لاغارد: المصارف المركزية قد تواجه تقلبات تضخمية لسنوات مقبلة

قالت إن حالة عدم اليقين «ستظل مرتفعة» بالنسبة لصناع السياسة النقدية

رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد خلال خطابها في صندوق النقد الدولي (موقع الصندوق على إكس)
رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد خلال خطابها في صندوق النقد الدولي (موقع الصندوق على إكس)
TT

لاغارد: المصارف المركزية قد تواجه تقلبات تضخمية لسنوات مقبلة

رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد خلال خطابها في صندوق النقد الدولي (موقع الصندوق على إكس)
رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد خلال خطابها في صندوق النقد الدولي (موقع الصندوق على إكس)

قالت رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، الجمعة، إن التحولات العميقة في الاقتصاد العالمي قد تجعل التضخم متقلباً لسنوات مقبلة، مما يعقّد الجهود الرامية إلى السيطرة على الأسعار، لكن الالتزام بأنظمة استهداف التضخم يظل الخيار الأفضل.

وحذرت من أن الاقتصاد العالمي يواجه انقسامات مماثلة للضغوط التي أدت إلى «القومية الاقتصادية» وانهيار التجارة العالمية والكساد الأعظم في عشرينات القرن الماضي، وفق «فاينانشال تايمز».

وقالت لاغارد، الجمعة، في خطاب ألقته في صندوق النقد الدولي في واشنطن: «لقد واجهنا أسوأ جائحة منذ عشرينات القرن الماضي، وأسوأ صراع في أوروبا منذ أربعينات القرن الماضي، وأسوأ صدمة للطاقة منذ سبعينات القرن الماضي»، مضيفة أن هذه الاضطرابات، إلى جانب عوامل مثل مشاكل سلسلة التوريد، أدت إلى تغيير النشاط الاقتصادي العالمي بشكل دائم».

وأضافت: «حيرت التحولات الاقتصادية من العولمة إلى الحماية التجارية إلى الاختراقات التكنولوجية خبراء الاقتصاد على مدى العقد الماضي، وفشل معظمهم في توقع الارتفاع الأخير في التضخم، مما ترك المصارف المركزية متخلفة عن الركب وتسابق الزمن للسيطرة على الأسعار»، وفق «رويترز».

وقالت لاغارد، التي تولت منصبها في المصرف المركزي الأوروبي قبل أشهر قليلة من بدء جائحة «كوفيد-19»، إن «العالم القادم أصبح أكثر غموضاً، وإن هناك حاجة إلى قدر أكبر من المرونة بدلاً من فرض تفويضات جديدة».

وأضافت: «إذا دخلنا عصراً حيث أصبح التضخم أكثر تقلباً وأصبح انتقال السياسة النقدية أكثر غموضاً، فإن الحفاظ على هذه المرساة العميقة لتشكيل الأسعار سيكون ضرورياً. لكن هذا لا يعني أن الطريقة التي ندير بها السياسة النقدية ستظل كما هي».

وتابعت: «إن أحد التغييرات الرئيسية يتعلق بهيمنة الشركات الرقمية العملاقة، مثل الخدمات السحابية، والتجارة الإلكترونية، والبحث على الإنترنت، وربما الذكاء الاصطناعي».

وحسب لاغارد، فقد أصبحت الشركات الكبيرة أقل اعتماداً على التمويل الخارجي ولديها حصة أصغر من القوى العاملة، وبالتالي فهي أقل حساسية للتغيرات في أسعار الفائدة، ونتيجة لذلك، تقلل من قدرة المصارف المركزية على توجيه الاقتصاد.

وأكدت لاغارد أن عكس مسار العولمة قد يعود بالفائدة على المصارف المركزية، إذا خفّضت الشركات سلاسل القيمة الخاصة بها من خلال «التوطين بالقرب من الوطن» أو «الوجود مع الأصدقاء». ويؤدي إنشاء الشركات بالقرب من المنازل أيضاً إلى زيادة احتياجات رأس المال، مما قد يجعل الشركات أكثر حساسية لتغيرات أسعار الفائدة.

