عراقيون قلقون من جفاف دجلة والفرات يتظاهرون ضد أنقرة

طالبوا بتدويل القضية ومقاطعة البضائع التركية

جانب من مظاهرات في بغداد ضد نقص المياه أمس (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات في بغداد ضد نقص المياه أمس (أ.ف.ب)
TT

عراقيون قلقون من جفاف دجلة والفرات يتظاهرون ضد أنقرة

جانب من مظاهرات في بغداد ضد نقص المياه أمس (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات في بغداد ضد نقص المياه أمس (أ.ف.ب)

تظاهر مئات العراقيين، يوم الثلاثاء، في ساحة النسور بجانب الكرخ في بغداد، ضد السياسات التي تتبعها تركيا حيال العراق، والتي تعرّض نهري دجلة والفرات إلى جفاف شبه تام خلال السنوات العشر المقبلة، ومن ثم حياة السكان، بحسب تقديرات بعض الخبراء. ورفع المتظاهرون الغاضبون شعارات تندد بالسياسات التركية وطالبوا السلطات العراقية بتدويل قضية المياه ومقاطعة البضائع التركية، حيث تصل قيمة التبادل التجاري بين البلدين إلى نحو 15 مليار دولار سنوياً، وهي أعلى نسبة تبادل لدولة جارة مع العراق.

قوات من الشرطة تراقب مظاهرة بغداد (أ.ف.ب)

وتشتكي بغداد باستمرار من أن أنقرة لا تستجيب لمطالبها بزيادة الإطلاقات المائية، وكذلك من وجود السدود التي أقامتها تركيا على منابع نهر دجلة، إلا أن الوضع على الأرض لم يتغيّر، بل على العكس فقد تنامت كل يوم مخاوف غالبية العراقيين من أن أنهار البلاد وبحيراتها وأهوارها تتجه تدريجياً نحو الجفاف والموت عطشاً. وبالفعل فقد بدأ العراقيون يرون مظاهر ذلك الجفاف بأم أعينهم من خلال تراجع مناسيب نهري دجلة والفرات، وجفافهما في بعض الأماكن، والشيء نفسه ينطبق على بقية الأنهار والبحيرات ومناطق الأهوار الجنوبية.

الموارد المائية

وأكدت تصريحات وزير الموارد المائية العراقي عون ذياب عبد الله، عدم الاستجابة التركية للمطالب العراقية، حيت قال مؤخراً إن «العراق لم يلمس حتى الآن أي تحسن في معدل إطلاقات المياه من تركيا برغم وعودها بذلك».

وأضاف عبد الله في تصريحات صحافية أن «منسوب نهر دجلة يشهد حالياً انخفاضاً كبيراً بسبب قلة الإطلاقات المائية من دول الجوار، وأيضاً تجاوزات بعض المزارعين على حوض النهر بسبب استمرارهم في السقي باستعمال طرق الري التقليدية، وتبديد المياه (خصماً على) مربي الأسماك». لكن الوزير تحدث بتفاؤل عن «وجود مؤشرات إيجابية بتحسن كمية المياه ونوعيتها خلال الموسم الشتوي المقبل الذي سيكون رطباً، وفقاً للمؤشرات المتوفرة لدى الوزارة، والذي يأتي بعد أربعة مواسم متتالية من الجفاف».

انخفاض حاد في منسوب مياه نهر الفرات بالناصرية 26 فبراير 2023 (أ.ف.ب)

ورغم عدم إمكانية التأثير العاجل الذي قد تحدثها مظاهرات يوم الثلاثاء على السياسات المائية التركية حيال العراق، فإنها تعكس حجم المخاوف الشعبية في العراق من قضية الجفاف وآثار التغيرات المناخية على البلاد، خاصة في فصل الصيف شديد الحرارة. وما يعزز من حجم تلك المخاوف، ليس المشاهدات اليومية للمواطنين العاديين لأوضاع بلادهم المائية الآخذة في التناقص، بل أيضاً في التقارير الأممية التي تحذر بشكل متواصل من تداعيات ما يحصل في العراق، الذي يعد من بين الدول الخمس الأكثر تعرضاً لأضرار التغيرات المناخية في العالم.

