الصين مستعدة لـ«الصدمات» مع اقتراب فرض رسوم جمركية جديدة

رئيس مجلس الدولة التقى سيناتوراً أميركياً مؤيداً لترمب ودعا للحوار بدلاً من المواجهة

رئيس مجلس الدولة الصيني خلال لقائه السيناتور الأميركي ستيف داينز بقاعة الشعب الكبرى في بكين (أ.ف.ب)
رئيس مجلس الدولة الصيني خلال لقائه السيناتور الأميركي ستيف داينز بقاعة الشعب الكبرى في بكين (أ.ف.ب)
TT

الصين مستعدة لـ«الصدمات» مع اقتراب فرض رسوم جمركية جديدة

رئيس مجلس الدولة الصيني خلال لقائه السيناتور الأميركي ستيف داينز بقاعة الشعب الكبرى في بكين (أ.ف.ب)
رئيس مجلس الدولة الصيني خلال لقائه السيناتور الأميركي ستيف داينز بقاعة الشعب الكبرى في بكين (أ.ف.ب)

قبل أيام على بدء جولة جديدة من الرسوم الجمركية الأميركية على ثاني اقتصاد في العالم، في 2 أبريل (نيسان)، أعلنت الصين استعدادها لأي «صدمات غير متوقعة»، وذلك بحضور سيناتور جمهوري أميركي هو ستيف داينز، المؤيد للرئيس دونالد ترمب، والذي تمثل زيارته بكين الأولى لسياسي أميركي للصين منذ تولي الرئيس الأميركي منصبه في يناير (كانون الثاني).

فقد أكد رئيس مجلس الدولة لي تشيانغ، المسؤول عن الاقتصاد الصيني في عهد الزعيم شي جينبينغ، لعشرات الرؤساء التنفيذيين الأجانب وداينز في منتدى التنمية الصيني، أن حالة عدم اليقين وعدم الاستقرار تزداد، ولكن الصين ستختار «المسار الصحيح» للعولمة والتعددية. وقال لي: «لدينا استعدادات لأي صدمات غير متوقعة محتملة، والتي تأتي بالطبع بشكل رئيسي من مصادر خارجية».

رئيس مجلس الدولة الصيني متحدثاً في افتتاح منتدى التنمية الصيني (رويترز)

وتأتي النبرة التحذيرية لرئيس الوزراء الصيني في وقت تحاول فيه بكين تحسين معنويات المستهلكين والمستثمرين، بينما تستعد أيضاً لإجراءات انتقامية محتملة ضد الرسوم الجمركية والعقوبات الأميركية المستقبلية.

وقال لي، وفقاً لتقرير وكالة «شينخوا»: «سنركز على الجمع بين تكثيف السياسات وتحفيز قوى السوق»، دون الخوض في تفاصيل بشأن تدابير التحفيز المحددة. وأضاف: «سننفذ سياسات اقتصادية كلية أكثر نشاطاً وواعدة، وسنزيد من تكثيف التعديلات المعاكسة للدورة الاقتصادية، وسنقدم سياسات إضافية جديدة عند الضرورة». وأعرب عن أمله في أن يكون رجال الأعمال «مدافعين أقوياء عن العولمة ومروجين لها... (و) يقاومون الأحادية والحمائية».

لقاء أميركي – صيني

وعلى هامش المنتدى، التقى السيناتور الجمهوري الأميركي ستيف داينز، رئيس مجلس الدولة الصيني مع مجموعة من 7 مسؤولين تنفيذيين أميركيين يوم الأحد. وكان برفقة داينز الرئيس التنفيذي لشركة «كوالكوم»، كريستيانو أمون، والرئيس التنفيذي لشركة «فايزر»، ألبرت بورلا، والرئيس التنفيذي لشركة «كارجيل»، برايان سايكس، ونائب الرئيس الأول لشركة «بوينغ» العالمية، بريندان نيلسون، وغيرهم من المسؤولين التنفيذيين في قاعة الشعب الكبرى في بكين، وفقاً لتقرير صحافي أجنبي.

