انقلابيو اليمن ينقلون معتقلين من إب إلى صنعاء وسط مخاوف من تعذيبهم

على خلفية مشاركتهم في تشييع جنازة ناشط قتل في السجن

جنازة الناشط حمدي المكحل مثلت انتفاضة شعبية ضد الحوثيين (تويتر)
جنازة الناشط حمدي المكحل مثلت انتفاضة شعبية ضد الحوثيين (تويتر)
TT

انقلابيو اليمن ينقلون معتقلين من إب إلى صنعاء وسط مخاوف من تعذيبهم

جنازة الناشط حمدي المكحل مثلت انتفاضة شعبية ضد الحوثيين (تويتر)
جنازة الناشط حمدي المكحل مثلت انتفاضة شعبية ضد الحوثيين (تويتر)

نقلت الميليشيات الحوثية 4 معتقلين من مدينة إب إلى مركز مخابرات الجماعة في صنعاء، على خلفية مشاركتهم في تشييع جنازة الناشط حمدي المكحل الذي تمت تصفيته في معتقل حوثي، وفق ما أفاد به أقارب السجناء.

وتسود مخاوف في أوساط الحقوقيين من تعرض المعتقلين للتعذيب ومن قيام الميليشيات بإرغامهم على تسجيل اعترافات كاذبة بالتهم الموجهة إليهم، ومن ثم إحالتهم إلى المحكمة المتخصصة بقضايا الإرهاب، كما حدث مع معتقلين آخرين وإصدار أحكام قاسية في حقهم.

مصادر قريبة من أسر المعتقلين ذكرت لـ«الشرق الأوسط» أنه وفيما كانت الأسر تتنظر الإفراج عن أبنائها المعتقلين منذ أكثر من شهرين إلا أنها فوجئت بإقدام فرع مخابرات الميليشيات الحوثية في إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) على نقل أربعة من شباب المدينة القديمة إلى صنعاء وإيداعهم معتقلاً سرياً يتبع أجهزة المخابرات هناك.

ولم تتمكن أسر المعتقلين من التواصل معهم، كما لا تعرف مكان إخفائهم، وتخشى من إخضاعهم لجلسات تعذيب قاسية؛ لإرغامهم على تسجيل اعترافات كاذبة بالتهم التي توجه إليهم، ومنها العمل لصالح الحكومة، عند مشاركتهم في تشييع المكحل، وقيادتهم للمحتجين، وترديد هتافات وصفوا فيها الحوثي بأنه «عدو الله»، وقيام مشاركين آخرين بتمزيق شعارات الميليشيات في شوارع المدينة، رداً على تصفية الناشط المكحل.

علي السياغي أبرز المعتقلين في مدينة إب اليمنية من قبل الحوثيين (تويتر)

سلوك قمعي متأصل

المصادر أعادت التذكير بسلوك الحوثيين القمعي مع المعتقلين في كل المحافظات، حيث يتم الإفراج عن بعضهم بعد قضاء فترة طويلة في سجون المحافظات، بينما يتم إرسال آخرين إلى صنعاء حيث يتعرضون هناك لأصناف من التعذيب، ويتم عزلهم بشكل كامل عن العالم الخارجي، ومنع أسرهم من زيارتهم لعدة سنوات قبل إحالتهم إلى المحكمة المتخصصة بقضايا الإرهاب، وهي المحكمة التي أصدرت مئات الأحكام بإعدام من لا يتفقون مع نهج الميليشيات، حيث تعقد المحكمة كثيراً من جلساتها داخل مقر المخابرات.

الخطوة الحوثية أتت متزامنة وإفراج مخابرات الجماعة في إب عن محمد النجار، وهو أحد شبان المدينة القديمة الذين شاركوا في تشييع جنازة المكحل، بعد أن أمضى شهرين في سجن المخابرات، إلا أنه ورغم إطلاق سراحه وعدم ثبوت أي اتهام ضده سوى مشاركته في تشييع المكحل، فقد فوجئ أنه قد فصل من عمله لدى فرع إدارة المرور في إب، بحجة غيابه عن العمل مع أنه كان في المعتقل.

