ارتفاع منسوب التوتر بين الحكومة العراقية والفصائل المسلحة

نتيجة استمرار استهداف الأميركيين

صورة نشرتها القيادة المركزية الأميركية في اكس لطلعة جوية لمقالات اف 35 فوق الحدود السورية 20 سبتمبر 2023
صورة نشرتها القيادة المركزية الأميركية في اكس لطلعة جوية لمقالات اف 35 فوق الحدود السورية 20 سبتمبر 2023
TT

ارتفاع منسوب التوتر بين الحكومة العراقية والفصائل المسلحة

صورة نشرتها القيادة المركزية الأميركية في اكس لطلعة جوية لمقالات اف 35 فوق الحدود السورية 20 سبتمبر 2023
صورة نشرتها القيادة المركزية الأميركية في اكس لطلعة جوية لمقالات اف 35 فوق الحدود السورية 20 سبتمبر 2023

ارتفع منسوب التوتر بين الحكومة العراقية والفصائل المسلحة نتيجة استمرار استهداف الأميركيين في العراق.

ففي الوقت الذي لم تعلن فيه الجهات الرسمية العراقية ما إذا كان تم التوصل إلى معرفة الأطراف التي استهدفت الوجود الأميركي بإطلاق صواريخ على قاعدتي «عين الأسد» في الأنبار غرب العراق و«حرير» في أربيل شمال العراق، فإن قياديا بارزا في أحد أجنحة الفصائل المسلحة وصف ما تقوم به الفصائل من عمليات ضد الأميركيين بأنه لا يزال «مجرد ألعاب نارية».

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (رويترز)

وعلى العكس مما كان يجري في عهد الحكومة العراقية السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي حينما تم استهداف العديد من أماكن وجود الأميركيين في العراق بما فيها مقر السفارة الأميركية داخل المنطقة الخضراء ببغداد من دون أن يعلن أي فصيل أو طرف مسلح مسؤوليته، فإن العديد من الفصائل المسلحة باتت تعلن مسؤوليتها عما تقوم به ضد الأميركيين في العراق من باب الانتصار لغزة، مثلما تقول بياناتهم.

وبينما كانت حكومة الكاظمي تكتفي بالعثور على منصات إطلاق الصواريخ، فإن الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك بتحذيرها الجهات المسلحة من تجاوز سلطة الحكومة والقانون، ملوحة بإمكانية تقديم المتورطين في عمليات القصف إلى القضاء.

مركبات عسكرية لجنود أميركيين في قاعدة «عين الأسد» الجوية بمحافظة الأنبار بالعراق يوم 13 يناير 2020 (رويترز)

ويرى المراقبون السياسيون في العراق أن السوداني، الذي ألقى خطابا ناريا في قمة القاهرة دعماً لغزة فضلاً عن قيامه بسلسلة من الإجراءات بما فيها إرسال مساعدات طبية وغذائية وتخصيص 2.5 مليون دولار لدعم غزة عبر الهلال الأحمر العراقي، لا يريد تشتيت الجهود العراقية لئلا تتوفر ذرائع للأميركيين أو حتى الإسرائيليين لينفذوا تهديداتهم بضرب مواقع عراقية تحت ذريعة استهداف الفصائل. وفي الوقت الذي تقود فيه شخصيات نافذة داخل قوى الإطار التنسيقي وساطة بين السوداني وقادة بعض الفصائل التي أعلنت عدم التزامها بقرار بغداد عدم استهداف القواعد الأميركية في العراق، لم يتمكن ائتلاف إدارة الدولة، وهو التحالف السياسي الأكبر الداعم للحكومة، ولا الإطار التنسيقي الشيعي، الذي شكلها، من عقد اجتماع طوال الأيام الماضية بسبب استمرار الخلافات بين أطرافه.

واستناداً لما يدور في الأروقة السياسية، فإن التعهد الوحيد الذي أعطته الفصائل للوسطاء هو أنها لن تستهدف المقرات الدبلوماسية ومنها موقع السفارة الأميركية، لكنها تتوقف عن استهداف المواقع التي يوجد فيها جنود أميركيون، سواء داخل العراق أو في سوريا.

