انتقادات لـ«حزب الله» بعد دعوته لتسهيل هجرة السوريين
عائلة سورية نازحة في أحد مخيمات منطقة البقاع اللبنانية (غيتي)
تعرض الاقتراح الذي عرضه الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله بتسهيل هجرة النازحين السوريين عبر البحر إلى أوروبا للضغط على المجتمع الدولي لحل قضيتهم إلى موجة واسعة من الانتقادات في لبنان، شملت سياسيين وقانونيين.
ووصف النائب عن حزب «القوات اللبنانية» غياث يزبك طرح نصر الله بأنه «غير مسؤول وتصرف ميليشياوي»، وقال إنه يحاول الضغط على الحكومة للضغط بدورها على المجتمع الدولي. وأضاف يزبك: «الحكومة اللبنانية تتحمل المسؤولية، وهي تتألف من قوى حليفة للحزب الذي يشارك بها أيضاً، وبالتالي هو (نصر الله) مسؤول بنسبة 60 في المائة عن هذه الأزمة، وكلامه غير مُجدٍ».
وبرزت أيضاً انتقادات قانونية لاقتراح الأمين العام لـ«حزب الله». وتحدث المحامي الدكتور بول مرقص، رئيس مؤسسة «جوستيسيا» عن 3 مستويات في القانون الدولي، منها أن يكون لبنان معرّضاً لشبه حصار اقتصادي ودبلوماسي. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «مستويات التعامل مع خطوة فتح المجال البحري للمهاجرين تشمل تعامل الدول الأوروبية وتحديداً المتوسطية مع هذا الحدث دبلوماسياً وسياسياً أو أن تتشدد في التعامل معه من الناحية التجارية؛ أي في ما يتعلق بالاستيراد والتصدير والتحويلات المالية وصولاً إلى اتخاذ التدابير الدبلوماسية التي تجيزها اتفاقية فيينا من استدعاء السفراء وصولاً إلى قطع العلاقات الدبلوماسية، وهذا يؤدي إلى شبه حصار على لبنان». وأضاف أن المستوى الثالث يتمثل في رفع القضية إلى مجلس الأمن ليتخذ قراراً تحت الفصل السابع، وهذا يعني اتخاذ إجراءات تبدأ بالحصار الاقتصادي، وقد تصل إلى اتخاذ تدابير عسكرية بحق لبنان، ويكون هنا القرار ملزماً.
تركيا تخطط لإقامة «علاقات استراتيجية» مع إدارة سوريا الجديدةhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5097443-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%AE%D8%B7%D8%B7-%D9%84%D8%A5%D9%82%D8%A7%D9%85%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B9-%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9
تركيا تخطط لإقامة «علاقات استراتيجية» مع إدارة سوريا الجديدة
قوات أمن سورية خلال دورية في حمص لتعقب فلول الأسد (أ.ف.ب)
أكدت تركيا أنها ستعمل على إقامة علاقات استراتيجية مع الإدارة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، وسيتم إعداد خريطة طريق لتلبية احتياجات الدفاع والأمن في المرحلة الانتقالية.
في الوقت ذاته، أثار ترفيع التركي عمر محمد تشيفتشي، المعروف باسم «مختار التركي»، الذي كان مدرجاً على قائمة الإرهاب في تركيا بوصفه أحد عناصر «تنظيم القاعدة» إلى رتبة عميد في الجيش السوري الجديد، جدلاً واسعاً في تركيا. وقال مسؤول في وزارة الدفاع التركية، خلال إفادة صحافية أسبوعية لوزارة الدفاع التركية، الخميس، إنه «تنفيذاً لتوجيهات الرئيس رجب طيب إردوغان، نجتمع مع محاورينا لإقامة علاقات استراتيجية بين البلدين، وإقامة تعاون في مختلف المجالات، بعد أن تبدأ أجهزة الدولة في سوريا عملها».
وأضاف أنه بعد الاجتماعات سيتم تقديم الدعم اللازم، وفقاً لخريطة الطريق التي سيتم إعدادها بما يتماشى مع الاحتياجات التي سيتم تحديدها في مجالات الدفاع والأمن.
وأكد المسؤول العسكري التركي أن التعاون له أهمية حاسمة «ليس فقط لتعزيز أمننا، ولكن أيضاً لإرساء السلام والهدوء الإقليميين. وستقوم القوات المسلحة التركية بذلك، وستواصل الوقوف إلى جانب الشعب السوري ودعمه خلال هذه العملية الانتقالية».
إدلب وشرق الفرات
وحول إغلاق أو تقليص عدد نقاط المراقبة العسكرية التركية الموجودة في إدلب، قال المسؤول العسكري إن «المنطقة ساحة واسعة وديناميكية حيث تشهد تطورات مستمرة تتم متابعتها عن كثب... ووفقاً للتطورات المتلاحقة، تجري القوات المسلحة التركية تقييمات، ويتم تحديث الخطط باستمرار، وفي هذا السياق تُتخذ التدابير اللازمة مثل إعادة توزيع القوات، أو أي احتياجات أخرى مطلوبة».
