عقبالدت... 103 أعوام من الانتظار تُتوَّج بأداء مناسك الحج

وُلد يتيماً ومضى قرن قبل أن يتحرك قلبه نحو مكة... أكد أن رحلته القادمة ستكون لوالدته

TT

عقبالدت... 103 أعوام من الانتظار تُتوَّج بأداء مناسك الحج

الحاج الإريتري حامد محمد عقبالدت المولود سنة 1922 متحدثاً من مقرّ إقامته في مشعر مِنى (الشرق الأوسط)
الحاج الإريتري حامد محمد عقبالدت المولود سنة 1922 متحدثاً من مقرّ إقامته في مشعر مِنى (الشرق الأوسط)

لم يثنه عمره الذي تجاوز المائة وثلاثة أعوام، أن يكون بين حشود تجاوزت 1.6 مليون حاج، ليقف بشوق الحاج حامد عقبالدت «الأريتري» على جبل عرفات، وأن يتم مناسكه برمي الجمرات في مشعر مِنى وقد نفض عن قلبه غبار الهرم والدنيا، ممسكاً بخيوط الروحانية التي اجتاحته حين حطّ قدميه في المشاعر المقدسة لأول مرة في حياته.

وُلد حامد يتيماً، لم يرَ والده قط، كم يقول في حديثه مع «الشرق الأوسط»؛ فقد رحل عن الحياة قبل أن يرى هو النور بأشهر. وعاش أكثر من قرن يكدّ في مهنة رعي الأبقار وبيعها، في منطقة «قلب» الواقعة ضمن إقليم «أنسبا» غرب إريتريا، دون أن تخطر في باله يوماً فكرة أداء الحج.

يقول بصوته العجوز المتماسك قبل أن يتأهب لرمي الجمرات من مقر إقامته في مشعر منى: «لم أكن أفكر مطلقاً في أداء الحج... حتى راودني هذا الشوق في شهر رمضان، بعدما رأيت رؤيا تطلب مني: (حجّ إلى بيت الله الحرام)».

ويضيف، لم تكن الرؤيا مجرد حلم عابر، بل كانت نقطة تحول كاملة في مسار حياتي؛ فقد تركت شغف تربية الأبقار وشرب حليبها والمتاجرة بها، واتجهت لتجهيز أوراقي والانضمام إلى بعثة الحج الإريترية، ولا أخفيك «كنت مغروراً ومشغولاً بالبقر... وبعد ما وقع في قلبي الحج، بدأت أشتغل لإنهاء الإجراءات والسفر».

لم يكن الحج عند عقبالدت مجرد أداء عبادة، بل تغير داخلي في مفاهيمه وقناعاته التي عاش عليها أكثر من 100 عام؛ إذ يقول: «كنت أصلي وأصوم وأرعى البقر وأبيعها، ولا أهتم لشيء... وبعد أن وقع في قلبي الحج، صرت أفكر كثيراً: ما مصيري بعد هذا الرزق ولِمَ حتى الآن لم أحج؟».

الحاج عقبالدت عاش نحو قرن يكدّ في مهنة رعي الأبقار وبيعها دون أن تخطر في باله يوماً فكرة أداء الحج (الشرق الأوسط)

رحلتي القادمة لوالدتي

وبعد أن أدرك قيمة هذه الشعيرة قال: «نعمة الحج أزالت من قلبي الدنيا... أصبحت أريد أن أحج عن أمي التي تعبت لأجلي... كنت مغروراً ومشغولاً بالبهائم، والآن نسيت الدنيا وصرت مشغولاً بالعبادة»، لافتاً إلى أنه لم يأتِ إلى مكة وحده، بل اصطحب زوجته التي أنجبت له تسعة أبناء، كما عزم على أن يكون حجه القادم، إن قدّر له، عن والدته التي تولت تربيته بعد وفاة والده.

