«أبل» في مرمى تحقيقات الصين وسط اشتعال «حرب التجارة»

بكين تعلن «معارضتها القاطعة» للرسوم الأميركية وتدعو إلى «حوار» مع واشنطن

شاحنات تنقل حاويات معدّة للتصدير في ميناء ليانغانغ داغو شمال غربي الصين (أ.ف.ب)
شاحنات تنقل حاويات معدّة للتصدير في ميناء ليانغانغ داغو شمال غربي الصين (أ.ف.ب)
TT

«أبل» في مرمى تحقيقات الصين وسط اشتعال «حرب التجارة»

شاحنات تنقل حاويات معدّة للتصدير في ميناء ليانغانغ داغو شمال غربي الصين (أ.ف.ب)
شاحنات تنقل حاويات معدّة للتصدير في ميناء ليانغانغ داغو شمال غربي الصين (أ.ف.ب)

أفادت «بلومبرغ نيوز»، الأربعاء، بأن هيئة تنظيم مكافحة الاحتكار في الصين تستعد للتحقيق المحتمل في سياسات أبل ورسوم متجر التطبيقات، نقلاً عن أشخاص مطلعين على الأمر.

ويأتي هذا التطور بعد يوم من إعلان الصين عن مجموعة واسعة من التدابير التي تستهدف الشركات الأميركية، بما في ذلك «غوغل» وصانعو المعدات الزراعية ومالك العلامة التجارية للأزياء «كالفن كلاين»، وذلك بعد دقائق من سريان الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة على السلع الصينية.

وذكر التقرير أن إدارة الدولة لتنظيم السوق في البلاد تراجع سياسات أبل، بما في ذلك عمولتها التي تصل إلى 30 في المائة على عمليات الشراء داخل التطبيق، والقيود المفروضة على خدمات الدفع الخارجية ومتاجر التطبيقات.

وكان المنظمون الصينيون في مناقشات مع المسؤولين التنفيذيين في أبل ومطوري التطبيقات منذ العام الماضي، وفقاً للتقرير. ولم تستجب أبل وهيئة مكافحة الاحتكار الصينية على الفور لطلب «رويترز» للتعليق.

وقالت إدارة الدولة الصينية لتنظيم السوق، الثلاثاء، إن «غوغل» مشتبه في انتهاكها قانون مكافحة الاحتكار في البلاد، وإن تحقيقاً بدأ وفقاً للقانون. وعلى نحو منفصل، قالت وزارة التجارة الصينية إنها وضعت شركة «بي في إتش»، الشركة القابضة للعلامات التجارية، بما في ذلك «كالفن كلاين» و«تومي هيلفيغر»، وشركة التكنولوجيا الحيوية الأميركية «إيلومينا» على قائمتها لـ«الكيانات غير الموثوق بها».

وفي غضون ذلك، أعربت الصين، الأربعاء، عن «معارضتها القاطعة» للرسوم الجمركية الأميركية على صادراتها، ودعت إلى «الحوار» لحل الخلافات التجارية.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، إن بكين «تعرب عن استيائها الشديد ومعارضتها القاطعة» لرفع الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على الواردات الصينية. وأضاف: «ما نحن في حاجة إليه الآن، ليس زيادة الرسوم الجمركية من جانب واحد، بل حوار ومناقشات مبنية على الاحترام المتبادل».

وبعدما استُهدفت برسوم جمركية إضافية بنسبة 10 في المائة على كل صادراتها إلى الولايات المتحدة، ردت بكين على الفور الثلاثاء متوعّدة برفع الحواجز الجمركية على سلسلة من المنتجات الأميركية، من النفط الخام إلى الآلات الزراعية.

كذلك، أعلنت الصين عن قيود جديدة على تصدير المعادن والعناصر شبه المعدنية المهمة، المستخدمة في قطاعات مثل التعدين وغيرها. وقال جيان إن «الإجراءات التي اتخذتها الصين ضرورية للدفاع عن حقوقها ومصالحها المشروعة».

ورداً على سؤال بشأن قرار خدمة البريد الأميركية تعليق تسلم الطرود الواردة من الصين وهونغ كونغ، قال: «نحض الولايات المتحدة على التوقف عن تسييس القضايا الاقتصادية والتجارية واستغلالها، والتوقّف عن قمع الشركات الصينية بشكل غير عادل».

