البنك الدولي: فجوة المهارات تتسع عالمياً... والحلول تبدأ من التعليم

مسؤولون أكدوا ضرورة تعزيز تنويع الاقتصاد وجذب الاستثمارات لاستدامة سوق العمل

صفاء الطيب الكوقلي خلال مشاركتها في إحدى جلسات المؤتمر (الشرق الأوسط)
صفاء الطيب الكوقلي خلال مشاركتها في إحدى جلسات المؤتمر (الشرق الأوسط)
TT
20

البنك الدولي: فجوة المهارات تتسع عالمياً... والحلول تبدأ من التعليم

صفاء الطيب الكوقلي خلال مشاركتها في إحدى جلسات المؤتمر (الشرق الأوسط)
صفاء الطيب الكوقلي خلال مشاركتها في إحدى جلسات المؤتمر (الشرق الأوسط)

يواجه العالم تحدياً متصاعداً في سوق العمل، مع توقعات بوصول أكثر من 1.2 مليار شاب إلى سن العمل بالدول النامية خلال العقد المقبل، في وقت لا يتجاوز فيه عدد الوظائف المتوقع خلقها 420 مليون وظيفة فقط، إذا استمرت الاتجاهات الحالية. وتتزامن هذه الأزمة مع تحولات جذرية تقودها التكنولوجيا، ما يوسع فجوة المهارات بين ما تحتاجه سوق العمل وما يمتلكه الأفراد، ويزيد من تعقيد المشهد في كل من الاقتصادات المتقدمة والناشئة.

هذا ما شرحته مديرة البنك الدولي في دول مجلس التعاون الخليجي صفاء الطيب الكوقلي، خلال جلسة حوارية ضمن النسخة الثانية من مؤتمر «القدرات البشرية» الذي أقيم في الرياض يومي 13 و14 أبريل (نيسان) الحالي، محذرة من أزمة وظائف تلوح في أفق العالم خلال العقد المقبل.

واستجابة لهذه التحديات، أوضحت الكوقلي أن البنك الدولي يرى في خلق الوظائف أولوية، ويتبنى نهجاً يركّز على دعم الدول لتحقيق نمو مستدام يقوده القطاع الخاص ويخلق وظائف. ويشمل هذا النهج تصميم وتنفيذ إصلاحات عملية، وتمويل البنية التحتية الحيوية، ودعم الابتكار، إلى جانب برامج تطوير المهارات، وضمان توجيه الاستثمارات لتحقيق نتائج ملموسة.

ضبط الإنفاق المالي

وفيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، شددت الكوقلي على أن الظروف الاقتصادية تختلف من دولة لأخرى، مما يعني أن الحلول لا يمكن أن تكون موحدة. لكنها لفتت إلى وجود ثلاث ركائز رئيسة ينبغي أن تركز عليها كل دولة في المنطقة:

أولاً: على المستوى الكلي، يتمثل ذلك في تنويع الاقتصاد، وضبط الإنفاق المالي، وإدارة مستويات الدين بما يضمن الاستقرار والنمو طويل الأمد.

ثانياً: يجب على الدول أن تواصل العمل على خلق بيئة لجذب الاستثمارات، ونماء القطاع الخاص وخلق الوظائف.

أما الركيزة الثالثة: فتتمثل في التعليم وتطوير المهارات، بصفتهما مفتاحاً لتحضير الأجيال المقبلة لعالم سريع التغير، ولتحفيز الابتكار.

واختتمت الكوقلي حديثها بالتأكيد على أن مستقبل المنطقة مرهون بثروتها البشرية، مشدّدة على أن التعليم اليوم هو البوابة نحو ابتكارات الغد، وأن تمكين الشباب يتطلب مواءمة البرامج التعليمية بشكل أفضل مع متطلبات سوق العمل.

سعادة (الثانية من اليمين) تتحدث في إحدى جلسات المؤتمر (الشرق الأوسط)
سعادة (الثانية من اليمين) تتحدث في إحدى جلسات المؤتمر (الشرق الأوسط)

تجارب تعلم متخصصة

بدورها، أكدت المديرة الإقليمية للتنمية البشرية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى البنك الدولي الدكتورة فاديا سعادة، أن الذكاء الاصطناعي لم يعد خياراً يمكن تجاهله، بل هو واقع دائم لا بد من التعامل معه بوعي وسرعة. وأشارت إلى أن القطاع الخاص يهيمن حالياً على النقاشات حول الذكاء الاصطناعي، مما يجعل الأطراف الأخرى، مثل الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وغير ذلك «تكافح للحاق بالركب».

وشدّدت سعادة على أهمية التوازن بين فرص الذكاء الاصطناعي وتحدياته، لافتة إلى قدرته الكبيرة على تحسين نتائج التعليم، خصوصاً في معالجة العجز التعليمي المنتشر في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، التي يعاني فيها نحو 70 في المائة من الأطفال بعمر العاشرة من صعوبة في قراءة وفهم نص بسيط.

وأوضحت أن الذكاء الاصطناعي، من خلال توفير تجارب تعلم مخصصة، يمكن أن يقدم حلولاً قابلة للتوسع، مستشهدة بتجربة ناجحة في نيجيريا، حيث أدى استخدام الذكاء الاصطناعي في بيئة ما بعد المدرسة نجاحاً ملحوظاً، حيث قدم تعليماً يعادل عامين من التعلم العادي في غضون ستة أسابيع فقط.

لكنها في المقابل، نبهت إلى أن الذكاء الاصطناعي يشكّل سيفاً ذا حدين، إذ يرافق هذه الفرص تحديات متعددة تشمل التفاوت في الوصول إلى الخدمات الرقمية، ومخاوف بشأن خصوصية البيانات، وانتشار المعلومات المضللة، إضافة إلى التأثيرات المحتملة على تنمية المهارات الاجتماعية والعاطفية ولا سيما عند الأطفال الصغار.

