قبضة أمنية وعسكرية حوثية في إب خشية انتفاضة شعبية

قيادي في الجماعة وصف سلوكها بـ«النازي»

رئيس مجلس حكم الحوثيين يشرف شخصياً على القمع في إب (إعلام حوثي)
رئيس مجلس حكم الحوثيين يشرف شخصياً على القمع في إب (إعلام حوثي)
TT

قبضة أمنية وعسكرية حوثية في إب خشية انتفاضة شعبية

رئيس مجلس حكم الحوثيين يشرف شخصياً على القمع في إب (إعلام حوثي)
رئيس مجلس حكم الحوثيين يشرف شخصياً على القمع في إب (إعلام حوثي)

«يتعاملون مع إب كدولة احتلال»، بهذه العبارة يصف محمد المقالح، القيادي السابق في ما تسمى «اللجنة الثورية» للحوثيين، ممارسات جماعته في المحافظة الواقعة على مسافة 193 كيلومتراً جنوب العاصمة اليمنية صنعاء، مشبهاً سلوك الميليشيات بـ«النازي»، وذلك غداة الدفع بآلاف المسلحين إلى المحافظة وتشديد القبضة المخابراتية في مركزها ومداهمة منازل وإحراقها وقتل بعض سكانها في غربها.

المقالح، والمعروف بانتقاداته أداء حكم الحوثيين نتيجة علاقته الوثيقة بزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي الذي يوفر له الحماية من الاعتقال أو الاعتداء، طلب من الحوثيين عشية عودة مهدي المشاط، رئيس مجلس الحكم الانقلابي من إب، أن يثقوا بالناس وأن يدعوهم يحكمون أنفسهم. وحذرهم من أن محافظة إب «ليست مسكينة» ولكنها «عاقلة»، وقال: «غداً تسمعون إلى نصائحنا ولكن بعد فوات الأوان».

هذا التحذير أعقب تنفيذ الحوثيين عرضاً عسكرياً ضم الآلاف من المقاتلين الذين تم استقدامهم من محافظة ذمار، واختيرت ساحة جامعة إب مكاناً له؛ بهدف إرهاب السكان.

وأعادت مصادر مطلعة في المحافظة أسباب هذا الحشد العسكري إلى تقارير مخابراتية تفيد باتساع قاعدة الرفض الشعبي لحكم الجماعة في المحافظة، وفشل مساعي التغيير الطائفي الذي تعمل عليه الجماعة منذ سنوات.

تنامي الرفض الشعبي

وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن عناصر مخابرات الحوثي أفادت بعزوف شبه شامل للسكان في المدينة عن الحضور إلى المساجد عند بث خطابات عبد الملك الحوثي، رغم الحملات التي يقوم بها المسؤولون ونشطاء الحوثيين في وسط الأحياء، والسماح للموظفين بالخروج من العمل على أن يذهبوا لسماع المحاضرات اليومية التي تبثها كل وسائل الإعلام التي يسيطر عليها الحوثيون تحت مسمى «الدروس الصيفية».

ويقول سكان وسياسيون لـ«الشرق الأوسط»: إن الحوثيين حولوا عاصمة المحافظة إلى منطقة عسكرية، كما أرسلوا كتائب إضافية من العناصر الأمنية والمخابراتية التي ينتمي منتسبوها إلى محافظة صعدة وحجة وذمار وغالبية قادة هذه التشكيلات من سلالة الحوثي.

والهدف من ذلك، بحسب المصادر، تشديد القبضة المخابراتية على المدينة، بالتزامن ونقل العشرات من شبانها إلى صنعاء بعدما اعتقلوا على خلفية مشاركتهم في التظاهرة الجماهيرية التي رافقت تشييع الناشط حمدي المكحل الذي تمت تصفيته في مقر أمني حوثي في نهاية مارس (آذار) الماضي.

رياض الشهاري قُتل على يد المشرف الحوثي أبو حسين الهاروني في غربي إب (تويتر)

وبحسب هذه المصادر، فإن فشل الخطة التي اعتمدها الحارس الشخصي السابق لزعيم الحوثيين «أبو علي الكحلاني» منذ توليه مهمة المسؤول الأمني في المحافظة، دفعت بقيادة الحوثيين إلى تغيير المسؤولين عن فرع المخابرات وإلى عسكرة المدينة.

وقالت المصادر: إن الكحلاني تعمّد إغراق المحافظة بالصراعات وقضايا القتل والنهب، وأطلق يد المشرفين والمسؤولين لمصادرة الأراضي لأن معظم مساحة عاصمة المحافظة من أراضي الأوقاف التي يعود تاريخ وقفها إلى أيام حكم الملكة أروى بنت أحمد الصليحي، في حين تفاجأ الجماعة دائماً بردة فعل شعبية مناهضة.

