«المركزي التركي» يرفع الفائدة إلى 46 % مدفوعاً بأزمة اعتقال إمام أوغلو

في ظل التطورات الأخيرة في الأسواق المالية وتوقعات ارتفاع التضخم

مؤيدون لإمام أوغلو واصلوا الاحتجاجات على اعتقاله في إسطنبول ليل الأربعاء - الخميس (د.ب.أ)
مؤيدون لإمام أوغلو واصلوا الاحتجاجات على اعتقاله في إسطنبول ليل الأربعاء - الخميس (د.ب.أ)
TT

«المركزي التركي» يرفع الفائدة إلى 46 % مدفوعاً بأزمة اعتقال إمام أوغلو

مؤيدون لإمام أوغلو واصلوا الاحتجاجات على اعتقاله في إسطنبول ليل الأربعاء - الخميس (د.ب.أ)
مؤيدون لإمام أوغلو واصلوا الاحتجاجات على اعتقاله في إسطنبول ليل الأربعاء - الخميس (د.ب.أ)

تخلى البنك المركزي التركي عن دورة تيسير نقدي استمرت 3 أشهر وعاد إلى تشديد سياسته، رافعاً سعر الفائدة الرئيسي بواقع 350 نقطة أساس إلى 46 في المائة.

وعلى خلفية اضطرابات داخلية ومظاهرات صاحبت اعتقال رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو، وأخرى خارجية تتعلق بالقرار الأميركي الخاص برفع الرسوم الجمركية بنسب متفاوتة، قرر البنك المركزي التركي، خلال اجتماع لجنته للسياسة النقدية، الخميس، رفع سعر الفائدة على إعادة الشراء لمدة أسبوع (الريبو) المعتمد معياراً أساسياً لأسعار الفائدة من 42.5 في المائة إلى 46 في المائة.

وقال البنك في بيان، عقب الاجتماع، إن لجنة السياسة النقدية قررت خلال اجتماعها برئاسة رئيس البنك فاتح كاراهان، رفع سعر الفائدة على إعادة الشراء لمدة أسبوع، وهو سعر الفائدة الرئيسي، من 42.5 إلى 46 في المائة، ورفع سعر الفائدة على الإقراض لليلة واحدة من 46 إلى 49 في المائة، وسعر الفائدة على الاقتراض لليلة واحدة من 41 إلى 44.5 في المائة.

أزمة اعتقال إمام أوغلو

كان البنك المركزي رفع سعر الفائدة على الإقراض لليلة واحدة من 44 إلى 46 في المائة، في اجتماع استثنائي عقب اعتقال إمام أوغلو، في إطار سلسلة من الإجراءات العاجلة للحفاظ على استقرار الأسواق.

البنك المركزي التركي (رويترز)

وحسب تقديرات من مصادر متعددة، اضطر «المركزي التركي» إلى ضخ نحو 46 مليار دولار في الأسواق منذ 19 مارس (آذار) الماضي، تاريخ اعتقال إمام أوغلو؛ للحفاظ على الليرة التركية من الانهيار بعد الهبوط الحاد للبورصة وهروب المستثمرين من الأسواق أو الإحجام عن دخولها، وكذلك لمواجهة تأثير قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بشأن التعريفة الجمركية.

وجاء في بيان البنك المركزي التركي أنه «نتيجة للتطورات الأخيرة في الأسواق المالية، تم اتخاذ خطوات إضافية على وجه السرعة لدعم آلية انتقال العملة (الليرة التركية)، وسوف نستمر في مراقبة ظروف السيولة من كثب، كما سنواصل استخدام أدوات إدارة السيولة بشكل فعال».

الليرة التركية هبطت إلى أدنى مستوياتها في التاريخ عقب اعتقال إمام أوغلو 19 مارس الماضي (أ.ف.ب)

ولفت البيان إلى انخفاض الاتجاه الأساسي للتضخم في شهر مارس، لكنه توقع أن يرتفع التضخم الشهري للسلع الأساسية قليلاً في أبريل (نيسان) الحالي؛ بسبب التطورات في الأسواق المالية، وأن يظل التضخم في الخدمات ثابتاً نسبياً.

وقال إن البيانات الأولية تشير إلى أن الطلب المحلي، على الرغم من فقدانه الزخم في الربع الأول، ظل أعلى من التوقعات، كما تراجع تأثيره في خفض التضخم، لافتاً إلى أنه تتم مراقبة التأثيرات المحتملة للاتجاهات الحمائية المتزايدة في التجارة العالمية على عملية انكماش التضخم من خلال النشاط الاقتصادي العالمي وأسعار السلع الأساسية وتدفقات رأس المال، من كثب.