وتمثل رحلة داينز أول زيارة لسياسي أميركي للصين منذ تولي الرئيس الأميركي منصبه في يناير. وتسعى بكين إلى حوار رفيع المستوى مع الإدارة الجديدة، على أمل التوصل إلى اتفاق لتجنب مزيد من ضغوط التعريفات الجمركية من واشنطن.

وانخرط داينز -وهو مؤيد قوي لترمب وعضو في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ- بشكل كبير في المفاوضات بشأن التجارة بين الولايات المتحدة والصين خلال فترة ولاية ترمب الأولى، وقام برحلات متعددة إلى الصين بصفته عضواً في مجلس الشيوخ. وعاش في قوانغتشو وهونغ كونغ في تسعينات القرن الماضي، في أثناء عمله مديراً تنفيذياً في شركة «بروكتر آند غامبل»، والتي أشار إليها في خطابه الافتتاحي.

رئيس مجلس الدولة الصيني خلال لقائه وفداً من الرؤساء التنفيذيين في شركات أميركية برفقة داينز (أ.ف.ب)

ووفقاً لنصٍّ مُجمَّع، قال داينز في أثناء تقديمه للرؤساء التنفيذيين الأميركيين: «تتمتع هذه الشركات السبع مجتمعة بخبرة تزيد على 275 عاماً في ممارسة الأعمال التجارية في الصين». وأضاف: «لطالما حضرت هذه الشركات هنا لعقود؛ حيث ساهمت في تنمية أعمالها، وساهمت بشكل كبير في نموها، وحققت النجاح».

وتسعى بكين إلى جذب الاستثمارات الأجنبية، لتعويض ضغوط التعريفات الجمركية الأميركية وتباطؤ اقتصادها المحلي.

جولة جديدة من الرسوم

في أوائل أبريل، من المتوقع أن يُطلق ترمب جولة من الرسوم الجمركية على جميع الدول التي تفرض ضرائب على الواردات الأميركية، بما في ذلك الصين. ومن المقرر أن تُختتم المراجعة الأميركية لمدى وفاء الصين بالوعود التي قطعتها خلال «المرحلة الأولى» من الاتفاق التجاري الذي أبرمته إدارة ترمب الأولى في الأول من أبريل.

وقال لي لداينز خلال الاجتماع: «حالياً، وصلت العلاقات الأميركية الصينية إلى منعطف مهم»، مشدداً على ضرورة اختيار الحوار بدلاً من المواجهة. وأضاف لي: «يحتاج جانبانا إلى اختيار الحوار بدلاً من المواجهة، والتعاون المربح للجانبين بدلاً من المنافسة الصفرية».

وقد حضر الاجتماع مع داينز والمسؤولين التنفيذيين الأميركيين، وزير التجارة وانغ وينتاو، ونائب وزير الخارجية التنفيذي ما تشاو شو، ومدير جهاز تخطيط الدولة الصيني، تشنغ شانجي. كما حضرت الاجتماع آني فو، القائمة بالأعمال الجديدة في السفارة الأميركية.

والتقى داينز نائب رئيس الوزراء الصيني، هي ليفنغ، في بكين يوم السبت. وناقش ضرورة قيام الصين بوقف تدفق سلائف الفنتانيل، و«أعرب عن أمله في إجراء مزيد من المحادثات رفيعة المستوى بين الولايات المتحدة والصين في المستقبل القريب»، وفقاً لمنشور نشره على منصة التواصل الاجتماعي «إكس».