رغم تجاوزه المائة عام، لم يكن عقبالدت يخشى مشقة السفر أو صعوبة أداء المناسك، فقد أثبتت تجربته أنه لا سنّ يقف أمام الإرادة إذا ما كانت النية خالصة، وهو ما يشدد عليه في حديثه قائلاً: «صحيح أني كنت أعاني بعض الأوجاع في القدم والعيون... لكن عندما غسلت وجهي بماء زمزم، اختفى كل شيء، والله ما عدت أشعر بأي ألم».

وبدأت رحلة الحاج عقبالدت، من قريته الصغيرة «قلب»، ثم توجه إلى مدينة «كرن» عاصمة إقليم أنسبا، ومنها إلى مطار أسمرة في إريتريا، ثم إلى جدة عبر مطار الملك عبد العزيز.

لم تكن الرحلة صعبة كما كان يتخيل، بل كانت كما يصفها لي الجميع «ميسَّرة بطريقة عجيبة... البعثة الإريترية ساعدتني في كل خطوة، والسعوديون قدموا كرماً غير طبيعي. الكل كان حريصاً على خدمتنا وتيسير أمورنا».

ولم يخفِ حامد دهشته مما شاهده في المشاعر المقدسة من تنظيم ورعاية وخدمات، خاصةً عند رمي الجمرات وفقاً لحديثة: «لم أتوقع كل شيء يكون مُوفَّراً وسهلاً بهذا الشكل. منشآت ضخمة، وباردة رغم حرارة الطقس... تنظيم فوق الوصف. الكرم والعناية لم أشاهدهما من قبل».

رسالة عمرها قرن

ما حمله حامد عقبالدت من مشاعر تجاه رحلة الحج في هذا العمر، يتجاوز المواقف الآنية إلى قيمة إنسانية وروحية عميقة، ويقول هي رسالة من رجل جاوز المائة، قادته رؤيا في المنام إلى رحلة إيمان، أنهت قرناً من الانشغال بالدنيا، وبدأت فصلاً جديداً من التعلّق بالآخرة، وما وجدت راحة كما وجدتها هنا... وأدعو الله أن يكتبها لي في كل عام، ويعينني على أن أحج عن أمي.


مقالات ذات صلة

«غروب آي بي» و«ڤاز للحلول المتكاملة» توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون

عالم الاعمال «غروب آي بي» و«ڤاز للحلول المتكاملة» توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون

«غروب آي بي» و«ڤاز للحلول المتكاملة» توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون

وقعت «غروب آي بي» مذكرة تفاهم مع شركة «ڤاز للحلول المتكاملة»، وهي موزع ذو قيمة مضافة لعلامات تجارية رائدة، يقدم حلول تكنولوجيا معلومات متكاملة لمختلف قطاعات…

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)

دفعة مساعدات سعودية جديدة تعبر منفذ رفح لإغاثة أهالي غزة

عبَرت دفعةٌ جديدةٌ من المساعدات الإنسانيّة السعوديّة، الأربعاء، منفذ رفح الحدودي متجهة إلى منفذ كرم أبو سالم جنوب شرقي قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (منفذ رفح الحدودي)
الاقتصاد مقر شركة «أكوا باور» السعودية في العاصمة الرياض (الشرق الأوسط)

«أكوا باور» ترفع ملكيتها في «الشعيبة للمياه والكهرباء» إلى 62 %

وقّعت «أكوا باور» اتفاقية للاستحواذ على كامل حصة «بديل» في شركة الشعيبة للمياه والكهرباء.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق في قلب العلا تمثل «مدرسة الديرة» نافذة جديدة على الفنون (واس)

«الديرة»... من أول مدرسة للبنات إلى مركز للفنون والتصميم

من أول «مدرسة للبنات في العلا» إلى «أول مركز للفنون والتصميم»، تُجسّد مدرسة الديرة رحلة تراث وإبداع مستمرة عمادها حرفيات مبدعات يحولن القطع الجامدة تحفاً فريدة.

