اليورو يقفز لأعلى مستوياته منذ 2021

وسط توترات جيوسياسية وإقبال على الملاذات الآمنة

أوراق نقدية من فئة اليورو (رويترز)
أوراق نقدية من فئة اليورو (رويترز)
TT

اليورو يقفز لأعلى مستوياته منذ 2021

أوراق نقدية من فئة اليورو (رويترز)
أوراق نقدية من فئة اليورو (رويترز)

سجّل اليورو أعلى مستوى له منذ نحو 4 سنوات مقابل الدولار الأميركي، يوم الخميس، مدفوعاً بموجة إقبال واسعة من المستثمرين على أصول الملاذ الآمن، وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية ومخاوف بشأن هشاشة الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين.

وأثار تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن نقل بعض الموظفين من الشرق الأوسط -الذي وصفه بأنه «مكان خطير»- قلق الأسواق، لا سيما بعد تأكيده أن واشنطن لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي، مما زاد من حدة التوترات الإقليمية، وفق «رويترز».

في هذا السياق، اندفع المستثمرون إلى شراء الفرنك السويسري والين الياباني، إلى جانب اليورو، بحثاً عن الأمان. وارتفع الفرنك بنسبة 0.8 في المائة ليصل إلى 0.8138 مقابل الدولار، وهو أعلى مستوى له منذ 22 أبريل (نيسان)، كما صعد الين بنسبة 0.6 في المائة ليسجل 143.70.

أما اليورو، فقد بلغ ذروته عند 1.1589 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ أواخر عام 2021، قبل أن يتراجع قليلاً إلى 1.1568، مرتفعاً بنسبة 0.70 في المائة.

ويرى محللون أن صعود العملة الأوروبية الموحدة جاء مدعوماً أيضاً بموقف البنك المركزي الأوروبي المتشدد، والذي ألمح إلى احتمال التوقف المؤقت عن التيسير النقدي بعد أن عاد التضخم إلى هدفه البالغ 2 في المائة. إلا أن صانعة السياسات في البنك، إيزابيل شنابل، أوضحت أن قوة اليورو تعكس «صدمة ثقة إيجابية» في أوروبا، أكثر من ارتباطها بفوارق أسعار الفائدة.

اتفاق تجاري هش ورسائل مرتقبة

على صعيد التجارة، أعلن ترمب أنه مستعد لتمديد الموعد النهائي المقرر في 8 يوليو (تموز) لمحادثات التجارة مع عدد من الدول، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن الولايات المتحدة ستبدأ قريباً بإرسال رسائل تتضمن شروط الاتفاقات التجارية، والتي يمكن قبولها أو رفضها.

ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تُبقي خطر فرض رسوم جمركية إضافية قائماً، وهو ما انعكس سلباً على أداء الدولار الأميركي، الذي تراجع إلى أدنى مستوياته منذ أبريل (نيسان) 2022، مسجلاً 97.861 مقابل سلة من العملات.

تراجُع العوائد وترقّب بيانات التضخم

وانخفضت عوائد سندات الخزانة الأميركية عقب صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلكين التي جاءت معتدلة، مما خفّف من الضغوط على «الاحتياطي الفيدرالي» للإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة.

ومع ذلك، يترقب المستثمرون بيانات مؤشر أسعار المنتجين (PPI) لاحقاً اليوم، لمعرفة الاتجاه المقبل للتضخم. وقال ديفيد دويل، كبير الاقتصاديين في «ماكواري»، إن هناك احتمالاً لأن تكون قراءة مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) أعلى قليلاً، اعتماداً على نتائج مؤشر المنتجين.

ورغم بعض الضعف في البيانات، توقّع دويل استمرار التضخم الأساسي في الارتفاع على أساس سنوي حتى نهاية العام، نتيجة انتقال تأثير الرسوم الجمركية المطبقة مؤخراً.

وفي الصين، ارتفع اليوان بنسبة 0.1 في المائة في السوق المحلية إلى 7.1818 مقابل الدولار، لكن مكاسبه ظلت محدودة بفعل هشاشة الهدنة التجارية بين بكين وواشنطن، والغموض الذي يكتنف المرحلة التالية من العلاقات الثنائية.

وأشار بنك «باركليز» إلى وجود عوامل معاكسة قد تضغط على العملة الصينية على المدى المتوسط، رغم احتمالية تسجيلها لمكاسب إضافية مؤقتة.


مقالات ذات صلة

شنابل من «المركزي الأوروبي»: عقبات خفض الفائدة كبيرة رغم مرونة الاقتصاد

الاقتصاد مقر مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

شنابل من «المركزي الأوروبي»: عقبات خفض الفائدة كبيرة رغم مرونة الاقتصاد

قالت إيزابيل شنابل، عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، في مقابلة نُشرت يوم الجمعة، إن العوائق أمام خفض أسعار الفائدة لا تزال «كبيرة جداً».

