حاكم «المركزي السوري» يكشف لـ«الشرق الأوسط» عن خطة نقدية جديدة لدعم النمو

دمشق تسعى لاستعادة الثقة بليرتها... ومحادثات مع الرياض لفتح قنوات مالية واستثمارية

حاكم «مصرف سوريا المركزي» عبد القادر حصرية (سانا)
حاكم «مصرف سوريا المركزي» عبد القادر حصرية (سانا)
TT

حاكم «المركزي السوري» يكشف لـ«الشرق الأوسط» عن خطة نقدية جديدة لدعم النمو

حاكم «مصرف سوريا المركزي» عبد القادر حصرية (سانا)
حاكم «مصرف سوريا المركزي» عبد القادر حصرية (سانا)

كشف حاكم «مصرف سوريا المركزي»، عبد القادر حصرية، عن خطة جديدة تهدف إلى تحقيق استقرار الأسعار والحفاظ على قيمة العملة، بالتوازي مع خلق بيئة مالية تدعم النمو الاقتصادي. لكنه شرح أن هذه السياسة النقدية تواجه تحديات كبيرة، أبرزها الحاجة إلى تطوير أدواتها لمواجهة ارتفاع معدلات التضخم، وازدياد حجم الاقتصاد غير الرسمي في البلاد، مشيراً إلى أن «المصرف» يعمل على وضع هذه الخطط موضع التنفيذ لأول مرة.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أوضح حصرية أن أبرز التحديات التي تواجه السياسة النقدية السورية حالياً، تشمل نمواً كبيراً في حجم الاقتصاد غير الرسمي، وتداول كميات نقدية خارج النظام المصرفي، ونقص البيانات الاقتصادية الدقيقة الذي يجعل اتخاذ القرار أصعب، شارحاً أن هذه العوامل تقاطعت مع تبعات العقوبات والقيود الخارجيّة، التي حدّت من قدرة النظام المالي على التواصل السلس مع الأسواق الدولية.

مقر «مصرف سوريا المركزي» بالعاصمة دمشق (إكس)

أهداف السياسات النقدية

وبيّن أن السياسة النقدية تسعى إلى تحقيق هدفين متكاِملين هما: استقرار الأسعار، والحفاظ على قيمة العملة، وفي الوقت نفسه توفير بيئة مالية تدعم النمو.

ولتحقيق هذا التوازن، «يعمل (المصرف) على إدارة عرض النقود ومعدلات الفائدة بشكل يحدّ من الضغوط التضخمية، وتحسين قدرة المصارف على تمويل القطاعات الإنتاجية بضوابط مخاطرة سليمة، وتنسيق السياسات مع وزارة المالية والمؤسسات الأخرى لتوجيه الإنفاق العام والاستثمارات نحو مشروعات ذات أثر نمو كبير، وتعزيز الشفافية والبيانات الاقتصادية لتوجيه السياسات بدقة أكبر».

وقال حصرية إن «كل ما ذكرت هو ما نخطط له، وهو لم يوجد في السابق، وإنما نعمل على اتباعه بوصفه استراتيجيات وإجراءات للوصول إليه»، موضحاً أن «القطاع المصرفي يعاني حالياً من نقص السيولة الذي تُعدّ الأزمة اللبنانية سبباً رئيساً له. كما أن الناس فقدت الثقة بالقطاع المصرفي، والإقراض متوقف تقريباً؛ لذلك فنحن نسعى للتعامل مع أزمة القطاع المصرفي برؤية واضحة ترمي إلى عودة هذا القطاع ليلعب دوره في الاقتصاد بلعب دور الوساطة بين القطاع الأهلي وقطاع الأعمال، وتحريك فوائض القطاع الأهلي لتوفير التمويل لقطاع الأعمال».

دوافع العملة الجديدة

وذكر حصرية أن دوافع «المصرف المركزي» لقرار طرح عملة محلية جديدة وحذف أصفار منها، هي «تبسيط التعاملات اليومية وتسهيل الحسابات، واستعادة ثقة الجمهور بالعملة من خلال عملية إعادة تسمية وطرح أوراق نقدية جديدة، والحدّ من التدفقات النقدية الكبيرة في التداول غير الرسمي التي تُصعّب مراقبة السيولة، فضلاً عن أثرها الرمزي في بدء إصلاحات نقدية أوسع»، مشيراً إلى أن مثل هذه الخطوة تُنفَّذ عادة «ضمن حزمة من الإصلاحات المصاحبة (تحديث الأنظمة المصرفية، وحملات توعية، وإجراءات فنية للمصارف)؛ لتقليل المخاطر التشغيلية والالتباسات لدى الجمهور».

