هل يهدد الدين الأميركي الدولار كعملة احتياطية عالمية؟

وصلت قيمته إلى 36 تريليون دولار

تعرض ساعة الدين الوطني إجمالي الدين الأميركي وحصة كل أسرة منه في مانهاتن بمدينة نيويورك (أ.ب)
تعرض ساعة الدين الوطني إجمالي الدين الأميركي وحصة كل أسرة منه في مانهاتن بمدينة نيويورك (أ.ب)
TT

هل يهدد الدين الأميركي الدولار كعملة احتياطية عالمية؟

تعرض ساعة الدين الوطني إجمالي الدين الأميركي وحصة كل أسرة منه في مانهاتن بمدينة نيويورك (أ.ب)
تعرض ساعة الدين الوطني إجمالي الدين الأميركي وحصة كل أسرة منه في مانهاتن بمدينة نيويورك (أ.ب)

في عالم الاقتصاد، قلّما تُذكر الولايات المتحدة واليونان في جملة واحدة، فالأولى تُعتبر أكبر اقتصاد في العالم ورمز القوة المالية، بينما ارتبطت الثانية بأزمة ديون خانقة هزّت أسواق العالم وأشعلت شوارع أثينا احتجاجاً. ولكن المفارقة المذهلة أن الخبراء يحذرون من احتمال أن تُعيد الولايات المتحدة، في غضون عقد من الزمن، تجربة الديون التي عانت منها اليونان في أوج أزمتها.

ومع تضخم الدين الأميركي إلى مستويات غير مسبوقة وتجاوزه حجم الاقتصاد الوطني، تقف واشنطن عند مفترق طرق. فهل يمكن أن يؤدي هذا التراكم الهائل في الديون إلى أزمة مالية كبرى؟ أم أن «الامتياز الباهظ» الذي تمنحه مكانة الدولار سيمنحها مرونة لا تضاهى؟

بحلول فترة جائحة كوفيد-19، كان الدين العام لليونان قد تجاوز ضعف حجم اقتصادها، وهو وضع يقترب من بعض أفقر وأزمات الدول في العالم، مثل إريتريا والسودان وفنزويلا. لذلك، فهو ليس النادي الذي قد يرغب أحد في الانضمام إليه، بحسب صحيفة «التلغراف».

لكن المثير للدهشة هو أن خبراء الاقتصاد يتوقعون أنه في غضون عقد من الزمن، قد تنضم دولة أخرى إلى هذه القائمة مثل الولايات المتحدة الأميركية. فالجمع بين التعافي الملحوظ في الاقتصاد اليوناني، وأزمة الديون غير المسبوقة التي شهدتها الولايات المتحدة في ظل رئاستي دونالد ترمب وجو بايدن، يشير إلى أنه بحلول أوائل ثلاثينيات القرن الحادي والعشرين، قد يتجاوز الدين الأميركي، إذا تم قياسه بالنسبة لحجم اقتصادها، الدين الوطني للجمهورية اليونانية.

والأرقام المتعلقة بالدين العام الأميركي مثيرة للدهشة. فقد قفز الدين الوطني ليصل إلى 36 تريليون دولار، بعدما كان أقل من 20 تريليون دولار قبل ثماني سنوات فقط. وبذلك، أصبح هذا الدين أكبر من حجم الاقتصاد الأميركي ذاته.

وفي مطلع ثلاثينيات القرن الحالي، من المتوقع أن يبلغ إجمالي ديون أميركا 134 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما يعادل مستوى ديون إيطاليا ويتجاوز ديون اليونان، التي يُتوقع أن تعود إلى أقل من 130 في المائة بحلول تلك الفترة، وفقاً لتوقعات خبراء الاقتصاد في بنك «يو بي إس».

ويخلق تراكم هذا الدين حلقة مفرغة خطيرة، حيث تجاوزت فاتورة الفائدة السنوية على الدين الحكومي بالفعل 1.1 تريليون دولار، مما يزيد من تعقيد الوضع المالي ويضع ضغوطاً هائلة على الاقتصاد الوطني.

وبالإضافة إلى كون الولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم، فإنها تمثل الملاذ الآمن للنظام المالي العالمي. فهي تعمل كحافظ للقيمة في أوقات الركود، وتُعتبر مرجعاً رئيسياً لتحديد أسعار الفائدة والقروض في العديد من أنحاء العالم.

