مصادر عراقية: «الحرس الثوري» الإيراني يعيد انتشار فصائل موالية غرب البلاد

وسطاء نقلوا «رسالة تحذير إلى واشنطن»

صورة من فيديو وزّعته جماعة عراقية لإطلاق مسيرات انتحارية على قاعدة حرير شمال العراق
صورة من فيديو وزّعته جماعة عراقية لإطلاق مسيرات انتحارية على قاعدة حرير شمال العراق
TT

مصادر عراقية: «الحرس الثوري» الإيراني يعيد انتشار فصائل موالية غرب البلاد

صورة من فيديو وزّعته جماعة عراقية لإطلاق مسيرات انتحارية على قاعدة حرير شمال العراق
صورة من فيديو وزّعته جماعة عراقية لإطلاق مسيرات انتحارية على قاعدة حرير شمال العراق

شهد العراق خلال الساعات الماضية تحركات واتصالات مكثفة على إيقاع الأزمة المتصاعدة في غزة، حيث بلغت العمليات العسكرية ذروتها ليل الجمعة - السبت، بالتزامن مع قرار غير ملزم للأمم المتحدة بفرض هدنة إنسانية في القطاع، فيما قالت مصادر عراقية إن «(الحرس الثوري) الإيراني يراجع خطط انتشار الفصائل العراقية غرب العراق».

وتضاربت الأنباء حول طبيعة الاتصالات والجهات التي كانت طرفاً فيها، لكن مصادر موثوقة أكدت أن «وسطاء سياسيين» نقلوا رسائل إلى الأميركيين لإبلاغهم أن «إيران لا تريد المشاركة في معركة غزة، لكن الاجتياح الإسرائيلي قد يجبرها على ذلك».

وأوضحت المصادر أن الإيرانيين يطمحون من هذه الرسائل إلى إجبار الأميركيين والإسرائيليين على تأجيل موعد الاجتياح أو تضييق مداه، فيما يناقشون مع قادة الفصائل «حجم وطبيعة الرد» على التوغل البري للقوات الإسرائيلية.

وتسود حالة من الارتباك داخل الإطار التنسيقي بسبب «الاحتمالات المخيفة» لطبيعة الرد الميداني على إسرائيل ودور العراق فيه، إذ ما تزال قوى شيعية مشاركة في الحكومة ترفض الانخراط أكثر في هذه الأزمة.

وقال قيادي في الإطار التنسيقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن استراتيجية رئيس الوزراء في تقديم الدعم الإنساني لغزة، والتحرك دبلوماسياً لوقف الحرب، «لا تقنع قادة الفصائل المسلحة»، رغم التحذيرات بأن التصعيد الميداني يهدد الحكومة والوضع العام في البلاد.

وأوضح القيادي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن تحركات الفصائل العراقية ستخرج عن السيطرة تماماً في حال بدأ الاجتياح البري غزة، ولن يكون حينها أمام الحكومة سوى إجراء مزيد من الحوارات مع الإيرانيين.

وبحسب القيادي، فإن «طبيعة الرسالة الإيرانية التي وصلت الأميركيين تعني أن طهران جاهزة للاشتباك».

وكشفت تقارير سابقة لـ«الشرق الأوسط» أن الفصائل العراقية شكلت غرفة عمليات للتنسيق مع «حركة حماس» الفلسطينية، لكن تحركاتها مقيدة بأوامر إيرانية.

وشنّت ما تعرف بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» أكثر من 20 هجوماً صاروخياً على قواعد أميركية في العراق وسوريا، في غضون أسبوع واحد. 

وقال السياسي العراقي مشعان الجبوري، في تصريح متلفز، إن «رد الفعل الذي تلجأ إليه فصائل المقاومة غير محسوب، حتى لو تمكنوا من إلحاق أضرار بشرية ومادية بالمصالح الأميركية، نظراً لعدم تكافؤ القوى، خاصة مع وصول البارجات الأميركية إلى مياه البحر الأبيض المتوسط». 

وزعمت مصادر عراقية أن شخصيات استخبارية وعسكرية إيرانية زارت العراق خلال الأيام القليلة الماضية للقاء شخصيات دينية في النجف، ولإجراء «جولات استطلاع على الشريط الحدودي مع الأردن والسعودية»، فيما نفى مسؤول حكومي هذه المزاعم.

وتفيد الأنباء بأن الفصائل العراقية تضغط على المراجع الدينية في النجف لإصدار فتوى تجيز لأتباعها في العراق «الجهاد ضد إسرائيل».

