خيار بقاء حاكم «المركزي» اللبناني يطل مجدداً

مساعٍ حثيثة لتحييد القطاع المالي عن «الكباش» السياسي

حاكم «المصرف المركزي اللبناني» رياض سلامة (رويترز)
حاكم «المصرف المركزي اللبناني» رياض سلامة (رويترز)
TT

خيار بقاء حاكم «المركزي» اللبناني يطل مجدداً

حاكم «المصرف المركزي اللبناني» رياض سلامة (رويترز)
حاكم «المصرف المركزي اللبناني» رياض سلامة (رويترز)

استعاد خيار الطلب من حاكم «مصرف لبنان» رياض سلامة الملاحق قضائياً لبنانياً وأوروبياً، الاستمرار في مهامه بعد انتهاء ولايته القانونية نهاية يوليو (تموز) المقبل، أرجحيته بين الاحتمالات المحدودة المتاحة أمام حكومة تصريف الأعمال للحؤول دون بلوغ مرحلة الشغور في رأس هرم السلطة النقدية، وتوخياً للحفاظ على التهدئة السارية في أسواق العملات والاستهلاك في ظل تنامي حدة الخلافات والاصطفافات السياسية المتصلة باستحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية.

وبالتوازي، يشهد القطاع المالي حسماً مبكراً لاستحقاق انتهاء ولاية مجلس إدارة «جمعية المصارف» في نهاية يونيو (حزيران) الحالي، بعدما أفضت المشاورات بين رؤساء البنوك، وفق معلومات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، إلى بلورة توافق عريض وشبه إجماع على تعديل النظام الأساسي، بما يتيح التمديد للمجلس الحالي برئاسة الدكتور سليم صفير، وتجنيب القطاع الدخول في «بازار» انتخابي لا طائل منه في ظل الظروف الحاضرة.

ووفق معلومات محدثة لدى مصادر مالية ومصرفية، فقد فرض ارتفاع منسوب الهواجس الداخلية من التداعيات المحتملة على القطاع المالي جراء احتدام معركة رئاسة الجمهورية، وما تشهده من انقسامات عمودية سياسية وطائفية، إيقاعه الخاص لدى مراكز القرار في السلطتين التشريعية والتنفيذية، لا سيما لجهة البحث الجدي في درء المخاطر الماثلة نتيجة تكوين محفزات مستجدة لنشوء فوضى نقدية كبيرة تطيح تماماً الاستقرار الهش الذي تشهده أسعار صرف الليرة.

إباحة المحظورات

ووفق المصادر التي تواصلت معها «الشرق الأوسط»، عاد بالفعل التداول وبزخم في كواليس مراكز القرار النيابي والحكومي بهدف استنباط مخارج عملانية تؤول إلى تحييد القطاع المالي عن الخضات السياسية القائمة حالياً أو المرتقبة، ومن دون تجاوز روحية الآليات القانونية السارية. وذلك بالاستناد إلى قاعدة «الضرورات تبيح المحظورات»، وأولوية حماية هدوء الأسواق النقدية والاستهلاكية، ما دام يتعذّر التقدم نحو محطة التوافق الداخلي في شأن الاستحقاق الرئاسي.

ووفق المعطيات المتوفرة، فإنه مع تعذّر تعيين البديل على رأس السلطة النقدية من قبل حكومة «تصريف أعمال»، فإن الخيار الأول والمرجح في أحوال عادية، يرد صريحاً في قانون النقد والتسليف (المادة 25)، ويقضي بانتقال الموقع والمهام حصراً إلى نائبه الأول الدكتور وسيم منصوري. وهو إجراء تحوّطي يقوم أساساً على حصول شغور «مؤقت» أو غياب قسري للحاكم الأصيل، ويتيح المهلة الضرورية لتمكين الحكومة المكتملة الصلاحيات من إصدار مرسوم التعيين.

لكن حساسية الأوضاع القائمة في الميدان المالي والنقدي، فرضت التحرك الاستباقي لتلافي تبعات المرحلة الانتقالية، والذي سيجري تحت ظلال الإرباكات الداخلية والغموض السياسي غير البناء. لذا؛ فثمة قناعات سياسية، وتتمدّد أيضاً إلى الأوساط المالية والمصرفية، بأنه ليس بوسع النائب الأول حمل ثقل الموقع والمهام التي ستوكل إليه، لا سيما أن سلامة يتسلّم قيادة البنك المركزي والقرار النقدي منذ 30 عاماً بالتمام والكمال.