مبنى الكابيتول في واشنطن ليلاً (رويترز)

ويشير ريتشارد فرانسيس من وكالة «فيتش»، التي خفضت تصنيفها الائتماني للولايات المتحدة العام الماضي، إلى أن ديون البلاد «مرتفعة للغاية» بالفعل، حيث تضاعف حجمها مقارنةً بالمستوى المعتاد لدولة ذات تصنيف ائتماني «إيه إيه».

ويضيف قائلاً: «إن عبء الفائدة مرتفع للغاية، وهو أعلى بكثير من معظم نظيراتها، ومن المتوقع أن يظل مرتفعاً للغاية. نحن ننفق بالفعل على الفائدة أكثر مما ننفقه على الدفاع أو الرعاية الصحية، بينما يبقى الضمان الاجتماعي هو البند الوحيد الذي يفوقه».

هل ديون الولايات المتحدة مستدامة؟

تثير هذه الأسئلة تساؤلات حقيقية حول ما إذا كانت ديون الولايات المتحدة قابلة للاستدامة، أو ما إذا كانت البلاد تسير على نفس المسار الذي سلكته إيطاليا واليونان قبل 15 عاماً، نحو أزمة ديون قد تكون لها تداعيات اقتصادية خطيرة.

وتتمتع الولايات المتحدة حالياً بوضع آمن، بفضل مكانتها المميزة كملاذ آمن في النظام المالي العالمي، حيث يتوجه إليها المستثمرون من جميع أنحاء العالم عند أول إشارة إلى وجود مشاكل اقتصادية.

ويقول الخبراء: «الولايات المتحدة تتمتع باقتصاد قوي ومتعدد المصادر، وأيضاً الدولار الأميركي هو العملة الاحتياطية الرئيسية في العالم، وهو ما يتيح للولايات المتحدة مرونة تمويلية لا مثيل لها في أي مكان آخر في العالم».

وعلى الرغم من ارتفاع تكاليف الاقتراض، فلا تزال هناك إشارات قليلة على أن المستثمرين غير راغبين في تمويل العجز الأميركي. إذ يمكن لوزارة الخزانة الاقتراض لمدة 10 سنوات بمعدل حوالي 4.2 في المائة، وهو ما يعد أعلى بكثير من أدنى مستوياتها خلال فترة الجائحة التي كانت دون 1 في المائة، أو المعدل المعتاد الذي يتراوح بين 2 و3 في المائة بعد الأزمة المالية العالمية.

لكن هذا المعدل يُعتبر مألوفاً لأولئك الذين يتذكرون السنوات التي سبقت أزمة الائتمان، ويعكس النمو القوي للاقتصاد الأميركي، بالإضافة إلى الجهود المستمرة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي في مكافحة التضخم. وبالتالي، لا يُشير هذا المعدل بالضرورة إلى توتر بين المستثمرين، بل يعكس بشكل أكبر الظروف الاقتصادية الحالية والسياسات النقدية المتبعة.

«الامتياز الباهظ» لأميركا

تقول ماريون أميوت، الخبيرة الاقتصادية في «ستاندرد آند بورز»، إن هذا هو «الامتياز الباهظ» الذي تحظى به أميركا.

ويجذب كل من ارتفاع أسعار الفائدة والنمو الاقتصادي الأموال العالمية إلى الولايات المتحدة، وفي أوقات الأزمات، ينظر إليها المستثمرون باعتبارها الملاذ الأكثر أماناً، ما يسمح للسلطات الأميركية بتمويل عجزها سواء في الأوقات الجيدة أو السيئة.

وتقول أميوت: «إن السؤال حول استدامة الديون يطرح نفسه دائماً، ولكن لا يوجد بديل حقيقي للدولار».

«حلقة مفرغة»

ومع ذلك، يخشى المحللون أن ينفد الحيز الذي يسمح للبيت الأبيض بالاقتراض إذا استمر في تراكم الديون بهذه الوتيرة. ويقول أوليفييه بلانشارد، كبير الخبراء الاقتصاديين السابقين في صندوق النقد الدولي، إن أميركا ستصل في مرحلة ما إلى هذه الحدود.