إعداد المعلمين

وعرضت سعادة اثنتين من أكثر السياسات التعليمية الواعدة لتطوير قدرات المعلمين على نطاق واسع، من خلال: دعم المعلمين باستخدام «المنهجية الهيكلية»، التي تتضمن خطط دروس منظمة ومواد تعليمية ودعماً مستمراً. وقد أثبت هذا النهج فاعليته في دول مثل كينيا وأوغندا وبعض مناطق جنوب أفريقيا، حتى بين المعلمين ذوي الخبرة المحدودة. كما يمكن تطبيقه في دول ذات دخل مرتفع ومعلمين مدربين جيداً.

أما السياسة الثانية، فتتمثل في استهداف التعليم حسب مستوى التعلم لا الصف الدراسي، وذلك من خلال تجميع الطلاب خلال اليوم الدراسي أو جزء منه بحسب مستواهم الفعلي في التعلم، وليس أعمارهم. ويمكن تنفيذ هذا النهج باستخدام معلمين حكوميين أو متطوعين أو مساعدين.

واختتمت سعادة حديثها بالتأكيد على أن «المعلمين الجيدين يُصنعون ولا يُولدون»، مشيرة إلى أهمية إعادة تشكيل برامج إعداد المعلمين من خلال توسيع آفاق الانضمام إلى المهنة، وتعزيز التعلم العملي كون ذلك جزءاً أساسياً من عملية التأهيل.


مقالات ذات صلة

«بريكس» تدافع عن التعددية في خضم حرب ترمب التجارية

الاقتصاد جانب من الاجتماع الوزاري للمرأة بمجموعة «بريكس» في العاصمة البرازيلية (د.ب.أ)

«بريكس» تدافع عن التعددية في خضم حرب ترمب التجارية

من المتوقع أن تُكثّف دول مجموعة «بريكس» جهودها الاثنين بريو دي جانيرو للدفاع عن التعددية في ظل الحرب التجارية التي يشنّها الرئيس الأميركي دونالد ترمب

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو (البرازيل))
الاقتصاد مواطنون يسيرون بجانب مبنى البنك المركزي في العاصمة الأنغولية لواندا (رويترز)

أنغولا تدرس اللجوء إلى صندوق النقد الدولي بعد انخفاض أسعار النفط

قالت وزيرة المالية الأنغولية، فيرا ديفيس دي سوزا، إن انخفاض أسعار النفط الخام يزيد من احتمال حاجة أنغولا لقرض من صندوق النقد الدولي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار يستقر بحذر مع ترقب بيانات اقتصادية حاسمة

استهل الدولار الأميركي تعاملات يوم الاثنين بثبات، مع ترقب المستثمرين بحذر التطورات المرتقبة في السياسة التجارية الأميركية، واستعدادهم لأسبوع حافل بالبيانات.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد جانب من المنتدى السعودي الأول للإحصاء في الرياض (الشرق الأوسط)

السعودية تتصدر الدول العربية في العمل الإحصائي

تشهد الرياض انعقاد المنتدى السعودي الأول للإحصاء، وسط تأكيدات على أهمية تعزيز دور البيانات الدقيقة في دعم صناعة القرار وتسريع وتيرة التحول الاقتصادي والاجتماعي.

آيات نور (الرياض )
الاقتصاد «ساعة بيغ بن» و«عين لندن» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

ثقة البريطانيين في اقتصاد بلادهم تتراجع لأدنى مستوى منذ عام 1978

انخفضت ثقة البريطانيين في اقتصاد بلادهم خلال الـ12 شهراً المقبلة، إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، مع توقُّع عدد قليل فقط من البريطانيين تحسناً.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ولي العهد السعودي يقدم تبرعاً بمبلغ مليار ريال على نفقته الخاصة لدعم تمليك الإسكان

ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (واس)
ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (واس)
TT
20

ولي العهد السعودي يقدم تبرعاً بمبلغ مليار ريال على نفقته الخاصة لدعم تمليك الإسكان

ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (واس)
ولي العهد الأمير محمد بن سلمان (واس)

قدّم الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء تبرعاً سخياً بمبلغ مليار ريال - على نفقته الخاصة - لمؤسسة الإسكان التنموي الأهلية (سكن) ممثلة بـ«جود الإسكان»؛ بهدف دعم تمليك الإسكان للمُستفيدين والأسر المستحقة، وذلك في إطار ما يوليه من اهتمام ودعم مستمر لتوفير الحياة الكريمة للمواطنين، من خلال دعم المُبادرات والمشروعات التي تستهدف توفير المساكن لهم في مختلف مناطق المملكة.

ووجّه ولي العهد بأن يتم إنجاز المشروعات السكنية المُخصصة في التبرع خلال فترة لا تتجاوز 12 شهراً، وأن يتم تنفيذها على يد شركات وطنية، كما وجَّه برفع تقارير شهرية عن سير العمل في التمليك، وذلك حرصاً منه على تسليم كافة الوحدات السكنية خلال عام واحد فقط.

ويأتي تبرع ولي العهد انطلاقاً من حرصه على توفير الحياة الكريمة للمواطنين وامتداداً لاهتمامه البالغ بملف الإسكان بشكل عام، ومشاريع الإسكان الموجهة لإسكان الأسر المستحقة بوجه خاص؛ لما لذلك من دور وأثر كبيرين في الاستقرار الاجتماعي لآلاف الأسر والنهوض بأفرادها تنموياً.