مصر: الصلح يُنهي أزمة الشحات والشيبي بعد 18 شهراً من «الخِصام»

لاعب الأهلي بادر بعناق مدافع بيراميدز في حفل رياضي

حسين الشحات لاعب الأهلي (صفحة اللاعب على فيسبوك)
حسين الشحات لاعب الأهلي (صفحة اللاعب على فيسبوك)
TT

مصر: الصلح يُنهي أزمة الشحات والشيبي بعد 18 شهراً من «الخِصام»

حسين الشحات لاعب الأهلي (صفحة اللاعب على فيسبوك)
حسين الشحات لاعب الأهلي (صفحة اللاعب على فيسبوك)

بعد نحو عام ونصف العام من «الخِصام» بينهما، أنهى الصلح أزمة المصري حسين الشحات، لاعب الأهلي، والمغربي محمد الشيبي، لاعب بيراميدز، حيث تجاوز اللاعبان خلافاتهما بـ«العناق»، بعد أن شغلت واقعتهما الرأي العام الرياضي في مصر والمغرب.

وشهد حفل توزيع جوائز الأفضل في كرة القدم المصرية 2024، «دير جيست»، مساء (السبت)، تصالُح اللاعبين وعناقهما بعد الأزمة الشهيرة بين الثنائي منذ الموسم الماضي، والتي عُرفت إعلامياً بـ«صفعة الشيبي».

وعن مشهد الصلح بين اللاعبين، الذي جرى بحضور كثير من الشخصيات البارزة في الرياضة المصرية وأعضاء اتحاد كرة القدم المصري ورابطة الأندية، قال محمد الشحات، شقيق حسين الشحات ووكيل أعماله، في تصريحات تلفزيونية: «تقابلا بالصدفة خلال حفل (دير جيست)، وتصافحا، وحسين اعتذر له، والشيبي تَقَبَّلَ الاعتذار، وانتهى الأمر. موضحاً أنه عندما طلب من الشيبي أن يذهب إليه شقيقه الشحات معتذراً وافق على الفور».

تعود الأزمة إلى يوليو (تموز) 2023، بعدما اشتبك اللاعبان لفظياً وبالأيدي خلال إحدى مواجهات الأهلي وبيراميدز، والتي قام فيها الشحات بصفع وجه الشيبي، والتي انتقلت الأزمة بعدها إلى ساحات القضاء، رغم اعتذار لاعب الأهلي علانية عن الواقعة في أكثر من مناسبة.

المغربي محمد الشيبي لاعب بيراميدز المصري (كاف)

وقضت محكمة جنح القاهرة في مايو (أيار) الماضي حكماً بحبس لاعب الأهلي عاماً مع إيقاف التنفيذ، بالإضافة إلى حرمانه من ممارسة أي نشاط رياضي لمدة 5 سنوات، ودفع 100 ألف جنيه مصري (نحو 2000 دولار أميركي) تعويضاً مادياً. ومع استئناف الشحات على الحكم، رفضت محكمة جنح مستأنف مدينة نصر في نهاية يوليو (تموز) الماضي طلب اللاعب، وأيدت الحكم بحبسه.

ورفض الاتحاد المصري لكرة القدم لجوء محمد الشيبي للمحاكم المدنية للفصل في مشكلته مع الشحات، ليقرر إيقافه محلياً لعدة مباريات عقوبةً له.

ولقي تصالح الثنائي تفاعلاً كبيراً بين الجماهير عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية، حيث أشاد الجميع بانتهاء الأزمة.

وانتشر مقطع فيديو يوثق تصافح اللاعبين وعناقهما بين مئات الحسابات، خاصة أنه يأتي بعد فشل عقد الصلح بينهما ومحاولات تقريب وجهات النظر، في أوقات سابقة.

كما تناقل آخرون تعليق خالد مرتجي، أمين صندوق النادي الأهلي، على التصالح، حيث ثمّنه خلال استضافته في قناة «أون تايم سبورتس»، قائلاً إن «المشكلة ما كان يجب أن تقع منذ البداية».

بينما علق الإعلامي أحمد شوبير على التصالح عبر برنامجه الإذاعي «مع شوبير»، قائلاً: «لما النية تكون طيبة هكذا تنتهي الخلافات دون أي مشكلات على الرغم من وصول الأمر للمحاكم في وقت سابق».

كذلك رحب كثير من المحللين والنقاد الرياضيين بخطوة التصالح. وقال الناقد الرياضي المصري، أيمن هريدي، لـ«الشرق الأوسط»: «من المؤكد أن صلح الثنائي دليل على أن الأخلاق عنصر أساسي في منظومة الكرة، وما رأيناه من ترحيب الجميع بخطوة الصلح يعكس كيف أن الرياضة من المفترض أن تكون أداةً للأخلاق، خصوصاً أن أفعال لاعب الكرة تؤثر على المشجعين، لا سيما شريحة صغار السن».