ويضيف: «في مرحلة ما، ولا نعرف متى تحديداً، سيبدأ المستثمرون في التساؤل: هل سنحصل على السداد؟». وستكون النتيجة ارتفاع تكاليف الاقتراض، مما يخلق «حلقة مفرغة قد تؤدي أحياناً إلى التخلف عن السداد».

ويقول بلانشارد: «لقد حدث هذا في العديد من البلدان الأخرى، وهو أمر يصعب تصوره بالنسبة للولايات المتحدة، ولكن هل هو أمر مستحيل حقاً؟».

ويشدد بول دونوفان، من «يو بي إس»، على أن الديون الأميركية ليست على مسار مستدام، ولكن من غير المرجح أن تصبح قضية ملحة خلال فترة ولاية ترمب.

ويضيف قائلاً: «على الصعيد المحلي، تظل الولايات المتحدة دولة غنية، وستكون قادرة على تعبئة الموارد اللازمة لتمويل العجز. ورغم أن المخاوف بشأن استدامة العجز ستزداد، فإنني أعتقد أن الأمر سيصبح حاسماً في العقد المقبل».

ترمب ضد «الاحتياطي الفيدرالي»

من الممكن دائماً أن تكون التوقعات خاطئة، فقد شهدت الاتجاهات تغييرات في الماضي. ويلاحظ جيم ريد من «دويتشه بنك» أنه في بداية الألفية، كان مكتب الموازنة في الكونغرس الأميركي يعتقد أنه إذا اختارت الحكومة الأميركية ذلك، فيمكنها استخدام فوائضها لسداد الدين الوطني بالكامل ثم بناء صندوق ثروة عملاق.

«في عام 2000، كان مكتب الموازنة يتوقع أنه إذا ادخرت الولايات المتحدة فوائضها الإجمالية، فسيتم سداد الدين الوطني - الذي كان يشكل نحو 34 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي آنذاك - في غضون عقد من الزمن، وستتراكم أصول الولايات المتحدة لتصل إلى حوالي 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030»، كما يوضح.

اليوم، يعكف ترمب بشكل رئيسي على الاقتراض بكثافة، لكن ثمة تلميحات إلى أن شيئاً مختلفاً قد يحدث. فقد منح الملياردير التكنولوجي إيلون ماسك دوراً في وزارة كفاءة الحكومة الجديدة المقترحة، بهدف خفض تريليوني دولار من الإنفاق الحكومي.

وإذا تمكن ماسك من تحقيق وفورات بهذه القيمة أو حتى جزء منها، فقد يشكل ذلك نقطة تحول خطيرة في توقعات الديون الحكومية.

وفي نفس الوقت الذي يتزايد فيه الاقتراض، يخشى ثانوس فامفاكيديس، من «بنك أوف أميركا»، أن مواقف الرئيس المنتخب تجاه بنك الاحتياطي الفيدرالي قد تؤدي إلى اهتزاز أسواق السندات ودفع المستثمرين بعيداً عن الولايات المتحدة، مما يقوض مكانتها كـ«ملاذ آمن».

ويقول فامفاكيديس: «إذا بدأت الإدارة الجديدة في مواجهة التوجه المتشدد لبنك الاحتياطي الفيدرالي استجابةً للسياسات المالية للإدارة الأميركية الجديدة، فقد يكون ذلك مزيجاً ساماً».

دونالد ترمب يتحدث خلال فعالية «أميركا فيرست 2024» السنوية في فينيكس بولاية أريزونا... 22 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

التهديدات الخارجية

وهناك خطر آخر يتمثل في أن تتخذ دول أخرى إجراءات ضد الولايات المتحدة. ويوضح بول دونوفان من «يو بي إس» أن هناك خطراً خارجياً يتمثل في أن الصين قد ترد على الحرب التجارية بشكل شديد.

وأضاف: «إذا توقفت الصين عن شراء سندات الخزانة الأميركية رداً على الضرائب التجارية - وخاصة إذا تسببت الضرائب في تباطؤ كبير في النمو الأميركي - فقد يؤدي ذلك إلى اضطراب في سوق السندات الحكومية وظهور قلق متزايد بشأن استدامة الدين».

