نافاس في حديث الوداع: أكبر معاركي كانت أمام روبرتو كارلوس

أسطورة إشبيلية أسدل الستار على مسيرته الكروية بعد ربع قرن

الحالة الصحية أجبرت اللاعب المخضرم على إنهاء مسيرته (أ.ب)
الحالة الصحية أجبرت اللاعب المخضرم على إنهاء مسيرته (أ.ب)
TT

نافاس في حديث الوداع: أكبر معاركي كانت أمام روبرتو كارلوس

الحالة الصحية أجبرت اللاعب المخضرم على إنهاء مسيرته (أ.ب)
الحالة الصحية أجبرت اللاعب المخضرم على إنهاء مسيرته (أ.ب)

بعد الساعة التاسعة صباحاً بقليل في مونتيكوينتو بإشبيلية، وصل خيسوس نافاس إلى ملعب تدريبات نادي إشبيلية الذي يحمل اسمه تقديرا لمسيرته الاستثنائية مع الفريق، وصعد المنحدر الصغير في ضوء الشمس، وصالة الألعاب الرياضية على يساره وملعب التدريب على يمينه.

كان نافاس أول من وصل إلى ملعب التدريب، وهو الشيء الذي لن يحدث بعد ذلك بعدما أعلن النجم الإسباني المخضرم اعتزاله كرة القدم.

لم يكن المدرج الذي يحمل اسمه موجودا عندما ظهر نافاس لأول مرة بقميص إشبيلية قبل ربع قرن من الزمان. بل لم يكن معظم كل هذا موجوداً؛ ولم تكن الكؤوس التي حصدها الفريق على ملعب رامون سانشيز بيزخوان، على بُعد ثلاثة أميال إلى الشمال، موجودة أيضا. لقد تغير كل شيء، باستثناء نافاس، الذي يقول: «ما زلت نفس الشخص الذي جاء إلى هذا النادي في اليوم الأول له هنا».

في ذلك اليوم، كان نافاس فتى نحيفا وخجولا يبلغ من العمر 15 عاماً، قادما من لوس بالاسيوس، على بُعد 15 دقيقة إلى الجنوب. كان ذلك في عام 2000، وكان يأتي كل صباح تقريباً منذ ذلك الحين، باستثناء أربعة مواسم لعبها مع مانشستر سيتي واستمتع بها أكثر مما قد يتخيل كثيرون.

لاعبو إشبيلية يودعون قائدهم (رويترز)

لا يزال نافاس قصيراً ونحيفاً، حيث يصل طوله إلى 1.7 متر ووزنه إلى 67 كغم، ولا يزال هادئاً، وليس لديه أي رغبة في الأضواء، ولا يزال يتحلى بالتواضع الشديد رغم كل ما حققه خلال مسيرته الكروية الحافلة، ورغم أنه أعظم لاعب كرة قدم على الإطلاق هنا في نادي إشبيلية.

يُعد نافاس اللاعب الأكثر تتويجاً في المنتخب الإسباني، كما يعد اللاعب الأكثر أهمية في تاريخ نادي إشبيلية الممتد لـ 119 عاماً، ورمزا لنجاح أكاديمية النادي للناشئين.

لعب نافاس 393 مباراة مع إشبيلية، وهو رقم قياسي في تاريخ النادي، ورحل لأن النادي كان بحاجة لذلك، وعاد مجددا ولعب 311 مباراة أخرى.

ولعب نافاس مباراته الأخيرة يوم الأحد على ملعب «سانتياغو برنابيو»، والتي كانت المباراة رقم 982 في مسيرته الاحترافية، بعمر 39 عاماً.

وفي صباح يوم الاثنين، لم يعد نافاس إلى مونتيكوينتو. يقول النجم الإسباني وهو جالس في المنطقة المخصصة للاعبين، والتي لم تكن قد بُنيت في ذلك الوقت أيضاً: «الأمر صعب للغاية بالنسبة لي، ولا يمكنني أن أتخيل ذلك. لقد قضيت حياتي كلها في القيام بما أحبه أكثر من أي شيء آخر، لكن الآن سأتوقف عن اللعب، فالأمر متعلق بالحالة الصحية».

