السعودية تدعو الأطراف السودانية لوقف التصعيد

نائب البرهان: لم نضع شروطاً للمحادثات وأولويتنا إنهاء الحرب

الحرب في الخرطوم ستكون لها آثار مدمرة على كثير من الأصعدة في السودان (أ.ف.ب)
الحرب في الخرطوم ستكون لها آثار مدمرة على كثير من الأصعدة في السودان (أ.ف.ب)
TT

السعودية تدعو الأطراف السودانية لوقف التصعيد

الحرب في الخرطوم ستكون لها آثار مدمرة على كثير من الأصعدة في السودان (أ.ف.ب)
الحرب في الخرطوم ستكون لها آثار مدمرة على كثير من الأصعدة في السودان (أ.ف.ب)

دعا وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان الأطراف السودانية إلى التهدئة وتغليب المصلحة الوطنية ووقف كافة أشكال التصعيد العسكري. وقالت وزارة الخارجية السعودية إن الأمير فيصل تلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، بحثا خلاله «مستجدات الأوضاع في السودان». وجدد الأمير فيصل دعوة المملكة للأطراف السودانية للجوء إلى حل سياسي يضمن عودة الأمن والاستقرار للسودان وشعبه. كما أكد الأمير فيصل خلال الاتصال أهمية التزام الأطراف السودانية من أجل استعادة مجريات العمل الإنساني وحماية المدنيين والعاملين في مجال الإغاثة وسلامة الممرات الإنسانية لوصول المساعدات الأساسية.

ومن جانبها، أكدت وزارة الخارجية السودانية، في بيان، استعداد وفد الجيش للعودة إلى مفاوضات «جدة» متى ما تمكن الوسيطان السعودي والأميركي من تذليل العقبات التي حالت دون مواصلة المباحثات. وانسحب وفد الجيش من المفاوضات يوم الأربعاء الماضي، متهماً قوات «الدعم السريع» بعرقلة التوصل لاتفاق وقف العدائيات بسبب رفضها إخلاء المنازل والمرافق الخدمية.

وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله (الشرق الأوسط)

تباين أسباب الشروط

لكن قوات «الدعم السريع» عزت تعثر الاتفاق لاشتراط وفد الجيش فتح ممر آمن لخروج قياداته المحاصرة في مقار عسكرية بالخرطوم، مشددة على أنها لن تسمح بذلك إلا بعد توقيع الاتفاق النهائي. وعبّرت الخارجية، في البيان، عن رغبة السودان في التوصل إلى اتفاق عادل بوقف العدائيات يمهد الطريق لمناقشة قضايا ما بعد الحرب. وذكرت «أن الخارجية تجدد تقديرها للجهود التي تبذلها السعودية وأميركا لتسهيل جولات مفاوضات جدة، وحرصهما على إنجاحها».

وقالت إن تعنت قوات «الدعم السريع» وعدم انصياعها لتنفيذ التزاماتها الموقعة عليها هما السبب وراء تعثر «مفاوضات جدة»، ما حدا بوفد الجيش للعودة إلى البلاد. وأمس، رهن قائد قوات «الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو، الشهير باسم «حميدتي»، إنهاء الحرب في وقت عاجل بتنحي قيادة الجيش الحالية. وتقول قوات «الدعم السريع» إنها تحاصر قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، ونائبه الفريق شمس الدين كباشي، وقادة من كبار الضباط في المقر الرئيسي لقيادة الجيش، وسط العاصمة الخرطوم. وظهر البرهان والكباشي أكثر من مرة في محيط المكان في تسجيلات مصورة.

مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة السوداني (تويتر)