ومن الواضح أن ترمب نفسه يدرك تماماً أن الولايات المتحدة قد تخسر في يوم ما مكانتها كعملة احتياطية عالمية موثوقة.

وقد غرد الرئيس المنتخب قائلاً إنه سيفرض تعريفات جمركية هائلة على الواردات من دول البريكس - البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا - إذا سعت هذه الدول إلى إيجاد بدائل للدولار.

وقال ترمب: «لقد انتهت فكرة أن دول البريكس تحاول الابتعاد عن الدولار بينما نقف مكتوفي الأيدي ونراقب. نطالب هذه الدول بعدم إنشاء عملة جديدة لدول البريكس أو دعم أي عملة أخرى لتحل محل الدولار الأميركي القوي، وإلا فستواجه تعريفات جمركية بنسبة 100 في المائة، وينبغي لها أن تتوقع وداعاً لمبيعاتها في الاقتصاد الأميركي الرائع».

وتظهر مثل هذه التهديدات الإدراك المتزايد بأن الولايات المتحدة تخاطر في النهاية بفقدان قدرتها على الاقتراض بلا نهاية.

لكن في الوقت الحالي، لا توجد إلا دلائل محدودة على وجود تهديد خطير. ففي قمة مجموعة البريكس التي عقدت في أكتوبر (تشرين الأول) في سوتشي، كان الضيوف يُنصحون بإحضار الدولارات أو اليوروات للإنفاق بدلاً من الروبل أو الرنمينبي أو الروبية.

ومع مزيج من الاقتراض الثقيل الذي تعاني منه الولايات المتحدة، إلى جانب التهديدات الموجهة ضد «الفيدرالي» وشركائه التجاريين، قد يجد ترمب نفسه قادراً على تقويض قوة الدولار بنفسه، مما يزيد من تعقيد الوضع المالي العالمي ويؤثر على مكانة العملة الأميركية.


مقالات ذات صلة

«سبيس إكس» تطرح أسهماً داخلية بتقييم تاريخي يقترب من 800 مليار دولار

الاقتصاد إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركات «سبيس إكس» و«تويتر» وصانع السيارات الكهربائية «تسلا» (أ.ف.ب)

«سبيس إكس» تطرح أسهماً داخلية بتقييم تاريخي يقترب من 800 مليار دولار

تستعد شركة «سبيس إكس»، عملاق الصواريخ والأقمار الاصطناعية المملوكة لإيلون ماسك، لإجراء صفقة داخلية لبيع حصص من أسهمها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد شعار شركة «وارنر براذرز ديسكفري» في أحد مكاتبها في كولفر سيتي كاليفورنيا (أ.ف.ب)

حرب الاستوديوهات... «نتفليكس» تُسقط «وارنر براذرز» في أكبر صفقة إعلامية

شهدت هوليوود واحدة من أهم لحظات التحول الاستراتيجي في تاريخها، بعد إعلان شركة «نتفليكس» إبرام صفقة ضخمة للاستحواذ على «وارنر براذرز».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجلس، نيويورك )
الاقتصاد رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

وزير الطاقة القطري: الذكاء الاصطناعي يضمن الطلب المستقبلي على الغاز المسال

وزير الطاقة القطري سعد الكعبي... الدوحة (أرشيفية - رويترز)
وزير الطاقة القطري سعد الكعبي... الدوحة (أرشيفية - رويترز)
TT

وزير الطاقة القطري: الذكاء الاصطناعي يضمن الطلب المستقبلي على الغاز المسال

وزير الطاقة القطري سعد الكعبي... الدوحة (أرشيفية - رويترز)
وزير الطاقة القطري سعد الكعبي... الدوحة (أرشيفية - رويترز)

شكلت تصريحات وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري، سعد الكعبي، خلال «منتدى الدوحة 2025»، نقطة محورية في مناقشات المنتدى الذي افتتحه أمير البلاد، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في نسخته الثالثة والعشرين تحت شعار: «ترسيخ العدالة: من الوعود إلى واقع ملموس». وأكد الكعبي على رؤية متفائلة للغاية لمستقبل الغاز، مشدداً على أنه «لا قلق لديه على الإطلاق» بشأن الطلب المستقبلي بفضل الحاجة المتزايدة لتشغيل مراكز الذكاء الاصطناعي.