النجم الإسباني ودع جماهير ناديه بالدموع (أ.ف.ب)

لقد عانى نافاس على مدار أربع سنوات. إنه مصاب بالتهاب المفاصل في الفخذ، وهو ما يؤلمه عندما يلعب، وعندما يتدرب، بل وعندما يمشي، ويصل الأمر في بعض الأيام إلى أنه لا يقوى حتى على المشي. لقد استمر في صمت، ولعب لفترة أطول مما تخيله أي شخص، لكنه لم يعد يستطيع المقاومة. يقول عن ذلك: «لقد تحملت الألم لمدة أربع سنوات، وكان هذا الموسم أكثر صعوبة، لقد كان الأمر جنونيا. كانت الأشهر الستة الماضية صعبة للغاية. وكنت أجد صعوبة في المشي بعد المباريات. الأمر بالكامل يتعلق بعدم قدرة جسدي على التحمل أكثر من ذلك. وقد توقفت عن اللعب لأنني مضطر لذلك. لكنني سعيد حقا بكل ما حققته».

لقد حقق كل شيء، ويقول إن أفضل معاركه كانت مع الظهير الأيسر البرازيلي روبرتو كارلوس، مشيرا إلى أن اللاعب الذي استمتع باللعب معه أكثر من غيره، وأفضل صديق له، هو فريدريك كانوتيه، الذي اعتزل منذ 11 عاماً. وعندما طلبت منه أن يختار أبرز لحظة في مسيرته الكروية الحافلة، اختار هدفاً سجله شخص آخر: ففي الوقت الإضافي لمباراة الدور نصف النهائي لكأس الاتحاد الأوروبي أمام شالكه عام 2006، وبينما كانت المباراة في الدقيقة 100، وصلت تمريرته العرضية إلى أنطونيو بويرتا، الذي سجل هدف الفوز، ليغير تاريخ النادي ومستقبله. سقط بويرتا، الذي يرتدي نافاس رقم قميصه، على أرض ملعب بيزخوان في أغسطس (آب) 2007، وتوفي بعد ذلك بثلاثة أيام.

وعندما خاض نافاس أول مباراة له مع إشبيلية ضد إسبانيول بعد يومين من عيد ميلاده التاسع عشر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2003، لم يكن النادي قد فاز بأي لقب منذ 55 عاماً؛ لكنه قاد النادي للحصول على ثمانية ألقاب. وبحلول الوقت الذي رحل فيه إلى مانشستر سيتي في عام 2013، كان قد لعب بالفعل عدداً من المباريات أكثر من أي لاعب آخر في تاريخ النادي، وسجل في نهائي كأس الملك وحصل على كأس الاتحاد الأوروبي مرتين، وهي المسابقة التي بُنيت حولها هوية إشبيلية بالكامل.

مودريتش قائد الريال يحتضن نظيره في إشبيلية عقب المباراة التي جمعت الفريقين (رويترز)

عاد نافاس من مانشستر سيتي وهو يلعب بشكل مختلف في مركز الظهير، وفاز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز وكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة مرتين، حيث سجل في نهائي 2014 وفي ركلات الترجيح بعد ذلك بعامين. عاد نافاس إلى إشبيلية ولديه شغف كبير لمواصلة التألق، لذلك استمر في فعل ما كان يفعله دائماً؛ ورغم أنه لعب في مركز مختلف فإنه واصل تقديم نفس المستويات القوية. حصل على كأس الاتحاد الأوروبي مرتين أخريين، وصنع أهدافاً في المباراتين النهائيتين للدوري الأوروبي في 2020 و2023. لقد كان قائداً للفريق في النهائيين اللذين أقيما في كولونيا وبودابست، وعندما رفع الكأس للمرة الأخيرة كان ذلك بعد 17 عاماً من الفوز بها لأول مرة.

ومرت أربعة عشر عاماً بين أول بطولة وأخر بطولة له مع منتخب إسبانيا، فقد فاز ببطولة كأس الأمم الأوروبية في 2012 و2024، وكأس العالم في 2010، وقد بدأت أعظم لحظة في تاريخ كرة القدم الإسبانية من عند قدميه. إنها اللحظة التي يعترف بأنها يشاهدها كل يومين أو ثلاثة أيام، لكنه لم يستطع تخيلها حتى في ذلك الوقت. ويقول: «كل ما كنت أفكر فيه هو نقل الكرة إلى الطرف الآخر من الملعب بأسرع ما يمكن، فهذا هو ما طلبه المدير الفني».