عقار

ومن جهة ثانية، قال نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان مالك عقار في مقابلة مع تلفزيون «آر تي» الروسي إنه ليست هناك شروط للمحادثات بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، مضيفاً أن الأولوية الآن تتمثل في وقف الحرب. وقال عقار إن السبب في فشل المحادثات بين القوات المسلحة و«الدعم السريع» غياب «مبادرة وآلية واحدة لمعالجة الصراع في السودان». وأضاف نائب رئيس مجلس السيادة السوداني أن قيادة بلاده تعول على دور روسيا في إنهاء الصراع الدائر حالياً بين الجيش و«الدعم والسريع». وشدد عقار على أن القيادة السودانية لديها تحفظات على رئاسة كينيا للجنة للرباعية التي شكلتها مجموعة «إيغاد» لمعالجة الأزمة في البلاد. كما اتهم عقار قوات «الدعم السريع» بارتكاب جرائم بشعة بحجم لا يمكن تصوره ضد المدنيين، مشيراً إلى استهدافها بعض الجماعات العرقية بإقليم دارفور في أبشع الجرائم ضد الإنسانية، التي وجدت إدانات من قبل كثير من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية. وقال عقار لدى مخاطبته القمة الروسية الأفريقية، بمدينة سانت بطرسبرغ، إن الأزمة الراهنة في السودان سببها قوات «الدعم السريع» التي شنت حرباً شاملة على العاصمة الخرطوم وبعض المدن في الولايات، ما تسبب بجرائم بشعة ومعاناة إنسانية غير مسبوقة. وأضاف أن القوات المتمردة لا تلتزم بأي قواعد للاشتباك، ولا تحترم القوانين الدولية الإنسانية، ولجأت إلى استخدام المواطنين دروعاً بشرية، كما اعتدت على البعثات الدبلوماسية والعاملين في المجال الإنساني. وجدد ترحيب السودان بكل المبادرات، خصوصاً الإقليمية، شريطة احترام سيادة البلاد، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

تصاعد الدخان فوق المباني بعد قصف جوي خلال اشتباكات بين قوات «الدعم السريع» شبه العسكرية والجيش في الخرطوم (رويترز)

قصف جوي ومدفعي

وانزلق السودان إلى هاوية الاقتتال بين الجيش وقوات «الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) الماضي، بينما كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية كان من المفترض أن تفضي إلى تشكيل حكومة مدنية.

وتبادل الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» القصف المدفعي من مدينة بحري ومنطقة كرري بشمال أمدرمان، مع عدم وجود أي إشارات على نهاية للصراع الممتد منذ أكثر من 3 شهور. وقال مصدر عسكري مقرب من الجيش لـ«وكالة أنباء العالم العربي» إن قصفاً مدفعياً نفذته قوات «الدعم السريع» من مدينة بحري استخدمت فيه قذائف «الهاون» استهدف منطقة وادي سيدنا التي ينطلق منها طيران الجيش، مضيفاً أن المقذوفات سقطت في عدد من أحياء المنطقة.

وأعلنت غرفة طوارئ كرري عن وقوع إصابات وسط السكان جراء القصف، داعية المواطنين إلى توخي الحذر. وأبلغ شهود «وكالة أنباء العالم العربي» بأن قصفاً مدفعياً من منطقة كرري العسكرية التابعة للجيش استهدف مواقع لقوات «الدعم السريع» في بحري. وتشكل بحري وأمدرمان والخرطوم العاصمة القطاع الأوسع على جانبي نهر النيل.

وقال سكان لـ«وكالة أنباء العالم العربي» إن الجيش تمكن من صد هجوم لـ«الدعم السريع» على معسكر سلاح المدرعات في جنوب الخرطوم. وقال منصور عبد القادر، الذي يسكن في حي الشجرة بجنوب الخرطوم، إن قوات «الدعم السريع» تسللت عبر الأحياء المحيطة بسلاح المدرعات، ونفذت هجوماً مباغتاً تصدى له الجيش. وأضاف أن «أصوات الرصاص والمدفعية الثقيلة استمرت أكثر من أربع ساعات، ثم عاد الهدوء إلى المنطقة بعد الفجر، لكن الطيران الحربي حلق في سماء المنطقة».

سودانيات ينتظرن في طابور للحصول على مساعدات من الصليب الأحمر في ضواحي مدينة أدري التشادية بعد فرارهن من الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور بالسودان (رويترز)