وأعلن حسين مؤنس، القيادي في حركة «حقوق»، وهي الجناح السياسي لأحد الفصائل المسلحة بالعراق، أن «وجود القواعد الأميركية في العراق غير شرعي بصورته الحالية وهو يتعارض مع القانون الدولي والدستور العراقي، ولا بد من تكييف هذا الوجود دبلوماسياً عبر ملحقية عسكرية تابعة للسفارة الأميركية في العراق»، مؤكداً أن «القصف الذي تتعرض له هذه القواعد حالياً هو نتاج طبيعي لرفضها، ولا يزال مجرد ألعاب نارية، لأن إمكانات الشعب العراقي وفصائل المقاومة أكبر من ذلك».

 

لغة الصواريخ والدبلوماسية

الولايات المتحدة الأميركية، التي كثفت اتصالاتها في الآونة الأخيرة مع السوداني، أشادت بموقفه حيال عدم السماح باستهداف القوات الأميركية في العراق. وخلال اتصال الأسبوع الماضي، طلب الرئيس الأميركي جو بايدن من السوداني لعب دور في عملية احتواء الأزمة بعد تفجر الأوضاع إثر عملية «طوفان الأقصى»، وذلك في إطار ضغط واشنطن باتجاه الاستمرار في تحييد الفصائل العراقية المسلحة المقربة من إيران من مجريات الصراع.

القوات الأميركية في العراق تتعرض لهجمات من فصائل مسلحة (القيادة المركزية)

وفي هذا السياق، كان كل من وزيري الخارجية أنتوني بليكن والدفاع لويد أوستن أجريا مساء الثلاثاء اتصالين هاتفيين مع السوادني تضمن، مثلما أعلنت الخارجية الأميركية، الموقف حيال هجمات الفصائل المسلحة التي تكررت كثيرا خلال هذا الأسبوع بين العراق وسوريا وبلغت نحو 13 هجوما مثلما أعلن البنتاغون.

الخارجية الأميركية كانت أعلنت أن الوزير بلينكن دعا السوداني إلى «محاكمة المسؤولين عن الهجمات والوفاء بالتزامات العراق بضمان الأمن في هذه المواقع».

إلى ذلك، أعلنت فصائل عراقية، اليوم الأربعاء، استهداف قاعدة «خراب الجير» الأميركية شمال شرقي سوريا. وقالت من أطلقت على نفسها «فصائل المقاومة الإسلامية في العراق»، في بيان، إن مقاتليها «قصفوا القاعدة الأميركية للاحتلال في خراب الجير، شمال شرقي سوريا من منصة صواريخ وأصابوها بضربة مباشرة». في سياق متصل، أعلن عضو البرلمان العراقي عن كتلة «صادقون» رفيق الصالحي، أن هناك تحركا نيابيا لطرح ملف الوجود الأجنبي في العراق من جديد. وقال الصالحي في تصريح صحفي إن «مجلس النواب السابق صوت على إخراج جميع القوات الأجنبية من العراق منذ عدة سنوات». وأضاف أن «الملف سيطرح بقوة على طاولة البرلمان من جديد»، داعيا إلى «وقفة حقيقية لحسم قضية إخراج القوات الأجنبية وعلى رأسها الأميركي من البلاد».


مقالات ذات صلة

«غزيو مصر» لم يحملوا الغربة في حقائبهم

شمال افريقيا مائدة تجمع مصريين وغزيين داخل شقة في القناطر الخيرية (الشرق الأوسط)

«غزيو مصر» لم يحملوا الغربة في حقائبهم

بينما يجمع الغزيون الذين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» في مصر، على رغبتهم في العودة إلى القطاع، فإن أحداً منهم لم يشر إلى «الغربة»، أو يشكو «الوحشة والقلق».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
خاص نازحون فلسطينيون من بيت لاهيا خلال انتقالهم إلى جباليا في شمال قطاع غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