الليرة السورية داخل مكتب صرافة في أعزاز عام 2020 (رويترز)

وقد أُعدّ طلب استجلاب عروض لطباعة العملة السورية الجديدة، وستجري مراسلة الشركات الكبرى العاملة في هذا المجال، و«المصرف» سيتعامل مع أفضل الشركات؛ وفق الحاكم حصرية، الذي أعلن أن «كل الشركات الكبرى تقريباً تواصلت معنا، وأبدت اهتماماً كبيراً بطباعة العملة الجديدة، ونهدف إلى إتمام عملية الطباعة خلال نحو 3 أشهر».

وبينما أشارت وسائل إعلام إلى أسماء محتملة في سوق طباعة النقود العالمية (شركات حكومية ومتعاقدون مع دوٍل محددة)، ذكر حصرية أنه حتى الآن لم تُنشر من قبل «المصرف» قائمة رسمية بأسماء الشركات الفائزة أو المتقّدمة بالعروض، وأن المعلومات المتاحة تُفيد فقط بأن الدعوة إلى تقديم العروض جارية، وأن موعد الإنهاء المستهدف هو 3 أشهر.

التضخم وأسعار الصرف

ويتعامل «المصرف» مع مستويات التضخم الحالية بأدوات متعددة هي، وفق حصرية، «ضبط عرض النقد، وإدارة سياسات الاحتياطي لدى المصارف، والتعاون مع وزارة المالية لضبط العجز والإنفاق، وإجراءات رقابية على الأسواق لمنع الممارسات الاحتكارية التي تغذي ارتفاع الأسعار».

كما يعمل «المصرف» على تحسين نظم جمع البيانات ومؤشرات الأسعار لقياس التضخم بدقة وتمكين سياسات استباقية. ولفت حصرية إلى أن «أي إجراءات لتهدئة التضخم يجب أن يراعى تأثيرها على النمو وفرص العمل؛ لذا نتبنى نهجا متدرجاً ومدروساً».

وانخفضت مستويات التضخم بعد إطاحة نظام بشار الأسد أواخر العام الماضي، وأظهر تقرير من «مصرف سوريا المركزي» أن معدل التضخم السنوي لشهر فبراير (شباط) 2025 بلغ 15.2 في المائة، في تراجع حاد من 109.5 في المائة خلال الشهر نفسه من عام 2024. وفسّر التقرير هذا التراجع بما أعقب إسقاط الأسد من تحسّن في سعر الصرف وزيادة واضحة في المعروض من السلع.

وأوضح حصرية في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» أن الاستراتيجية المتبعة للحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة، تجمع بين «إدارة احتياطات النقد الأجنبي بما يوفّر قدرة على التدخّل عند الضرورة، وتنظيم سوق الصرف وتحسين آليات عملها عبر المصارف الرسمية؛ لتقليل الفجوة بين السوق الرسمية وغير الرسمية، وتشجيع التحويلات الواردة وقنوات التحويل الرسمية؛ لتدعيم المعروض من العملة الأجنبية، والتنسيق مع شركاء تجاريين وإقليميين لتعزيز التدفقات التجارية والمالية»، موضحاً أن هذه الإجراءات «تنفَّذ بالتوازي مع سياسات مالية هيكلية لمعالجة اختلالات المدفوعات».

وتحسن سعر الليرة السورية مقابل الدولار في ظل الحكم الجديد، ويبلغ حالياً نحو 11 ألفاً و500 ليرة مقابل الدولار في السوق الموازية، بعدما خسرت أكثر من 99 في المائة من قيمتها منذ اندلاع الحرب في عام 2011، ووصل سعرها إلى أكثر من 15 ألفاً مقابل الدولار في الأشهر التي سبقت إسقاط الأسد، مقارنة مع 50 ليرة قبل الحرب.

