الدعم المالي لإسرائيل وأوكرانيا، قال وزير الدفاع الأميركي الجنرال لويد أوستن: «إذا استمرّت الجماعات المدعومة من إيران في مهاجمة القوات الأميركية، فلن نتردد في اتخاذ مزيد من الإجراءات الضرورية في المنطقة».

السفارة الأميركية لن تغادر العراق وحدها… البعثات الغربية ستفعل ذلك أيضاً

ومع استمرار الهجمات، ثمة قلق من الدعوات السياسية للتظاهر أمام السفارة الأميركية في بغداد، وتحرك قوى سياسية محلية تدفع باتجاه غلقها.

ودعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الأسبوع الماضي، إلى غلق السفارة الأميركية، في حين تحرك نواب لجمع تواقيع تطلب جلسة للنظر في هذا الطلب، لكن تحالف «الإطار» الحاكم لا يشعر بالارتياح من هذه الحملة، ويحاول تقويضها.

ووفقاً للمسؤول الأميركي، فإن سجل التظاهرات ضد البعثات الدبلوماسية في بغداد لا يمنح واشنطن الثقة بأن تحافظ هذه الاحتجاجات على السلمية، «أحداث السفارة السويدية على سبيل المثال مؤشر على ما يمكن أن يحدث».

ورجّح المسؤول الأميركي أن تتعرض بغداد إلى «عزلة دولية؛ لأن السفارة الأميركية لن تغادر وحدها بغداد... البعثات الإقليمية والغربية كذلك».

«دعوة زعيم التيار الصدري تتحول إلى كرة ثلج تلقفها قوى محلية مسلحة، وقد تخرج الأمور عن السيطرة ما لم تبادر الحكومة إلى أخذ زمام المبادرة، فهذه فرصة مواتية للحد من نشاط هذه المجموعات»، يقول المسؤول الأميركي.

دعوة الصدر لغلق السفارة تتحول إلى كرة ثلج تلقفها قوى محلية مسلحة

ومن الواضح أن المسؤولين الأميركيين يراجعون الآن سيناريوهات مختلفة قد تنجم عن هذا التصعيد في العراق، لكنهم يرون أن «تطوير العلاقات الاستراتيجية مع هذا البلد سيكون صعباً للغاية، بينما تواصل المجموعات المسلحة هجماتها التي تهدد الاستقرار في المنطقة وتضر مصلحة الحكومة العراقية».

وقال المسؤول الأميركي، إن «على العراق اختيار مكانه في هذا الصراع؛ لأن الضجيج السياسي بشأن حماية القواعد والبعثات الدبلوماسية يجب أن يكون له مكان على أرض الواقع».

وخلال الأسبوعين الماضيين، تعهد رئيس الحكومة العراقي، بحماية البعثات الدبلوماسية، كما أمر قوات إنفاذ القانون في البلاد بملاحقة منفذي الهجمات على القواعد العسكرية، لكن هناك شكوكاً في قدرته على كبح قادة الفصائل الموالية لإيران، الذين يتداخلون في شبكة علاقات مع قوى داخل الائتلاف الحاكم.


مقالات ذات صلة

العراق بين حافتي ترمب «المنتصر» و«إطار قوي»

تحليل إخباري «تشاتام هاوس» البريطاني نظّم جلسات حول مصير العراق في ظل الحرب (الشرق الأوسط)

العراق بين حافتي ترمب «المنتصر» و«إطار قوي»

في معهد «تشاتام هاوس» البريطاني، طُرحت أسئلة عن مصير العراق بعد العودة الدرامية لدونالد ترمب، في لحظة حرب متعددة الجبهات في الشرق الأوسط.

علي السراي (لندن)
المشرق العربي السوداني خلال اجتماع مجلس الأمن الوطني الطارئ (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق: 12 خطوة لمواجهة التهديدات والشكوى الإسرائيلية لمجلس الأمن

أثارت الشكوى الإسرائيلية الموجهة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الهجمات التي تشنها الفصائل المسلحة العراقية عليها غضب حكومة محمد شياع السوداني.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي السوداني يزور مقر وزارة التخطيط المشرفة على التعداد صباح الأربعاء (رئاسة الوزراء العراقية)

العراق: انطلاق عمليات التعداد السكاني بعد سنوات من التأجيل

بدت معظم شوارع المدن والمحافظات العراقية، الأربعاء، خالية من السكان الذين فُرض عليهم حظر للتجول بهدف إنجاز التعداد السكاني الذي تأخر لأكثر من 10 سنوات.

فاضل النشمي (بغداد)
رياضة عربية «تصفيات المونديال»: العراق يهزم عُمان ويعزز حظوظه في التأهل

«تصفيات المونديال»: العراق يهزم عُمان ويعزز حظوظه في التأهل

فاز العراق 1 - صفر على مضيفه منتخب سلطنة عُمان ضمن الجولة السادسة من منافسات المجموعة الثانية بالدور الثالث من التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
المشرق العربي رئيس وزراء العراقي محمد شياع السوداني (د.ب.أ)

السوداني: نرفض تهديدات إسرائيل وقرار الحرب والسلم بيد بغداد

قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم (الثلاثاء)، إن الرسالة التي أرسلتها إسرائيل إلى مجلس الأمن الدولي تمثل «ذريعة وحجّة للاعتداء على العراق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)

غزة: نفاد الأكسجين والمياه من مستشفى كمال عدوان

دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة يوم 26 أكتوبر 2024 وسط الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)
دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة يوم 26 أكتوبر 2024 وسط الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)
TT

غزة: نفاد الأكسجين والمياه من مستشفى كمال عدوان

دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة يوم 26 أكتوبر 2024 وسط الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)
دمار لحق بسيارات إسعاف بمستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة يوم 26 أكتوبر 2024 وسط الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس» (أ.ف.ب)

قالت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم (الجمعة)، إن مستشفى كمال عدوان في شمال القطاع صار دون أكسجين أو ماء؛ نتيجة القصف الذي شنّته إسرائيل في الليلة الماضية.

وأوضحت الوزارة، في بيان، أن القصف «أدى إلى تدمير المولد الكهربائي الرئيس بالمستشفى، وثقب خزانات المياه، ليصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى».

وذكر البيان أن المستشفى به 80 مريضاً، وأن هناك 8 مرضى في العناية المركزة، لافتاً إلى أن القصف أسفر عن إصابة 6 أفراد من الطواقم الطبية العاملة بالمستشفى، بينهم حالات خطرة.

كانت «وكالة الأنباء الفلسطينية» أفادت بأن القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، أمس (الخميس)، أسفر عن مقتل 90 شخصاً على الأقل، مشيرة إلى أن طائرات مسيّرة إسرائيلية ألقت قنابل على ساحة مستشفى كمال عدوان.