وقالت خدمة البريد الأميركية، الثلاثاء، إنها علّقت مؤقتاً تسلم الطرود الواردة من الصين وهونغ كونغ، وسيسري هذا التعليق «حتى إشعار آخر»، وهو يأتي عقب الأمر التنفيذي الذي وقّعه ترمب بفرض ضريبة إضافية على الواردات الصينية بدءاً من الثلاثاء، وبإلغاء الإعفاء من الرسوم الجمركية للطرود المنخفضة القيمة.

وكان ذلك الإعفاء يسمح بدخول السلع التي تبلغ قيمتها 800 دولار أو أقل، إلى الولايات المتحدة دون دفع رسوم جمركية أو ضرائب معينة، لكنها أصبحت عرضة للتدقيق بسبب زيادة الشحنات التي تطالب بالإعفاء في السنوات الأخيرة.

وقال مسؤولون أميركيون إن نمو شركتَي التجزئة عبر الإنترنت «شي إن» و«تيمو» الصينيتين كان عاملاً رئيسياً وراء هذه الزيادة. وتسعى واشنطن إلى تشديد القواعد، قائلة إن ارتفاع عدد الشحنات يزيد من صعوبة التدقيق في البضائع بحثاً عن مخاطر أمنية. ومن المحتمل أن تتأثر أيضاً شركات أخرى للبيع بالتجزئة مثل «أمازون».

ومن جهة أخرى، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، إنّ إجراء اتصال مع نظيره الصيني شي جينبينغ قد يتم في القريب العاجل، ما أوحى بإمكان حدوث تحوّل سريع. لكنّ ترمب لم يلبث أن تراجع عن هذا التصريح، وقال إنّه «ليس في عجلة من أمره» للتحدث مع شي.

ويقدم ترمب الرسوم الجمركية المفروضة على بكين على أنها رد على النهج السلبي الذي تعتمده الصين في مواجهة إنتاج المواد الأولية للفنتانيل على أراضيها، وهي مادة أفيونية تتسبّب بالكثير من الوفيات في الولايات المتحدة.

ورفض لين جيان هذه الاتهامات، مؤكداً أن الصين لديها «واحدة من أكثر السياسات صرامة لمكافحة المخدرات في العالم»، مضيفاً أن «الفنتانيل هو مشكلة أميركا، وأسبابه موجودة في أميركا نفسها».


مقالات ذات صلة

«صراع» التوصيل في السعودية... هل يستفيد المستهلك من المنافسة الشرسة؟

خاص مندوب يقوم بتوصيل طلبية في الرياض (الشرق الأوسط)

«صراع» التوصيل في السعودية... هل يستفيد المستهلك من المنافسة الشرسة؟

يشهد قطاع توصيل الطلبات في السعودية منافسةً عالية مع وجود شركات كبرى محلية وعالمية متخصصة في هذا المجال، تتصارع على تقديم خدمات مبتكرة.

ليث الخريّف (الرياض )
الاقتصاد جلسة للمجلس الاتحادي الألماني لمناقشة إصلاح قاعدة الديون وحزمة التمويل المستقبلية للدفاع والبنية التحتية وحماية المناخ (د.ب.أ)

ألمانيا تنهي عقود التقشف... «البوندسرات» يوافق على خطة الإنفاق الضخمة

وافق المجلس الاتحادي الألماني (البوندسرات) يوم الجمعة على خطة إنفاق ضخمة تهدف إلى إنعاش النمو في أكبر اقتصاد في أوروبا وتعزيز الجيش.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد شعار منظمة «أوبك» على مقرها في العاصمة النمساوية فيينا (رويترز)

النفط لثاني مكسب أسبوعي بعد عقوبات على إيران وخطة «أوبك بلس»

اتجهت أسعار النفط لتحقيق مكاسب للأسبوع الثاني على التوالي، بعد أن أدت عقوبات أميركية على إيران وخطة جديدة من تحالف أوبك بلس لزيادة الرهانات على تراجع الإمدادات