مقالات ذات صلة

بكين تنفي محادثات تجارية مع واشنطن رغم مزاعم ترمب

الاقتصاد ترمب يحمل أمراً تنفيذياً موقعاً بشأن الرسوم الجمركية في حديقة البيت الأبيض (رويترز)

بكين تنفي محادثات تجارية مع واشنطن رغم مزاعم ترمب

قالت الصين، السبت، إنها لم تُجرِ أي محادثات مع الولايات المتحدة بشأن القضايا التجارية، على الرغم من ادعاء الرئيس ترمب تلقيه اتصالاً هاتفياً من الرئيس الصيني.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد حاويات شحن في محطة حاويات بميناء لوس أنجليس في الولايات المتحدة (رويترز)

البنك الدولي يدعو الدول النامية للاتفاق «سريعاً» مع واشنطن بشأن الرسوم

أعلن رئيس البنك الدولي أن من مصلحة الدول النامية التوصل «سريعاً» إلى اتفاق مع الولايات المتحدة للحد من آثار الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)

أسهم «وول ستريت» تفقد الزخم مع نهاية أسبوع متقلب

بدأ الزخم التصاعدي الذي شهدته «وول ستريت» على مدار ثلاثة أيام التلاشي يوم الجمعة، فقد اتجهت الأسهم الأميركية إلى أداء متباين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

صناديق السندات الأميركية تسجل تدفقات صافية لأول مرة في 6 أسابيع

سجلت صناديق السندات الأميركية تدفقات صافية خلال الأسبوع المنتهي في 23 أبريل (نيسان) للمرة الأولى منذ ستة أسابيع، مع تراجع موجة البيع في أسواق السندات الأميركية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد شاشة تعرض الرقم الختامي لمؤشر «داو جونز» الصناعي في بورصة نيويورك (أ.ب)

صناديق الأسهم العالمية تشهد تدفقات إيجابية للأسبوع الثاني

استقطبت صناديق الأسهم العالمية تدفقات مالية للأسبوع الثاني على التوالي حتى 23 أبريل (نيسان)، مدعومةً بمؤشرات على احتمال تهدئة حرب الرسوم الجمركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«رؤية السعودية» تقود التحول الرقمي وتدفع التقدم في الاقتصاد المعرفي

المدينة الرقمية في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
المدينة الرقمية في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
TT

«رؤية السعودية» تقود التحول الرقمي وتدفع التقدم في الاقتصاد المعرفي

المدينة الرقمية في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
المدينة الرقمية في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

نجحت السعودية في ترسيخ موقعها واحدةً من أبرز القوى الاقتصادية الرقمية الصاعدة على مستوى العالم، مستندة إلى رؤية استراتيجية طموحة ضمن «رؤية 2030»، التي وضعت التحول الرقمي في قلب منظومة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية.

وتجلّى هذا التوجه عبر استثمارات ضخمة في البنية التحتية لقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، أثمرت عن بناء سوق تقنية تُعدّ اليوم الأكبر والأسرع نمواً في المنطقة.

وقد أظهر تقرير التقدم المحرز لـ«رؤية 2030» لعام 2024، أن الاقتصاد الرقمي في المملكة يقدر بـ495 مليار ريال (132 مليار دولار)، بما يعادل 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مع تطور لافت في بيئة الأعمال الرقمية، مدعوماً بأنظمة وتشريعات حديثة عززت من كفاءة الأداء الحكومي ورفعت جاذبية السوق المحلية.

مخرجات التحول

وكانت منصة «أبشر» الإلكترونية أول مخرجات هذا التحول؛ إذ شكّلت نقطة انطلاق لتوسيع نطاق الخدمات الرقمية الحكومية، لتتبعها منصات متقدمة مثل «توكلنا» و«نفاذ»، وقد مثلت تلك المنصات تحولاً جذرياً في العلاقة بين الدولة والمواطن عبر خدمات مؤتمتة وعالية الكفاءة.