«الشرق الأوسط» (ميلانو - فرانكفورت)
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة اليورو (رويترز)

تراجع عوائد السندات الأوروبية مع ترقّب الأسواق لرسوم ترمب

تراجعت عوائد سندات منطقة اليورو بشكل طفيف في التعاملات المبكرة، يوم الجمعة، بينما يترقّب المستثمرون تصريحات مرتقبة للرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن الرسوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة اليورو (رويترز)

مزاد أميركي قوي يعزز سوق السندات ويضغط على عوائد اليورو

تراجعت عوائد السندات في منطقة اليورو خلال التعاملات المبكرة من يوم الخميس، بدفع من مزاد قوي على سندات الخزانة الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متداولون في بورصة يورونكست بحي لا ديفانس في باريس (رويترز)

ترقب أوروبي حذر لموسم الأرباح وسط تحديات الرسوم وقوة اليورو

يترقب المستثمرون الأوروبيون موسم أرباح حاسم للرُّبع الثاني، يُتوقَّع أن يُلقي الضوء الأول على قدرة الشركات على التكيُّف مع فترة جديدة من التقلبات التجارية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة اليورو (رويترز)

استقرار عوائد السندات الأوروبية مع ترقب المستثمرين لتطورات الرسوم

استقرت عوائد سندات حكومات منطقة اليورو يوم الأربعاء مع ترحيب المستثمرين بخطط الرئيس الأميركي دونالد ترمب لفرض رسوم جمركية إضافية على الواردات

«الشرق الأوسط» (لندن)

المفاوضات التجارية بين أوروبا وأميركا تدخل مرحلتها الحاسمة

ترمب مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في اجتماع ثنائي في دافوس (أرشيفية -رويترز)
ترمب مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في اجتماع ثنائي في دافوس (أرشيفية -رويترز)
TT

المفاوضات التجارية بين أوروبا وأميركا تدخل مرحلتها الحاسمة

ترمب مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في اجتماع ثنائي في دافوس (أرشيفية -رويترز)
ترمب مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في اجتماع ثنائي في دافوس (أرشيفية -رويترز)

بينما دخلت المباحثات الأميركية الأوروبية بشأن اتفاق تجاري مرحلتها الحاسمة، التي على إثرها إما الوصول إلى اتفاق أو إعلان حرب تجارية قد تستمر سنوات، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، الأحد، إن الاتحاد الأوروبي سيمدد تعليقه للإجراءات المضادة التي سيردّ بها على الرسوم الجمركية الأميركية حتى أوائل أغسطس (آب)، في وقت يفضل فيه التكتل حلّاً تفاوضياً بشأن التجارة مع الولايات المتحدة.

وصعّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الحرب التجارية العالمية، السبت، مهدداً بفرض رسوم جمركية بنسبة 30 في المائة على الواردات من الاتحاد الأوروبي، اعتباراً من الأول من أغسطس، بخلاف الرسوم على قطاعات محددة، على الرغم من إجراء محادثات مكثفة على مدى شهور.

وفاجأت خطوة ترمب دول الاتحاد، أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، الذي كان يأمل في تجنب تصعيد حرب تجارية بعد مفاوضات مكثفة وتصريحات ودية على نحو متزايد من البيت الأبيض.

وأكبر ما يشتكي منه الرئيس الأميركي هو العجز التجاري الأميركي مع الاتحاد الأوروبي، فيما يتعلق بالسلع، الذي بلغ 235 مليار دولار عام 2024، وفقاً لبيانات مكتب الإحصاء الأميركي. لكن الاتحاد أشار مراراً إلى فائض أميركي في الخدمات.

وقالت فون دير لاين، لدى إعلانها عن تمديد تعليق الإجراءات المضادة، للصحافيين، إن التكتل «سيواصل إعداد مزيد من الإجراءات المضادة حتى نكون على أهبة الاستعداد».

الرد الأميركي

أوضح المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض، كيفن هاسيت، الأحد، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب اطلع على بعض المقترحات لاتفاقات تجارية، ويعتقد أنه يتعين أن تكون أفضل من ذلك.

وأضاف هاسيت أن ترمب سيمضي قدماً في تطبيق الرسوم الجمركية التي هدّد بفرضها على المكسيك والاتحاد الأوروبي ودول أخرى، في حال عدم تقديم مقترحات أفضل.

ترمب خلال حديثه للصحافيين (رويترز)

وذكر هاسيت، في تصريحات لشبكة «إيه بي سي»: «حسناً، هذه الرسوم الجمركية ستطبق حقّاً إذا لم يتلقَّ الرئيس اتفاقات، يعتقد أنها جيدة بما فيه الكفاية». وتابع: «لكن كما تعلمون، المحادثات مستمرة، وسنرى كيف ستنتهي الأمور».

وقال هاسيت إن تهديد ترمب بفرض رسوم جمركية تبلغ 50 في المائة على البضائع القادمة من البرازيل، ما يعكس إحباط ترمب من تصرفات الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية، وكذلك من مفاوضاتها التجارية مع الولايات المتحدة.

تراجع أوروبي

وعلّق الاتحاد الأوروبي أول حزمة من الإجراءات المضادة للرسوم الجمركية الأميركية على الصلب والألمنيوم في أبريل (نيسان)، التي كانت ستؤثر على واردات سلع أميركية تصل قيمتها إلى 21 مليار يورو (24.6 مليار دولار)، لمدة 90 يوماً لإتاحة الوقت للمفاوضات. ومن المقرر أن تنتهي فترة هذا التعليق يوم الاثنين.

