الولايات المتحدة تسجل زيادة قياسية في توليد الطاقة بالغاز الطبيعي خلال 2024

محطة لتوليد الطاقة بالغاز الطبيعي في هنتنغتون بيتش بكاليفورنيا (رويترز)
محطة لتوليد الطاقة بالغاز الطبيعي في هنتنغتون بيتش بكاليفورنيا (رويترز)
TT

الولايات المتحدة تسجل زيادة قياسية في توليد الطاقة بالغاز الطبيعي خلال 2024

محطة لتوليد الطاقة بالغاز الطبيعي في هنتنغتون بيتش بكاليفورنيا (رويترز)
محطة لتوليد الطاقة بالغاز الطبيعي في هنتنغتون بيتش بكاليفورنيا (رويترز)

شهد منتجو الطاقة في الولايات المتحدة زيادة ملحوظة في توليد الطاقة باستخدام الغاز الطبيعي خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، مما عزز مكانة البلاد بوصفها محركاً رئيسياً للاستهلاك العالمي للغاز.

وقد ارتفعت حصة الغاز الطبيعي في نظام توليد الطاقة الأميركي إلى مستويات قياسية هذا العام، حيث أظهرت بيانات «إل إس إي جي» أن الغاز زوّد 46 في المائة من إجمالي الطاقة منذ يونيو (حزيران)، مع زيادة شركات الطاقة الإنتاج من جميع المصادر لتلبية الطلب المتزايد، وفق «رويترز».

ومع ذلك، فإن النمو السريع لاستخدام الغاز في الولايات المتحدة يتعارض مع الجهود الرامية إلى التحول في مجال الطاقة، ويشكل تحدياً للطموحات المعلنة بتقليل استخدام الوقود الأحفوري في توليد الطاقة بحلول عام 2030.

ورغم ذلك، لا يُظهر معظم أنظمة الطاقة الرئيسية في الولايات المتحدة، التي تُعد أيضاً أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم، أي علامات على تقليل استخدام الغاز في المدى القريب، بل يبدو أنها ستواصل زيادة الإنتاج في السنوات المقبلة.

هذا التناقض بين الالتزامات المناخية الدولية واتجاهات توليد الطاقة محلياً يفتح المجال للانتقادات من دعاة المناخ، الذين قد يضغطون على الولايات المتحدة للحد من استخدام الغاز.

وخلال الأشهر التسعة الأولى من العام، بلغ إجمالي توليد الطاقة من محطات الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة 55.6 مليون ميغاواط-ساعة، وفق «إل إس إي جي»، مما يمثل زيادة بنسبة 5 في المائة مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2023، وهو أعلى مستوى منذ عام 2021.

وتجاوزت وتيرة النمو في الولايات المتحدة العديد من الدول الكبرى المستهلكة للغاز، بما في ذلك الصين وكوريا الجنوبية واليابان وإيران وإيطاليا وروسيا، وفقاً لبيانات مركز أبحاث الطاقة «إمبر».

وبين أكبر 10 منتجي الكهرباء باستخدام الغاز الطبيعي، لم تسجل سوى المكسيك وقطر وتايلاند زيادة أسرع من الولايات المتحدة في استهلاك الغاز خلال النصف الأول من عام 2024. ومع ذلك، فإن هذه الدول الثلاث تنتج أقل من ربع الكهرباء التي تُنتَج باستخدام الغاز في الولايات المتحدة، مما أدى إلى ارتفاع حصة الولايات المتحدة من الكهرباء العالمية التي تعتمد على الغاز إلى مستوى قياسي بلغ 30 في المائة حتى الآن في عام 2024، مقارنةً بأقل من 29 في المائة في عام 2023.

وتشمل العوامل الرئيسية وراء نمو الطلب على الغاز في الولايات المتحدة قيام بعض أنظمة الطاقة باتخاذ خطوات لتقليل الاعتماد على الفحم من أجل الحد من التلوث، ولكنها تواجه تحديات في تلبية الطلب المتزايد على الطاقة دون زيادة إنتاج الغاز الطبيعي.

ويعد نظام الربط (بي جيه إم) الذي يمتد عبر بنسلفانيا ونيوجيرسي وكارولاينا الشمالية وأجزاء من الغرب الأوسط، الأكثر اعتماداً على الغاز الطبيعي، حيث يمثل 21 في المائة من الإنتاج الأميركي. ويأتي نظام تشغيل نظام «ميدكونتيننت» المستقل (إيزو) في المرتبة التالية بنسبة 13 في المائة تقريباً، ونظام مجلس موثوقية الكهرباء في تكساس (إركوت) بنسبة 12 في المائة، ونظام الطاقة في فلوريدا بنسبة 11 في المائة.