السفارة الأميركية

ودعت السفارة الأميركية في السودان الجيش وقوات «الدعم السريع» إلى وقف القتال، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق. وقالت السفارة في بيان إن حصيلة الصراع والمعاناة الإنسانية «مروعة»، ووصفت التقارير الواردة عن سقوط مزيد من الضحايا المدنيين بسبب القصف المكثف من الجانبين بأنها «مفزعة». وطالبت السفارة الأميركية الجيش السوداني و«الدعم السريع» «بضمان احترام قواتهما لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي والتمييز بين المدنيين والمقاتلين»، وتجنب الانتهاكات ومحاسبة مرتكبيها. ومنذ اندلاع الصراع في منتصف أبريل (نيسان)، يستمر القتال بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، حيث تشهد العاصمة معارك يومية على نحو ينذر بحرب أهلية طويلة الأمد، خصوصاً مع اندلاع صراع آخر بدوافع عرقية في إقليم دارفور بغرب البلاد. وقالت هيئة محامي دارفور في بيان إن قوات «الدعم السريع» هاجمت محلية سربا في شمال الجنينة، «وقامت بحرق ونهب منازل المواطنين». وذكرت هيئة محامي دارفور في بيانها أن الهجوم أسفر عن مقتل عدد من ساكني المنطقة، دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.

لقطة من فيديو نشرته قوات «الدعم السريع» على «فيسبوك» لحميدتي متحدثاً إلى مقاتليه

حميدتي وقيادة الجيش

وأكد قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو في مقطع مصور يوم الجمعة أنه مستعد للتوصل لاتفاق ينهي الحرب خلال 72 ساعة في حال تغيير قيادة الجيش. وعندما اندلع القتال بين الطرفين في أعقاب خلافات حول خطط دمج قوات «الدعم السريع» في الجيش، كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دولياً للانتقال إلى حكم مدني بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في انتفاضة شعبية عام 2019. وتوصل الطرفان المتحاربان لعدة اتفاقات لوقف إطلاق النار بوساطة من السعودية والولايات المتحدة، لكن المفاوضات التي جرت في جدة جرى تعليقها الشهر الماضي بعد أن تبادل الجيش و«الدعم السريع» الاتهامات بانتهاك الهدنة بينهما، وهو اتهام يكيله كل طرف للآخر بشكل متكرر. وفي وقت سابق من الشهر الحالي، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن الحرب أسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص، وإصابة ما يزيد على 12 ألفاً، مضيفاً أن الصراع أدى أيضاً إلى تشريد أكثر من 3 ملايين، ونقص المياه والكهرباء والأدوية والرعاية الصحية.


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني يتصدى لمسيَّرات هاجمت سد مروي

شمال افريقيا سد مروي في شمال السودان  (سونا)

الجيش السوداني يتصدى لمسيَّرات هاجمت سد مروي

أعلنت قيادة «الفرقة 19 مشاة» التابعة للجيش السوداني، الاثنين، تصديها لهجوم بعدد من المسيَّرات الانتحارية التي استهدفت سد مروي، أكبر السدود في شمال البلاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي) أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا شهدت مدينة بورتسودان انقطاعاً واسعاً في الكهرباء منذ صباح الاثنين (رويترز)

انقطاع الكهرباء في عدة مناطق سودانية بعد مهاجمة سد مروي

انقطعت الكهرباء، اليوم (الاثنين)، عن بورتسودان، مقر الحكومة السودانية المتحالفة مع الجيش، بعدما استهدف هجوم بمسيّرة سداً لتوليد الطاقة الكهرومائية.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
تحليل إخباري قائد الجيش عبدالفتاح البرهان خلال زيارة لجنوده في منطقة البطانة (صفحة الجيش على «فيسبوك»)

تحليل إخباري ود مدني... سيناريوهات متطابقة في الحرب السودانية

دخل الجيش السوداني مدينة ود مدني الاستراتيجية بوسط البلاد في 11 يناير (كانون الثاني) الجاري، بعد أن كانت «قوات الدعم السريع» قد انسحبت منها.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش السوداني يواصل تقدمه في ولاية الجزيرة

تواصل سقوط مدن ولاية الجزيرة وسط السودان تباعاً في يد الجيش السوداني والفصائل المسلحة المتحالفة معه، من دون أي معارك.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا خيام نازحين سودانيين في بعض الدول (المنظمة الدولية للهجرة)

هل تفتح انتصارات البرهان الباب لعودة سودانيين من مصر؟

«انتصارات البرهان» الأخيرة تفاعل معها سودانيون يقيمون في ضاحية فيصل بمحافظة الجيزة بمصر، عبر احتفالات واسعة للجالية السودانية.

