بدء أعمال أول قمة خليجية - أوروبية في بروكسل

الحرب في الشرق الأوسط ضمن محادثات الزعماء المجتمعين

TT

بدء أعمال أول قمة خليجية - أوروبية في بروكسل

جانب من أعمال القمة الخليجية ـ الأوروبية في بروكسل (مجلس التعاون الخليجي)
جانب من أعمال القمة الخليجية ـ الأوروبية في بروكسل (مجلس التعاون الخليجي)

انطلقت في بروكسل القمة الأوروبية - الخليجية الأولى بمشاركة قادة خليجيين وأوروبيين على رأسهم الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، تطغى عليها الأزمة في الشرق الأوسط والحرب في غزة ولبنان، إلى جانب ملفات اقتصادية واسعة.

صدرت دعوات من زعماء أوروبيين وهم يدخلون قاعة الاجتماع، لوقف الحرب في غزة ولبنان، حتى إن رئيس وزراء آيرلندا سيمون هاريس دعا إلى تعليق اتفاقية الشراكة الأوروبية مع إسرائيل بعد قرارات محكمة العدل الدولية.

الأمير محمد بن سلمان مع شارل ميشيل وأورسولا فون دير لاين لدى وصوله لدى وصوله قاعة القمة (واس)

وعدّ جاسم البديوي، أمين عام مجلس التعاون الخليجي، أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1976 وعاصمتها القدس الشرقية «السبيل لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

وأكد البديوي خلال كلمة له مع افتتاح أعمال القمة أن التهديدات والتحديات التي تواجه عالمنا اليوم «تتطلب ديمومة التشاور، والعمل الجماعي لمواصلة التعاون بين دولنا في المجالات كافة، لتحقيق الأمن والنماء والاستقرار للمنطقتين وللعالم أجمع».

وقال: «قطاع غزة يعيش تحت وطأة حرب تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلية، يدفع ثمنها المدنيون الفلسطينيون الأبرياء»، مضيفاً: «وإننا وفي الوقت الذي نشعر فيه بالألم والمرارة لما يرزح تحته الشعب الفلسطيني الشقيق من جرائم بحقه، فإننا نؤكد في هذا الصدد على موقف مجلس التعاون الذي طالما يدعو إلى ضرورة الوقف الفوري والتام لإطلاق النار».

وأشار البديوي إلى أن عدم التوصل لوقف النار في غزة «أدى للتصعيد المتزايد في الأراضي الفلسطينية، وامتداد رقعة الحرب إلى الأراضي اللبنانية، وما تشهده منطقة البحر الأحمر، واستهداف السفن التجارية والناقلات العابرة، مما أضر بسلاسل الإمداد التجارية، وكبّدت الدول المصدرة والمستهلكة الكثير من الخسائر، ورفعت أسعار السلع على المستهلكين بشكل كبير».

جاسم البديوي يتحدث خلال افتتاح أعمال القمة الخليجية - الأوروبية في بروكسل (مجلس التعاون)

وشدد على استمرار جهود دول الخليج لإنهاء الأزمة في غزة وباقي الأراضي الفلسطينية، ومنها الدور القيّم والكبير للسعودية ودولة قطر، وجهودهم المستمرة من خلال التنسيق المتواصل مع الشركاء الدوليين، و«اللجنة الوزارية العربية الإسلامية».

وجدّد البديوي التأكيد على أهمية مبادرة «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»، التي أطلقتها السعودية بمشاركةِ دولٍ عربية وإسلامية والشركاء الأوروبيين، التي تهدف للوصول إلى الدولة الفلسطينية، انسجاماً مع القرارات الأممية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.

القمة الأولى

شهدت بروكسل القمة الأولى التي تجمع زعماء وقادة دول الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي، وتهدف إلى إعادة إطلاق العلاقات بين الطرفين على مستوى استراتيجي، بحسب الطرف الأوروبي. وحدد الاتحاد الأوروبي من أهداف القمة تقوية الحوار والتعاون ومواجهة التحديات العالمية وتعزيز الاستثمار والتجارة.