كان نافاس قد غاب عن كأس العالم للشباب تحت 20 سنة في عام 2005، ولم يشارك في أول موسم تحضيري له مع إشبيلية، وتأخر ظهوره الدولي حتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2009، عندما كافح من أجل شق طريقه وتوفرت له الظروف المناسبة للانضمام للمنتخب الإسباني. يقول نافاس: «حدثت تلك القفزة الكبيرة الأولى بشكل سريع جدا. وصلت إلى إشبيلية في سن الخامسة عشرة، وفي غضون عامين فقط كنت ألعب في الدوري الإسباني الممتاز. بالنسبة لطفل بسيط قادم من بلدة صغيرة، كان ذلك بمثابة تغيير جذري. كان كل شيء داخل الملعب يسير على ما يرام، لكننا بشر في نهاية المطاف. وقد استوعبت الأمور شيئاً فشيئاً، واستمتعت بكرة القدم، التي منحتني الحياة».

ورغم أن نافاس يتسم بالخجل، فإنه شخصية قوية للغاية، ويقول عن ذلك: «أنا قوي جدا من الناحيتين الذهنية والبدنية. لقد تحملت الكثير من الألم، لدرجة أنني لم أكن قادرا على المشي بعد المباريات. تجربتي مع مانشستر سيتي كانت رائعة. لم يكن الانتقال إلى هناك قرارا صعبا كما يبدو للبعض. كان إشبيلية يعاني من صعوبات مالية، وكانت لدي رغبة في خوض هذا التحدي حتى أثبت أنني شخص قوي. ما عانيته في ذلك الوقت وضعني في اختبار قوي، وكنت أريد أن أنضج وأتطور بكل الطرق الممكنة. كما ساعدتني هذه التجربة أيضا على التطور كثيرا من الناحية الإنسانية. الدوري الإنجليزي الممتاز استثنائي، ويتميز بالسرعة الفائقة، وكنت أريد تجربة ذلك. لكن نمط حياتي لم يتغير حقاً، فقد كنت أتدرب وأعود إلى المنزل. كان الأمر أصعب بالنسبة لزوجتي؛ فقد كان ابننا قد وُلد للتو وكانت تعود من حين لآخر. لكن كرة القدم هي التي كانت تستحوذ على كل تركيزي، وكان الأمر لا يصدق».

عاد نافاس من مانشستر سيتي في عام 2017 بعد أربعة مواسم والمشاركة في 183 مباراة، وكان عمره 32 عاماً، وكان من المفترض أنه يقترب من نهاية مسيرته الكروية. واعترف المدير الفني لمانشستر سيتي جوسيب غوارديولا لاحقاً بأنه ربما لم يكن ينبغي له أن يسمح برحيله في هذا الوقت المبكر، لكنه يتفهم هذا القرار. وبعد عودته إلى إشبيلية، فاز بكأس الاتحاد الأوروبي مرتين أخريين، وعاد إلى تشكيلة إسبانيا بعد خمس سنوات، وكان الرجل الوحيد من ذلك الجيل الذي لعب مع الجيل الجديد الحالي. يقول نافاس: «هذه هي الطريقة التي أعيش بها، فكل يوم أريد المزيد، ولا أكتفي بأي شيء أبداً».

أنشيلوتي مدرب الريال وفاسكيز في حديث ودي مع نافاس بعد مباراته الأخيرة (رويترز)

هذه هي الميزة الكبرى في شخصية نافاس: الإصرار والعزيمة. قد يكون هادئاً، لكنه منافس شرس للغاية. وقال قائد إسبانيا ألفارو موراتا في عام 2023: «كان نافاس يبلغ من العمر 38 عاماً (آنذاك) لكنه يتدرب مثل شاب يبلغ من العمر 18 عاماً». يقول نافاس: «عندما كنت في مانشستر سيتي، أمضيت أربع أو خمس سنوات دون أن يتم استدعائي لصفوف المنتخب الإسباني. وفي كل يوم جمعة يتم فيه الإعلان عن قائمة الفريق كنت أنتظر بشغف. لقد كان ذلك صعباً للغاية، لكنني تمسكت دائماً بهذا الأمل، وواصلت العمل بكل قوة، حتى عدت في نهاية المطاف».