أحمد إمبابي (القاهرة )

السعودية واليونان تبحثان تطوير التعاون بمختلف المجالات

ولي العهد السعودي لدى استقباله رئيس الوزراء اليوناني بالمخيم الشتوي في العُلا (واس)
ولي العهد السعودي لدى استقباله رئيس الوزراء اليوناني بالمخيم الشتوي في العُلا (واس)
TT

السعودية واليونان تبحثان تطوير التعاون بمختلف المجالات

ولي العهد السعودي لدى استقباله رئيس الوزراء اليوناني بالمخيم الشتوي في العُلا (واس)
ولي العهد السعودي لدى استقباله رئيس الوزراء اليوناني بالمخيم الشتوي في العُلا (واس)

استعرض الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، الاثنين، مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، أوجه العلاقات الثنائية بين البلدَيْن، وبحثا سبل تطوير التعاون في مختلف المجالات.

جاء ذلك بعد استقبال الأمير محمد بن سلمان، لميتسوتاكيس، في المخيم الشتوي بمحافظة العُلا (شمال غربي المملكة)، وسط ترحيب من الفرق الشعبية التي قدّمت عروضاً فنية من التراث الشعبي الذي يُقام في المناسبات الوطنية. كما اطلع رئيس الوزراء اليوناني، خلال جلستهما في «بيت الشعر»، على التراث والثقافة السعودية الأصيلة.

ولي العهد السعودي مستقبلاً رئيس الوزراء اليوناني بالمخيم الشتوي في العُلا (واس)

وتبادل الأمير محمد بن سلمان وميتسوتاكيس خلال الاستقبال وجهات النظر بشأن المستجدات التي تهم البلدين على الساحتَيْن الإقليمية والدولية، والجهود المبذولة تجاهها.

كما ترأسا مجلس الشراكة الاستراتيجية السعودي - اليوناني، الذي استعرض الموضوعات المدرجة على جدول أعماله بحضور الأعضاء. ووقّعا على محضر الاجتماع.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء اليوناني يترأسان مجلس الشراكة الاستراتيجية (واس)

من جانب آخر، زار رئيس الوزراء اليوناني، منطقة «الحِجر» التاريخية في العُلا، أول موقع سعودي على قائمة «اليونسكو» للتراث العالمي، حيث اطلع على معالم ومواقع أثرية بارزة يعود تاريخها لآلاف السنين، وشُيّدت خلال حقب زمنية ماضية.

وشملت الزيارة قصرَي «الفريد»، و«البنت»، وجبل «أثلب»، الذي يُشكّل مسرحاً مفتوحاً بين طبيعة وتضاريس المنطقة ومكوناتها. وتضمنت مواقع وشواهد تاريخية قديمة تزخر بها العُلا، وتُمثِّل مقصداً للسياح من مختلف الدول، وتحظى بعناية الجهات ذات العلاقة، للحفاظ على مكوناتها بوصفها إرثاً إنسانياً يعبّر عن طبيعة المنطقة، وواقع الحضارات الإنسانية التي سكنتها على مدار العصور.

رئيس الوزراء اليوناني زار معالم العُلا التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين (واس)

كان ميتسوتاكيس قد وصل والوفد المرافق له إلى العُلا، ظهر الاثنين، وذلك في إطار زيارته للسعودية، حيث استقبله بالمطار الأمير سلمان بن سلطان أمير منطقة المدينة المنورة، والدكتور ماجد القصبي وزير التجارة (الوزير المرافق)، وسفيرا البلدين، وعدد من المسؤولين.

الأمير سلمان بن سلطان مستقبلاً الرئيس كيرياكوس ميتسوتاكيس لدى وصوله إلى مطار العلا الدولي (واس)

وتشكّل العلاقات بين البلدين نموذجاً للتعاون المثمر والمستدام، بُني على أسس من الاحترام المتبادل والقيم الإنسانية المشتركة. وتعكس الزيارة تقدير الحكومة اليونانية للأمير محمد بن سلمان، ومكانة السعودية السياسية والاقتصادية، وثقلها ودورها المحوري إقليمياً ودولياً، وحرص قيادات الدول على التشاور مع قيادة المملكة حول مستجدات أحداث المنطقة والعالم.

وشهدت العلاقات على مر السنين تطوراً ملحوظاً في مختلف الأصعدة، عزّزتها الزيارات رفيعة المستوى عبر اتفاقيات ومذكرات تفاهم في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية، مع مساعي البلدين لدفعها قُدماً بما يتماشى مع تطلعات شعبيهما، ويُسهِم في تحقيق المصالح المشتركة إقليمياً ودولياً.