القطاع المصرفي

وبشأن القطاع المصرفي، قال حصرية: «يواجه القطاع المصرفي في سوريا تحديات سيولة ورأسمالية، وانكشافاً على القطاع المصرفي اللبناني و(المصرف المركزي اللبناني) يتجاوز 1.6 مليار دولار. إضافة إلى الحاجة لتحديث البنية التحتية والحوكمة وتعزيز إدارة المخاطر». وشرح المقصود بمصطلح «انكشاف»، قائلاً: «يعني أن ما يتجاوز 1.6 مليار دولار هي التزامات على القطاع المصرفي اللبناني وعلى (مصرف لبنان المركزي) تجاه القطاع المصرفي السوري، وهي مختلفة عن ودائع السوريين الأفراد أو الشركات في البنوك اللبنانية».

ولتعزيز هذا القطاع يجري العمل، وفق حصرية، على رفع متطلبات الحوكمة والشفافية، وتعزيز الملاءة عبر متطلبات رأسمال تدريجية، وتشجيع الإقراض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ودعم رقمنة الخدمات المصرفية لتوسيع الشمول المالي. كما تعد برامج إشرافية وفنية مع شركاء دوليين لتحسين معايير العمل المصرفي.

وعمّا إذا كانت هناك خطط لتحديث اللوائح المصرفية أو تعزيز التكنولوجيا المالية، قال حصرية: «هناك خطة لتحديث الأُطر الرقابية والتشريعية بما يتماشى والممارسات المصرفية الدولية وإدخال متطلبات تقنية حديثة. ومن بين الأولويات تطوير البنية التحتية لأنظمة الدفع الإلكتروني، وتشجيع حلول الدفع عبر الهاتف المحمول (الجوال)، ووضع أطر تنظيمية للتقنيات المالية توازن بين الابتكار وحماية المستهلك وإدارة المخاطر».

تأثير الوضع الدولي

وبيّن حصرية أن الوضعين الاقتصادي والسياسي الدوليين يؤثران على الاقتصاد السوري، عبر قنوات متعددة هي: القيود على الوصول إلى الأسواق والتمويل الدولي، وهي تؤثر على الاستيراد والاستثمار، وتقلب أسعار الطاقة والسلع الذي يؤثر على ميزان المدفوعات، والتوترات الجيوسياسية التي تثبط جذب رأس المال الأجنبي.

لكنه في المقابل، تحدث عن أن إعادة الانخراط الإقليمي الأخيرة فتحت بعض قنوات التعاون والاستثمار التي قد تخفف من هذه الضغوط تدريجياً إذا ما ترافقت مع إصلاحات داخلية.

تحويلات وتشجيع الاستثمار

كما أشار إلى أن الأرقام الرسمية المتاحة لحجم التحويلات من المغتربين السوريين متفاوتة، وأن المصادر تختلف في تقديرها. وأضاف: «(البيانات التاريخية والمؤشرات) تُشير إلى أن التحويلات تمثل مصدراً مهماً للعملة الصعبة، وأن تاريخهـا شهد قِمماً متفاوتة (مليارات الدولارات سنوياً في سنوات ذروة التحويلات)، وهناك معلومات إعلامية محلية تقترح أن التدفقات اليومية الموسمية قد تتراوح حول ملايين الدولارات في أيام الذروة».

وتعزز التحويلات من المغتربين السيولة بالعملة الصعبة، وتدعم الاستهلاك، وتساهم في استقرار سعر الصرف، إذا دخلت عبر قنوات رسمية، وفق حصرية، الذي قال إن «(المصرف) يعمل على تيسير وتحفيز القنوات الرسمية لتحويل الحوالات؛ لتوجيهها إلى الاقتصاد بشكل أفضل».

وبشأن المبادرات التي يدعمها «المصرف» لتشجيع الاستثمار في سوريا، قال: «ندعم برامج تمويلية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وخطوط تمويل ميسرة للقطاعات ذات الأولوية (الزراعة، وإعادة الإعمار، والطاقة)، ونشجع الشراكات بين القطاعين العام والخاص. كذلك نعمل على تبسيط إجراءات القروض المصرفية وتحسين الوصول إلى الائتمان من خلال فرض معايير ائتمانية مرنة ومدروسة».