وفي النهاية، فاز نافاس بميدالية أخرى. لقد شارك بدلا من داني كارفاخال ضد جورجيا، ولعب 85 دقيقة وكاحله متورم. ويقول: «أنا قوي للغاية في هذا الشأن، ولم أكن لأخرج من المباراة بعد تعرضي لمثل هذه الضربة. ما جعلنا نفوز بهذه البطولة هو أننا جميعا نتبادل الاهتمام». لقد واجه كيليان مبابي في مباراة الدور نصف النهائي وهو في سن الثامنة والثلاثين، لكنه لم يشعر بأي ضغط، ويقول عن ذلك: «حسناً، أنا ألعب منذ فترة طويلة وواجهت الكثير من اللاعبين الجيدين».

ثم في عشية المباراة النهائية، أعلن نافاس نهاية مسيرته مع منتخب بلاده. لم يكن هناك إعلان رسمي عن ذلك أو ضجة إعلامية، لكنه كشف عن الأمر فقط.

ومع ذلك، أعلن عن استمراره لستة أشهر أخرى مع إشبيلية، فلماذا؟ يرد نافاس قائلا: «أردت أن أكون هنا مع إشبيلية خلال هذه الفترة الانتقالية، لمساعدة اللاعبين الأصغر سناً. وإسعاد الناس هو أهم شيء». ويوم السبت الماضي، لعب نافاس مباراته الأخيرة على ملعب سانشيز بيزخوان. وقال لزملائه قبل المباراة: «لقد حانت اللحظة التي كنت أتمنى ألا تأتي أبداً». ومع انتهاء المباراة، جلس على مقاعد البدلاء إلى جانب مانو بوينو، خريج أكاديمية الناشئين البالغ من العمر 20 عاماً والذي لم يكن قد وُلد عندما شارك نافاس لأول مرة مع إشبيلية. احتضن نافاس الجميع، وانحنى وقبل العشب، وبكى بينما كان كل من في الملعب يقف احتراما وتقديرا لهذا النجم الاستثنائي صاحب المسيرة الكروية الحافلة.

* خدمة الغارديان


مقالات ذات صلة

الدوري الإسباني: برشلونة وأتلتيكو يصطدمان لـ«حسم معركة القمة»

رياضة عالمية من تدريبات برشلونة استعدادا للقمة الإسبانية (إ.ب.أ)

الدوري الإسباني: برشلونة وأتلتيكو يصطدمان لـ«حسم معركة القمة»

سيشهد الدوري الإسباني، السبت، مواجهة حامية الوطيس عنوانها «حسم معركة القمة» بين برشلونة وأتلتيكو مدريد، ضمن المرحلة الثامنة عشرة من البطولة.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
الرياضة من تدريبات الريال استعدادا للنهائي (رويترز)

«السوبر الإسباني»: الريال والبرشا يشعلان الرياض بـ«كلاسيكو الأرض»

تتجه أنظار الملايين من عشاق الكرة العالمية، مساء اليوم، صوب العاصمة السعودية، الرياض، وذلك لمتابعة القمة المرتقبة و«الكلاسيكو» التاريخي المتجدد (كلاسيكو الأرض)

سلطان الصبحي ( الرياض)
رياضة عالمية ميشيل مدرب جيرونا ولاعبيه يحتفلون بالانتصار على اوساسونا وانتزاع قمة الترتيب (ا ف ب)

جيرونا... «مفاجأة الموسم» يتحدى عمالقة إسبانيا على الصدارة

مع معاناة ريال مدريد وبرشلونة وأتلتيكو مدريد للحفاظ على ثبات المستوى وإهدار نقاط ثمينة في الأسابيع القليلة الماضية، تقدم جيرونا للصدارة وتربع على قمة ترتيب

«الشرق الأوسط» ( مدريد)
رياضة عالمية المهاجم الدولي أليخاندرو (أ.ب)

غوميز نجم الأرجنتين يرفض الاتهامات بتعاطي المنشطات

نفى المهاجم الدولي الأرجنتيني أليخاندرو (بابو) غوميز، الأحد، تعاطيه المنشطات، وذلك رغم إيقافه لمدة عامين.

