اختتمت النسخة العشرون من بطولة العالم لألعاب القوى، بعد تسعة أيام من المنافسات في العاصمة اليابانية طوكيو، على وقْع ترسيخ بعض الرياضيين نجوميتهم، وبروز مواهب حققوا مفاجآت مُدوّية في الملعب الأوليمبي الوطني الذي شهد تحطيم رقم قياسي يتيم، في حين عاند الذهب المشاركة العربية.
وغرّدت الولايات المتحدة كعادتها خارج السرب، وتصدرت ترتيب الميداليات مع 26 ميدالية؛ بينها 16 ذهبية، و5 فضيات، ومثلها برونزيات، وحلّت خلفها كينيا بـ11 ميدالية بينها 7 ذهبيات، وفضيتان وبرونزيتان، ثم كندا مع 3 ذهبيات، وفضية وبرونزية.
واقتصر الحصاد العربي على 3 فضيات وبرونزيتين، ففشل المغربي سفيان البقالي، والبحرينية وينفريد موتيلي يافي، في الدفاع عن لقبيهما في سباقي 3 آلاف موانع ونالا الفضية، التي كانت أيضاً من نصيب الجزائري جمال سجاتي في سباق 800 متر، بينما أحرزت البحرينية سلوى عيد ناصر برونزية 400 متر، والقطري عبد الرحمن سامبا المعدن نفسه في 400 متر حواجز.

عبقري القفز بالزانة
وسيبقى الرقم القياسي العالمي الذي حققه عبقري القفز بالزانة، السويدي أرمان «موندو» دوبلانتيس، الرقم الوحيد الذي تحطم في البطولة العالمية وأحد أبرز أحداث طوكيو.
أمام 53 ألف متفرج في المدرّجات وملايين المشاهدين خلف شاشات التلفزة، وفي اليوم الثالث انتظر «موندو» حتى محاولته الأخيرة لتجاوز ارتفاع 6.30 متر، ودفع حدود رياضة أحدث ثورة فيها.
وأذهل أداء العدّاءة الأميركية سيدني ماكلافلين-ليفرون جماهير طوكيو، مساء اليوم السابع. شاركت البطلة الأولمبية مرتين وحاملة الرقم القياسي العالمي في سباق 400 متر حواجز، في البطولة العالمية في سباق 400 متر، وهو تخصص لم تتقنه إلا هذا العام.
لم تكتفِ «إس إم إل» بالفوز، بل أكملت اللفة بوقت إعجازي قدره 47.78 ثانية، لتصبح أول عدّاءة تُحطم حاجز الـ48 ثانية منذ عام 1985، وتقترب من الرقم القياسي العالمي الشهير بحوزة الألمانية الشرقية ماريتا كوخ (47.60 ثانية).
وحققت عدّاءة المسافات المتوسطة الكينية فيث كيبييغون، في سن الـ31 عاماً، إنجازاً تاريخياً بفوزها بلقبها العالمي الرابع في سباق 1500 متر.
أنهت أسبوعها في اليابان بميدالية أخرى وهي فضية سباق 5 آلاف متر، الذي فازت به صديقتها بياتريس تشيبيت، التي حققت، كما في الألعاب الأوليمبية بباريس، الصيف الماضي، ثنائية 5 آلاف متر، و10 آلاف متر.
وشهدت طوكيو مفاجآت، ما بين إقصاءات مبكرة وانتصارات غير متوقعة.
وتنوعت الأسباب خلف هذه المفاجآت، فعزا البعض ذلك إلى سياق ما بعد الأوليمبياد، أو بسبب الأجواء الحارة والرطبة، أو ربما، كما ذكر البعض، بفضل نظام مكافحة المُنشطات.
ومِن بين هذه المفاجآت في اليوم الثالث، فوز التنزاني ألفونس فيليكس سيمبو بذهبية الماراثون بفارق ضئيل عن الألماني أمانال بيتروس، أو انتزاع النيوزيلندي جوردي بيميش ذهبية سباق 3 آلاف متر موانع من أمام أنف البقالي حامل اللقب، وفوز الفرنسي جيمي غريسييه في 10 آلاف متر.
وفي سباق 1500 متر، عاش المرشحون كارثة حقيقية حيث أُقصي النرويجي جايكوب إنغبريغتسن في التصفيات، قبل أن يستبعد البطل الأوليمبي الأميركي كول هوكر، المُتوّج بسباق 5 آلاف متر، من الدور نصف النهائي.
وما زاد من حدة الفوضى، تعرُّض بطل العالم البريطاني جوش كير لإصابة في النهائي، مانحاً الفوز للبرتغالي صاحب الأصول المغربية إسحاق ناضر.

لايلز معشوق الجماهير ووداع فرايزر-برايس
ومِن أبرز الأحداث فوز الأميركي نواه لايلز، معشوق الجماهير اليابانية، بلقبه العالمي الرابع على التوالي في سباق 200 متر، ليعادل أسطورة سباقات السرعة الجامايكي أوسين بولت في هذه المسافة.
ورغم ذلك، كان البطل الأوليمبي في سباق 100 متر قد هُزم في التسارع الأخير، ليكتفي بالبرونزية خلف الجامايكي أوبليك سيفيل، الذي كسر لعنة احتلاله المركز الرابع مرتين في بطولة العالم الأخيرة، ومُواطنه كيشاين تومسون.
ومع هيمنة جامايكا على المركزين الأول والثاني، وبرونزية لايلز في 100 متر، قبل أن ينعكس المشهد في 200 متر مع ثنائية أميركية وبرونزية جامايكية، سيطر البَلدان على سباقات السرعة.
ولدى السيدات، حجزت البطلة الأولمبية جوليين ألفريد من جزيرة سانت لوسيا، مع المركز الثالث في 100 متر، والبريطانية إيمي هانت، التي فاجأت الجميع باحتلالها المركز الثاني في 200 متر، مكاناً لهما على منصة التتويج، حيث لا تزال الولايات المتحدة وجامايكا ممثلتين بقوة.
وأحكمت ميليسا جيفرسون-وودن، ملكة سباقات السرعة الجديدة، قبضتها على أعلى عتبتين في السباقين.
وبطموحات كبيرة، حققت الشابة جيفرسون-وودن ثنائية 100-200 متر، وهو إنجاز لم تشهده بطولات العالم منذ الأسطورة الجامايكية شيلي-آن فريزر-برايس في موسكو عام 2013.
وودّعت بطلة العالم 10 مرات في سن الـ38 عاماً، عالم ألعاب القوى في اليوم التاسع الختامي، حين قدّمت على المضمار رقصتها الأخيرة في سباق 4 مرات 100 متر، فطوقت عنقها، للمرة الأخيرة، بميدالية فضية، رافعة غَلَّتها إلى 17 ميدالية عالمية.