محكمة أمن الدولة الحوثية أصدرت أحكاماً جائرة في حق المئات من المعارضين (إعلام حوثي)

وتعيش المدينة القديمة في إب حالة احتقان متصاعدة مع الميليشيات الحوثية منذ مدة، وبلغت مداها مع تصفية حمدي المكحل، حيث قامت الجماعة بإغلاق مداخل المدينة بالكامل وملاحقة النشطاء وإخضاع السكان للمراقبة والتفتيش اليومي عند الدخول أو الخروج منها.

ولا تزال الميليشيات - وفق ما قاله سكان - مستمرة حتى الآن في منع وصول المساعدات لأبناء وأسرة الناشط المكحل، كما أن إدارة الأمن والنيابة الخاضعتين لسيطرة الحوثيين لم تعلن حتى الآن أي نتائج للتحقيق في قضية تصفية المكحل داخل أحد سجون إدارة الأمن نهاية مارس (آذار) الماضي.

انتهاك حقوق السجناء

في سياق منفصل ذكر المحامي عبد المجيد صبرة الذي يتولى الدفاع عن المعتقلين لدى الحوثيين أن 21 من السجناء شكوا في آخر جلسة عقدتها المحكمة الحوثية المتخصصة بقضايا الإرهاب وأمن الدولة من سوء عملية نقلهم من سجن المخابرات إلى قاعة المحكمة، وقالوا إن الميليشيات تستخدم ناقلة لا تصلح حتى لنقل الحيوانات حيث تفتقر لأي فتحة للتهوية. وقال إن جهاز مخابرات الميليشيات رد على استفسار القاضي بالقول إنهم لا يملكون أي عربة أخرى.

وبحسب المحامي صبرة، فإن أستاذين جامعيين يحاكمان لدى الشعبة الاستئنافية في هذه المحكمة طلبا من القضاة الضغط على جهاز المخابرات لتسليمها أجهزة حواسيبهم المحمولة، حيث صودرت هذه الأجهزة وبداخلها الأبحاث التي كانوا يعملون عليها بغرض الحصول على ترقية في الجامعة التي يعملون فيها، وقال صبرة إنه ورغم ذلك لم يستجب أحد لهذا المطلب رغم انقضاء 7 أعوام على سجن الأستاذين الجامعيين.

الأستاذ الجامعي يوسف البواب مؤلف لأحد عشر كتابا في علم اللسانيات (تويتر)

وشكا المعتقلون في أكثر من جلسة من الإهمال الصحي ومعاناتهم من عدة أمراض في سجون مخابرات الحوثيين، وطالبوا بتوفير معاملة إنسانية كريمة لجميع المعتقلين وفقاً لقانون السجون اليمني وللمعاهدات والمواثيق الدولية الموقع عليها من اليمن، وتنفيذ قرارات وتوجيهات الشعبة بخصوص وضعهم.

وكانت المحكمة الابتدائية الحوثية أصدرت في يوليو (تموز) عام 2018 حكماً بإعدام الأستاذ الجامعي يوسف البواب بتهمة كاذبة بعد أن قامت الجماعة باعتقاله و36 شخصاً من الطلاب والأكاديميين.

وفي وقت سابق، أبلغ البواب المحكمة بتعرضه ومن معه لكل أصناف التعذيب؛ حيث تم إرغامهم على الشرب من مياه المجاري، ومياه الأمطار، ومنعوا من الذهاب لدورات المياه؛ ما تسبب في تعرض أحد المعتقلين لفشل كلوي، وطالب بعرضهم على طبيب شرعي، ونقلهم إلى السجن المركزي كونه منشأة عقابية، بينما سجن المخابرات لا يخضع للقانون ولا الرقابة القضائية.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».