ثقة البريطانيين في اقتصاد بلادهم تتراجع لأدنى مستوى منذ عام 1978

«ساعة بيغ بن» و«عين لندن» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
«ساعة بيغ بن» و«عين لندن» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
TT

ثقة البريطانيين في اقتصاد بلادهم تتراجع لأدنى مستوى منذ عام 1978

«ساعة بيغ بن» و«عين لندن» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
«ساعة بيغ بن» و«عين لندن» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

انخفضت ثقة البريطانيين في اقتصاد بلادهم خلال الـ12 شهراً المقبلة، إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، مع توقُّع عدد قليل فقط من البريطانيين تحسناً خلال هذه الفترة. وفق استطلاع للرأي لشركة «إبسوس موري»، نشرته الأحد.

وذكر الاستطلاع، أن 75 في المائة من البريطانيين يتوقَّعون أن يتدهور الاقتصاد خلال الـ12 شهراً المقبلة، بزيادة قدرها 8 نقاط مئوية منذ مارس (آذار) الماضي.

ويعتقد 7 في المائة فقط من البريطانيين أن الاقتصاد سيتحسَّن خلال العام المقبل، بينما يعتقد 13 في المائة أنه سيبقى على حاله. وهو ما يعدُّ أدنى درجة تفاؤل منذ أن بدأت شركة «إبسوس موري» بجمع البيانات عام 1978.

وذكرت «إبسوس موري» أن الثقة قد تراجعت بالفعل بين الشركات والمستهلكين البريطانيين، وأن الرسوم الجمركية الأميركية الأخيرة، والمخاوف بشأن حالة الاقتصاد البريطاني، قد دفعت التشاؤم إلى أدنى مستوى له منذ ركود عام 1980، والأزمة المالية عام 2008، وأزمة غلاء المعيشة المرتبطة بجائحة «كوفيد - 19».

وتُمثل هذه النتائج ضربةً لرئيس الوزراء العمالي، كير ستارمر، الذي انتُخب في يوليو (تموز) الماضي؛ بهدف أن تصبح بريطانيا أسرع اقتصاد نمواً في مجموعة السبع.

وقال جدعون سكينر، المسؤول عن المملكة المتحدة في «إبسوس موري»: «لقد ارتفع التشاؤم بشأن الاقتصاد بالفعل بمقدار 30 نقطة مئوية مقارنةً بشهر يونيو (حزيران) الماضي، حتى قبل صدور أرقام هذا الشهر». وقليلٌ من رؤساء الوزراء واجهوا هذا المستوى من التشاؤم الاقتصادي في هذه المرحلة.

وتسعى الحكومة البريطانية، التي تُشرف على اقتصادٍ كثيف التجارة نسبياً مقارنةً بدول مجموعة العشرين الأخرى، إلى تجنب الرسوم الجمركية الأميركية المتبادلة من خلال التفاوض على اتفاقية اقتصادية جديدة مع الولايات المتحدة.

نمو الاقتصاد

يأتي هذا في الوقت الذي عاد فيه الاقتصاد البريطاني إلى مسار النمو، مسجِّلاً توسعاً قوياً بنسبة 0.5 في المائة في فبراير (شباط) الماضي، متجاوزاً جميع التوقعات، ومشيراً إلى تحسُّن نسبي في الأداء الاقتصادي، رغم التحديات المرتقبة المرتبطة بالرسوم الجمركية الأميركية.

ويمثل هذا النمو الشهري للناتج المحلي الإجمالي أعلى معدل يُسجَّل منذ مارس 2024، متفوقاً على جميع التقديرات في استطلاع أجرته «رويترز» لآراء 30 اقتصادياً، الذين توقَّعوا نمواً لا يتجاوز 0.1 في المائة. كما تمَّ تعديل بيانات يناير (كانون الثاني) السابقة، التي كانت تشير إلى انكماش طفيف، لتُظهر استقراراً دون نمو أو تراجع.

وعلى أساس سنوي، ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.4 في المائة، ليتجاوز مجدداً توقعات المحللين.

ووصفت وزيرة المالية، راشيل ريفز، هذه النتائج بأنها «مشجِّعة»، رغم أن الجنيه الإسترليني لم يُظهر رد فعل ملحوظاً على هذا الأداء المفاجئ، في ظل تركيز الأسواق على التوترات التجارية مع الولايات المتحدة. وكانت نائبة محافظ «بنك إنجلترا»، سارة بريدن، قد حذَّرت في وقت سابق من أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب «ستُحدث تأثيراً سلبياً» على الاقتصاد البريطاني.

وقال سورين ثيرو، مدير قسم الاقتصاد في معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز: «رغم قوة أرقام شهر فبراير، فإن إعلان ترمب بشأن الرسوم الجمركية تسبَّب في تراجع الاهتمام بها، في ظل اضطراب الأسواق المالية».