واستطرد: «اللاعبان بعد فترة طويلة من الخلاف استجابا لصوت العقل لإنهاء قصة مريرة أثرت بالسلب على علاقة نادييهما خلال الفترة الماضية، وأتوقع أن تشهد الفترة المقبلة تطوراً إيجابياً فى علاقة الناديين، بعد أن تعلما الدرس جيداً، لتجنُّب تكرار مثل هذه الأمور فى المستقبل، وقد نرى ظهور مبادرات جديدة من الأطراف الداعمة للصلح إلى التقريب بين الأهلي وبيراميدز»، مشيراً إلى أن «ترحيب الأهلي بخطوة الصلح يأتي لأنه يتفق مع مبادئ النادي التي تنتصر دائماً للأخلاق داخل المستطيل الأخضر وخارجه».

ويرجِّح هريدي محاولة الطرفين استغلال الصلح لتسوية المسألة من الناحية القانونية لإلغاء العقوبة بحق اللاعب حسين الشحات.

إضافة إلى ذلك، قال المحامي المصري محمود خضر أبو شنب، لـ«الشرق الأوسط»، إن صلح اللاعبين سيكون خطوة لانقضاء الدعوى بينهما بالتصالح، في حالة إثبات الصلح أمام المحامي العام، وذلك وفقاً للمادة 18 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية.

كان الثنائي قد حصلا على جوائز الأفضل في كرة القدم المصرية 2024، حيث نال حسين الشحات جائزة أفضل جناح، ومحمد الشيبي على جائزة أفضل ظهير أيمن.

الشحات حقق جائزة أفضل جناح بحفل «دير جيست» (صفحة اللاعب على فيسبوك)

بينما استحوذ لاعبو وإدارة الأهلي على بقية الجوائز، بحصول التونسي علي معلول على جائزة أفضل ظهير أيسر، ومصطفى شوبير أفضل حارس مرمى، وإمام عاشور (أفضل لاعب وأفضل لاعب خط وسط مهاجم)، ووسام أبو علي أفضل مهاجم، ومروان عطية أفضل لاعب وسط، كما فاز محمود الخطيب بجائزة أفضل رئيس نادٍ، وخالد بيبو بجائزة أفضل مدير كرة، كما فاز النادي الأهلي بجائزة أفضل نادٍ في العام، وفاز المدير الفني الأسبق للأهلي مانويل جوزيه، بجائزة «أسطورة التدريب».


مقالات ذات صلة

قلق في تشيلسي بسبب إصابة جيمس

رياضة عالمية ريس جيمس (رويترز)

قلق في تشيلسي بسبب إصابة جيمس

تعرَّض ريس جيمس، لاعب فريق تشيلسي الإنجليزي لكرة القدم، لإصابة جديدة ومن الممكن أن يقضي مزيداً من الوقت بعيداً عن الملعب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية لويس إنريكي (أ.ف.ب)

إنريكي يعلن اقتراب المهاجم راموس من العودة مع سان جيرمان

قال لويس إنريكي، مدرب باريس سان جيرمان، الخميس، إن المهاجم جونزالو راموس اقترب من العودة من الإصابة، لكن المدرب عليه التعامل مع بعض المشكلات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية زكريا أبوخلال (أ.ف.ب)

المغربي أبوخلال يستعيد التوهج بعد المعاناة

بداية حالمة، جدل، إصابة خطيرة وخيبة أمل... هذا مشوار زكريا أبوخلال مع فريقه تولوز الفرنسي الذي انتعش مؤخراً بفصل جديد مع عودة المهاجم الدولي المغربي.

«الشرق الأوسط» (تولوز)
رياضة عالمية نوري شاهين (أ.ف.ب)

كوبل وأنتون جاهزان للمشاركة مع دورتموند أمام فرايبورغ

قال نوري شاهين، المدير الفني لفريق بوروسيا دورتموند الألماني لكرة القدم، إن وضع الإصابات بالفريق يتحسن حيث يستعيد الفريق خدمات غريغور كوبيل، حارس المرمى.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية سان جيرمان يتأهب لجولة جديدة في الدوري الفرنسي (أ.ف.ب)

الدوري الفرنسي: مباراة سهلة لسان جيرمان... وقمة بين موناكو وبريست

يسعى باريس سان جيرمان إلى تعزيز صدارته عندما يستضيف تولوز، العاشر (الجمعة)، في افتتاح المرحلة الـ12 من بطولة فرنسا في كرة القدم.