مخاوف ارتفاع التضخم

وأوضح أن توقعات التضخم وسلوك التسعير تستمر في كونها عوامل خطر لعملية انكماش التضخم.

تراجع معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في تركيا للشهر العاشر على التوالي في مارس إلى 38.1 في المائة، بينما سجل التضخم على أساس شهري 2.46 في المائة.

وكان معدل التضخم سجل 2.27 في المائة على أساس شهري و39.05 في المائة على أساس سنوي في فبراير (شباط).

توقعات بزيادة جديدة في التضخم مع استمرار الاحتجاجات على اعتقال إمام أوغلو (أ.ف.ب)

وتوقع خبراء أتراك أن ينعكس أثر أزمة اعتقال إمام أوغلو، أبرز منافسي الرئيس رجب طيب إردوغان على رئاسة البلاد، واستمرار المظاهرات والاحتجاجات، على التضخم في أبريل الحالي.

وتوقع الخبير الاقتصادي، مصطفى سونماز، أن تظهر نتائج عملية اعتقال إمام أوغلو على حركة الأسعار في أبريل الحالي، وألا تقل الزيادة في مؤشر أسعار المستهلك في أبريل عن 3.5 في المائة.

تعهدات باستمرار التشديد

وتعهد البنك المركزي التركي بالاستمرار في مراقبة مؤشرات التضخم واتجاهه الأساسي، والعمل على تقليل الاتجاه الرئيسي للتضخم الشهري، وتعزيز عملية خفض التضخم من خلال موازنة الطلب المحلي، والحفاظ على موقف السياسة النقدية المتشددة حتى يتم تحقيق انخفاض كبير ودائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري وتتقارب توقعات التضخم مع النطاق المتوقع.

وكرر البنك موقفه الحذِر تجاه المخاطر الصعودية للتضخم، مؤكداً أنه سيتم استخدام أدوات التشديد النقدي بشكل فعال، حال توقع حدوث تدهور كبير ودائم في التضخم.

وأكد أن لجنة السياسات ستحدد الخطوات، التي يتعين اتخاذها فيما يتعلق بسعر الفائدة من خلال نهج حذِر وبطريقة تعمل على الحد من الاتجاه الأساسي للتضخم وتوفير الظروف النقدية والمالية التي من شأنها أن تهبط بالتضخم إلى الهدف المنشود على المدى المتوسط وهو 5 في المائة، مع الوضع في الحسبان التأثيرات المتأخرة لتشديد السياسة النقدية.

أحد باعة الشاي يطوف على المحال شبه الخاوية بالسوق المغطاة في منطقة أمينونو - إسطنبول (رويترز)

وأضاف: «في هذا الصدد، سيتم استخدام جميع أدوات السياسة النقدية بشكل حاسم، وسوف يتخذ المجلس قراراته ضمن إطار متوقع ومستند إلى البيانات وشفاف».

وكان البنك المركزي التركي بدأ دورة تيسير نقدي في نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي استمرت 3 أشهر خفض فيها سعر الفائدة بواقع 750 نطقة أساس من 50 إلى 42.5 في المائة.

ورأى خبراء أن البنك المركزي اتخذ قراراً سليماً في اجتماع، الخميس، وأن رفع الفائدة هو الطريق الصحيحة في ظل الأوضاع الراهنة للسيطرة على التضخم.

في الوقت ذاته، نفت وزارة الخزانة والمالية ما تردد عبر بعض وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي عن إصدار عفو ضريبي أو إعداد «حزمة إعادة الهيكلة الجديدة».

وأكدت الوزارة، في بيان، الخميس، أن ما تردد بهذا الشأن عارٍ تماماً عن الصحة ولا يعكس الحقيقة، ويهدف إلى تضليل الرأي العام.


مقالات ذات صلة

منتدى «اختر فرنسا» يجذر موقعها وجهةً أوروبية أولى للاستثمارات الخارجية

الاقتصاد ماكرون يلقي كلمته بمنتدى «اختر فرنسا» في «قصر فرساي» الاثنين (إ.ب.أ)

منتدى «اختر فرنسا» يجذر موقعها وجهةً أوروبية أولى للاستثمارات الخارجية

يجذر منتدى «اختر فرنسا» موقع باريس وجهةً أوروبية أولى للاستثمارات الخارجية، وتعكس «نسخة 2025» رغبة بتنويع المصادر الاستثمارية والتركيز على القطاعات المستقبلية.