تحذير أممي

وفي أحدث تقاريرها البيئية المتعلقة بالعراق، حذّرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، الأسبوع الماضي، من أنّ منطقة الأهوار الجنوبية تشهد «أشدّ موجة حرارة منذ 40 عاماً»، وأعربت المنظمة في بيان عن قلقها من «العواقب الخطرة لتغيّر المناخ وندرة المياه على الأهوار ومربّي الجاموس في جنوب العراق». وأضافت المنظمة الأممية، أن «الأهوار تشهد أشدّ موجة حرارة منذ أربعين عاماً، مصحوبة بنقص مفاجئ في مياه نهر الفرات، حيث يبلغ منسوب المياه في النهر 56 سنتيمتراً فقط، وفي أهوار الجبايش تراوح المنسوب بين الصفر و30 سنتيمتراً».

عمال يسحبون الرمال من نهر دجلة بعدما انخفض منسوب المياه فيه (أ.ف.ب)

وتسبب انخفاض مناسيب المياه في «مستويات الملوحة العالية التي تجاوزت ستّة آلاف جزء في المليون، ما أدّى إلى إثارة مخاوف المزارعين، خصوصاً مربّي الجاموس وصيّادي الأسماك». ونقلت المنظمة الأممية عن مصادر حكومية عراقية قولها إن «ما يقارب 70 في المائة من الأهوار خالية من المياه». وتعاني جميع المحافظات العراقية من أزمة المياه الخانقة ما يؤكد «وحدة المصير» في بلاد تتنازعها الاضطرابات والخصومات الحزبية والسياسية منذ عقود طويلة.


مقالات ذات صلة

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

في غضون ساعات، تراجع العراق عن وضع «حزب الله» وجماعة «الحوثي» على قائمة إرهاب، بعد ارتباك وذهول بين أوساط حكومية وسياسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي مناصرون يحملون أعلام «حزب الله» اللبناني في بيروت (رويترز)

السوداني يوجه بالتحقيق في خطأ يتعلق بقائمة لتجميد أموال شملت «حزب الله» و«الحوثيين»

وجَّه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الخميس، بتحقيق عاجل ومحاسبة المقصرين بشأن الخطأ بقرار لجنة تجميد الأموال.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
تحليل إخباري ولدان يجلسان على خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق (روترز)

تحليل إخباري صراع خطوط الأنابيب... ازدياد النفوذ الأميركي في العراق وتراجع الهيمنة الإيرانية

شهدت الأشهر القليلة الماضية تصعيداً خفياً وفعالاً للضغط الدبلوماسي الأميركي على الحكومة العراقية، نتج عنه إعادة فتح خط أنابيب كركوك-جيهان.

«الشرق الأوسط» (بغداد، واشنطن)
المشرق العربي 
القنصلية الأميركية الجديدة تمتد على مساحة تفوق مائتي ألف متر مربع وتضم منشآت أمنية مخصصة لقوات «المارينز» (إكس)

واشنطن تدعو العراقيين للتعاون ضد ميليشيات إيران

دعا مسؤول أميركي بارز، العراقيين إلى التعاون «لمنع الميليشيات الإيرانية من تقويض الاستقرار» في العراق.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني خلال مراسم افتتاح القنصلية الأميركية في أربيل بإقليم كردستان العراق (شبكة روداو)

واشنطن للتعاون مع الشركاء العراقيين لتقويض الميليشيات الإيرانية

قالت الولايات المتحدة إنها تكثف تعاونها مع بغداد وأربيل لمنع الفصائل المسلحة الموالية لإيران من تقويض استقرار العراق.

«الشرق الأوسط» (أربيل)

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
TT

«حماس» تتوقع محاولة اغتيال لقادتها في الخارج

المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)
المبنى المتضرر من الهجوم الإسرائيلي على قادة «حماس» في الدوحة (رويترز)

تسود توقعات في حركة «حماس» بحدوث عملية اغتيال إسرائيلية جديدة لبعض قياداتها خارج الأراضي الفلسطينية.

وتحدثت مصادر كبيرة في الحركة إلى «الشرق الأوسط» عن تزايد في معدلات القلق من استهداف المستوى القيادي، خصوصاً بعد اغتيال المسؤول البارز في «حزب الله» اللبناني، هيثم الطبطبائي.

وتحدث أحد المصادر عن أن «هناك تقديرات باستهداف قيادات الحركة في دولة غير عربية»، رافضاً تحديدها بدقة.

واطلعت «الشرق الأوسط»، على ورقة تعليمات داخلية تم توزيعها على قيادات «حماس» في الخارج، تتعلق بالأمن الشخصي والإجراءات الاحتياطية لتلافي أي اغتيالات محتملة، أو على الأقل التقليل من أضرارها.