وعن كيفية تحسين مناخ الأعمال لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية، أجاب حصرية: «تحسين مناخ الأعمال يحتاج إلى: استقرار تشريعي وتنظيمي، وحماية حقوق المستثمر، وتبسيط الإجراءات الإدارية والجمركية، وشفافية في القوانين الضريبية، وتسهيل الوصول إلى التمويل»، عادّاً أن التعاون الإقليمي والدولي، ووجود آليات لضمان تسوية المنازعات والاستثمارات، سيكونان محركين أساسيين لجذب المستثمرين.

الأهداف المستقبلية

وبيّن حصرية أن الأهداف الاستراتيجية لـ«المصرف» في السنوات المقبلة، تتضمن «استعادة الاستقرار النقدي، والتحكم في التضخم، وإعادة بناء ثقة الجمهور بالنظام المصرفي، ودعم الانتعاش الاقتصادي عبر قنوات ائتمانية لقطاعات الإنتاج، وتحديث البنية التحتية لأنظمة الدفع والرقمنة، وتحسين الإطار الإحصائي والمعلوماتي؛ لضمان سياسات مبنية على بيانات موثوقة».

وبشأن دور «المصرف» في دعم إعادة الإعمار الاقتصادي في سوريا، أوضح حصرية: «لدينا دور تمكيني ومحوري يتمثل في توفير وسائل تمويلية ملائمة (بالتنسيق مع الحكومة والجهات الدولية)، وإدارة المخاطر المالية والاجتماعية لعمليات الإعمار، وتوفير نظم دفع وكفاءة مصرفية تدعم استثمارات إعادة الإعمار، والمشاركة في برامج تمويل مشتركة مع جهات مانحة ومؤسسات دولية؛ لتقليل (كلفة) التمويل وتحفيز القطاع الخاص».

محافظ «البنك المركزي السعودي» أيمن السياري يلتقي حاكم «مصرف سوريا المركزي» في الرياض (الشرق الأوسط)

تعاون سوري - سعودي

وبشأن زيارته الأسبوع الماضي إلى الرياض وأطر التعاون بين سوريا والسعودية في المجالين المالي والمصرفي، ذكر حصرية أن «التواصل مع (المصرف المركزي السعودي) والمؤسسات المالية السعودية يركز على مجالات «دعم التعاون المصرفي الثنائي بين (مصرف سوريا المركزي) و(البنك المركزي السعودي)، وتطوير آليات التسوية والدفع، وتشجيع الاستثمارات السعودية في قطاعات إعادة الإعمار، وفتح حسابات للمصارف السورية في المصارف السعودية الرائدة لتكون (مصارف مراسلة) للمصارف السورية، وتأسيس مصارف سورية بمشاركة مصارف سعودية، وفتح قنوات تمويل ومبادلات تجارية»، لافتاً إلى حدوث لقاءات رفيعة المستوى مع الجهات السعودية المعنية، وأن الأطراف أبدت اهتمامها بتوسيع التعاون المصرفي والاقتصادي بين البلدين.


مقالات ذات صلة

حاكم «مصرف سوريا»: حذف صفرين من الليرة... وسريان العملة الحالية لـ3 أشهر

الاقتصاد حاكم مصرف سوريا المركزي خلال المؤتمر الصحافي الأحد للإعلان عن تفاصيل العملة الجديدة (إكس)

حاكم «مصرف سوريا»: حذف صفرين من الليرة... وسريان العملة الحالية لـ3 أشهر

أكد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية، حذف صفرين من العملة السورية التي سوف تصدر أول يناير القادم قياساً بالعملة السورية الحالية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الاقتصاد يرفرف العلم الوطني الروسي فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يقلص تدخلاته في سوق الصرف إلى النصف مع بداية 2026

أعلن البنك المركزي الروسي، الجمعة، أنه سيخفض تدخلاته في سوق الصرف الأجنبية إلى النصف ابتداءً من العام الجديد، في خطوة متوقعة من شأنها الحد من دعم الروبل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد عرض أوراق نقدية من فئة 2000 روبية هندية داخل أحد البنوك (أرشيفية - رويترز)

استقرار حذر للروبية الهندية والسندات تنتظر مزادات البنك المركزي

استقرت الروبية الهندية تقريباً يوم الجمعة في تداولات خفيفة، إذ لم تشهد تغيراً يُذكر نتيجة عطلة السوق.

