انقلابيو اليمن يستبيحون محافظة إب بالخطف وإحراق المنازل

الميليشيات تواصل نقل المعارضين إلى معتقلاتها بصنعاء

يمنيون يتسوقون قبيل عيد الأضحى أمام مدينة صنعاء القديمة (أ.ف.ب)
يمنيون يتسوقون قبيل عيد الأضحى أمام مدينة صنعاء القديمة (أ.ف.ب)
TT

انقلابيو اليمن يستبيحون محافظة إب بالخطف وإحراق المنازل

يمنيون يتسوقون قبيل عيد الأضحى أمام مدينة صنعاء القديمة (أ.ف.ب)
يمنيون يتسوقون قبيل عيد الأضحى أمام مدينة صنعاء القديمة (أ.ف.ب)

​تجاهلت الميليشيات الحوثية في اليمن مطالب المسؤولين المحليين في محافظة إب، بإطلاق سراح عشرات الشبان المعتقلين على ذمة مشاركتهم في تشييع الناشط حمدي المكحل، الذي تمت تصفيته في أحد المقرات الأمنية، في حين اقتحم عناصرها منزلين غربي المحافظة، وطردوا السكان منهما قبل أن يقوموا بإحراقهما.

مصادر محلية في مدينة إب عاصمة المحافظة، ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أن مخابرات ميليشيات الحوثي واصلت نقل المعتقلين في سجون المحافظة، ممن شاركوا في تشييع المكحل، إلى صنعاء؛ حيث بلغ مجموع من تم نقلهم على 3 دفعات 30 شاباً.

وأكدت المصادر أن بقية السجناء يواصلون إضراباً عن الطعام، مطالبين بإطلاق سراحهم، وأن مجموعة من شبان المدينة كسروا حاجز الصمت تجاه استمرار اعتقال العشرات، وطالبوا مهدي المشاط رئيس مجلس حكم الانقلاب الذي كان في زيارة إلى المحافظة، بإطلاق سراح جميع زملائهم المعتقلين، أسوة بمن تم الإفراج عنهم في صنعاء.

ووفق هذه المصادر، فإن هذا الموقف شجع المسؤولين المحليين في المحافظة على تأييد مطالب الإفراج عن المعتقلين، رغم محاولة إدانتهم بالخطأ، وتوسلوا إلى المشاط للاكتفاء بالفترة التي قضوها في سجون المخابرات عقاباً لهم على مشاركتهم في الجنازة التي تحولت إلى تظاهرة شعبية منددة بسلطة الميليشيات.

إب العاصمة السياحية لليمن حوَّلها الحوثيون إلى ساحة للجرائم (تويتر)

ومع ذلك، وحسب المصادر، فإن المشاط لم يستجب لتلك المطالب؛ لأنه يدرك أن القرار الفعلي بيد أحمد حامد، المعين مديراً لمكتبه، ولهذا طلب من مسؤولي المحافظة متابعته لمعالجة الموضوع، واشترط أن يضمن المسؤولون المعتقلين عند إطلاق سراحهم، بعدم العودة للتظاهر مرة أخرى، وألا يصدر عنهم أي موقف؛ سواء في الأحاديث العامة أو في مواقع التواصل الاجتماعي، تتعارض والنهج الطائفي للميليشيات.

إحراق منازل واعتقالات

المصادر أفادت أيضاً بأنه عقب مغادرة رئيس مجلس حكم الحوثي للمحافظة، أقدمت مجموعة مسلحة تتبع قيادياً في الجماعة على اقتحام منزلين في قرية ثعوب الواقعة بعزلة خباز التابعة لمديرية العدين غرب مدينة إب؛ حيث أخرجت الأطفال والنساء منهما بالقوة، وقامت بإحراق المنزلين المملوكين لأسرة الشهاري التي دخلت في نزاع مع أسرة الدميني منذ ما يزيد على عام.

وذكرت أن المجموعة المسلحة تدين بالولاء للمشرف الحوثي في المديرية أبو حسين الهاروني؛ حيث قامت بحصار المنزلين واقتحمتها، وأخرجت الأسر التي تسكنهما، ومن ثم إحراقهما ومنع أي محاولة لإطفاء النيران، حتى تهدمت أجزاء منهما.

هذه الحادثة أتت متزامنة مع قيام عناصر ميليشيات الحوثي باقتياد عشرة من الفلاحين في مديرية ذي السفال المجاورة، بعد رفضهم دفع الجبايات المضاعفة التي فرضت عليهم من قبل السلطة المحلية، وفق ما أفاد به سكان في المنطقة.

الناشط اليمني علي السياغي أبرز المعتقلين في إب (فيسبوك)

وأكد السكان أن الحملة التي ينفذها فرع هيئة أراضي الدولة التي يشرف عليها القيادي الحوثي المتنفذ محمد علي الحوثي، تهدف إلى إرغام الفلاحين المستفيدين من الأراضي العامة على دفع إتاوات تفوق بأضعاف ما كانوا يدفعونه في السابق.