ميشال أبونجم (باريس)
الاقتصاد وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي متحدثاً في مؤتمر قطر الاقتصادي (الشرق الأوسط)

الخريف: السعودية أكبر دولة تُصدّر السيارات دون تصنيع محلي

أكد وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف، أن المملكة تُعد الدولة الكبرى التي تصدّر السيارات دون أن يكون لديها تصنيع محلي.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
الاقتصاد مرشد سياحي يقود فوجاً سياحياً بأحد شوارع العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

اقتصاد الصين يقاوم الاضطرابات التجارية

أظهرت بيانات يوم الثلاثاء استمرار انخفاض الإيرادات المالية الصينية في الأشهر الأربعة الأولى من العام، ولكن بوتيرة أبطأ من تراجعات الربع الأول

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين (رويترز)

فون دير لاين: موازنة الاتحاد الأوروبي المقبلة بحاجة إلى مرونة وتمويل جديد

أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أن الموازنة المقبلة للاتحاد الأوروبي، يجب أن تكون أكثر مرونة وتركيزاً.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

حرب تجارية تهدد التضخم... و«المركزي الأوروبي» يترقب الخفض في يونيو

أشار كلاس نوت، عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، إلى ضرورة فهم التأثيرات طويلة الأمد للسياسات التجارية الأميركية والأوروبية على التضخم قبل اتخاذ أي قرار.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت - أمستردام)

منتدى «اختر فرنسا» يجذر موقعها وجهةً أوروبية أولى للاستثمارات الخارجية

ماكرون يلقي كلمته بمنتدى «اختر فرنسا» في «قصر فرساي» الاثنين (إ.ب.أ)
ماكرون يلقي كلمته بمنتدى «اختر فرنسا» في «قصر فرساي» الاثنين (إ.ب.أ)
TT

منتدى «اختر فرنسا» يجذر موقعها وجهةً أوروبية أولى للاستثمارات الخارجية

ماكرون يلقي كلمته بمنتدى «اختر فرنسا» في «قصر فرساي» الاثنين (إ.ب.أ)
ماكرون يلقي كلمته بمنتدى «اختر فرنسا» في «قصر فرساي» الاثنين (إ.ب.أ)

إذا كان الرئيس إيمانويل ماكرون، بعد عام واحد فقط من انتخابه، قد أطلق المنتدى الاقتصادي - الاستثماري «اختر فرنسا»، الذي التأمت نسخته الثامنة في «قصر فرساي» الملكي التاريخي، الاثنين؛ بهدف اجتذاب المليارات من الاستثمارات المباشرة إلى الاقتصاد الفرنسي، فإنه ما زال مواظباً على إطلاق مبادرات إضافية، كانت الأخيرة «اختر أوروبا من أجل العلوم» التي أطلقها من باريس، بداية الشهر الحالي، مع المفوضية الأوروبية.

وواضح أن باريس تريد الاستفادة من التضييق الذي تمارسه إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، على الباحثين والأكاديميين والمعاهد والجامعات؛ لاجتذابهم ومراكزهم البحثية وشركاتهم إلى أوروبا، وتحديداً إلى فرنسا.

وقبل ذلك، أطلق ماكرون «قمة الذكاء الاصطناعي» التي اجتذبت لبلاده وعوداً استثمارية وصلت إلى 107 مليارات يورو. والواضح أن فرنسا تريد اللحاق بالركب الريادي في هذه المنافسة العالمية بشأن «الامتلاك المعرفي والتطبيقي للذكاء الاصطناعي» بعد التأخر الذي عانت منه فرنسا، كما بقية الدول الأوروبية، قياساً بما حققته الصين والولايات المتحدة ودول آسيوية أخرى.

العمل على تنويع هوية المستثمرين

لا يشذ منتدى «اختر فرنسا» عن هذا التوجه الذي تحول إلى موعد سنوي رئيسي للمستثمرين؛ إنْ من القطاع الخاص، أو من الصناديق السيادية العالمية. وتدل الأرقام المتوافرة والمتصاعدة على ذلك، فنسخة عام 2022 اجتذبت 6.8 مليار يورو، ليقفز الرقم إلى 13 ملياراً في العام الذي تلاه، ثم إلى 15 ملياراً في 2024.