وقبيل انطلاق اجتماعات القمة، شدد رئيس الوزراء اليوناني كرياكوس ميتسوتاكيس، على أهمية توقيت انعقادها في وقت «حساس حيث يتصاعد فيه الوضع في الشرق الأوسط»، مضيفاً أنه من «الضروري والمهم جداً أن يكون هناك حوار على أعلى المستويات لجمع أصواتنا والدعوة لوقف فوري لإطلاق النار في غزة والحرص على عدم توسع الصراع أكثر». وأشار الى أن اليونان لديها علاقات مقربة جداً من دول الخليج، ولكنه أشار إلى ضرورة تأسيس أطر تعاون أوسع على مستوى الاتحاد الأوروبي.

تفاؤل أوروبي

وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل عبر عشية القمة عن استعداد الاتحاد الأوروبي «لبذل المزيد وبشكل مشترك لمواجهة التحديات المشتركة» بين الاتحاد الأوروبي والدول الخليجية.

جوزيف بوريل وزير خارجية الاتحاد الأوروبي في حديث مع رئيس الوزراء النمساوي فيكتور أوربان (أ.ب)

وفي أغسطس (آب) الماضي، زار رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال السعودية، حيث التقى ولي العهد السعودي للتحضير للقمة الأوروبية - الخليجية. ووجه ميشال خلال لقائه بولي العهد السعودي في الرياض آنذاك دعوة رسمية للمشاركة في القمة. وقال آنذاك إن هدف القمة «تعميق العلاقات الثنائية السياسية وتعزيز التجارة والاستثمار وتعزيز التعاون بشأن القضايا السياسية الخارجية الملحة».

وعبر ميشال خلال الزيارة عن تفاؤله بالقمة التي وصفها بأنها «لحظة سياسية مهمة» تهدف إلى «رفع العلاقات الى مستوى استراتيجي». وقال: «نريد من هذه العلاقة أن تصبح دائمة وطويلة المدى». وأشار حينها إلى أنه من الضروري «الاستماع مباشرة إلى توقعات السعودية من القمة والتحضير لها بشكل جيد بهدف ضمان نجاحها».

وحدد ميشال أهدافاً تجارية للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي، قائلاً إن القمة «سترسل إشارات للاتحاد الأوروبي وللقطاع الخاص بأن هناك إمكانات هائلة لمزيد من التعاون الاقتصادي» مع السعودية، خاصة بفضل الفرص المتاحة بحسب «رؤية 2030». وتحدث عن نمو العلاقات الثنائية في السنوات الماضية في كثير من المجالات، خاصة في التعاون حول الطاقة والتغير المناخي، مضيفاً أن هناك مجالاً لتوسيع العلاقات أكثر في قطاعات التجارة والاستثمار والهيدروجين. وعبر ميشال آنذاك عن استعداد الاتحاد الأوروبي للمساهمة في تحقيق أهداف 2030، قائلاً: «نحن مستعدون لنكون شركاء أوفياء، وندعم هذه الجهود بحسب رؤية 2030».

تنوع اقتصادي وسياسي

يلفت المتابع لجدول الأعمال ومساحة النقاشات أن الأجندة مليئة بالتفاصيل السياسية والاقتصادية، ففي أوكرانيا، يسعى الاتحاد الأوروبي لتقارب في وجهات النظر مع دول مجلس التعاون الخليجي التي تتمتع بعلاقات جيدة بروسيا. ويرى الاتحاد الأوروبي تعاظم نفوذ الدول الخليجية في الحرب بين أوكرانيا وروسيا، وهو ما يحثه على التقارب أكثر منها. وقبيل انطلاق القمة، قال مسؤول أوروبي إن «الدول الخليجية على مفترق طرق بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، وتلعب دوراً بالغ الأهمية في كثير من الأزمات اليوم».