وأكد الكعبي أن الطلب العالمي على الغاز الطبيعي سيظل قوياً بفضل تزايد احتياجات الطاقة لتشغيل مراكز الذكاء الاصطناعي، متوقعاً أن يصل الطلب على الغاز الطبيعي المسال إلى ما بين 600 و700 مليون طن سنوياً بحلول عام 2035. وأبدى في الوقت نفسه، قلقه من أن يؤثر نقص الاستثمار على الإمدادات المستقبلية للغاز الطبيعي المسال والغاز.

وقال الكعبي: «لا أشعر بأي قلق على الإطلاق بشأن الطلب على الغاز في المستقبل»، مُضيفاً أن الطاقة اللازمة للذكاء الاصطناعي ستكون مُحرّكاً رئيسياً للطلب. عند بلوغه كامل طاقته الإنتاجية، من المتوقع أن يُنتج مشروع توسعة حقل الشمال 126 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال سنوياً بحلول عام 2027، مما سيعزز إنتاج قطر للطاقة بنحو 85 في المائة من 77 مليون طن متري سنوياً حالياً.

وأضاف أن أول قطار من مشروع «غولدن باس» للغاز الطبيعي المسال، وهو مشروع مشترك مع «إكسون موبيل» في تكساس، سيبدأ العمل بحلول الربع الأول من عام 2026.

وأكد الكعبي أن أسعار النفط التي تتراوح بين 70 و80 دولاراً للبرميل ستوفر إيرادات كافية للشركات للاستثمار في احتياجات الطاقة المستقبلية، مضيفاً أن الأسعار التي تتجاوز 90 دولاراً ستكون مرتفعة للغاية.

كما حذّر من كثرة العقارات التي تُبنى في الخليج، ومن احتمال «تشكُّل فقاعة عقارية».

الاتحاد الأوروبي

كما أبدى أمله أن يحل الاتحاد الأوروبي مخاوف الشركات بشأن قوانين الاستدامة بحلول نهاية ديسمبر (كانون الأول).

وكانت قطر أعربت عن استيائها من توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات الصادر عن الاتحاد الأوروبي، وهدّدت بوقف إمدادات الغاز. ويتمحور الخلاف حول إمكانية فرض توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات غرامات على المخالفين تصل إلى 5 في المائة من إجمالي الإيرادات العالمية. وقد صرّح الوزير مراراً بأن قطر لن تحقق أهدافها المتعلقة بالانبعاثات الصفرية.

من جهة أخرى، أطلق الكعبي تحذيراً بشأن النشاط العمراني في المنطقة، مشيراً إلى أن هناك «بناءً مفرطاً للعقارات في منطقة الخليج»، ما قد يؤدي إلى «تشكُّل فقاعة عقارية».

استراتيجية مالية منضبطة

من جهته، أكد وزير المالية القطري، علي أحمد الكواري، خلال المنتدى، قوة ومتانة المركز المالي للدولة. وأوضح أن التوسع المخطط له في إنتاج الغاز الطبيعي المسال سيعمل كعامل تخفيف رئيسي يقلل من تأثير أي انخفاض محتمل في أسعار النفط مستقبلاً. وأضاف أن السياسة المالية «المنضبطة» التي تتبعها قطر تمنحها مرونة كبيرة، مما يعني أنها لن تضطر إلى «اللجوء إلى أسواق الدين» لتلبية احتياجاتها من الإنفاق في أي مرحلة.


حاكم «المركزي» السوري: قرار كندا رفع العقوبات يفتح صفحة جديدة من التعاون

حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (فيسبوك)
حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (فيسبوك)
TT

حاكم «المركزي» السوري: قرار كندا رفع العقوبات يفتح صفحة جديدة من التعاون

حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (فيسبوك)
حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (فيسبوك)

رحب حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، بقرار كندا رفع العقوبات عن سوريا، بما يفتح صفحة جديدة من الفرص والتعاون البنّاء بين البلدين.

وكانت الحكومة الكندية، أعلنت يوم الجمعة، رفع العقوبات عن سوريا، وإزالة اسمها من قائمة الدول الراعية للإرهاب، لافتة إلى أن خطواتها بإزالة العقوبات عنها، تتماشى مع قرارات اتخذها حلفاؤها مؤخراً، بما في ذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة.