أما حصاد هذا العام، فقد وصل، وفق ما أعلنه الرئيس الفرنسي شخصياً، إلى 37 مليار يورو، منها 20 ملياراً استثماراتٍ جديدة، و17 ملياراً تفعيلاً لوعود استثمارية في الذكاء الاصطناعي. وما أراد ماكرون قوله وكرره مجدداً أمام من لا يقلون عن 200 رئيسِ ومديرِ شركة كبرى توافدوا إلى فرنسا، (من أوروبا 40 في المائة، ومن الولايات المتحدة 19 في المائة، ومن الخليج وآسيا) أن الاقتصاد الفرنسي جاهز لاستقبال هذه الاستثمارات، وأن باريس تراهن على قوة الجذب متعددة الأشكال التي تنعم بها لترجمة مبدأ «رابح رابح» واقعاً، مستنداً في ذلك إلى الإصلاحات الاقتصادية والمالية والضريبية التي أجرتها الحكومات المتعاقبة منذ 8 أعوام، وأبرزها، بالنسبة إلى الشركات المحلية والأجنبية، خفض نسبة الضرائب المفروضة عليها.

ماكرون (وسط) والمؤسس الشريك والرئيس التنفيذي لشركة «سناب إينك» إيفان شبيغل (يمين) والمدير التنفيذي لـ«سنابشات - فرنسا» غريغوري غازاني يضعون نظارات الواقع المعزز الخاصة بـ«سنابشات»... (أ.ف.ب)

بالفعل، فإن النظر في هوية المستثمرين الجدد، يظهر أن بينهم سعوديين وصينيين وسويديين ومن الولايات المتحدة، مما يعكس أمرين؛ الأول: رغبة فرنسا في تنويع شراكاتها الاقتصادية. والثاني: تنوع الاستثمارات التي تشمل: الطاقة النظيفة، والذكاء الاصطناعي، والبنوك والصناعة المالية، والإنتاج السينمائي والتلفزيوني، والصحة، والسياحة. بيد أن اكتمال الصورة يفترض الإشارة إلى أن عدداً من الشركات الفرنسية، المتخوفة من سياسة التعريفات الجمركية التي لجأت إليها الإدارة الأميركية الجديدة بوصفها سلاحاً جديداً، دفعت بها إلى الإعلان عن استثمارات ضخمة داخل الولايات المتحدة.

وعلى سبيل المثال، فإن شركة «سانوفي» الفرنسية الفاعلة في البحث الطبي وصناعة الأدوية أعلنت عن استثمار 20 مليار دولار داخل الولايات المتحدة، كذلك فعلت شركة «سي جي إم - سي إم آي»؛ إحدى أهم الشركات العالمية في النقل، خصوصاً البحري، التي يديرها رجل الأعمال اللبناني - الفرنسي رودولف سعادة، التي أعلنت بدورها عن استثمار 20 مليار دولار داخل بلاد العم سام.

وفي المقابل، أعرب مسؤولون في «سانوفي» عن عزمهم على استثمارات جديدة في فرنسا لا تزيد على مليار يورو واحد. وأثار إعلان «سانوفي» الضخم عن استثماراتها الأميركية جدلاً واسعاً في فرنسا التي لطالما يؤكد رئيسها ماكرون ويدعو إلى ضرورة تحقيق «الاستقلالية الوطنية» في القطاع الدوائي. وقد برز قصور الشركات الفرنسية مع احتدام جائحة «كوفيد19» حين تبين أن أدوية أساسية (وأحياناً بدائية) غير متوفرة ويتعين استيرادها من الصين أو الهند.

خلال الكلمة التي ألقاها في «منتدى فرساي»، توجه ماكرون إلى رجال الأعمال بقوله: «لقد قدمتم كثيراً من الاستثمارات في مجالات مختلفة: الذكاء الاصطناعي، والاتصالات، والهيدروجين الأخضر، والاقتصاد الدائري... هذه نسخة شاملة للغاية، فقد أُعلنَ عن استثمار 20 مليار يورو (جديدة)، و17 مليار يورو أخرى استثماراتٍ في الذكاء الاصطناعي، متابعة لقمة فبراير (شباط) الماضي». وأضاف الرئيس الفرنسي: «علينا أن نستثمر أكثر بكثير في الذكاء الاصطناعي، والتقنيات الخضراء، والدفاع والأمن؛ خصوصاً لأن الأمر أصبح سباقاً».