«الشرق الأوسط» (روما)
رياضة عالمية مجلس مدينة مدريد طلب من السكان البقاء في منازلهم وعدم الخروج إلا للضرورة (لاليغا)

تأجيل مباراة أتلتيكو مدريد وإشبيلية بسبب الأمطار

أجلت رابطة الدوري الإسباني لكرة القدم مباراة أتلتيكو مدريد وضيفه إشبيلية الأحد في ختام منافسات المرحلة الرابعة، بسبب سوء الأحوال الجوية والأمطار الغزيرة.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

آرسنال لديه أقوى دفاع في البريميرليغ... هل هذا يكفي؟

آرسنال حقق فوزاً صعباً على إيبسويتش وقفز لوصافة الترتيب (د.ب.أ)
آرسنال حقق فوزاً صعباً على إيبسويتش وقفز لوصافة الترتيب (د.ب.أ)
TT

آرسنال لديه أقوى دفاع في البريميرليغ... هل هذا يكفي؟

آرسنال حقق فوزاً صعباً على إيبسويتش وقفز لوصافة الترتيب (د.ب.أ)
آرسنال حقق فوزاً صعباً على إيبسويتش وقفز لوصافة الترتيب (د.ب.أ)

مع اقتراب نهاية فوز آرسنال 1-0 على إيبسويتش تاون، تلقى ديفيد رايا تمريرة خلفية خارج منطقة الجزاء مباشرة، وراوغ الكرة إلى داخل منطقة الجزاء، وحوم فوق الكرة والتقطها، مستغلاً ثواني ثمينة. وهتف مشجعو الفريق الزائر: «آرسنال ممل، ممل».

وكانوا على حق. فالجمهور العالمي الذي كان يتابع المباراة على أمل مشاهدة بعض الترفيه الاحتفالي أصيب بخيبة أمل. لم تكن هذه مباراة للمحايدين.

ولكن ميكيل أرتيتا ليس من المدربين الذين يثقون كثيراً في رأي المحايد. فهو يهتم بالنتائج أولاً وقبل كل شيء ـ وكان هذا الأداء مرضياً للغاية بالنسبة له.

وبحسب شبكة «The Athletic»، في مباراته السابقة، سحق آرسنال كريستال بالاس 5-1. وكانت المباراة فوضوية إلى حد ما، ما جعلها مشهداً ترفيهياً للغاية. ولكن على الرغم من الفارق الضئيل في الفوز على إيبسويتش، بدا أن أرتيتا يفضل هذا الفوز.

ولم ترو نتيجة المباراة التي أقيمت على ملعب سيلهيرست بارك القصة الكاملة للمباراة. فقد سنحت لكريستال بالاس عدة فرص جيدة لتسجيل المزيد من الأهداف، واعتمد آرسنال على عدة تصديات جيدة من رايا للحفاظ على تقدمه.

في مواجهة إيبسويتش، لم يقم رايا بأي تصدٍّ. وعندما سُئل عما إذا كان ذلك قد جعل الأداء أكثر إرضاءً للمدرب، قال أرتيتا: «من حيث مدى سيطرتنا على الموقف، فقد كان الأداء أفضل بعشر مرات (أكثر)، لأننا استقبلنا 14 أو 15 تسديدة ضد كريستال بالاس. وهذا ليس بالأمر المعتاد. لذا، بشكل عام، أعتقد أن هذه المباراة كانت أفضل بكثير».

واعترف أرتيتا بأن كرة القدم لا تقتصر على النقاط.

وأردف: «إن الأمر يتعلق بالأهداف أيضاً، وجمالها، وتسلية الناس - وربما كانت مباراة كريستال بالاس أفضل بالنسبة لهم». لكن هذا بدا وكأنه تنازل (لهم) - هؤلاء المحايدين بلا وجه - أكثر من كونه انعكاساً لرأيهم الحقيقي».