ودعا قائد فصيل «أبو الفضل العباس»، أوس الخفاجي، خلال مقطع مصور، إلى إصدار «فتوى الجهاد» لإنقاذ ملايين الأبرياء في غزة.

رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال لقاء مع سفير الاتحاد الأوروبي السيد توماس سيلر في بغداد اليوم (رئاسة الوزراء العراقية)

ويقول أعضاء في الإطار التنسيقي إنهم لا يملكون التصور الكافي حول طبيعة الرد على التوغل الإسرائيلي، وفيما إذا كانت الأراضي العراقية ستكون منصة لهجمات صاروخية ضد إسرائيل، فإن المصادر الميدانية تفيد بأن «(الحرس الثوري) يشرف حالياً على إعادة انتشار عدد من الفصائل في العراق، ونشر عدد آخر غرب العراق».

ودعا رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، خلال لقاء مع سفير الاتحاد الأوروبي السيد توماس سيلر، المجتمع الدولي إلى «اتخاذ خطوات مسؤولة تؤدي إلى وقف العدوان والقصف واستهداف المدنيين، وفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات إلى غزّة».


مقالات ذات صلة

غارات تركية على مواقع لـ«العمال» في كردستان العراق

شؤون إقليمية تركيا أكدت استمرار «المخلب القفل» شمال العراق بالتنسيق مع بغداد وأربيل (الدفاع التركية)

غارات تركية على مواقع لـ«العمال» في كردستان العراق

نفذت القوات التركية غارات جوية استهدفت مواقع لحزب «العمال» الكردستاني في مناطق شمال العراق، أسفرت عن تدمير 25 موقعاً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
رياضة عالمية سجاد غانم (الأولمبية العراقية)

«الأولمبية العراقية»: لن نقف مكتوفي الأيدي بعد سقوط غانم في اختبار المنشطات

قرر عقيل مفتن، رئيس اللجنة الأولمبية العراقية، اليوم (السبت) فتح تحقيق لكشف ملابسات سقوط مصارع الجودو سجاد غانم في اختبار منشطات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
المشرق العربي إسلام آباد تعتزم تنظيم الزيارات الدينية بعد اختفاء 50 ألف باكستاني في العراق (إ.ب.أ)

العراق يحقق في اختفاء 50 ألف باكستاني

أعلن العراق، أمس الجمعة، فتح تحقيق في اختفاء آلاف الباكستانيين، كانوا قد دخلوا البلاد لزيارة المراقد الدينية خلال شهر محرم.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي باكستانيون خلال مشاركتهم في طقوس «عاشوراء» بمدينة كراتشي (إ.ب.أ)

50 ألف باكستاني اختفوا في العراق

فجر وزير باكستاني مفاجأة مدوية حين أعلن اختفاء 50 ألفاً من مواطنيه في العراق، ودفع حكومة بغداد سريعاً إلى فتح تحقيق في تسربهم إلى سوق العمل.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي مسؤولون عسكريون أميركيون وعراقيون في قاعدة عين الأسد (أرشيفية - الجيش الأميركي)

فصائل مسلحة تنهي الهدنة مع الأميركيين في العراق

استأنفت فصائل موالية لإيران هجماتها ضد قواعد أميركية في العراق وسوريا، بعد أيام من اتفاق أمني شمل تعهد بغداد بحماية المستشارين والقوافل الأميركية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)

ثلاثة شروط للحرب الإسرائيلية على لبنان... آخرها سياسي

جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

ثلاثة شروط للحرب الإسرائيلية على لبنان... آخرها سياسي

جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
جنود من الجيش اللبناني يتفقدون حطام سيارة بعد غارة جوية إسرائيلية استهدفت قرية برج الملوك على مسافة نحو 18 كيلومتراً من مدينة النبطية الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

قبل أن ينهي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارته إلى واشنطن، وإعلانه أمام الكونغرس الأميركي أن حكومته عازمة على إنهاء التهديدات الأمنية التي يمثلها «حزب الله» على الجبهة الشمالية، أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن الجيش الإسرائيلي أبلغ القيادة السياسية «باكتمال الاستعدادات لإجراء مناورة برية كبيرة، وهو يَعِد قبل هذه المناورة بتنفيذ عملية جوية قوية في لبنان».