وفيما يتعلق بالوضع الأخير في شرق الفرات، قال المسؤول التركي إن الاشتباكات بين «الجيش الوطني السوري»، الموالي لتركيا، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تسيطر عليها وحدات الشعب الكردية، مستمرة في المنطقة، وسنواصل التعاون والتنسيق الوثيق مع محاورينا لضمان سلامة أراضي سوريا ووحدتها السياسية وأمنها واستقرارها، دون المساس بمكافحة الإرهاب.
وأضاف: «نحن في القوات المسلحة التركية نتصرف وفق مبدأ قليل من الكلام، مزيد من العمل في سوريا، ونحن مصممون تماماً على أنه لا يوجد مكان للمنظمات الإرهابية في سوريا في العصر الجديد، وأنه لا الإدارة السورية الجديدة ولا نحن سوف نسمح بذلك. ونؤكد مرة أخرى على هذا الأمر».
وتصاعدت الاشتباكات بين فصائل «الجيش الوطني السوري»، و«قسد»، بالتزامن مع عملية «ردع العدوان» التي قامت بها «هيئة تحرير الشام» وفصائل مدعومة من تركيا، وأسفرت عن سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
الاشتباكات مع «قسد»
وتشهد محاور في ريف منبج، شرق حلب، للأسبوع الرابع على التوالي، اشتباكات عنيفة بين فصائل «الجيش الوطني»، و«قسد»، تتركز على محاور سد تشرين، وجسر قره قوزاق، وقريتي السعيدين والحاج حسين شمال منبج، بالإضافة إلى علوش، وعطشانة، والمصطاحة جنوب المدينة. وقصفت «قسد»، الخميس، براجمات الصواريخ تجمعات للفصائل الموالية لتركيا على قرى محور سد تشرين. كما قصفت القوات التركية والفصائل، قرية بلك في ريف مدينة عين العرب (كوباني) بالمدفعية الثقيلة.
واستقدمت قوات «التحالف الدولي للحرب على (داعش)»، بقيادة أميركا، رتلاً من التعزيزات اللوجيستية، تضمن غرفاً مسبقة الصنع وكاميرات مراقبة وآلات لحفر الخنادق وكتل أسمنتية وصهاريج وقود إلى عين العرب. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن العمل سيبدأ بدءاً من يوم الجمعة، وبعدها سيتم إرسال تعزيزات عسكرية من جنود وأسلحة ومدرعات ورادار ومضاد للطيران وغيرها من الأسلحة.
وكانت دورية من التحالف الدولي أنشأت في 24 ديسمبر، مبنى مؤقتاً في عين العرب من أجل الإشراف على المفاوضات والوساطة بين القوات التركية و«قسد» للحد من التصعيد في المنطقة وتجنيبها الدمار. ووسعت القوات التركية قصفها المدفعي لقرى تابعة لبلدة عين عيسى شمال الرقة، وأخرى في الريف الغربي لتل أبيض بقذائف الهاون، في تصعيد جديد بالمنطقة التي تسيطر عليها «قسد».
وقصفت القوات التركية والفصائل المتمركزة في منطقة نبع السلام في شمال شرقي سوريا، قرى خضراوي وتل حرمل ومشيرفة التابعة لبلدة أبو راسين شمال غربي الحسكة، بالمدفعية الثقيلة، فيما تسير القوات الأميركية دوريات عسكرية في الحسكة.
وقال مستشار العلاقات العامة والإعلام بوزارة الدفاع التركية، خلال الإفادة الأسبوعية للوزارة الخميس، إنه تم القضاء على 49 «إرهابياً» من حزب «العمال الكردستاني»، و«وحدات حماية الشعب» الكردية، خلال الأيام السبعة الماضية، داخل تركيا وفي العراق وسوريا.
وأضاف أن القوات التركية تمكنت، خلال عام 2024، من القضاء على 3 آلاف، و70 «إرهابياً»، 1579 في سوريا، و1491 في شمال العراق، وأن 107 إرهابيين سلموا أنفسهم لقوات الأمن التركية.
وشدّد أكتورك على أن القوات التركية تواصل جهود الحفاظ على الاستقرار في سوريا وعودة السوريين إلى بلادهم بشكل آمن، وستعمل خلال عام 2025، على مكافحة التنظيمات التي تصنفها تركيا «إرهابية» وتشكل تهديداً على أمن تركيا وسوريا والمنطقة، مثل «داعش»، و«حزب العمال الكردستاني»، و«وحدات حماية الشعب» الكردية.