خاص شتاء صعب ينتظر أهالي غزة مع استمرار الحرب الإسرائيلية

يستقبل سكان قطاع غزة فصل الشتاء الثاني على التوالي، في ظل ظروف صعبة وكارثية في السنة الثانية للحرب الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يمشون على أنقاض مبانٍ دمرت بغارات إسرائيلية سابقة وسط الصراع المستمر بين إسرائيل و«حماس» في خان يونس في جنوب قطاع غزة 6 نوفمبر 2024 (رويترز)

مقتل 7 بغارة إسرائيلية على مقهى غرب خان يونس جنوب قطاع غزة

قال مسعفون، اليوم (الاثنين)، إن سبعة أشخاص على الأقل قُتلوا في غارة جوية إسرائيلية على مقهى غرب خان يونس بجنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج وزير الخارجية السعودي خلال مؤتمر صحافي عقب القمة (رويترز)

آلية عربية - إسلامية - أفريقية لدعم القضية الفلسطينية

وقّعت جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقي على آلية ثلاثية لدعم القضية الفلسطينية.

غازي الحارثي (الرياض)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان لدى لقائه محمد مصطفى في الرياض (الخارجية السعودية)

فيصل بن فرحان يبحث مع مصطفى وبوحبيب تطورات فلسطين ولبنان

بحث الأمير فيصل بن فرحان مع محمد مصطفى الجهود المبذولة بشأن مستجدات غزة، كما تطرق وبوحبيب إلى التطورات الراهنة على الساحة اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

بري لـ«الشرق الأوسط»: ننتظر اقتراحات ملموسة... والـ1701 وحده المطروح

نبيه بري والمبعوث الأميركي آموس هوكستين في بيروت (أ.ف.ب)
نبيه بري والمبعوث الأميركي آموس هوكستين في بيروت (أ.ف.ب)
TT

بري لـ«الشرق الأوسط»: ننتظر اقتراحات ملموسة... والـ1701 وحده المطروح

نبيه بري والمبعوث الأميركي آموس هوكستين في بيروت (أ.ف.ب)
نبيه بري والمبعوث الأميركي آموس هوكستين في بيروت (أ.ف.ب)

رغم التقارير المتزايدة عن استئناف واشنطن وساطتها لوقف النار في لبنان، فإن السياسيين في بيروت يؤكدون أنهم لم يتلقوا معطيات ذات مصداقية باستكمال المسعى الذي تجمّد منذ غادر الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل ثلاثة أسابيع.

وأوضح رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري لـ«الشرق الأوسط» أن ما يجري الآن «هو مجرد معلومات يتم تداولها في الإعلام، لم نتبلغ منها شيئاً بالوسائل الرسمية»، مشيراً إلى أن لبنان ينتظر تقديم اقتراحات ملموسة «ليبني على الشيء مقتضاه».

ورفض بري التعليق على ما يتم تداوله عن اقتراحات الحلول في الإعلام وأروقة السياسيين، معتبراً أن «الموجود على الطاولة هو فقط القرار 1701 ومندرجاته التي يجب العمل على تنفيذها والالتزام بها من الجانبين، لا من الجانب اللبناني وحده»، في إشارة إلى القرار الأممي الذي أنهى حرب 2006 وتتمحور حوله جهود إنهاء الحرب الحالية عبر تنفيذ فرضه منطقة حدودية خالية من أي وجود مسلح لغير الجيش والقوات الدولية.

«اعتراض» على رقابة ألمانية وبريطانية

وكشفت مصادر دبلوماسية غربية في بيروت لـ«الشرق الأوسط»،عن أن بري «يعترض على أحد أهم بنود الحل المتداول»، مشيرة إلى وجود «مساعٍ تُبذل لتذليل اعتراض بري على المشاركة الألمانية والبريطانية» في آلية يقترح تشكيلها لمراقبة تنفيذ القرار 1701 وتضم أيضاً الولايات المتحدة وفرنسا.

لكن مصادر لبنانية مطلعة على أجواء النقاشات أوضحت أن اعتراض بري هو على «إيجاد آلية بديلة للقرار 1701، في حين أن هناك آلية موجودة بالفعل تقودها قوة الأمم المتحدة العاملة في جنوب لبنان والتي يمكن للولايات المتحدة وفرنسا المشاركة فيها».