«الشرق الأوسط» (مومباي)
الاقتصاد عملات معدنية من الجنيه الإسترليني (رويترز)

السندات البريطانية في 2026... رهان العائد الهادئ في سوق مضطربة

تشير بوصلة الاستثمار العالمي نحو المملكة المتحدة في عام 2026 حيث يُجمع كبار محللي بنوك الاستثمار على أن السندات البريطانية ستكون «الحصان الأسود» بالأسواق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد موظف يعد أوراقاً نقدية بالروبية الهندية داخل مكتب صرافة خاصة في نيودلهي (رويترز)

الروبية الهندية ترتد بعد إعلان البنك المركزي عن مقايضة الدولار

تراجعت علاوات العقود الآجلة للروبية الهندية، الأربعاء، من أعلى مستوياتها في عدة سنوات.

«الشرق الأوسط» (مومباي)

تراجع المعادن النفيسة عقب وصول الفضة لمستوى 80 دولاراً

سبائك الذهب والفضة في مصنع «أوغوسا» بفيينا (رويترز)
سبائك الذهب والفضة في مصنع «أوغوسا» بفيينا (رويترز)
TT

تراجع المعادن النفيسة عقب وصول الفضة لمستوى 80 دولاراً

سبائك الذهب والفضة في مصنع «أوغوسا» بفيينا (رويترز)
سبائك الذهب والفضة في مصنع «أوغوسا» بفيينا (رويترز)

تراجعت أسعار المعادن النفيسة، يوم الاثنين، بعد أن سجلت الفضة مستويات قياسية عند تجاوزها 80 دولاراً للأونصة، في وقت سابق من الجلسة، وانخفض الذهب من مستويات قياسية قريبة، مع جنْي المستثمرين الأرباح وتراجع الطلب على الملاذات الآمنة نتيجة تراجع العوامل الجيوسياسية الإيجابية.

وانخفض سعر الذهب الفوري بنسبة 1.7 في المائة إلى 4455.34 دولار للأونصة عند الساعة 07:07 بتوقيت غرينتش، بعد أن سجل أعلى مستوى له على الإطلاق عند 4549.71 دولار يوم الجمعة. وتراجعت العقود الآجلة للذهب الأميركي تسليم فبراير (شباط) بنسبة 1.2 في المائة لتصل إلى 4500.30 دولار للأونصة، وفق «رويترز».

وصعد سعر الفضة الفوري بنسبة 4.6 في المائة ليصل إلى 75.47 دولار للأونصة، بعد تراجعه عن أعلى مستوى تاريخي سجّله في وقت سابق من الجلسة عند 83.62 دولار.

وقال تيم ووترر، كبير محللي السوق بشركة «كيه سي إم ترايد»: «إن مزيجاً من عمليات جني الأرباح والمحادثات التي تبدو مثمرة بين ترمب وزيلينسكي بشأن اتفاق سلام محتمل، وضع الذهب والفضة تحت ضغط».

وقد صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوم الأحد، بأنه والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي «يقتربان كثيراً، وربما يقتربان جداً» من التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا.

وسجلت أسعار الفضة ارتفاعاً بنسبة 181 في المائة منذ بداية العام، متفوقةً على الذهب، مدفوعةً بتصنيفها كمعدن أميركي بالغ الأهمية، إلى جانب محدودية العرض وانخفاض المخزونات، وسط ازدياد الطلب الصناعي والاستثماري. كما شهد الذهب ارتفاعاً ملحوظاً في عام 2025، حيث ارتفع بنسبة 72 في المائة حتى الآن، محطماً عدداً من المستويات القياسية.

وعزّزت الذهبَ مجموعة من العوامل، منها توقعات خفض أسعار الفائدة الأميركية، والتوترات الجيوسياسية، والطلب القوي من البنوك المركزية، وارتفاع حيازات صناديق المؤشرات المتداولة.