مسح شعارات الحوثيين

وفق المصادر المحلية، أقدم مجهولون على مسح شعارات الحوثيين في أحد الأحياء السكنية في عاصمة المحافظة رغم الانتشار الأمني المكثف لعناصر الحوثيين في شوارع المدينة.

وأكد شهود أن مجهولين أشعلوا النار في الملصقات والشعارات التي وزعها الحوثيون في مختلف الشوارع، ومن بينها الشعارات التي تدعي حصر الولاية على سلالة الحوثي وشعار «الثورة الخمينية».

وأفاد الشهود بأن حي «دار الشرف» بمديرية المشنة كان أكثر الأحياء التي تعرضت فيه ملصقات وشعارات الحوثيين للتمزيق، بعدما ألصقت على جدران المنازل أو علقت بلوحات قماشية وسط الشوارع.

منزل أحرقه الحوثيون في غربي محافظة إب اليمنية (تويتر)

وذكر الشهود أن الحوثيين عادوا وألصقوا شعارات بديلة لتلك التي تم إحراقها أو تمزيقها، إلا أن المجهولين عادوا وأحرقوا تلك الشعارات ومزقوا الملصقات، في حين رد الحوثيون على ذلك وفرضوا طوقاً أمنياً على مدخل الحي وبدأوا التحقق من هويات الداخلين إليه والخارجين منه بحثاً عن مشتبه بهم اعتماداً على وشاية عناصر تنتمي إلى سلالة الحوثي وتتولى مراقبة نشاط الشبان في مواقع التواصل الاجتماعي أو أثناء النقاشات التي تشهدها مقاهي الحي وشوارعه.

وفي مسعى لتعزيز القبضة الأمنية بعد فشل كل محاولات إخضاع السكان، ذكرت المصادر أن مخابرات الحوثيين ألزمت أصحاب المحال التجارية الصغيرة على وضع كاميرات مراقبة في كل شوارع الحي حتى تتمكن من رصد النشطاء الذين يمزقون شعارات الجماعة.

وإلى ذلك، نفذت مخابرات الجماعة حملة اعتقالات عشوائي استهدفت بعض الشبان الذين يعرفون بمواقفهم المعارضة لسلطة الحوثيين ومساعيهم للتغيير المذهبي، وقالت المصادر المحلية: إن ستة من المعتقلين على ذمة المشاركة في تشييع الناشط حمدي المكحل نقلوا إلى صنعاء وهم شمسان الشميري وصادق قحيم، وناجي الخوري، والأشقاء الثلاثة ماجد وهاني وأبو بكر الزراري.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

المشرق العربي جانب من إخضاع الحوثيين سكاناً في مدينة الحديدة للتعبئة القتالية (فيسبوك)

الحوثيون يُخضعون إعلاميين وناشطين في الحديدة للتعبئة

بعد أن أخضعت العشرات منهم لدورات تدريبية تعبوية، منعت الجماعة الحوثية إعلاميين وصحافيين وناشطين حقوقيين في محافظة الحديدة اليمنية (223 كلم غرب صنعاء) من العمل.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي جرافة حوثية تهدم محلاً تجارياً في إحدى المناطق التابعة لمحافظة الضالع (فيسبوك)

اعتداءات مسلحة أثناء تحصيل الحوثيين جبايات في الضالع

يتهم سكان محافظة الضالع اليمنية الجماعة الحوثية بارتكاب ممارسات إجرامية خلال تحصيل إتاوات تعسفية وغير قانونية من الباعة والتجار والسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي انتهاكات جسيمة بحق الصحافة والصحافيين ارتكبتها الجماعة الحوثية خلال سنوات الانقلاب والحرب (إعلام محلي)

تأسيس شبكة قانونية لدعم الصحافيين اليمنيين

أشهر عدد من المنظمات المحلية، بالشراكة مع منظمات أممية ودولية، شبكة لحماية الحريات الصحافية في اليمن التي تتعرّض لانتهاكات عديدة يتصدّر الحوثيون قائمة مرتكبيها.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

يواجه الآلاف من مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خطر الموت بسبب إهمال الرعاية الطبية وسط اتهامات للجماعة الحوثية بنهب الأدوية والمعونات

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

السلطان هيثم وإردوغان يبحثان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

الرئيس التركي مستقبلاً سلطان عُمان بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي مستقبلاً سلطان عُمان بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

السلطان هيثم وإردوغان يبحثان العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية

الرئيس التركي مستقبلاً سلطان عُمان بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)
الرئيس التركي مستقبلاً سلطان عُمان بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

اتفقت تركيا وسلطنة عُمان على الاستمرار في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون فيما بينهما، وصولاً إلى رفع حجم التبادل التجاري إلى 5 مليارات دولار، وأكدتا دعمهما لأي مبادرات للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة، على غرار الاتفاق الذي تم التوصل إليه في لبنان.

وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إننا «نهدف لرفع حجم تجارتنا مع سلطنة عُمان إلى 5 مليارات دولار بما يتماشى وإمكاناتنا المتوفرة، وسندخل حقبة جديدة في تعاوننا بمجال الطاقة مع بدء إمدادات الغاز المسال من سلطنة عمان إلى تركيا اعتباراً من يوليو (تموز) 2025».

وعبر إردوغان، في مؤتمر صحافي مشترك مع سلطان عُمان هيثم بن طارق عقب مباحثاتهما بالقصر الرئاسي في أنقرة، الخميس، عن سعادته باستضافته في تركيا في أول زيارة رسمية على مستوى سلطان عمان إلى تركيا، مشيراً إلى أنه يعتزم زيارة السلطنة في المستقبل.

وأعرب عن رغبته في الاستمرار في تطوير العلاقات التاريخية بين البلدين في جميع المجالات، وتقدم بشكره إلى سلطان عمان على تضامن بلاده مع تركيا في مواجهة كارثة الزلزال العام الماضي، وكذلك على جهوده لإحلال السلام من خلال تحمل المسؤولية في العديد من القضايا التي تهم منطقتنا، وخاصة الصراع في اليمن، وهي جهود تستحق الإعجاب.

إردوغان والسلطان هيثم بن طارق خلال المؤتمر الصحافي (الرئاسة التركية)

إطار مؤسسي

وقال إردوغان: «نريد توفير إطار مؤسسي لعلاقاتنا، ولهذا الغرض، ناقشنا الخيارات التي يمكننا الاستفادة منها، بما في ذلك آلية التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى، وتم التوقيع على 10 وثائق لتعزيز تعاوننا في مجالات مثل العلاقات الخارجية والاقتصاد والصناعة والاستثمار والصحة والثقافة والزراعة والثروة الحيوانية».

وذكر أن التعاون في مجال الصناعة الدفاعية كان أيضاً على جدول الأعمال خلال الاجتماع، وقال إنهم فخورون بتفضيل سلطنة عمان للمنتجات الدفاعية التركية. وأشار إلى أن شركات المقاولات التركية لديها مشاريع بقيمة 7 مليارات دولار في سلطنة عمان حتى الآن، ويمكنها أن تقدم مساهمات ملموسة في إطار «رؤية عمان 2040».

وقال إردوغان إنه ناقش مع سلطان عمان القضايا والتطورات الإقليمية، لافتاً إلى أن إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن مبادرة جديدة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة يعد «خطوة متأخرة للغاية ولكنها مهمة».

وأكد أنه لا يمكن الوصول إلى السلام الإقليمي والعالمي ما لم يتحقق وقف فوري وعادل ودائم لإطلاق النار في غزة، وأن تركيا لن تتردد في بذل كل ما في وسعها لتحقيق الهدوء والسلام في غزة، وتعرب عن ترحيبها بوقف إطلاق النار في لبنان.

بدوره، أكد سلطان عمان هيثم بن طارق أن بلاده ستواصل عملها على تعزيز علاقتها مع تركيا في مختلف المجالات وزيادة حجم التبادل التجاري بينهما إلى 5 مليارات دولار.

إرساء الأمن في المنطقة

وقال إنه ناقش مع الرئيس التركي العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية، وأكد أن الرغبة المشتركة للجميع هي إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة. وأضاف: «علينا أن نعمل معاً لتعزيز التعاون الإقليمي، وفي هذا السياق، نود، كسلطنة عمان، أن نعرب عن دعمنا موقف تركيا من القضايا الدولية التي تهم منطقتنا». وأكد أن التعاون «يجب أن يستمر من أجل تحقيق حل الدولتين لفلسطين، ويجب تحقيق هذا الهدف من أجل إقامة العدل والسلام للجميع».

وكان إردوغان قد استقبل سلطان عمان، هيثم بن طارق، في مطار أسنبوغا في أنقرة يوم الخميس، وأقام مراسم رسمية لاستقباله بالقصر الرئاسي، وعقدا جلسة مباحثات ثنائية أعقبتها جلسة موسعة لوفدي البلدين جرى خلالها توقيع 10 اتفاقيات ومذكرات تفاهم.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمي لسلطان عُمان (الرئاسة التركية)

وتبادل إردوغان وسلطان عمان أوسمة رفيعة المستوى، خلال مراسم أقيمت مساء الخميس في بالقصر الرئاسي، حيث قلّد إردوغان السلطان هيثم «وسام الدولة للجمهورية التركية»، وهو أرفع وسام في البلاد، وقلده سلطان عمان «وسام آل سعيد»، أرفع أوسمة السلطنة. وأقام إردوغان مأدبة عشاء على شرف سلطان عمان.