ووفق السيناريو البديل، تركز الاقتراحات المتداولة، التي يرتقب اعتماد أحدها خلال الأسابيع الفاصلة عن انتهاء الولاية الخامسة لسلامة نهاية يوليو المقبل، على خيارين أساسيين يخصان وضعية حاكم البنك المركزي؛ هما: إما يستمر التعاون معه «استشارياً» في إدارة المرحلة الانتقالية، وإما يقدم منصوري على الاستقالة «النظرية» في التوقيت المناسب، بغية إتاحة الفرصة للحكومة للطلب من سلامة الاستمرار في مهامه إلى حين تعيين حاكم جديد.

وتبرز أهمية موقع الحاكم في الصلاحيات الواسعة الممنوحة له قانوناً؛ إذ إضافة إلى مهمته الإدارة العامة للمصرف وتسيير أعماله، فهو مكلف أيضاً، ومن دون طابع حصري، تطبيق مندرجات قانون النقد والتسليف، وهو الممثل الشرعي للبنك المركزي، ويوقع باسمه جميع الصكوك والعقود والاتفاقات، ويجيز إقامة جميع الدعاوى القضائية، ويتخذ جميع الإجراءات التنفيذية او الاحتياطية التي يرتئيها؛ بما في ذلك التأمينات العقارية. كما ينظّم دوائر المصرف ويحدد مهامها، ويعيّن ويقيل موظفي المصرف من جميع الرتب.

الجبهة المصرفية

أما على صعيد الجبهة المصرفية التي اعتادت تقليدياً تسيير الشؤون المصرفية بتوافقات عريضة سابقة لمواعيد الاستحقاقات، فقد علمت «الشرق الأوسط» أن رئيس الجمعية وجه الدعوات لانعقاد جمعية عمومية غير عادية في 20 يونيو الحالي، وعلى جدول أعمالها البند الرئيسي المتضمن طلب الموافقة على تعديل المادة «13» من النظام الأساسي.

ووفق المعلومات الخاصة؛ فإن مشاورات حثيثة جرت أخيراً بين القيادات المصرفية قبل دعوة الجمعية العمومية، وأفضت إلى التوافق على ضرورات الطلب من رئيس وأعضاء مجلس الإدارة الاستمرار في مهامهم بعد انتهاء ولايتهم نهاية الشهر الحالي، على أن يتم تعديل النظام الذي يحدّد الولاية القانونية بسنتين قابلتين للتجديد لمرة واحدة.

ويرجح أن تجدد الجمعية الثقة بمجلس الإدارة ورئيسه لولاية جديدة، أي لغاية منتصف عام 2025، مع إمكانية النظر لاحقاً في التعديل وفترته وفق وجهة التطورات ذات الصلة، خصوصاً ما يتعلق منها بإعادة انتظام القطاع المالي وخطط الدولة للإنقاذ الاقتصادي وحيثيات الملف «المعلٌّق» لعقد اتفاقية برنامج التمويل مع صندوق النقد الدولي.


مقالات ذات صلة

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

المشرق العربي النواب في جلسة تشريعية سابقة للبرلمان اللبناني (الوكالة الوطنية للإعلام)

التمديد لقائد الجيش اللبناني ورؤساء الأجهزة «محسوم»

يعقد البرلمان اللبناني جلسة تشريعية الخميس لإقرار اقتراحات قوانين تكتسب صفة «تشريع الضرورة» أبرزها قانون التمديد مرّة ثانية لقائد الجيش ورؤساء الأجهزة الأمنية.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي تصاعد السحب الدخانية نتيجة القصف الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية في بيروت (رويترز) play-circle 00:25

الجيش الإسرائيلي: قصفنا 25 هدفاً للمجلس التنفيذي ﻟ«حزب الله» خلال ساعة واحدة

قال الجيش الإسرائيلي، الاثنين)، إن قواته الجوية نفذت خلال الساعة الماضية ضربات على ما يقرب من 25 هدفاً تابعاً للمجلس التنفيذي لجماعة «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من خدمة الإسعاف الإسرائيلية في موقع إصابة شخص في نهاريا بشظايا صواريخ أطلقت من لبنان (نجمة داود الحمراء عبر منصة «إكس»)

إصابة شخص في إسرائيل بعد إطلاق 20 صاروخاً من لبنان

أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية، الإثنين، إصابة شخص بعد إطلاق 20 صاروخا من لبنان نحو مناطق الجليل الأعلى والغربي

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي كرة لهب ودخان تظهر في الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة غارات إسرائيلية (أ.ف.ب)