وحسب رواية السكان، فإن القيادي المحلي في ميليشيات الحوثي حارث راوح، المعين مديراً للهيئة العامة للأراضي بمديرية ذي السفال، وجَّه باعتقال كل مزارع يرفض دفع الجباية التي قررها، وقام بإيداع المختطفين في سجون عاصمة المحافظة.

وذكروا أن سكان منطقة جبير مستمرون في رفضهم لهذه الجبايات، بينما صعَّد القيادي الحوثي حملات المداهمة والاعتقال، بعد أن توقفت هذه الحملة خلال شهر رمضان الماضي.

السكان أفادوا بأن الزيادة التي فرضها القيادي الحوثي وصلت إلى 1000 في المائة مما كانوا يدفعونه في السابق، وقالوا إن أكثر من عشرة من الفلاحين ما زالوا في السجن، بعد إطلاق الدفعة الأولى من المعتقلين إثر إلزامهم بتحرير تعهدات بدفع ما فرض عليهم، وبينوا أن التهديدات متواصلة باقتحام المزارع ومصادرة المحاصيل، واعتقال كل من يرفض الامتثال لتلك التوجيهات.

مناشدات لإطلاق مختطف

وفي سياق متصل بالوضع في مديرية العدين غربي محافظة إب، أطلق ناشطون مع أسرة مصطفى حاتم مناشدات لسلطة الميليشيات، للإفراج عن الرجل الذي اعتقل من دون أي تهمة منذ 7 أشهر؛ حيث أطلقت الوعود من قادة الميليشيات لوجهاء المنطقة بالإفراج عنه.

وقال الناشطون إن أسرة الرجل تعاني من الصدمة، بعد أن تم إنزاله من السيارة التي كان يستقلها أمامهم ومن دون تهم واضحة، مع أنه معروف لدى الجميع بسلميته.

اختطف مصطفى منذ 7 أشهر من قبل الحوثيين ولا يعرف ما هي تهمته (فيسبوك)

وذكر الناشطون أن المسؤولين الحوثيين وعدوا بالإفراج عنه سريعاً، وأن أحد هذه الوعود كان قبل شهر رمضان الماضي، وأن الأسرة قامت بتزيين البيت فرحاً واستعداداً لاستقباله، إلا أن رمضان مر ولم يخرج، كما قطعت لهم الجماعة وعداً آخر بأن يُطلق سراحه قبل عيد الفطر الماضي، فتجمعت العائلة انتظاراً له؛ لكن أسبوع العيد مر أيضاً وقضاه الرجل وحيداً في السجن.

ووفق ما جاء في المناشدة، فإن الأسرة تلقَّت آخر الوعود منذ أسبوعين، مسنودة بتأكيدات على أنه لا توجد عليه أي تهم، وأن نجله الأكبر توجه من مديرية العدين إلى عاصمة المحافظة لتسلُّم والده، إلا أنه عاد وحيداً.

وأكدت أسرة المختطف أنها طرقت جميع الأبواب، ونفذت تعليمات السلطات الأمنية للحوثيين بعدم الحديث عن اعتقال الرجل إلى حين استكمال الإجراءات، وأنها أحضرت وسطاء من زعماء القبائل، ومع ذلك يرفض الحوثيون إطلاق سراحه.​


مقالات ذات صلة

إسرائيل ستستثمر خلال العقد المقبل 110 مليارات دولار في تصنيع الأسلحة

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

إسرائيل ستستثمر خلال العقد المقبل 110 مليارات دولار في تصنيع الأسلحة

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء إن بلاده ستستثمر 350 مليار شيقل (أي ما يوازي 110 مليارات دولار) على مدى السنوات العشر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (القدس)
الخليج أسرى يلوِّحون بأيديهم لدى وصولهم إلى مطار صنعاء في عملية تبادل سابقة (أرشيفية- رويترز)

أطراف النزاع في اليمن يتفقون على تبادل 2900 محتجز

أكد مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن أطراف النزاع في اليمن اختتمت، الثلاثاء، اجتماعاً استمر 11 يوماً في سلطنة عمان.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
العالم العربي جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)

جناح «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يستكمل خضوعه للحوثيين

استكمل جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الحوثيين مسارَ الرضوخ لإملاءات الجماعة، وذلك بفصل الأمين العام للحزب، غازي علي الأحول.

محمد ناصر (تعز)
شمال افريقيا باخرة شحن تعبر قناة السويس (أرشيفية - أ.ب)

ما خطط شركات الشحن البحري للعودة إلى قناة السويس؟

تضع شركات الشحن الكبرى استراتيجيات للعودة المحتملة إلى قناة السويس بعد عامين من التعثر بسبب الأخطار الأمنية في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي الحوثيون يُرهِبون المجتمع اليمني بالاعتقالات وتلفيق تهم التجسس (إ.ب.أ)

موجة اعتقالات حوثية إضافية تطول 10 موظفين أمميين

صعّدت الجماعة الحوثية من حملتها ضد الأمم المتحدة ووكالاتها، باحتجازها عشرة من موظفي المنظمة اليمنيين ليرتفع العدد في معتقلات الجماعة إلى 69 موظفاً

«الشرق الأوسط» (عدن)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.