وأشار الحصرية، في بيان، إلى أنه عقد سلسلة من اللقاءات وصفها بـ«المثمرة والناجحة بكل المقاييس»، مع البنك المركزي الكندي، وشركاء مهمين في القطاع المالي، وذلك خلال زيارته الأخيرة إلى كندا، بهدف بناء جسور التعاون بين القطاع المالي السوري والقطاع المالي الكندي.

وأكد الحصرية أن تلك الزيارة عكست رغبة واضحة لدى الجانب الكندي في دعم الاستقرار المالي، وتعزيز آفاق التعاون مع سوريا في المرحلة المقبلة، وقال: «نتطلع إلى الاستفادة من هذه الانطلاقة الجديدة، والعمل معاً من أجل إعادة دمج اقتصادنا في النظام المالي العالمي بطريقة آمنة وفعّالة».


العراق يصف تقلبات السوق الموازية الأخيرة بـ «التذبذب الطارئ»

رجل عراقي يقود قاربه في نهر دجلة وسط بغداد (أ.ف.ب)
رجل عراقي يقود قاربه في نهر دجلة وسط بغداد (أ.ف.ب)
TT

العراق يصف تقلبات السوق الموازية الأخيرة بـ «التذبذب الطارئ»

رجل عراقي يقود قاربه في نهر دجلة وسط بغداد (أ.ف.ب)
رجل عراقي يقود قاربه في نهر دجلة وسط بغداد (أ.ف.ب)

أكد مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، يوم السبت، أن سعر الصرف الرسمي للدينار مقابل الدولار ثابت عند 1320 ديناراً، مشدداً على أن التقلبات الأخيرة التي شهدتها السوق الموازية لا تمثل تأثيراً جوهرياً على الاستقرار الاقتصادي العام.

وكانت أسواق الصرف في العراق شهدت يوم الجمعة تحركات واضحة، بينما ازداد بحث المواطنين حول سعر الدولار في العراق.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية عن صالح وصفه هذه التقلبات بأنها «تذبذب طارئ ومؤقت» ناتج عن تأثيرات معلوماتية «غير دقيقة» أسماها في التحليل الاقتصادي بـ«الضوضاء الملوّنة». وأوضح أن هذه المعلومات المشوشة، التي تعتمد غالباً على الإشاعة، تؤدي إلى سلوك مضاربات قصيرة الأجل في السوق النقدية غير المنظمة.

الإصلاحات الحكومية تحمي استقرار الأسعار

أشار المستشار المالي إلى أن مثل هذه التحركات السعرية تُعد نموذجية في الفترات الانتقالية، خاصة مع استمرار البلاد في مرحلة ما بعد الانتخابات التشريعية، وبالتزامن مع تطبيق الحكومة لنظام الحوكمة الجمركية، وإجراءاتها الرقمية. وتتضمن هذه الإجراءات أنظمة التتبع الجمركي، والتطبيقات الرقمية الحديثة التي تهدف إلى تعزيز الشفافية، والانضباط في البيئة التجارية، والمالية.

وأكد صالح أن هذا التذبذب في سعر الدولار في السوق الموازية لم يترك أي أثر جوهري على استقرار المستوى العام للأسعار، حيث نجحت السياسة النقدية في تحقيق هدفها المتمثل في تثبيت الأسعار، والحفاظ على ثبات سعر الصرف الرسمي.

كما أكد صالح أن سياسة ثبات سعر الصرف مدعومة بـ«أسس جوهرية»، أبرزها كفاءة الاحتياطيات الأجنبية الكافية لدعم سعر الصرف الرسمي.

وفي سياق متصل، أشار إلى أن المؤسسات الدولية، وفي مقدمتها البنك الدولي، ومؤسسات التمويل العالمية متعددة الأطراف، تنظر «بعين الارتياح» إلى الخطوات الإصلاحية التي تتخذها الحكومة العراقية في نطاق القطاع المصرفي، والاقتصادي.

وتُعد هذه الخطوات، وخاصة التوجه نحو تعزيز الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، ركائز أساسية لبناء اقتصاد متنوع، وداعم لـ«رؤية العراق 2050» للتنمية المستدامة.