وأثمر لقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في فبراير (شباط) 2017، مع الرئيس اليوناني بروكوبيوس بافلوبولوس، عن توقيع مذكرات تفاهم للتعاون في مجال الأقمار الاصطناعية وتطبيقاتها، ومشروع علمي وتقني.

خادم الحرمين خلال جلسة مباحثات رسمية مع رئيس اليونان في الرياض فبراير 2017 (واس)

واستعرض الأمير محمد بن سلمان مع ميتسوتاكيس في الرياض خلال فبراير 2020 أوجه العلاقات الثنائية، وفرص تعزيزها بمختلف المجالات، وبحثا تطورات أوضاع المنطقة.

وشهد عام 2021 نقطة تحول في تاريخ علاقات البلدين عبر الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى، حيث اجتمع ولي العهد في أبريل (نيسان) مع وزير الخارجية اليوناني نيكولاوس ديندياس، في جدة، واستعرضا أوجه التعاون المشترك في مختلف المجالات، والسبل الكفيلة بدعمه وتطويره.

وبحث الأمير محمد بن سلمان مع ميتسوتاكيس بالرياض في أكتوبر (تشرين الأول)، فرص تعزيز آفاق التعاون بمختلف المجالات، وتبادلا وجهات النظر حول المسائل والقضايا التي تهم البلدين إقليمياً ودولياً، وبما يسهم في دعم وتعزيز أمن واستقرار المنطقة. واتفقا على بحث إمكانية إنشاء صندوق استثماري مشترك، والعمل على رفع مستوى وجاهزية ومهارة قواتهما العسكرية، وترتيب عقد منتديات استثمار سعودية - يونانية، ورفع مستوى الحراك والتبادل الثقافي.

ولي العهد السعودي يلتقي رئيس الوزراء اليوناني في الرياض أكتوبر 2021 (واس)

وشارك ميتسوتاكيس خلال تلك الزيارة في «قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر»، مثمناً دورها الإيجابي في تحقيق الاستقرار والتوازن البيئي، وتقليل آثار التغير المناخي الذي سيعود على شعوب المنطقة بالخير والنماء، ومشيداً بجهود السعودية الكبيرة ومبادراتها البناءة والنوعية. كما حضر أعمال المنتدى العالمي لصندوق الاستثمارات العامة بدورته الخامسة الذي ناقش اتجاهات الاقتصاد العالمي، ومستقبل بيئة الاستثمار الدولي.

وحرصاً من القيادة السعودية على التواصل وتعزيز العلاقات بين السعودية والدول الشقيقة والصديقة في المجالات كافة؛ وجّه خادم الحرمين، ولي العهد، بزيارة اليونان في يوليو (تموز) 2022؛ لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، ومناقشة القضايا المشتركة.

وشهد الأمير محمد بن سلمان وميتسوتاكيس خلالها توقيع اتفاقيات لإنشاء مجلس الشراكة الاستراتيجية السعودي - اليوناني، وفي مجالات الطاقة، ومكافحة الجريمة، وحماية وتشجيع الاستثمار بين البلدين، والوثائق والأرشفة، والمجال العسكري، ومذكرات تفاهم للتعاون الصحي والعلمي والتقني والثقافي والرياضي، وبرنامج تعاون فني في مجالات المقاييس والجودة، واتفاقية الكابل البحري.

تبادل اتفاقيات خلال زيارة ولي العهد السعودي لليونان في يوليو 2022 (واس)

وتجمع البلدين علاقات اقتصادية وتجارية قوية، حيث تعد السعودية الشريك التجاري الثاني بالنسبة لليونان بين دول المنطقة، وبلغ حجم التجارة البينية بينهما عام 2023 نحو 3.713 مليار دولار، حيث صدّرت الرياض إلى أثينا ما قيمته 998 مليون دولار، منها 762 مليون دولار صادرات نفطية، و236 مليون غير نفطية، فيما استوردت من اليونان ما قيمته 2.715 مليار دولار.

وفي إطار التعاون المستمر بين البلدين، قدمت الرياض مساعدات تنموية وإنسانية تمثلت في التعليم والصحة عبر 6 مشاريع تجاوزت قيمتها 15.1 مليون دولار، وفقاً لـ«منصة المساعدات السعودية».