وزير التعليم اللبناني يعلن تعليق الدراسة الحضورية بالمدارس غداً في بيروت

أعلن وزير التربية والتعليم العالي اللبناني عباس الحلبي تعليق الدراسة حضورياً في المدارس والمعاهد المهنية الرسمية والخاصة، ومؤسسات التعليم العالي الخاصة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنانيون يشاهدون من جانب الطريق الدخان يتصاعد نتيجة قصف إسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية (رويترز)

تقرير: إسرائيل تطالب بإبعاد فرنسا عن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان

نشرت القناة 12 الإسرائيلية تفاصيل عما وصفته بأنه «النقاط العالقة» بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني للوصول إلى وقف لإطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

غارة إسرائيلية تدمر مبنى يؤوي نازحين في قلب بيروت... وحزام ناري على الضاحية

TT

غارة إسرائيلية تدمر مبنى يؤوي نازحين في قلب بيروت... وحزام ناري على الضاحية

دخان كثيف يتصاعد عقب غارة جوية إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)
دخان كثيف يتصاعد عقب غارة جوية إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية (أ.ف.ب)

رغم الحديث عن اقتراب موعد وقف إطلاق النار، ما زال الجيش الإسرائيلي يشن غارات عنيفة على مناطق عدة في لبنان خصوصاً في العاصمة بيروت وضاحيتها الجنوبية.

ومن دون إنذار مسبق، استهدف الطيران الإسرائيلي مبنى في منطقة النويري في محيط مجمع خاتم الأنبياء، في قلب العاصمة بيروت، متسبباً في انهياره بالكامل في غارة عنيفة.

وحسب المعلومات التي أوردتها وسائل إعلام لبنانية فإن المبنى مؤلَّف من 4 طبقات، وكان يُستخدم مطبخاً لتجهيز الوجبات للنازحين، كما يضم كثيراً من النازحين.

حزام ناري على الضاحية

كذلك، استهدفت سلسلة غارات متزامنة ضاحية بيروت الجنوبية، الثلاثاء، بشكل غير مسبوق، بعد وقت قصير من إنذارات وجَّهها الجيش الإسرائيلي لإخلاء عشرين مبنى في المنطقة التي تعد من أبرز معاقل «حزب الله» قرب العاصمة.

وتصاعدت سحب دخان وغبار ضخمة الواحدة تلو الأخرى من 5 مواقع على الأقل، إثر غارات تردد صداها في بيروت.

جاء التصعيد قُبيل اجتماع يعقده مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي، مساء الثلاثاء، لاتخاذ قرار بشأن وقف إطلاق النار في لبنان.

وشن الطيران الإسرائيلي غارات متزامنة وعنيفة، واستهدف برج البراجنة والرمل العالي - تحويطة الغدير، مشكِّلاً حزاماً نارياً لفَّ المنطقة.

بعد الظهر، أصدر الجيش الإسرائيلي إنذاراً بإخلاء 20 مبنى في الحدث وحارة حريك والغبيري وبرج البراجنة، قبل أن يستهدفها.

كان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، قد وجه إنذارين عاجلين إلى جميع السكان الموجودين في منطقة الضاحية الجنوبية وتحديداً في المباني المحددة في الخرائط المرفقة والمباني المجاورة لها في المناطق التالية: برج البراجنة، وتحويطة الغدير. وقال: «أنتم توجدون بالقرب من منشآت ومصالح تابعة لـ(حزب الله) حيث سيعمل ضدها جيش الدفاع على المدى الزمني القريب، من أجل سلامتكم وسلامة أبناء عائلتكم عليكم إخلاء هذه المباني وتلك المجاورة لها فوراً والابتعاد عنها لمسافة لا تقل عن 500 متر».

20 هدفاً... وفروع «القرض الحسن» قريباً

إلى ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم، أنه قصف 20 هدفاً في بيروت من بينها أهداف تابعة لـ«حزب الله» باستخدام ثماني طائرات، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي، عبر حسابه على منصة «إكس»: «جيش الدفاع يهاجم أهدافاً إرهابية في بيروت من بينها أهداف لإدارة وتخزين أموال تابعة لـ(حزب الله)... خلال عملية سريعة استمرت 120 ثانية بثماني طائرات حربية».

وأضاف: «على المدى الزمني القريب سنهاجم فروعاً عديدة لجمعية القرض الحسن، حيث تحتوي هذه الفروع على أموال تمويل إيرانية وأخرى من مصادر الدخل لـ(حزب الله) التي تُستخدم في الواقع لإدارة وتخزين مصالح (حزب الله) الإرهابية».