«الشرق الأوسط» (باريس)

سيلين حيدر... أيقونة منتخب لبنان التي دفعت ضريبة الحرب

TT

سيلين حيدر... أيقونة منتخب لبنان التي دفعت ضريبة الحرب

الفتاة الطموح كانت تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها (أ.ف.ب)
الفتاة الطموح كانت تقترب من أن تمثل لبنان في منتخبه الوطني وتخوض أولى مبارياتها (أ.ف.ب)

سيلين حيدر، لاعبة منتخب لبنان للشابات وقائدة فريق أكاديمية بيروت، قصة رياضية شابة خطفتها أقدار الحرب من ملاعبها إلى سرير المستشفى. في لحظة واحدة، تحوَّل حلم اللاعبة التي تعشق الحياة وتعيش من أجل كرة القدم إلى صراع مرير مع إصابة خطيرة في الرأس، نتيجة قصف إسرائيلي استهدف منطقة الشياح، مكان إقامتها.

سيلين ليست فقط لاعبة موهوبة، هي ابنة الوطن الذي دفعها لتحمل مسؤوليات أكبر من عمرها، وهي مَن رفعت راية لبنان في بطولات غرب آسيا، وحملت معها طموحات جيل يؤمن بأن الرياضة أداة تغيير، لا ضحية للظروف. أصابتها شظايا الحديد التي اخترقت سلام بيتها، لكن صوت والدتها، سناء شحرور، لا يزال يردد: «ابنتي بطلة، ستعود لتقف وتكمل حلمها».

 

والدة سيلين حيدر تمنى نفسها بسلامة ابنتها (الشرق الأوسط)

 

وسط الألم، تقف عائلتها وزملاؤها ومدربوها كتفاً بكتف، يعزفون لحن الأمل. من كلمات صديقاتها عن شخصيتها الحنونة وضحكتها التي لم تفارق وجهها، إلى حملات الدعم التي نظمها زملاؤها في الفريق، الكل يترقب اللحظة التي تستيقظ فيها سيلين لتُكمل رحلتها، ليس فقط على أرض الملعب، بل في الحياة نفسها.

في ظل ظروفٍ مأساوية، تسرد والدتها، سناء شحرور، تفاصيل لحظة لا تُنسى، لحظة اختلط فيها الخوف بالأمل. رسالة بسيطة من سيلين تطلب وجبتها المفضلة تحولت إلى كابوسٍ بعد دقائق، عندما أُصيبت إثر تطاير شظايا الحديد. وبينما كانت الأم تمني نفسها بتحضير الطعام، وجدت نفسها تواجه الحقيقة المُرّة في المستشفى في قسم العناية الفائقة.

 

عباس حيدر والد اللاعبة سيلين (الشرق الأوسط)

القصة بدأت عندما اضطرت عائلتها للنزوح من منزلهم بسبب الحرب، في حين بقيت سيلين وحدها في المنزل لتكمل دراستها الجامعية، بعد قرار وزير التربية اللبناني عباس الحلبي باستكمال التعليم، رغم الحرب. وفي إحدى الليالي، أرسلت سيلين رسالة لوالدتها عبر تطبيق «واتساب»، تطلب منها إعداد وجبتها المفضلة. بضحكة خفيفة، ردَّت الأم: «وجهك فقري، سأقوم بإعدادها لك». دقائق بعد ذلك، تلقت الأم اتصالاً غيّر حياتها؛ الرقم الغريب على الهاتف أخبرها بأن ابنتها تعرضت لإصابة في الرأس.

جمع من أصدقاء اللاعبة يلتفون في المستشفى الذي ترقد فيه (الشرق الأوسط)

 

لم تصدِّق الأم ما سمِعَتْ، لا سيما أن سيلين كانت قد أبلغت بأنها ابتعدت عن مكان الاستهداف. شعرت بالذعر والارتباك وبدأت تبحث عن معلومات متضاربة حول حالتها، وتقول شحرور: «لم أعد أعرف ماذا أفعل وكنت في موقف لا أحسد عليه صرت أتجول في البيت من دون جدوى. اتصلت بوالدها وذهب لمستشفى السان جورج قبلي، لأنني كنت بعيدة جداً عنها».

وتكمل شحرور بأنها حين وصلت إلى المستشفى، وجدت ابنتها مغطاة بالدماء، لا تستطيع الحركة، وقد أُصيبت بكسر في الجمجمة ونزف في الرأس. المشهد كان مرعباً، لكن الأم لم تفقد الأمل. وقفت بجوارها وهي تصرخ: «قومي يا سيلين!»، ولكن الأطباء كانوا يؤكدون أن وضعها حرج للغاية، وأن المسألة مسألة وقت.. وتضيف: «الأطباء يقولون لنا إنها مسألة وقت؛ سأنتظرها سنة واثنتين وثلاثاً لكي تستيقظ».