وأضاف ووترر أن الوصول إلى مستوى 5000 دولار يبدو هدفاً واقعياً للذهب، العام المقبل، شريطة أن يتبنى رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي القادم نهجاً أكثر تيسيراً في السياسة النقدية، مشيراً إلى أن خفض أسعار الفائدة واستمرار الطلب الصناعي القوي، إلى جانب نقص المعروض، قد تهيئ الفضة للارتفاع نحو 100 دولار في عام 2026.

ويظل المتداولون يتوقعون خفضين لأسعار الفائدة الأميركية، العام المقبل، في انتظار صدور محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لشهر ديسمبر (كانون الأول) بحثاً عن مؤشرات إضافية حول السياسة النقدية.

وتتمتع الأصول غير المُدرّة للدخل بأداء جيد عادةً في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة.

في المقابل، انخفض سعر البلاتين الفوري بنسبة 6.2 في المائة إلى 2298.45 دولار للأونصة، بعد أن سجل أعلى مستوى له على الإطلاق عند 2478.50 دولار، في وقت سابق من الجلسة، بينما تراجع سعر البلاديوم بنسبة 11.4 في المائة إلى 1705.15 دولار للأونصة.


انكماش النشاط الصناعي الروسي بأسرع وتيرة منذ مارس 2022

مجمع شركة «ماغنيتوغورسك للحديد والصلب» في مدينة ماغنيتوغورسك (رويترز)
مجمع شركة «ماغنيتوغورسك للحديد والصلب» في مدينة ماغنيتوغورسك (رويترز)
TT

انكماش النشاط الصناعي الروسي بأسرع وتيرة منذ مارس 2022

مجمع شركة «ماغنيتوغورسك للحديد والصلب» في مدينة ماغنيتوغورسك (رويترز)
مجمع شركة «ماغنيتوغورسك للحديد والصلب» في مدينة ماغنيتوغورسك (رويترز)

أظهرت بيانات صادرة عن «ستاندرد آند بورز غلوبال»، يوم الاثنين، أن قطاع الصناعات التحويلية في روسيا سجّل، في ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أسرع وتيرة انكماش منذ مارس (آذار) 2022، في ظل تراجع حاد بمستويات الإنتاج والطلبات الجديدة، ما يعكس استمرار الضغوط على النشاط الصناعي.

وانخفض مؤشر مديري المشتريات للصناعات التحويلية الروسية إلى 48.1 نقطة في ديسمبر، مقارنة بـ48.3 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ليسجل بذلك الشهر السابع على التوالي دون مستوى 50 نقطة الفاصل بين النمو والانكماش، ما يؤكد دخول القطاع في مرحلة انكماش ممتدة، وفق «رويترز».

وأظهرت البيانات أن الإنتاج الصناعي تراجع، للشهر العاشر على التوالي، مع تسارع وتيرة الانخفاض إلى أعلى مستوى لها منذ مارس 2022. وأرجعت الشركات هذا التدهور إلى ضعف الطلب المحلي وتراجع الطلبات الجديدة، في ظل بيئة استهلاكية أكثر حذراً.

كما واصلت المبيعات الجديدة تراجعها، للشهر السابع على التوالي، وإنْ بوتيرة أبطأ نسبياً، حيث أسهم تردد المستهلكين وتراجع قدرتهم الشرائية في كبح الطلب على المنتجات الصناعية.

وعلى صعيد سوق العمل، انخفض التوظيف في قطاع التصنيع مسجلاً تراجعاً في أعداد العاملين، للمرة الثالثة خلال أربعة أشهر، بينما بلغ معدل تسريح العمال أسرع وتيرة له منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، مدفوعاً بانخفاض متطلبات الإنتاج وتراجع حجم الأعمال.

في المقابل، تسارع تضخم تكاليف المُدخلات إلى أعلى مستوياته منذ مارس، مع إشارة الشركات إلى ارتفاع أسعار المورّدين وتكاليف المواد الخام. ورغم ضعف الطلب، لجأ المصنّعون إلى رفع أسعار البيع؛ في محاولة لتمرير جزء من هذه التكاليف المتزايدة إلى المستهلكين.

وفيما يتعلق بالآفاق المستقبلية، تراجعت ثقة المصنّعين بشكل ملحوظ، إذ هبط مستوى التفاؤل بشأن الإنتاج، خلال الفترة المقبلة، إلى أدنى مستوياته منذ مايو (أيار) 2022، وسط مخاوف مستمرة بشأن ضعف الطلب، رغم بقاء بعض الآمال بتحسن المبيعات واستئناف الاستثمار في منشآت إنتاجية جديدة.