عمر البدوي (الرياض)
الاقتصاد مقر «لاب 7» ذراع «أرامكو» لبناء الشركات التقنية الناشئة (الشرق الأوسط)

استثمار سعودي - أوروبي لتطوير حلول طويلة الأمد لتخزين الطاقة

أعلنت «هالايد إنرجي» إتمام الإغلاق الأول لجولة استثمارية بقيادة «بي إس في فنتشرز» وبمشاركة «لاب 7» لتطوير حلول طويلة الأمد لتخزين الطاقة على مستوى الشبكات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

منظر عام للعاصمة اليمنية المؤقتة عدن (رويترز)
منظر عام للعاصمة اليمنية المؤقتة عدن (رويترز)
TT

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

منظر عام للعاصمة اليمنية المؤقتة عدن (رويترز)
منظر عام للعاصمة اليمنية المؤقتة عدن (رويترز)

ثمّن رئيس مجلس القيادة اليمني، رشاد العليمي، الخميس، الموقف الثابت للسعودية إلى جانب شعب اليمن.

وأضاف العليمي بالقول: «نثمن جهود السعودية لخفض التصعيد في اليمن وحماية المركز القانوني للدولة... ونؤكد التزامنا بالشراكة مع السعودية وتوحيد الصف لتحقيق تطلعات اليمنيين في الأمن والاستقرار والسلام».

كما رحبت الحكومة اليمنية بالبيان الصادر، الخميس، عن وزارة الخارجية السعودية، وما تضمّنه من موقف إزاء التطورات الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة، وجهود السعودية لاحتواء التصعيد وحماية مصالح الشعب اليمني، والحفاظ على الأمن والاستقرار في المحافظات الشرقية.

وثمّنت الحكومة، في بيان صادر عنها، عالياً الدور القيادي الذي تضطلع به السعودية، بالتنسيق مع دولة الإمارات، في دعم مسار التهدئة، ومعالجة الأوضاع بروح الشراكة والمسؤولية، وبما يكفل إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، واحترام الأطر المؤسسية للدولة، ودور السلطات المحلية، وبإشراف قوات التحالف.

وأكدت الحكومة اليمنية أن استقرار حضرموت والمهرة وسلامة نسيجهما الاجتماعي يمثلان أولوية وطنية قصوى، وأن أي إجراءات أو تحركات أمنية أو عسكرية تُتخذ خارج الأطر الدستورية والمؤسسية للدولة، ودون تنسيق مسبق مع مجلس القيادة الرئاسي والحكومة والسلطات المحلية، تشكّل عامل توتير مرفوض، وتحمّل البلاد أعباءً إضافية في ظرف بالغ الحساسية.

وجددت الحكومة موقف الدولة الثابت من القضية الجنوبية، واستحقاقاتها الملزمة، باعتبارها قضية عادلة لها أبعادها التاريخية، والاجتماعية، وقد حققت مكاسب مهمة في إطار التوافق الوطني القائم، وبما يضمن العدالة والشراكة ويحفظ السلم المجتمعي، بعيداً عن منطق الغلبة أو التصعيد.

وأكدت الحكومة اليمنية التزامها الكامل بأداء مسؤولياتها الدستورية والقانونية، ومواصلة القيام بمهامها في خدمة المواطنين في جميع المحافظات دون استثناء أو تمييز، وضمان استمرار تقديم الخدمات الأساسية، والحفاظ على انتظام عمل مؤسسات الدولة، رغم التحديات والظروف الاستثنائية.

وشددت الحكومة على أن واجبها الأول ينصرف إلى حماية مصالح المواطنين، وتخفيف معاناتهم، وعدم الزج بمصالحهم في أي تجاذبات أو تصعيدات، مع الاستمرار في العمل بمهنية ومسؤولية، وبما يجسّد دور الدولة كمرجعية جامعة تقف على مسافة واحدة من الجميع.

كما جددت الحكومة دعمها الكامل للجهود التي تقودها السعودية، وتعويلها على تغليب المصلحة العامة، وضبط النفس، وإنهاء التصعيد بشكل عاجل، بما يعيد السلم والأمن المجتمعي، ويحمي وحدة الصف الوطني، في المعركة الوجودية ضد ميليشيات الحوثي الإرهابية والتنظيمات المتخادمة معها.


السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»
TT

السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

أعربت وزارة الخارجية السعودية، في بيان، عن قلق المملكة إزاء التحركات العسكرية التي شهدتها محافظتا حضرموت والمهرة مؤخرًا، «التي قام بها مؤخرًا المجلس الانتقالي الجنوبي نُفذت بشكل أحادي دون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة التحالف»، معتبرةً ذلك «تصعيدًا غير مبرر أضرّ بمصالح الشعب اليمني بمختلف فئاته وبالقضية الجنوبية، كما قوّض جهود التحالف».

وأكدت المملكة أنها «ركزت خلال الفترة الماضية على وحدة الصف وبذلت جهودًا مكثفة للوصول إلى حلول سلمية لمعالجة الأوضاع في المحافظتين، ضمن مساعٍ متواصلة لإعادة الاستقرار».

وأوضحت أن هذه الجهود جاءت «بالتنسيق مع دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، ورئيس مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة اليمنية، لاحتواء الموقف، حيث تم إرسال فريق عسكري مشترك سعودي–إماراتي لوضع الترتيبات اللازمة مع المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن، بما يضمن عودة قواته إلى مواقعها السابقة خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات (درع الوطن) والسلطة المحلية وفق إجراءات منظمة وتحت إشراف قوات التحالف».

وشددت الخارجية على أن الجهود «لا تزال متواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه»، معربة عن أمل المملكة في «تغليب المصلحة العامة، ومبادرة المجلس الانتقالي بإنهاء التصعيد وخروج قواته بشكل عاجل وسلمي من المحافظتين».

كما أكدت المملكة «أهمية التعاون بين جميع القوى والمكونات اليمنية، وضبط النفس، وتجنب ما من شأنه زعزعة الأمن والاستقرار، لما يترتب على ذلك من تداعيات سلبية، مجددةً التأكيد على ضرورة تكاتف الجهود لإعادة السلم والأمن المجتمعي».

وجددت المملكة موقفها بأن «القضية الجنوبية قضية عادلة ذات أبعاد تاريخية واجتماعية، ولن تُحل إلا عبر حوار يجمع كافة الأطراف اليمنية على طاولة واحدة، ضمن مسار سياسي شامل يضمن الحل الشامل في اليمن».

واختتمت الخارجية بيانها بالتأكيد على «دعم المملكة لرئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية، بما يحقق الأمن والاستقرار والتنمية والسلام في الجمهورية اليمنية الشقيقة».


دفعة مساعدات سعودية جديدة تعبر منفذ رفح لإغاثة أهالي غزة

تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)
تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)
TT

دفعة مساعدات سعودية جديدة تعبر منفذ رفح لإغاثة أهالي غزة

تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)
تعد هذه المساعدات امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة (واس)

عبَرت دفعةٌ جديدةٌ من المساعدات الإنسانيّة السعوديّة، الأربعاء، منفذ رفح الحدودي متجهة إلى منفذ كرم أبو سالم جنوب شرقي قطاع غزة، تمهيداً لدخولها إلى القطاع بالتنسيق مع الهلال الأحمر المصري.

تضمنت المساعدات كمية كبيرة من السلال الغذائية مقدمة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ضمن الحملة الشعبية السعودية لإغاثة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وتأتي هذه المساعدات بالتزامن مع إقامة مخيمات سعودية بمنطقة القرارة جنوب قطاع غزة ومنطقة المواصي بخان يونس لإيواء النازحين، وتقديم المساعدات الإنسانية لهم مع دخول فصل الشتاء.

وتعد امتداداً للجهود الإغاثية التي تقدمها السعودية عبر مركز الملك سلمان للإغاثة؛ للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني بقطاع غزة الذي يواجه ظروفاً إنسانية تهدد الأطفال والنساء في ظل البرد، وصعوبة الظروف المعيشية.