في المستشفى، تجلس الأم يومياً بجانب سرير سيلين، تتحدث معها، تخبرها عن زيارات الأصدقاء، وتعدها بأطيب الأكلات عندما تستيقظ، وتخبرها بأنها ستشتري لها دراجة نارية جديدة، تحاول أن تمنحها القوة بالكلمات، رغم أن سيلين لا تستجيب. تقول الأم: «قلت لها إنني رأيتُ في الحلم أنها استيقظت وغمرتني. أنا أنتظر هذا الحلم يتحقق، حتى لو استغرق الأمر سنوات».

 

هنا خلف هذا الباب الموصد ترقد لاعبة منتخب لبنان نتيجة إصابتها (الشرق الأوسط)

 

أما والدها عباس حيدر، فيصف وضعها بالمستقر دون تحسُّن كبير. يحكي عن شظية حديد أصابت رأسها نتيجة القصف الإسرائيلي، مما تسبب بكسر في الجمجمة ونزف داخلي أدى إلى دخولها في غيبوبة. ويشيد والدها بدعم الاتحاد اللبناني لكرة القدم قائلاً: «منذ اللحظة الأولى، لم يترك الاتحاد اللبناني لكرة القدم عائلة سيلين وحدها؛ قام رئيس الاتحاد السيد هاشم حيدر بتأمين نقلها من مستشفى سان جورج إلى مستشفى الروم، وتابع حالتها بشكل مباشر. الأمين العام للاتحاد جهاد الشحف، رغم غيابه عن لبنان، ظل على اتصال مستمر مع العائلة».

عباس يحاول جاهداً أن تتماسك أعصابه عند الكلام، يحكي ويفضفض لعله يخفف من وطأة الألم؛ فابنته المدللة وآخر العنقود بحالة فُرِضت عليها بسبب الحرب التي يعيشها لبنان منذ شهرين تقريباً، ويقول بحرقة: «سيلين تنتظر دعاء الجميع لتعود لحياتها وفريقها ومنتخب لبنان، وكي تعود أقوى، وتُتوَّج بلقب غرب آسيا، وترفع اسم لبنان، وسننتظرها لترفع علم لبنان مجدداً مع أصدقائها. هذا الجيل الذي يجب أن يبني لبنان وطناً حراً علمانياً بعيداً عن كل الطوائف والمذاهب التي خربت بلدنا».

زملاؤها في فريق أكاديمية بيروت كانوا أيضاً في صدمة كبيرة. ميشال أبو رجيلي، صديقتها وزميلتها في الفريق، قالت إنها لم تصدق في البداية أن إصابة سيلين خطيرة، لكنها أدركت حجم الكارثة بعد سماع الأخبار. تروي كيف أن سيلين كانت دائماً مبتسمة داعمة لزميلاتها ومحبة للحياة. تتذكر رسالتها في عيد ميلادها: «عقبال المليون دولار»، وتقول إنها تنتظر عودتها لتعيد البهجة إلى الفريق.

 

حلم اللاعبة الشابة بات ضحية الحرب (الشرق الأوسط)

 

مدربها في الفريق سامر بربري تحدث عن التزامها العالي وتطورها المذهل كلاعبة. انضمت إلى أكاديمية بيروت منذ ثلاث سنوات، وتدرجت من فريق دون الـ17 عاماً إلى ما دون الـ19. وحققت مع الفريق عدة بطولات، من بينها لقب بطولة الشابات في الموسم الماضي ولقب السيدات، وصفها بأنها قائدة بالفطرة، محترفة في الملعب، وضحكتها لا تفارق وجهها.

رغم الألم الذي تعيشه العائلة، لا تزال والدة سيلين تحتفظ بأمل كبير: «رسالتي للعالم أن سيلين ليست مجرد لاعبة، بل هي رمز لجيل يحب الحياة. أتمنى أن تنتهي الحرب، وأن نعيش أياماً أفضل. الشعب اللبناني لا ينكسر، وسيلين ستعود لتكمل حلمها وترفع علم لبنان مجدداً».

زملاء سيلين نظموا حملة تبرعات لدعم الناس المحتاجة، وأطلقوا دعوات للصلاة من أجل شفائها. الجميع ينتظر اللحظة التي تفتح فيها سيلين عينيها وتبتسم مجدداً، فكما قالت زميلتها ميشال إن الحياة تليق فقط بأولئك الذين يحبون الحياة كسيلين.