وجاء في الورقة أنه يجب «إلغاء أي اجتماعات ثابتة في مكان واحد، واللجوء إلى الاجتماعات غير الدورية في مواقع متغيرة».

وتدعو التعليمات القيادات إلى «عزل الهواتف النقالة تماماً عن مكان الاجتماع، بما لا يقل عن 70 متراً، ومنع إدخال أي أجهزة طبية أو إلكترونية أخرى، بما في ذلك الساعات، إلى أماكن الاجتماعات».

في غضون ذلك، أفادت مصادر في غزة بأن مقتل زعيم الميليشيا المسلحة المناوئة لـ«حماس»، ياسر أبو شباب، أمس، جاء في سياق اشتباكات قبلية على يد اثنين من أبناء قبيلته الترابين.

وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن شخصين شاركا في قتل أبو شباب، ينتميان إلى عائلتي الدباري وأبو سنيمة؛ إذ إن العائلتين إلى جانب أبو شباب ينتمون جميعاً إلى قبيلة الترابين.


إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تقابل الانفتاح الدبلوماسي اللبناني بغارات

لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يشاهدون عمليات البحث عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت قرية جباع جنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)

حسمت إسرائيل، أمس، التضارب في مواقف مسؤوليها حول «الجو الإيجابي» الناجم عن المفاوضات المدنية مع لبنان، وأعطت إشارة واضحة إلى أنها ستتعامل معها بمعزل عن المسار العسكري؛ إذ شنت غارات استهدفت أربعة منازل في جنوب لبنان، أحدها شمال الليطاني، بعد أقل من 24 ساعة على اجتماع لجنة تنفيذ مراقبة اتفاق وقف النار «الميكانيزم».

وبدا التصعيد الإسرائيلي رداً على ما سربته وسائل إعلام لبنانية بأن مهمة السفير سيمون كرم، وهو رئيس الوفد التفاوضي مع إسرائيل، تمثلت في بحث وقف الأعمال العدائية، وإعادة الأسرى، والانسحاب من الأراضي المحتلة، وتصحيح النقاط على الخط الأزرق فقط، فيما أفادت قناة «الجديد» المحلية بأن رئيس الجمهورية جوزيف عون «أكد أن لبنان لم يدخل التطبيع، ولا عقد اتفاقية سلام».

وقال الرئيس عون خلال جلسة الحكومة، مساء أمس: «من البديهي ألا تكون أول جلسة كثيرة الإنتاج، ولكنها مهدت الطريق لجلسات مقبلة ستبدأ في 19 من الشهر الحالي»، مشدداً على ضرورة أن «تسود لغة التفاوض بدل لغة الحرب».


العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
TT

العراق «يُصحّح خطأ» تصنيف حلفاء إيران إرهابيين

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

أثار نشر العراق، أمس (الخميس)، معلومات عن تجميد أموال «حزب الله» اللبناني، وجماعة «الحوثي» في اليمن، باعتبارهما مجموعتين «إرهابيتين»، صدمة واسعة، قبل أن تتراجع الحكومة، وتقول إنه «خطأ غير منقّح» سيتم تصحيحه.

وكانت جريدة «الوقائع» الرسمية قد أعلنت قائمة تضم أكثر من 100 كيان وشخص على ارتباط بالإرهاب، في خطوة رأى مراقبون أنها كانت ستُرضي واشنطن، وتزيد الضغط على طهران، قبل سحبها.

وأثار القرار غضب قوى «الإطار التنسيقي» الموالية لإيران؛ إذ وصف قادتها خطوة الحكومة التي يرأسها محمد شياع السوداني بأنها «خيانة»، فيما نفى البنك المركزي وجود موافقة رسمية على إدراج الجماعتين.

وقالت لجنة تجميد الأموال إن القائمة كان يُفترض أن تقتصر على أسماء مرتبطة بتنظيمي «داعش» و«القاعدة» امتثالاً لقرارات دولية، وإن إدراج جماعات أخرى وقع قبل اكتمال المراجعة.

ووجّه السوداني بفتح تحقيق، وسط جدل سياسي متصاعد حول مساعيه لولاية ثانية.

وجاءت التطورات بعد دعوة أميركية إلى بغداد لـ«تقويض الميليشيات الإيرانية»، وفي ذروة مفاوضات صعبة بين الأحزاب الشيعية لاختيار مرشح توافقي لرئاسة الحكومة الجديدة.