ورغم اختلاف التفسيرات حول أبعاد هذه المناورة وتوقيتها، فإنها أجمعت على أن تل أبيب ماضية بخطط الهجوم الواسع على لبنان، ما لم يخضع «حزب الله» لشرط الانسحاب من منطقة جنوب الليطاني. وقدّم الخبير العسكري والاستراتيجي العميد خليل الحلو، قراءته لهذه المناورة، مشيراً إلى أن «ثلاث وحدات عسكرية جديدة انتقلت في الأسابيع الماضية إلى الجبهة الشمالية ووُضعت بحال استنفار استعداداً لعملية عسكرية كبيرة». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الوحدات «بحاجة إلى التدريب على العمل مع بعضها وتوزيع المهام على الجبهة». وقال: «عندما يعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيقوم بمناورة فيمكن أن تكون مجرّد تمرين، لكن يمكن أن تمهّد لهجوم عسكري يحمل عنصر المفاجأة ونصبح أمام عملية كبيرة على الأرض»، مذكراً بأنه «منذ انتهاء حرب تموز في عام 2006، وإسرائيل تستعدّ لحرب جديدة وطويلة مع (حزب الله)، لكن هذه الحرب تحتاج إلى اجتماع ثلاثة مقومات: الأول الاستعداد اللوجستي والثاني العسكري والأمني والثالث الاستعداد السياسي، وأكثر ما نخشاه أن تكون إسرائيل أنجزت الاستعداد السياسي بعد زيارة نتنياهو إلى واشنطن».

وسبق الإعلان عن هذه المناورة، زيارة قام بها قائد الجبهة الشمالية إلى الحدود مع لبنان، حيث ذكّر بأن الغارة على ميناء الحديدة في اليمن وتدميره، هي رسالة واضحة إلى إيران و«حزب الله» بأن سلاح الجو الإسرائيلي قادر على أن يطال كل الأهداف. ولفت العميد خليل الحلو إلى أن إسرائيل «عازمة على إبعاد (حزب الله) عن الحدود الشمالية بأي ثمن، بما في ذلك العمل العسكري الذي يضعه نتنياهو على الطاولة، والذي أكد عليه في كلمته أمام الكونغرس الأميركي»، لافتاً إلى أنه «رغم الاستعدادات للوحدات البرية، فإن سلاح الجو الإسرائيلي هو الذي يلعب دوراً حاسماً في الحرب».

الإعلان عن هذه المناورة، يأتي بعد أقلّ من شهرين على مناورة كبيرة وواسعة أجراها الجيش الإسرائيلي في 28 مايو (أيار) الماضي، لاختبار مدى استعداد قواته وأجهزته لنشوب حرب شاملة على الجبهة الشمالية للبلاد، وقالت هيئة البث الإسرائيلية حينها، إنّ المناورة «نُفذت بشكل مفاجئ؛ إذ إن الهدف منها تعزيز جاهزية الجيش الإسرائيلي، لمختلف السيناريوهات على الجبهة الشمالية مع لبنان».

ووضع مدير «معهد المشرق للدراسات الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر، المناورة الجديدة في سياق «الضغط على لبنان، خصوصاً أنها تأتي بالتزامن مع زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى الولايات المتحدة ولقاءاته مع كبار القادة في الإدارة الأميركية ولدى الحزبين الجمهوري والديمقراطي». وأكد نادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «تل أبيب مصرّة على إزالة التهديد على الجبهة الشمالية سواء بالعمل الدبلوماسي أو بالخيار العسكري الذي استكملت الاستعدادات له، في حين يصرّ (حزب الله) على العودة إلى ما كان عليه الوضع في 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2023؛ أي قبل عملية (طوفان الأقصى)، ويبدو أن الجيش الإسرائيلي ذاهب باتجاه تنفيذ تهديدات نتنياهو بخلاف ما يُحكى عن خلاف ما بين رئيس الحكومة والقيادة العسكرية».

ورغم الجهود التي بذلتها وتبذلها الإدارة الأميركية ودول القرار، لمنع فتح جبهات جديدة خصوصاً مع لبنان، يشدد الدكتور سامي نادر على أن إسرائيل «مصممة على تغيير قواعد الاشتباك، وما زاد من هذا الإصرار ما كشفه (حزب الله) في الأيام والأسابيع الأخيرة عن بناء قدرات جوية كبيرة تهدد أمن إسرائيل، وإن كانت هذه القدرات لا تقاس بما تمتلكه تلّ أبيب من سلاح نوعي وكمّي لا يقارن بما لدى الحزب وكل محور الممانعة».