تباين أداء الأسهم الآسيوية وسط تداولات هادئة وتوترات جيوسياسية

متداولون بجوار شاشة تعرض البيانات المالية في قاعة بنك هانا في سيول (إ.ب.أ)
متداولون بجوار شاشة تعرض البيانات المالية في قاعة بنك هانا في سيول (إ.ب.أ)
TT

تباين أداء الأسهم الآسيوية وسط تداولات هادئة وتوترات جيوسياسية

متداولون بجوار شاشة تعرض البيانات المالية في قاعة بنك هانا في سيول (إ.ب.أ)
متداولون بجوار شاشة تعرض البيانات المالية في قاعة بنك هانا في سيول (إ.ب.أ)

تباينت مؤشرات الأسهم الآسيوية خلال تعاملات يوم الاثنين، في ظل أحجام تداول محدودة مع استمرار عطلة الأعياد، وذلك بعد أداء ضعيف للأسهم الأميركية في أولى جلساتها عقب عيد الميلاد، على الرغم من تصاعد حدة التوترات في مضيق تايوان.

ولم تشهد العقود الآجلة للأسهم الأميركية تغيّرات تُذكر، في إشارة إلى حالة الترقب التي تسيطر على الأسواق العالمية مع اقتراب نهاية العام، وفق «وكالة أسوشييتد برس».

وفي تطور جيوسياسي لافت، أعلن الجيش الصيني أنه نشر قوات جوية وبحرية وصاروخية لإجراء مناورات عسكرية مشتركة حول تايوان، الجزيرة ذاتية الحكم التي تعتبرها بكين جزءاً من أراضيها، في خطوة وصفتها بأنها تحذير لما تسميه «القوى الانفصالية» و«التدخل الخارجي». من جانبها، أعلنت تايوان رفع مستوى الجاهزية العسكرية، ووصفت الحكومة الصينية بأنها «أكبر مهدد للسلام» في المنطقة.

وجاءت هذه المناورات عقب تعبير بكين عن غضبها إزاء مبيعات الأسلحة الأميركية لتايوان، وكذلك تصريحات رئيسة الوزراء اليابانية، ساناي تاكايتشي، التي قالت إن بلادها قد تتدخل في حال أقدمت الصين على أي عمل عسكري ضد تايوان. ورغم ذلك، لم يأتِ بيان الجيش الصيني الصادر صباح الاثنين على ذكر الولايات المتحدة أو اليابان بالاسم.

وعلى صعيد أداء الأسواق، ارتفع المؤشر الرئيسي في تايوان بنسبة 0.8 في المائة، بينما صعد مؤشر «هانغ سنغ» في هونغ كونغ بنسبة 0.3 في المائة ليغلق عند 25887.33 نقطة. كما أضاف مؤشر شنغهاي المركب 0.3 في المائة ليصل إلى 3975.92 نقطة. في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 0.2 في المائة إلى 50663.90 نقطة.

وفي كوريا الجنوبية، قفز مؤشر «كوسبي» بنسبة 1.9 في المائة مسجلاً 4,207.36 نقطة، في حين انخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز/إيه إس إكس 200» الأسترالي بنسبة 0.3 في المائة ليصل إلى 8732.70 نقطة.

وعقب استئناف التداول يوم الجمعة بعد عطلة عيد الميلاد، تراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة تقل عن 0.1 في المائة ليصل إلى 6929.94 نقطة. كما انخفض مؤشر «داو جونز» الصناعي بنسبة أقل من 0.1 في المائة إلى 48710.97 نقطة، وتراجع مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.1 في المائة ليصل إلى 23,593.10 نقطة.

ومع تبقي ثلاثة أيام تداول فقط على نهاية عام 2025، يكون مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» قد حقق مكاسب تقارب 18 في المائة منذ بداية العام، مدعوماً بسياسات تخفيف القيود التنظيمية التي تبنتها إدارة ترمب، إلى جانب تفاؤل المستثمرين بآفاق الذكاء الاصطناعي.