تركي في جيش سوريا
في غضون ذلك، أثار قرار الإدارة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع، ترفيع التركي، عمر محمد تشيفتشي، المكنى بـ«مختار التركي»، أحد القادة العسكريين في «هيئة تحرير الشام» إلى رتبة عميد في قيادة الجيش السوري الجديد، جدلاً واسعاً في تركيا، لا سيما وأنه كان أحد المطلوبين المدرجين على قائمة الإرهاب في تركيا من أعضاء «تنظيم القاعدة»، ومتورط في جرائم قطع رؤوس، بحسب ما أفادت وسائل إعلام تركية.
وهاجم نواب في المعارضة التركية وزير الداخلية، علي يرلي كايا، لحذفه تشيفتشي من قائمة الإرهاب التركية، بعدما كانت وزارة الداخلية رصدت في السابق مكافأة مالية ضخمة قدرها 20 مليون ليرة تركية لمن يساعد في القبض عليه، كونه أحد أخطر عناصر «تنظيم القاعدة»، وفق وصف وزارة الداخلية.
وتشمل قائمة الإرهاب في تركيا 27 مطلوباً من «تنظيم القاعدة» على صلة بـ«هيئة تحرير الشام»، منهم رجب بلطجي، المدرج على القائمة الحمراء، وموسى أولغاتش، وسامت داغول، المدرجان على القائمة الصفراء، وفيض الله بيريشيك، المدرج على القائمة الرمادية، والذين تبين أنهم موجودون في سوريا.
وبحسب المعلومات المتداولة عن تشيفتشي، المولود في ولاية عثمانية جنوب غربي تركيا عام 1980، أنه نشط ضمن صفوف «القاعدة» منذ عام 2004، وتوجه إلى سوريا في 2012، حيث أمضى معظم سنواته في حلب وما حولها، وكان من بين من دعموا زعيم «جبهة النصرة» التي تحولت فيما بعد إلى «هيئة تحرير الشام» في الحرب ضد «داعش»، وكان موجوداً في تل رفعت خلال تلك الفترة، وتم وضعه على قائمة الإعدام من قبل «داعش».
وكشفت المعلومات عن أن تشيفتشي قاد الحرب ضد الحاج بكير، أحد أهم 5 شخصيات في «داعش»، وقاد القوات التي دافعت عن مدينة تل رفعت حتى استولت قوات الأسد على حلب في عام 2016. ويُعتقد أن تشيفتشي هو أحد صانعي قرار الانفصال اللاحق لـ«جبهة النصرة» عن «تنظيم القاعدة»، وتحول جبهة فتح دمشق إلى «هيئة تحرير الشام». وتساءلت وسائل الإعلام التركية عن كيفية تعامل القوات المسلحة التركية مع تشيفتشي، في إطار العلاقات العسكرية مع الإدارة الجديدة والجيش السوري الجديد الذي يشغل موقعاً قيادياً في صفوفه.
السياسة التركية في سوريا
في سياق متصل، أيد رئيس حزب «المستقبل» التركي المعارض رئيس الوزراء الأسبق، أحمد داوود أوغلو، موقف بلاده تجاه التطورات في سوريا، قائلاً إن الموقف العام الحالي للحكومة التركية تجاه سوريا موقف صحيح. وبالإشارة إلى عبارة إردوغان التي قالها عقب اندلاع الاحتجاجات ضد نظام الأسد في 2011 «سيسقط الأسد وسنصلي في الجامع الأموي بدمشق»، قال داوود أوغلو، في مقابلة تلفزيونية، الخميس: «على إردوغان أن يذهب للصلاة في الجامع الأموي». وأضاف: «من أجل السلام الداخلي في تركيا، يجب أن يكون هناك سلام في سوريا، الفائز هو جمهورية تركيا، لقد سيطر الشعب السوري على بلاده، الموقف العام لتركيا صحيح في الوقت الحالي».
وانتقد داوود أوغلو موقف بعض أحزاب المعارضة من قضية اللاجئين السوريين في تركيا، قائلاً: «السوريون يعودون الآن، والمكسب الأكبر لتركيا في سوريا هو آلاف الشباب السوريين الذين تعلموا اللغة التركية، التي كانت ممنوعة في سوريا». وأضاف داوود أوغلو الذي تبنى سياسة «صفر المشاكل مع دول الجوار»، وطبقها عندما كان وزيراً للخارجية، أن الحدود الجنوبية والشرقية لتركيا مع دول جوارها هي «حدود مصطنعة»، وأن هناك علاقات تاريخية وثقافية وثيقة لمن يعيشون على جانبي تلك الحدود، ومن هنا فإن آلاف الشباب السوريين الذين يتحدثون اللغة التركية ويعودون الآن إلى بلادهم يشكلون إنجازاً ومكسباً كبيراً لتركيا.