ومن بين التعهدات التي أُعلنت، فإن شركة الخدمات اللوجيستية الأميركية العملاقة «برو لوجيس» تنوي استثمار 6.4 مليار يورو في 4 مراكز بيانات بمنطقة باريس، بينما تخطط شركة «ريفولوت» البريطانية، المختصة في التكنولوجيا المالية، لاستثمار مليار يورو على مدى السنوات الثلاث المقبلة للتوسع في فرنسا. كما ستتقدم بطلب للحصول على رخصة مصرفية فرنسية.

كذلك صدرت تعهدات مماثلة من صندوق «إم جي إكس» الإماراتي المختص في الذكاء الاصطناعي، ومن شركات مثل «أمازون»، و«Common Metals Limited» البريطانية في قطاع المعادن الأرضية النادرة. وستبني شركة «تيكيفير» البرتغالية مصنعاً لتجميع الطائرات من دون طيار في جنوب غربي فرنسا.

أعضاء في «الاتحاد الوطني لنقابات المزارعين» يغلقون طريقاً سريعة بالجرارات... ولافتة كُتب عليها «ماكرون... خيانة» للمطالبة برفع القوانين التي تقيّد عملهم (أ.ف.ب)

إشكالية «الاستثمار وتوفير فرص العمل»

حقيقة الأمر أن الفورة الاستثمارية تترافق، من جهة، مع فورة سلبية عنوانها «ازدياد تسريح آلاف العمال والموظفين في فرنسا» خلال الأشهر الأخيرة، ومن جهة أخرى، مع الصعوبات التي تعاني منها القطاعات الصناعية التقليدية؛ إنْ في فرنسا أو على المستوى الأوروبي، مثل قطاعات: صناعة السيارات، والصناعات الكيماوية، والصلب، فشركات كانت تعدّ سابقاً رائدة، مثل «أرسيلور ميتال» و«ميشلين» و«فاليو» و«فانسوريكس»، أعلنت عن برامج تسريح. كما أن هناك مصانع تغلق أبوابها. لذا؛ فإن ماكرون وحكومته يواجهان ضغوطاً اجتماعية واقتصادية تطالبهما بالضغط على الشركات المعنية لوقف التسريح؛ لا بل إن أصواتاً تدعو إلى «تأميم» الشركات التي تعدّ أساسية بالنسبة إلى الاقتصاد الفرنسي.

وإذا كانت الفورة الاستثمارية تعكس الوجه الإيجابي للاقتصاد الفرنسي الذي يحتل، وفق التقرير الذي أعدّته شركة «إرنست آند يونغ» للتصنيف، المرتبة الأولى بوصف باريس الوجهة الأولى أوروبياً جذباً للاستثمارات الخارجية، فإن الاقتصاد المذكور ليس في أفضل حال داخلياً، ففرنسا تعاني من وطأة مديونية مرتفعة، ومن حاجتها إلى خفض عجزها في الموازنة التي أقرتها الحكومة بتأخير يزيد على الشهر.

ثمة صعوبة أخرى عنوانها: «ضعف انعكاس الاستثمارات الجديدة على العمالة». ورغم أن منتدى «اختر فرنسا» أطلق ما لا يقل عن 178 مشروعاً جديداً واستثمارات فاقت 47 مليار يورو، فإنه لم يطلق دينامية جديدة في إيجاد فرص وظيفية. ففي فرنسا، ما زالت نسبة البطالة تصل إلى 7.4 في المائة؛ لا بل إنها ارتفعت في الأشهر الأخيرة. ورغم الإصلاحات، فإن أرباب عمل ما زالوا يشكون من «ثقل» البيروقراطية. وقال فريدريك دوفال، المدير العام لشركة «أمازون - فرنسا» إن «فرنسا بلدٌ جذّاب، لكنها يمكن أن تكون أفضل؛ إذ هناك عوائق كبيرة، أولاها المتاهة الإدارية الكبيرة إلى حدٍّ ما التي يتعين التغلب عليها».

واعترف ماكرون بذلك، الاثنين، بمناسبة تدشين مصنع جديد للشركة الألمانية «دايملر تراك» بقوله: «الحفاظ على فرص العمل، وتحقيق التقدم في مجال الابتكار... يتطلبان أحياناً خوض معارك في فترات صعبة، والتصدي لها، وفعل ذلك بثبات وعلى المدى الطويل».