ومن بين هذه الأنظمة، سجلت فلوريدا أكبر زيادة في استخدام الغاز، بنسبة 13.4 في المائة مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي، في حين نمت أنظمة «ميدكونتيننت» و«بي جيه إم» بنحو 3 في المائة، وزادت شركة «إركوت» إنتاجها من الغاز الطبيعي بنسبة 1 في المائة.

وفي حين أعلنت شركة SERC Reliability Corporation التي تخدم مناطق في كارولاينا وتينيسي وجورجيا، انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة في توليد الطاقة بالغاز، فقد تم تعويض هذا الانخفاض من خلال زيادة في توليد الطاقة النووية وزيادة بنسبة 5 في المائة في إنتاج الفحم. ومع ذلك، يظل الغاز المصدر الرئيسي للطاقة في النظام، ومن المتوقع أن يستمر في لعب هذا الدور في المستقبل.

ومن المرجح أن يزداد الاعتماد على الغاز في أنظمة الطاقة الأخرى في الولايات المتحدة، خصوصاً في المناطق التي تتجه نحو التخلص التدريجي من الفحم القديم. وما دام استخدام الفحم يتراجع تدريجياً، فإن إجمالي توليد الطاقة من الغاز الطبيعي في الولايات المتحدة سوف يستمر في الارتفاع، بغضِّ النظر عن الأهداف الوطنية الرامية إلى الحد من استخدام الوقود الأحفوري.

ولن يتمكن منتجو الطاقة في الولايات المتحدة من تحقيق تخفيضات كبيرة في اعتمادهم على الغاز إلا عندما تتجاوز مصادر الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة، بما في ذلك مصادر الطاقة المتجددة، المستويات العالية، وتدعمها شبكة كبيرة لتخزين البطاريات.


مقالات ذات صلة

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

الاقتصاد ناقلة غاز طبيعي مسال تمر بجانب قوارب صغيرة (رويترز)

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

تجري مصر محادثات مع شركات أميركية وأجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في تحول من الاعتماد على السوق الفورية الأكثر تكلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رجل يقف بجوار شعار مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 29» في أذربيجان (رويترز)

«أوبك» في «كوب 29»: التحول المتوازن في مجال الطاقة مفتاح الاستدامة العالمية

قال أمين عام «أوبك» إن النفط والغاز الطبيعي «هبة من الله»، وإن محادثات الحد من الاحتباس الحراري يجب أن تركز على خفض الانبعاثات وليس اختيار مصادر الطاقة.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي يتحدث خلال لقاء بغرفة التجارة الأميركية بالقاهرة (وزارة البترول المصرية)

مصر تعلن زيادة إنتاج الغاز والنفط في الربع الثالث من العام الجاري

أعلن وزير البترول المصري كريم بدوي زيادة إنتاج الغاز في بلاده خلال الـ3 أشهر من يوليو إلى أكتوبر بواقع 200 مليون قدم مكعب غاز و39 ألف برميل من النفط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد موقع لاستكشاف النفط في أستراليا تابع لشركة «سانتوس»... (حساب الشركة على إكس)

«سانتوس» الأسترالية للطاقة تعتزم صرف 60 % من تدفقاتها النقدية للمساهمين

أعلنت «شركة النفط والغاز الطبيعي الأسترالية (سانتوس)» إطار عمل محدثاً لتخصيص أموالها بهدف صرف ما يصل لـ60 في المائة من إجمالي تدفقاتها النقدية الحرة للمساهمين.

«الشرق الأوسط» (كانبرا)
الاقتصاد عامل غاز يسير بين الأنابيب في محطة ضغط وتوزيع لخط أنابيب الغاز يورنغوي - بوماري - أوزغورود جنوب غربي روسيا (رويترز)

روسيا تعيد بيع مزيد من الغاز في أوروبا بعد قطع الإمدادات عن النمسا

قالت شركات ومصادر إن تدفقات الغاز الروسي إلى النمسا توقفت لليوم الثاني، يوم الأحد، بسبب نزاع على الأسعار.

«الشرق الأوسط» (برلين) «الشرق الأوسط» (براغ)

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
TT

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إن المنظمة ستُشارك بقوة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف «كوب 16» لمواجهة التصحر، الذي ينعقد في السعودية مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه يتوقع خروج المؤتمر -وهو الأول من نوعه الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط- بمخرجات مهمة.

تعليقات الواعر جاءت على هامش لقاء «مائدة مستديرة»، أعده المكتب الإقليمي لـ«فاو» في مقره بالعاصمة المصرية، القاهرة، بحضور ممثلين محدودين لوسائل إعلام مختارة، وذلك لشرح شكل مشاركة المنظمة في المؤتمر المقبل، وتأكيد أهمية ما يُعرف باسم «ثالوث ريو» (Rio trio)، وهي الاتفاقية التي تربط مؤتمرات الأطراف الثلاثة لحماية الأرض التابعة للأمم المتحدة في مجالات تغيُّر المناخ، وحماية التنوع البيئي، ومكافحة التصحر.