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شخص يحمل هاتفاً ذكياً وتظهر على شاشته تطبيقات ذكية صينية من بينها «ديب سيك» (د.ب.أ)

الصين تتطلع لإطلاق «مانوس»... الجيل التالي لـ«ديب سيك»

سجلت شركة «مانوس» الصينية الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي مساعدها الذكي الموجه للصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مقر البنك المركزي الروسي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يُبقي الفائدة عند 21 % مع احتمال رفعها مستقبلاً

أبقى البنك المركزي الروسي على سعر الفائدة الرئيسي عند 21 في المائة يوم الجمعة، متماشياً مع التوقعات، مع الإشارة إلى إمكانية رفع الفائدة مجدداً مستقبلاً.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

حرب ترمب التجارية قد تشهد تهدئة خلال أيام

ترمب يظهر توقيعه على أمر تنفيذي بفرض رسوم جمركية في المكتب البيضاوي (رويترز)
ترمب يظهر توقيعه على أمر تنفيذي بفرض رسوم جمركية في المكتب البيضاوي (رويترز)
TT

حرب ترمب التجارية قد تشهد تهدئة خلال أيام

ترمب يظهر توقيعه على أمر تنفيذي بفرض رسوم جمركية في المكتب البيضاوي (رويترز)
ترمب يظهر توقيعه على أمر تنفيذي بفرض رسوم جمركية في المكتب البيضاوي (رويترز)

قد تشهدُ أزمة الرسوم الجمركية التي تتوسع بشكل مفرط من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، تهدئة نسبية خلال أيام، بعد أن ألمح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، الأسبوع الماضي، إلى معدل مقترح للرسوم الجمركية الأميركية، بناءً على أسعار الشركاء التجاريين الخاصة، والحواجز التجارية غير الجمركية.

ويبدو أن الإدارة الكندية الجديدة قررت أن تبني على هذه التصريحات، مع الأخذ في الاعتبار التداعيات الاقتصادية المحتملة على اقتصادات الدول الموقع عليها الرسوم الجمركية، بما فيها أميركا نفسها، وهو ما قد يفتح مجالاً للنقاش والتفاوض قد يفضي إلى حل، أو على الأقل عدم فرط العقد بشأن التوسع الفوضوي في الرسوم الجمركية، وهو الأمر نفسه الذي أشار إليه بيسنت، عندما قال إن هناك فرصةً للتفاوض لتجنب «جدار الرسوم الجمركية».

وقال رئيس الوزراء الكندي الجديد مارك كارني، في هذا الشأن، إن الرئيس دونالد ترمب سيحترم في نهاية المطاف سيادة كندا، وسيكون مستعداً لإجراء محادثات تجارية شاملة لأن الأميركيين سيعانون من حرب ترمب التجارية.

وأضاف كارني أن المحادثات مع ترمب لن تحدث «حتى نحصل على الاحترام الذي نستحقه كدولة ذات سيادة».

وفرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً جمركيةً بنسبة 25 في المائة على الواردات من كندا والمكسكيك، وبنسبة 10 في المائة على الصين، ودخلت حيز التنفيذ بعض الرسوم في حين سيدخل بعضها في بداية أبريل (نيسان) المقبل. وردت الدول الثلاث على الفور برسوم انتقامية.

وتبلغ قيمة الرسوم الانتقامية من كندا 29.8 مليار دولار كندي (20.67 مليار دولار). وتُعدّ أكبر مصدر للصلب والألمنيوم إلى الولايات المتحدة.

ويستهدف رد كندا منتجات الصلب بقيمة 12.6 مليار دولار كندي، ومنتجات الألمنيوم بقيمة 3 مليارات دولار كندي، بالإضافة إلى سلع أميركية مستوردة أخرى بقيمة 14.2 مليار دولار كندي، ليصل إجمالي المبلغ إلى 29.8 مليار دولار كندي.

كان كارني قد صرّح يوم الاثنين بأنه لا يستطيع التحدث مع ترمب حتى يؤدي اليمين الدستورية رئيساً للوزراء، بينما كرّر ترمب عبر مواقع التواصل الاجتماعي رغبته في أن تصبح كندا «ولايتنا الـ51 العزيزة». وقال الرئيس الأميركي الجمعة: «عندما أقول إنهم يجب أن يكونوا ولاية (أميركية)، أنا أعني ذلك».