ميشال وفون ديرلاين يرحبان بولي العهد رئيس مجلس الوزراء البحريني في القمة (أ.ب)

أما في مجال التجارة، فقد علقت الدول الأوروبية آمالاً على القمة لإعادة إطلاق عجلة التعاون التجاري بشكل أوسع، خاصة أن مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة التي انطلقت قبل 35 عاماً تم تعليقها عام 2008. ولكن مسؤولين أوروبيين تحدثوا قبيل القمة عن سبل أخرى لتعزيز وتطوير العلاقات التجارية بين الكتلتين. وفي عام 2023، كان الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر شريك استيراد لدول مجلس التعاون الخليجي ورابع شريك تصدير، فيما تعد منطقة مجلس التعاون الخليجي سادس أكبر سوق تصدير للاتحاد الأوروبي.

وقد بدأت المفوضية الأوروبية بمحاولة تعزيز علاقاتها بالدول الخليجية قبل عامين، إذ عينت مبعوثاً خاصاً لدول الخليج، هو وزير الخارجية الإيطالي السابق لويجي دي مايو. وقبل تعيين مايو، كان الاتحاد الأوروبي قد بدأ بإعادة تنشيط اجتماعاته مع مجلس التعاون الخليجي، وفي عام 2021 عُقدت سلسة اجتماعات رفيعة المستوى بين الطرفين.

وفي فبراير 2022 أقر المجلس المشترك بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي الذي انعقد في بروكسل، برنامج تعاون مشترك للفترة الممتدة بين 2022 و2027، يتضمن تعاوناً مشتركاً في مجموعة واسعة من المجالات، من بينها التجارة والاستثمار والطاقة والتغير المناخي ومكافحة الإرهاب وغيرها. وانعقد آخر اجتماع للمجلس الأوروبي الخليجي في مسقط نهاية العام الماضي حين أقر وزراء الخارجية نسخة معدلة من برنامج العمل المشترك واتفقوا على إنشاء حوار أمني منتظم.


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يسعى لبناء ممر اقتصادي مع دول الخليج

الاقتصاد ولي العهد السعودي خلال لقائه رئيسة المفوضية الأوروبية على هامش انعقاد القمة (واس)

الاتحاد الأوروبي يسعى لبناء ممر اقتصادي مع دول الخليج

قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن الاتحاد الأوروبي يريد بناء ممر اقتصادي مع دول الخليج لزيادة التجارة في الطاقة المتجددة والبيانات.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الخليج صورة جماعية للقادة الأوروبيين والخليجيين المشاركين في القمة الخليجية الأوروبية الأولى في بروكسل (أ.ف.ب)

«قمة بروكسل» تدعو إلى تفادي «الحرب الشاملة»

شددت «القمة الخليجية - الأوروبية» الأولى التي استضافتها بروكسل، أمس الأربعاء، على خفض التصعيد في غزة ولبنان، وتفادي الحرب الشاملة في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل) راغدة بهنام (برلين)
الخليج الأمير محمد بن سلمان وقادة الاتحاد الأوروبي في لقطة تذكارية لدى انعقاد القمة الخليجية الأوروبية في بروكسل الأربعاء (رويترز)

بيان خليجي ـ أوروبي: وقف فوري للنار في غزة ولبنان ودعم حل الدولتين

أكد الإعلان المشترك الذي صدر عن القمة الأوروبية الخليجية الأولى التي استضافتها بروكسل، التزام الطرفين ببناء شراكة استراتيجية مبنية على الاحترام المتبادل والثقة.