وأنشأت السعودية هيئة الحكومة الرقمية، وهيئة البيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، لتقود عملية توحيد جهود الرقمنة واستثمار البيانات الضخمة؛ ما ساعد في تسريع التحول الرقمي وتعزيز موقع المملكة في المؤشرات الدولية. وقد تقدمت السعودية إلى المرتبة السادسة عالمياً في مؤشر الأمم المتحدة لتطوير الحكومة الإلكترونية لعام 2024، متجاوزة المستهدف الزمني، واقتربت من تحقيق هدف المركز الخامس بحلول 2030. كما جاءت الأولى إقليمياً، والثانية ضمن دول مجموعة العشرين، والرابعة عالمياً في مؤشر الخدمات الرقمية.

جانب من «منتدى حوكمة الإنترنت 2024» في الرياض (واس)

«الأول» عالمياً

ولم تقتصر الإنجازات على المؤشرات العامة، بل امتدت إلى المؤشرات الفرعية؛ إذ حلّت السعودية في المركز الأول عالمياً في البيانات الحكومية المفتوحة والمهارات الرقمية الحكومية، وسابعاً في مؤشر المشاركة الإلكترونية، بما يعكس نضج المنظومة الرقمية وتكاملها.

وتشهد سوق الاتصالات والتقنية في المملكة نمواً متسارعاً، حيث بلغ حجم النمو في عام 2024 نحو 180 مليار ريال (48 مليار دولار)، كما ارتفعت نسبة مشاركة المرأة في القطاع التقني من 7 في المائة في عام 2017 إلى 35 في المائة في 2024، وتم خلق أكثر من 381 ألف وظيفة نوعية في المجالات التقنية.

99 % انتشار الأنترنت

وفي مؤشرات البنية التحتية الرقمية، حافظت السعودية على المرتبة الثانية عالمياً في مؤشر تنمية الاتصالات وتقنية المعلومات للعام الثاني على التوالي، مع بلوغ نسبة انتشار الإنترنت 99 في المائة، وشمول أكثر من 3.9 مليون منزل بشبكات الألياف الضوئية.

وفي مجال الأمن السيبراني، أحرزت المملكة مركزاً متقدماً بتصدرها المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر الأمن السيبراني لعام 2024، بحسب تقرير التنافسية العالمية، بعد أن أطلقت البوابة الوطنية «حصين»، وأسسّت الأكاديمية الوطنية للأمن السيبراني، لتأمين البيئة الرقمية، وتعزيز الثقة في منظومة الخدمات الإلكترونية.

ويُقدّر حجم سوق الأمن السيبراني في المملكة بنحو 13.3 مليار ريال (3.5 مليار دولار)، يساهم القطاع الخاص بنسبة 69 في المائة من الإنفاق، في حين يشكل القطاع الحكومي 31 في المائة. ويعمل في القطاع أكثر من 19.6 ألف مختص، وتضم السوق 355 منشأة تقدم حلولها السيبرانية المتقدمة.

تطور الذكاء الاصطناعي

وفي ملف الذكاء الاصطناعي، أحرزت السعودية تقدماً كبيراً، بحلولها في المركز الثالث عالمياً في مرصد سياسات الذكاء الاصطناعي، والمرتبة الحادية عشرة عالمياً في مؤشر السلامة المرتبطة به، والمرتبة الرابعة عشرة في المؤشر العالمي لتطور الذكاء الاصطناعي. كما كانت أول دولة تحصل على اعتماد منظمة «آيزو» العالمية ISO 42001:2023، وسجلت إنجازاً مميزاً بحصولها على 22 ميدالية في مسابقة الذكاء الاصطناعي العالمية للشباب.

ويبرز ضمن هذا التوجه تشغيل تطبيقات ذكاء اصطناعي متقدمة مثل «ديب سيك» في مراكز بيانات «أرامكو» بالدمام.

وبهذا الأداء المتسارع، تواصل المملكة تعزيز تنافسيتها الرقمية، مدفوعة بخطة وطنية واضحة تهدف إلى تحويل المملكة إلى مركز إقليمي رائد في مجال التقنية والابتكار، وتأكيد دورها الفاعل في الاقتصاد العالمي الجديد، المعتمد على المعرفة والبيانات والذكاء الاصطناعي.