تأتي هذه التطورات بعد تصريحات لوزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، يوم الثلاثاء، قال فيها إن إدارة ترمب ستُقدّم للدول الشريكة تجارياً في الثاني من أبريل (نيسان) معدلاً مقترحاً للرسوم الجمركية الأميركية، بناءً على أسعارها الخاصة، والحواجز التجارية غير الجمركية، وعوامل أخرى، إلى جانب فرصة للتفاوض لتجنب «جدار الرسوم الجمركية».

وصرح بيسنت لشبكة «فوكس»: «في الثاني من أبريل، ستحصل كل دولة على رقم نعتقد أنه يُمثّل رسومها الجمركية». وأضاف: «قد يكون الرقم منخفضاً جداً بالنسبة لبعض الدول، وقد يكون مرتفعاً جداً بالنسبة لبعضها الآخر».

وكان ترمب قد صرّح بأن «الرسوم الجمركية المتبادلة» التي فرضها، بهدف رفع الرسوم الجمركية الأميركية إلى مستويات الدول الأخرى، وتعويض الممارسات التجارية التي تعدها إدارته غير عادلة، ستدخل حيز التنفيذ في الثاني من أبريل. إلا أن تعليقات بيسنت تُشير إلى أنه قد تكون هناك فترة من المفاوضات قبل بدء تحصيل رسوم الاستيراد الجديدة.

وقال بيسنت عن شركائه التجاريين: «سنذهب إليهم ونقول لهم: انظروا، إليكم ما نعتقده بشأن مستويات التعريفات الجمركية: حواجز غير جمركية، وتلاعب بالعملة، وتمويل غير عادل، وقمع للعمالة، وإذا أوقفتم هذا، فلن نبني جدار التعريفات الجمركية». وأضاف أن الدول التي تفشل في خفض حواجزها التجارية ستواجه تعريفات جمركية أعلى تهدف إلى حماية الاقتصاد الأميركي وعماله وصناعاته.

تباطؤ اقتصادي

تصريحات كارني وبيسنت مبنية على أن الاقتصاد الأميركي مهدد بتباطؤ مثله مثل كندا والمكسيك، إذ توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الاثنين الماضي، أن تؤدي الزيادات في الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب إلى تباطؤ النمو في كندا والمكسيك والولايات المتحدة، مع ارتفاع التضخم. كما خفضت المنظمة توقعاتها للاقتصاد العالمي، محذرةً من أن تصعيد الحرب التجارية قد يؤدي إلى مزيد من التدهور في النمو الاقتصادي.

وفي حال حدوث صدمة تجارية شاملة، لن تدفع الأسر الأميركية الثمن المباشر فقط، بل قد يتكبد الاقتصاد الأميركي خسائر تفوق الإيرادات التي من المتوقع أن تولدها الرسوم الجمركية، وفقاً لتقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في توقعاتها المؤقتة.

وأشارت المنظمة إلى أن النمو العالمي من المتوقع أن يتباطأ قليلاً من 3.2 في المائة في عام 2024 إلى 3.1 في المائة في 2025، ثم 3 في المائة في 2026 بعد أن خفضت المنظمة توقعاتها من 3.3 في المائة للعامين الحالي والمقبل في تقريرها السابق الصادر في ديسمبر (كانون الأول).

وتوقعت أن يتباطأ النمو الاقتصادي الأميركي إلى 2.2 في المائة هذا العام، مع فقدان مزيدٍ من الزخم في العام التالي ليصل إلى 1.6 في المائة فقط، بعد أن خفضت المنظمة توقعاتها من 2.4 في المائة و2.1 في المائة على التوالي.

كما سيشهد الاقتصاد الكندي تباطؤاً في النمو ليصل إلى 0.7 في المائة هذا العام والعام المقبل، وهو أقل بكثير من نسبة 2 في المائة المتوقعة سابقاً لكلا العامين.

ونتيجة لذلك، قال رئيس الوزراء الجديد في كندا إنه يريد مناقشة شاملة حول التجارة والأمن مع الأميركيين وليس مناقشة واحدة بشأن التعريفات الجمركية.