رغم أن أبرز الخبراء والنشطاء السياسيين من اليمين واليسار وصفوها بأنها أسوأ حكومة في تاريخ إسرائيل، وعلى الرغم من فشلها في القضاء التام على «حماس»، كما تعهدت مراراً، وخروج عشرات الألوف من المتظاهرين احتجاجاً على سياساتها، تباهى رئيس كتلة الائتلاف في البرلمان، أوفير كاتس، بتحقيق «النصر الكامل» على الخصوم السياسيين.
وقال كاتس، وسط احتفاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وقادة حزب «الليكود» الآخرين، بتمرير قانون الموازنة العامة، إن الحكومة ستمضي، وبوتيرة عالية، في خطتها «لإصلاح القضاء»، التي يراها خصومه «خطة انقلاب على منظومة الحكم وعلى الجهاز القضائي»، وأكد أن الخطة لن تتأثر بالاحتجاجات الدائرة في الشوارع.
كانت هناك نقاط فارقة عضدت موقف الحكومة الإسرائيلية، وتمثلت في إقرار الكنيست الموازنة العامة بأغلبية 66 عضواً مقابل اعتراض 52، وفي قرار المحكمة العليا السماح لنتنياهو بإجراء مقابلات مع مرشحين لرئاسة جهاز المخابرات العامة (الشاباك) لاختيار بديل لرونين بار الذي أقاله نتنياهو، إضافة إلى البدء بإقرار قانون يتيح لرئيس الوزراء أن يزيد من نفوذ الحكومة وتأثيرها على اختيار القضاة.
ويعني تمرير الموازنة العامة أن الحكومة الحالية ستبقى في الحكم سنة إضافية كاملة حتى قدوم موعد إقرار موازنة في السنة المقبلة، وأن خطة المعارضة لإسقاطها هذا العام ابتعدت كثيراً عن الواقع.
أما إقالة رئيس «الشاباك» وتمرير قانون تعيين القضاة فيشيران إلى أن الحكومة تشعر ببالغ الثقة في قدرتها على تغيير منظومة الحكم، وإلى استخفافها بمظاهرات الاحتجاج، وأنها لم تعد تحسب حساباً للمعارضة السياسية والحزبية.
الحكومة والمعارضة
ومن المفترض في حالة مثل هذه، حيث يؤيد الحكومة ائتلاف من 68 نائباً، أن تتخذ قرارات جريئة على الصعيدين السياسي والاستراتيجي، والأهم التوصل لصفقة تبادل مع «حماس» وتطبيق المرحلتين الثانية والثالثة من اتفاق الهدنة، واللتين تبحثان في اليوم التالي بعد انتهاء الحرب في غزة والقضية الفلسطينية برمتها.
لكن حلفاء لنتنياهو في الحكومة، خصوصاً ممثلي التيار المتطرف بقيادة وزيري المالية بتسلئيل سموتريتش والأمن الداخلي إيتمار بن غفير اللذين يرفضان أي صفقة تبادل ويسعيان جاهدين لتصفية القضية الفلسطينية، مصممون على استمرار الحرب، بل وتوسيعها، وإحداث تغيير جوهري على أرض الواقع في الضفة الغربية بحيث يتعذر أو يستحيل إقامة دولة فلسطينية.
غير أن هذا يعني بالطبع أن تُدفن قضية المحتجزين في غزة، وتعريض حياتهم للخطر، كما يعني أيضاً أن «يضطر» الجيش، كما يقول، إلى الاجتياح البري لكي يفتش عن الرهائن في القطاع.
وتكاد تكون هذه هي القضية الوحيدة التي يتوحد حولها الشارع الإسرائيلي الذي تؤكد غالبيته أن الحكومة ترفض الاتفاق على صفقة تبادل لمجرد حماية ائتلافها.
أما موقف المعارضة السياسية في هذا الأمر فمختلط وملتبس، فهي تؤكد من ناحية أن موضوع المحتجزين الإسرائيليين على رأس اهتمامها، ومن ناحية أخرى يردد عدد من رؤسائها مواقف نتنياهو المصر على مواصلة الضغط العسكري والحرب حتى تدمير «حماس».
ويقول مراقبون إن مشكلة المعارضة في إسرائيل أنها لا تطرح نفسها بديلاً مقنعاً للحكم، ولا تُفلح في طرح موقف موحد ولا في الاتفاق على زعيم واحد لها في مواجهة نتنياهو. وهذا يُطمئن الائتلاف الحاكم بأنه في أمان، وأنه حقق فعلاً الانتصار الكامل على معارضيه، وأن حكومة نتنياهو تحظى بقدر وافر من الاستقرار في الداخل.