وقالت فداء حداد، مسؤول برامج إعادة تأهيل الأراضي والتغيُّر المناخي في منظمة الفاو، إن اتفاقيات الأطراف الثلاثة غاية في الأهمية والتكامل، وإن المؤتمر المقبل في السعودية سيركز على الأراضي والمياه، وإعادة تأهيلهما والإدارة المستدامة لهما.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وأشارت فداء حداد إلى أن نحو 90 بالمائة من منطقة الشرق الأوسط تعاني الجفاف، إلا أنه على الرغم من ذلك، تمكَّنت المجتمعات المحلية والحكومات العربية في كثير منها في اتخاذ إجراءات لمواجهة الجفاف والتصحر.

وكشفت فداء حداد أن «فاو» نجحت للمرة الأولى في وضع موضوع النظم الغذائية على أجندة اجتماعات مؤتمر الأطراف لمواجهة التصحر، الذي يعقد في السعودية، لتتم مناقشة أهمية إعادة تأهيل الأراضي في تحسين السلاسل الغذائية وأنظمتها.

من جانبه، أوضح الواعر أن «فاو» لديها دور كبير في تحقيق الهدف الثاني الأممي من أهداف التنمية المستدامة، وهو القضاء على الجوع، ومن ثم فهي تشارك بقوة وفاعلية في مؤتمرات الأطراف لمواجهة تغيُّر المناخ والتصحر وحماية التنوع، التي تخدم ذات الهدف.

وأكد الواعر أن المنظمة تحاول إبراز دور الغذاء والزراعة وتحول النظم، بحيث تكون أكثر شمولاً وكفاءة واستدامة، من أجل تحقيق إنتاج وتغذية أفضل لحياة أفضل، مشيراً إلى نجاح المنظمة في إدخال هذه الرؤية إلى أجندة الاتفاقيات الثلاث التي تهدف لحماية الأرض، والإسهام مع عدد من الدول المستضيفة في بعض المبادرات.

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

وأضاف المسؤول الأممي أن هناك تواصلاً كبيراً مع السعودية لدعم بعض المبادرات خلال استضافتها «كوب 16»، خصوصاً أن هذه الاستضافة تعد مهمة جدّاً من أجل دول المنطقة، كونها الأكثر معاناة فيما يتعلق بندرة المياه والجفاف والتصحر، إلى جانب مشكلات الغذاء والزراعة وغيرهما... ولذا فإن أمام هذه الدول فرصة لعرض الأزمة وأبعادها والبحث عن حلول لها، وإدراجها على لوائح المناقشات، ليس في الدورة الحالية فقط؛ ولكن بشكل دائم في مؤتمرات «كوب» التالية.

وأكد المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، أن العالم حالياً أكثر انتباهاً واهتماماً بمشكلة التصحر، لكونها بدأت في غزو مناطق لم يسبق لها أن شهدتها في تاريخها أو تصورت أن تشهدها، على غرار جنوب أوروبا أو مناطق في أميركا اللاتينية مثلاً، وهذه الدول والمناطق بدأت تلاحظ زحف التصحر وانحسار الأراضي الزراعية أو الغابات بشكل مقلق، ومن ثم بدأت النظر إلى المنطقة العربية تحديداً لتعلُّم الدروس في كيفية النجاة من هذه الأزمة عبر قرون طويلة.

وأفاد الواعر بأن «فاو» ستشارك في «كوب 16» بجناحين، أحدهما في المنطقة الزرقاء والآخر في المنطقة الخضراء، وذلك حتى يتسنى للمنظمة التواصل مع الحكومات، وكذلك الأفراد من المجتمع المدني ورواد المؤتمر.

كما أوضح أن «فاو»، بالاتفاق مع السعودية والأمم المتحدة، ستقوم بقيادة التنسيق في يومي «الغذاء» و«الحوكمة» يومي 5 و6 ديسمبر، إضافة إلى مشاركتها القوية في كل الأيام المتخصصة الباقية خلال فعاليات «كوب 16» لمكافحة التصحر.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وحول أبرز الموضوعات والمحاور التي جرى إدراجها للنقاش في أروقة «كوب 16» بالرياض، أوضح الواعر أن من بينها «الاستصلاح والإدارة المستدامة للأراضي» في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، والتي تعد مسألة مهمة وأساسية في محاولة استرجاع وإعادة تأهيل الأراضي المضارة نتيجة التصحر، خصوصاً من خلال المبادرات المتعلقة بزيادة رقعة الغابات والمناطق الشجرية، على غرار المبادرات السعودية الخضراء التي تشمل خطة طموحاً لمحاولة زراعة 50 مليار شجرة بالمنطقة العربية.