وفي مارس، خفَّض مكتب مسؤولية الموازنة توقعاته للنمو في عام 2025 إلى النصف، ليصل إلى 1 في المائة فقط، بعد أداء ضعيف نسبته 1.1 في المائة خلال عام 2024. ومع ذلك، فإن التوقعات لا تزال تشير إلى نمو أقوى نسبته 1.9 في المائة في عام 2026، وإن كانت تلك التقديرات أصبحت موضع شك عقب الإعلان الأميركي الأخير فرض رسوم شاملة على الواردات، مما يرفع تكلفة معظم الصادرات البريطانية إلى الولايات المتحدة بنسبة لا تقل عن 10 في المائة.


مقالات ذات صلة

دي غيندوس: الحرب التجارية وتقلبات الأسواق والديون تهدد استقرار منطقة اليورو

الاقتصاد نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي لويس دي غيندوس (أرشيفية - رويترز)

دي غيندوس: الحرب التجارية وتقلبات الأسواق والديون تهدد استقرار منطقة اليورو

حذر نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي، لويس دي غيندوس، من أن الحرب التجارية وتقلبات السوق والديون هي التهديدات الأكثر أهمية لاقتصاد منطقة اليورو.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت )
الاقتصاد جبل فوجي الشهير جنوب غربي العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

مستثمرو اليابان يواصلون شراء الأسهم الأجنبية للأسبوع الثامن

أقبل المستثمرون اليابانيون على الاستحواذ على الأسهم الأجنبية للأسبوع الثامن على التوالي، مع انحسار مخاوف الحرب التجارية.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد تلاميذ خلال رحلة مدرسية قرب ميناء فيكتوريا في هونغ كونغ... ويظهر الساحل الصيني على الجانب الآخر (أ.ف.ب)

بكين منفتحة على حل الأزمة مع واشنطن «عبر التواصل المباشر»

أوضحت الصين، الخميس، أنها منفتحة دائماً على حل مشكلات العلاقات الاقتصادية والتجارية بالولايات المتحدة عبر التواصل المباشر.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد أوراق نقدية من اليورو (رويترز)

تراجع عوائد سندات منطقة اليورو وسط ترقب بيانات أميركية حاسمة

تراجعت عوائد سندات منطقة اليورو، الخميس، مع ترقب المستثمرين بيانات أميركية حاسمة ستصدر لاحقاً؛ لتحديد اتجاه أكبر اقتصاد في العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد مقر بنك الشعب الصيني في وسط العاصمة بكين (رويترز)

بكين ترحب بمزيد من إصدارات سندات الباندا في أميركا اللاتينية

رحبت بكين بمزيد من الجهات الفاعلة في سوق أميركا اللاتينية لإصدار سندات سيادية مقومة باليوان المعروفة باسم «سندات الباندا» بالصين

«الشرق الأوسط» (بكين)

وسط مخاوف الرسوم... تباطؤ إنتاج المصانع الأميركية في أبريل

عمال على خط تجميع مركبات بولاريس الثلجية في مصنع روزو بمينيسوتا (أرشيفية - رويترز)
عمال على خط تجميع مركبات بولاريس الثلجية في مصنع روزو بمينيسوتا (أرشيفية - رويترز)
TT

وسط مخاوف الرسوم... تباطؤ إنتاج المصانع الأميركية في أبريل

عمال على خط تجميع مركبات بولاريس الثلجية في مصنع روزو بمينيسوتا (أرشيفية - رويترز)
عمال على خط تجميع مركبات بولاريس الثلجية في مصنع روزو بمينيسوتا (أرشيفية - رويترز)

أعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي، يوم الخميس، تراجع إنتاج المصانع بنسبة 0.4 في المائة في أبريل (نيسان)، بعد أن سجل ارتفاعاً معدّلاً بالرفع بنسبة 0.4 في المائة في مارس (آذار).

وكان اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم توقعوا انخفاض الإنتاج بنسبة 0.2 في المائة، عقب زيادة سابقة بلغت 0.3 في المائة. وارتفع إنتاج المصانع بنسبة 1.2 في المائة على أساس سنوي في أبريل. ويُعدّ قطاع التصنيع، الذي يمثل 10.2 في المائة من الاقتصاد الأميركي ويعتمد بشكل كبير على المواد الخام المستوردة، مُعرّضاً لتأثيرات سياسات الرسوم الجمركية التي يفرضها الرئيس دونالد ترمب.

ورغم تخفيض إدارة ترمب للرسوم الجمركية على الواردات الصينية من 145 في المائة إلى 30 في المائة في نهاية الأسبوع الماضي، لا تزال رسوم بنسبة 10 في المائة مفروضة على غالبية الواردات، بالإضافة إلى ضريبة 25 في المائة على الصلب والألمنيوم، علاوة على رسوم على السيارات وقطع الغيار. ويدافع ترمب عن هذه الرسوم بعدّها ضرورية لإحياء القاعدة الصناعية الأميركية التي تراجعت لفترة طويلة، فيما يرى خبراء الاقتصاد صعوبة في إعادة المصانع المنتقلة للخارج إلى البلاد، مشيرين إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والعمالة كعوامل معيقة.