راغدة بهنام (برلين)
الخليج صورة جماعية للقادة الأوروبيين والخليجيين المشاركين في القمة الخليجية الأوروبية الأولى في بروكسل (أ.ف.ب)

فصل جديد في المسار الخليجي - الأوروبي انطلق من بروكسل

وصف رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال القمة الخليجية ـ الأوروبية التي انطلقت في بروكسل الأربعاء، بأنها تفتح «فصلا جديدا طموحا» من العلاقات بين الطرفين الأوروبي وا

راغدة بهنام (برلين) «الشرق الأوسط» (بروكسل - الرياض - لندن)
تحليل إخباري القادة الخليجيون والأوروبيون في صورة جماعية خلال القمة التي عقدت في بروكسل الأربعاء (د.ب.أ)  play-circle 00:45

تحليل إخباري في القمة الأولى من نوعها... الاتحاد الأوروبي والخليج إلى تطوير العلاقات وتعزيز التعاون

شهدت القمة الأوروبية – الخليجية الأولى من نوعها في بروكسل، الأربعاء، مشاركة واسعة من قادة الدول على الجانبين.

غازي الحارثي (الرياض)

السعودية قدّمت 7 مليارات دولار لتحسين ظروف الأطفال وأسرهم حول العالم

نفّذ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية منذ تأسيسه وحتى الآن 3 آلاف و117 مشروعاً في 105 دول (واس)
نفّذ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية منذ تأسيسه وحتى الآن 3 آلاف و117 مشروعاً في 105 دول (واس)
TT

السعودية قدّمت 7 مليارات دولار لتحسين ظروف الأطفال وأسرهم حول العالم

نفّذ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية منذ تأسيسه وحتى الآن 3 آلاف و117 مشروعاً في 105 دول (واس)
نفّذ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية منذ تأسيسه وحتى الآن 3 آلاف و117 مشروعاً في 105 دول (واس)

نفَّذ مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية منذ تأسيسه وحتى الآن 3 آلاف و117 مشروعاً في 105 دول، بتكلفة تتجاوز 7 مليارات و113 مليون دولار، من بينها 965 مشروعاً بقيمة 924 مليوناً و961 ألف دولار تهدف إلى تحسين ظروف الأطفال وأسرهم؛ مما يُسهم في رفع معاناتهم، وضمان حصولهم على التعليم في بيئة آمنة وصحية، وتقديم الدعم للأطفال في مختلف أنحاء العالم.

يُعدّ مركز الملك سلمان للإغاثة من الداعمين الرئيسين لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» (واس)

ويحتفي العالم باليوم العالمي للطفل في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، وهو يوم يهدف إلى تعزيز حقوق الأطفال من خلال مجموعة من الأنشطة والفعاليات التي تضمن لهم بيئة آمنة وصحية، وتشمل حقوق الطفل في التعليم، والمساواة، والعناية، والحماية من العنف والإهمال، كما نصت على ذلك المواثيق والأعراف الدولية.

من ضمن مشروعات السعودية ضمان حصول الأطفال على التعليم في بيئة آمنة وصحية (واس)

ومن المشروعات النوعية التي ينفّذها المركز، مشروع «إعادة تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين في النزاع المسلح باليمن» الذي يهدف إلى تأهيل الأطفال المجندين وإعادتهم إلى حياتهم الطبيعية، حيث استفاد منه حتى الآن 530 طفلاً و60 ألفاً و560 فرداً من عوائلهم، يشمل المشروع إدماج الأطفال في المجتمع وإلحاقهم بالمدارس، بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي إليهم وإلى أسرهم من خلال دورات تدريبية تهدف إلى مساعدتهم على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.

تشمل مشروعات السعودية إدماج الأطفال في المجتمع وإلحاقهم بالمدارس بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهم (واس)

ويُعد مركز الملك سلمان للإغاثة من الداعمين الرئيسين لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ حيث يُسهم هذا الدعم في توفير الخدمات الصحية ومشروعات التغذية للأطفال حديثي الولادة وأمهاتهم، إلى جانب دعم العملية التعليمية؛ مما يضمن استمرارية التعليم في مناطق الأزمات والكوارث.

ويشارك المركز العالم في الاحتفاء باليوم العالمي للطفل؛ مما يجسّد التزامه ببناء مستقبل أفضل للأطفال في جميع أنحاء العالم، ويعزّز الوعي بأهمية حقوقهم واحتياجاتهم الأساسية.