ويعمل التكتل على حزمة ثانية منذ مايو (أيار)، تستهدف سلعاً أميركية بقيمة 72 مليار يورو، لكن هذه الإجراءات لم تعلن بعد، وتتطلب القائمة النهائية موافقة الدول الأعضاء.

وقالت فون دير لاين إن الوقت لم يحن بعد لطرح خيار اللجوء إلى أداة الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإكراه.

أورسولا فون دير لاين تتحدث للصحافيين خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس إندونيسيا 13 يوليو 2025 (إ.ب.أ)

وتابعت قائلة: «أداة (مكافحة الإكراه) وجدت لحالات استثنائية، نحن لم نصل إلى هذا الحدّ بعد»، في إشارة إلى أداة تسمح للاتحاد الأوروبي بتجاوز الرسوم التقليدية على السلع وفرض قيود على التجارة في الخدمات أيضاً.

كما تسمح هذه الأداة للتكتل باتخاذ إجراءات مضادة بحقّ دول ثالثة إذا مارست ضغوطاً اقتصادية على دول أعضاء بالاتحاد الأوروبي لتغيير سياساتها.

ومن بين إجراءات الردّ المحتملة فرض قيود على دخول سلع وخدمات إلى أسواق الاتحاد الأوروبي، وتدابير اقتصادية أخرى، منها ما يرتبط بالاستثمار الأجنبي المباشر والأسواق المالية وضوابط التصدير.

أدوات للدفاع

من جانبها، أكّدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، الأحد، أن التكتل يمتلك «الأدوات» للدفاع عن نفسه في مواجهة الرسوم الجمركية الأميركية، خصوصاً من خلال استهداف «الخدمات» التي تصدّرها الولايات المتحدة إلى الأوروبيين.

وقالت، في مقابلة مع صحيفة «لا تريبيون ديمانش»: «لطالما سعى الاتحاد الأوروبي إلى حلّ تفاوضي. ولكن إذا لزم الأمر، فهو يمتلك أيضاً الأدوات للدفاع عن مصالحه».

وقالت كالاس: «في قطاع الخدمات، تتمتع أوروبا بموقف قوي».

وأثار تصعيد ترمب الأخير في خضم مفاوضات مع بروكسل، ردود فعل قوية في أوروبا، إذ قد يؤثر على قطاعات اقتصادية رئيسية، مثل السيارات والأدوية والطائرات.

وبالنظر إلى الخدمات فقط، يصبح الوضع معكوساً، إذ تعاني الدول السبع والعشرون المنضوية في الاتحاد من عجز تجاري قدره 150 مليار يورو، خصوصاً بسبب التكنولوجيا، من خلال دفع تكاليف خدمات تكنولوجيا المعلومات واستخدام برمجيات أميركية.

إجراء حاسم

قال وزير المالية الألماني، لارس كلينجبايل، إنه ينبغي على الاتحاد الأوروبي اتخاذ إجراءات «حاسمة» ضد الولايات المتحدة إذا فشلت مفاوضات الرسوم الجمركية، وذلك وسط حرب تجارية متصاعدة.

وقال كلينجبايل لصحيفة «زود دويتشه تسايتونج» الألمانية: «إذا لم يتم التوصل إلى حلّ عادل عبر التفاوض، يجب علينا اتخاذ إجراءات مضادة حاسمة لحماية الوظائف والشركات في أوروبا».

وأضاف: «يدنا لا تزال ممدودة، لكننا لن نوافق على كل شيء».

سفينة شحن يتم تحميلها في محطة حاويات «توليرورت» في ميناء هامبورغ بألمانيا (رويترز)

ويرى السياسي الألماني البارز، يورجن هارت، أن مفاوضات ربما تعقد مجدداً بين الاتحاد الأوروبي وواشنطن، ويتأجل على إثرها فرض رسوم جمركية أعلى على الواردات.

وقال هارت، وهو نائب زعيم الكتلة المحافظة لحزبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي، بزعامة المستشار فريدريش ميرتس في البرلمان الألماني (البوندستاج): «لعبة التفاوض بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة تدخل مرحلتها الحاسمة». وفقاً لـ«رويترز».

وتابع قائلاً: «أراهن على التوصل إلى اتفاق جزئي على الأقل، وعلى تأجيل إضافي قبل الأول من أغسطس. ففي نهاية المطاف، سيكون على المواطنين والشركات الأميركية تحمل تكلفة دفع الرسوم الجمركية المرتفعة، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار والتضخم في الولايات المتحدة».

وقال هارت إن على أوروبا أن تثني ترمب عن «اعتقاده الخاطئ» بأن العجز التجاري الأميركي ناجم عن إجراءات حماية تجارية يتخذها الاتحاد الأوروبي.

وأضاف أن الولايات المتحدة لديها فائض في الخدمات بسبب هيمنة قطاع تكنولوجيا المعلومات لديها، وهو ما ساعد في تعويض العجز التجاري إلى حدّ كبير.