وأشارت المصادر إلى أن مشروع الحل المقترح ينقسم شقين، أولهما خارجي بين إسرائيل والولايات المتحدة وروسيا للوصول إلى ضمانات «تمنع إعادة تسليح (حزب الله)» من منطلق الرفض اللبناني القاطع لأي آلية تحتفظ فيها إسرائيل لنفسها بحرية العمل في لبنان مستقبلاً، في حين يتركز الشق الآخر على الضمانات اللبنانية لتنفيذ القرار 1701 الذي ينصّ على منطقة خالية من المسلحين جنوب نهر الليطاني.

وفي حين رفض بري التعليق على التسريبات، لفت إلى أن «المرة الوحيدة التي تم فيها الحديث عن ضمانات معينة» كانت خلال المساعي لوقف النار عبر النداء الأميركي - الفرنسي المشترك في مجلس الأمن والذي انضمت إليه دول عربية، في مقدمها السعودية، إضافة إلى دول غربية. وأشار إلى أن «المطلوب آنذاك من لبنان كان أن يوافق، وقد أعلن (رئيس الوزراء نجيب) ميقاتي الموافقة علناً، لكن ما حصل أن (رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتنياهو فاجأ الجميع بالرفض بعد الموافقة».

بري: إسرائيل في مأزق

ويرى بري أن إسرائيل «باتت في مأزق فعلي اليوم، بعد عجزها عن تحقيق أهدافها العسكرية، فتحولت إلى المزيد من القتل والتدمير الذي تقوم به من دون توقف». وأشاد بدور قوة الأمم المتحدة التي «أثبتت صلابة تشكر عليها في مواجهة إسرائيل، برفضها مغادرة مراكزها رغم الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة». واعتبر أن الحرب الإسرائيلية على لبنان «بلغت من العتي والتدمير ما يدمي الضمير الغائب للعالم، وتقتصر اليوم على قتل البشر وتدمير الحجر، وهو ما يجب وضع حد له ولعبثيته».

وتراهن القيادات اللبنانية على المسار الذي أطلقته القمة العربية - الإسلامية التي انعقدت في الرياض، وإمكانية أن تؤدي إلى إحداث خرق دبلوماسي في جدار الأزمة، خصوصاً في ضوء «اللقاءات الإيجابية» التي عقدها رئيس الحكومة على هامشها و«أظهرت تفهماً واسعاً للموقف اللبناني» كما قالت مصادر وزارية لبنانية لـ«الشرق الأوسط».

وتستضيف بيروت، الاثنين المقبل، وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون عمليات السلام جان بيير لاكروا.

وفي السياق، أشاد النائب السابق نهاد المشنوق بمخرجات القمّة العربية – الإسلامية. وقال بعد لقائه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان: «من الواضح أنّ السعودية تصدّرت المشهد الإقليمي من دون منافس أو منازع، حين أعلنت في القمة أن لا سلام من دون دولة فلسطينية. وبالتالي لا يضيّعنّ أحدٌ وقته... هذا قرار نهائي وحاسم من كلّ الذين حضروا القمّة».

وأضاف: «من الواضح أن الأمور وضعت على سكة لا عودة عنها. والعدوان الإسرائيلي سيستمرّ لأسابيع طويلة أو أشهر. لكن هذا لا يمنع أنّ المسعى العربي والإقليمي بقيادة السعودية سيفعل كلّ ما في وسعه دولياً وعربياً، من اجتماعات مستمرّة وتكتّلات من الدول المعنية، للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وفي الجمعية العمومية للأمم المتحدة».

ورداً على سؤال عما إذا كان الحل تسليم السلاح للجيش اللبناني، أجاب بأن «المرحلة الأولى تتعلّق بأن يكون السلاح بإمرة الدولة وبالتنسيق مع الدولة، وقرار الحرب والسلم بيد الدولة. وهم (حزب الله) ممثّلون سياسياً ولهم نواب ووزراء داخل الدولة. والدولة، سياسياً في الأشهر الأخيرة، وقبلها، لم تقصّر بدعم موقفهم بوجه العدوان الإسرائيلي. لكنّ الاستراتيجية الدفاعية شيء، ونزع السلاح شيء آخر تماماً».