ونما قطاع التصنيع بمعدل 4.8 في المائة في الربع الأول بعد فترة ركود طويلة تزامنت مع ارتفاع أسعار الفائدة.

وانخفض إنتاج السيارات وقطع الغيار بنسبة 1.9 في المائة في أبريل، بعد ارتفاع خلال الشهرين السابقين، ويُرجح أن يعود ذلك إلى محاولة شركات صناعة السيارات استباق الرسوم الجمركية، مع تحذيرات من تأثيرها الكبير على أرباح العام الحالي.

كما تراجع إنتاج الصناعات التحويلية المعمرة بنسبة 0.2 في المائة، بينما انخفض إنتاج الصناعات التحويلية غير المعمرة بنسبة 0.6 في المائة، مع تسجيل معظم القطاعات انخفاضات.

وانخفض إنتاج التعدين بنسبة 0.3 في المائة بعد مكاسب قوية في الشهرين السابقين، في حين ارتفع إنتاج المرافق بنسبة 3.3 في المائة عقب انخفاضين متتاليين.

وبقي الإنتاج الصناعي الإجمالي دون تغيير في أبريل، بعد تراجع بنسبة 0.3 في المائة في مارس، وارتفع بنسبة 1.5 في المائة على أساس سنوي. كما انخفض معدل استغلال الطاقة الإنتاجية في القطاع الصناعي إلى 77.7 في المائة من 77.8 في المائة في مارس، وهو أدنى بنسبة 1.9 نقطة مئوية عن متوسطه للفترة من 1972 حتى 2024. كما تراجع معدل التشغيل في قطاع الصناعات التحويلية بمقدار 0.4 نقطة مئوية إلى 76.8 في المائة، أي أقل بنسبة 1.4 نقطة مئوية عن المتوسط الطويل الأمد.

في المقابل، ارتفعت مخزونات الشركات الأميركية بأقل من المتوقع خلال مارس، في ظل نمو قوي لمبيعات التجزئة أدى إلى استنزاف المخزونات المتاحة.

وأفاد مكتب الإحصاء التابع لوزارة التجارة، يوم الخميس، بأن المخزونات ارتفعت بنسبة 0.1 في المائة فقط خلال مارس، بعد زيادة بنسبة 0.2 في المائة في فبراير (شباط). وكان اقتصاديون استطلعت «رويترز» آراءهم قد توقعوا ارتفاعاً بنسبة 0.2 في المائة، في حين تُعد المخزونات أحد المكونات الرئيسية للناتج المحلي الإجمالي، وأكثرها تقلباً.

وعلى أساس سنوي، ارتفعت المخزونات بنسبة 2.5 في المائة في مارس. وقد لجأت الشركات خلال الربع الأول إلى تكثيف وارداتها تحسباً للرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها ترمب على السلع الأجنبية، مما أسفر عن عجز تجاري واسع، حيث انتهى المطاف بمعظم هذه الواردات مخزوناتٍ لدى تجار الجملة.

وأظهرت التقديرات المسبقة للناتج المحلي الإجمالي للربع الأول، التي نُشرت الشهر الماضي، أن المخزونات ارتفعت بمعدل سنوي بلغ 140.1 مليار دولار، مقارنة بزيادة قدرها 8.9 مليار دولار فقط خلال الربع الأخير من عام 2024. وساهمت المخزونات في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 2.25 نقطة مئوية، وهي أكبر مساهمة منذ الربع الرابع من عام 2021. ومع ذلك، فقد طغى عليها تأثير سلبي لانخفاض قياسي في صافي الصادرات، بلغ 4.83 نقطة مئوية، مما أدى إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3 في المائة، وهو أول انكماش فصلي منذ ثلاث سنوات.

وأُعيد تقدير انخفاض مخزونات التجزئة إلى 0.2 في المائة في مارس، مقارنة بالتقدير السابق البالغ 0.1 في المائة، بعدما تراجعت بنسبة 0.1 في المائة في فبراير. كما تراجعت مخزونات السيارات بنسبة 1.3 في المائة بدلاً من 1.1 في المائة حسب التقديرات السابقة، بعد انخفاض بنسبة 0.6 في المائة في فبراير.

في المقابل، ارتفعت مخزونات التجزئة باستثناء السيارات – وهي المكون الذي يدخل في احتساب الناتج المحلي الإجمالي – بنسبة 0.4 في المائة. كما زادت مخزونات الجملة بنسبة 0.4 في المائة، ومخزونات المصانع بنسبة 0.1 في المائة.

وعلى صعيد المبيعات، ارتفعت مبيعات الشركات بنسبة 0.7 في المائة في مارس، بعد صعود بنسبة 1.0 في المائة في فبراير، فيما قفزت مبيعات التجزئة بنسبة 1.5 في المائة.

وبوتيرة المبيعات الحالية لشهر مارس، يُتوقع أن تستغرق الشركات نحو 1.34 شهر لتفريغ مخزوناتها، مقارنة بـ1.35 شهر في فبراير.