كان هناك الكثير مما يمكن لأرتيتا الاستمتاع به في هذا الفوز. لم يحافظ أي فريق على نظافة شباكه أكثر (سبعة) أو استقبل أهدافاً أقل (16) في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم من آرسنال. كان هذا الفوز 1-0 بمثابة رابع شباك نظيفة على التوالي في ملعب الإمارات - أفضل سلسلة لهم منذ ديسمبر (كانون الأول) 2021. تبدو مباراة بالاس، قبل أيام قليلة فقط، وكأنها شاذة بالفعل.

لقد فعل آرسنال ما يكفي للفوز بهذه المباراة. لقد سددوا 13 تسديدة على المرمى مقابل ثلاث لإيبسويتش. لو كانت ضربة رأس من غابرييل على بعد ياردة واحدة من الجانب الآخر من القائم، أو تسديدة ديكلان رايس المتجهة إلى المرمى لم يتم منعها، لكانت النتيجة أكثر إقناعاً.

واعترف أرتيتا قائلاً: «كان يجب أن نسجل المزيد. لكن الأمر يتعلق بالاتساق. لم يستقبل الفريق أي شيء مرة أخرى. كان سلوكهم الدفاعي رائعاً مرة أخرى. لذا فهذا شيء سيعطينا دائماً فرصة الفوز بالمباريات». قد تكون هذه فلسفة أرتيتا الكروية باختصار.

ربما كانت النتيجة مختلفة لو كان بوكايو ساكا متاحاً. وكشف أرتيتا بعد المباراة أن الجناح الإنجليزي خضع بنجاح لعملية جراحية في عضلة الفخذ الخلفية الممزقة، ومن المرجح أن يغيب «لمدة شهرين على الأقل».

لم يستعد آرسنال لاعباً مبدعاً بقدمه اليسرى منذ فترة طويلة من الإصابة - لم يخسر الفريق في 11 مباراة منذ عودة مارتن أوديغارد إلى التشكيلة الأساسية - وخسر الآن لاعباً آخر. ضد إيبسويتش، سعوا إلى استبدال ساكا بنشر غابرييل مارتينيلي على اليمين، مع لعب لياندرو تروسارد من اليسار. عمل كاي هافرتز مرة أخرى في خط الوسط، مع غابرييل جيسوس في مركز المهاجم.

نجح الأمر في بعض الأحيان - شارك مارتينيلي وتروسارد في بناء هدف هافرتز. قال أرتيتا: «كانت هناك لحظات سارت فيها الأمور بشكل جيد حقاً. كانت هناك لحظات لا يزال بإمكاننا فيها القيام ببعض العمل هناك وتحسينها والتكيف مع صفات الأفراد. وأنا متأكد من أننا سنفعل ذلك».

وفي غضون ذلك، يمكن لآرسنال الاعتماد على صلابته وبنيته. في سباق على اللقب ضد ليفربول الذي يسجل الكثير من الأهداف، فإن هذا يجعل من المباراة صراعاً مثيراً بين الأساليب. ضد إيبسويتش، بدا آرسنال وكأنه الفريق الأصعب هزيمته في الدوري. لكن ليفربول لا يزال يبدو الفريق الأصعب إيقافه.

قد يكون هذا ملخصاً لمحاولة أفضل هجوم في الدوري صد أفضل دفاع في الدوري. إنه تبسيط مفرط، بالتأكيد - ولكن في غياب ساكا، يبدو أن هناك حقيقة جوهرية أكثر في هذا التحديد.

لن يكون الهدف الواحد كافياً دائماً. في 18 مباراة بالدوري لآرسنال، كانت هذه هي المرة السابعة التي يسجل فيها هدفاً واحداً أو صفر أهداف. كلفت هذه المباريات آرسنال 11 نقطة.

على النقيض من ذلك، سجل ليفربول هدفين على الأقل في جميع مبارياته باستثناء مباراتين.

هناك مقولة مأثورة في كرة القدم مفادها أن الأهداف تفوز بالمباريات، لكن الدفاع يفوز بالألقاب. يبدو أن موسم الدوري الإنجليزي الممتاز 2024-25 على استعداد لاختبار ذلك.