وأضافت لاغارد أن «تعميق رأس المال قد يزيد من حساسية الاقتصاد لتغيرات أسعار الفائدة، مما يعزز فعالية انتقال السياسة النقدية من خلال قناة أسعار الفائدة. المشكلة هي أن مثل هذه التغييرات قد تأتي أيضاً مع تقلبات تضخمية أكبر، خصوصاً إذا أصبحت شركات التكنولوجيا العملاقة أقل حساسية للسياسة النقدية وأصبحت الشركات المصنعة أكثر تأثراً».

ومن المتوقع أن تؤدي زيادة حصة شركات التكنولوجيا المالية في الإقراض إلى زيادة مشاكل المصارف المركزية.

وهذه الشركات أكثر كفاءة في تقديم الائتمان للاقتصاد، ولكنها أيضاً أكثر حساسية من المصارف العادية للتغيرات في البيئة، مما يزيد من التضخم والركود.

وتابعت لاغارد: «هذا التفاعل يعني أيضاً أن إقراض التكنولوجيا المالية قد يكون أكثر دورية في أوقات التوتر، مما يؤدي إلى زيادة دورات الائتمان والتقلبات».

ووفقاً لرئيسة المصرف المركزي، تمكن محافظو المصارف المركزية من تخفيف السياسة النقدية في الأشهر الأخيرة مع تراجع ضغوط الأسعار، حيث بلغ التضخم السنوي في منطقة اليورو ذروته عند 10.6 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، لكنه بلغ أدنى مستوى له في 3 سنوات عند 2.2 في المائة في أغسطس (آب).

وقالت لاغارد إنه من «المدهش» أن تتمكن المصارف المركزية من السيطرة على التضخم في أقل من عامين مع تجنب ارتفاع معدلات البطالة. من النادر أن نتجنب تدهوراً كبيراً في التوظيف عندما ترفع المصارف المركزية أسعار الفائدة استجابة لارتفاع أسعار الطاقة. لكن التوظيف ارتفع بنحو 2.8 مليون شخص في منطقة اليورو منذ نهاية عام 2022».

ومع ذلك حذرت من الرضا عن الذات، قائلة إن قضايا مثل الانتكاسات المحتملة للعولمة، والتفكك الجزئي لسلاسل التوريد العالمية، والقوة السوقية لشركات التكنولوجيا العملاقة مثل «غوغل»، و«التطور السريع للذكاء الاصطناعي» يمكن أن تشكل كلها اختباراً لمحافظي المصارف المركزية.

وأشارت إلى أن حالة عدم اليقين «ستظل مرتفعة» بالنسبة لصنّاع السياسة النقدية، مضيفة: «نحن بحاجة إلى إدارتها بشكل أفضل».

وأضافت أن المركزي الأوروبي سوف يدرس هذه القضايا بالتفصيل في مراجعته الاستراتيجية المقبلة. وفي حين لن يتم التدقيق في هدف التضخم المتوسط ​​الأجل البالغ 2 في المائة، قالت: «سننظر فيما يمكننا تعلمه من تجربتنا السابقة مع التضخم المنخفض للغاية والمرتفع للغاية».


مقالات ذات صلة

«المركزي الروسي» يبقي الفائدة عند 21% مع تراجع التضخم

الاقتصاد العلم الروسي يرفرف فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يبقي الفائدة عند 21% مع تراجع التضخم

أبقى البنك المركزي الروسي سعر الفائدة الرئيسي عند 21 في المائة يوم الجمعة، في وقت بدأ فيه التضخم في التراجع.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد امرأة تتسوق في متجر «سيلفريدجز» بشارع أكسفورد (أرشيفية - رويترز)

مبيعات التجزئة البريطانية تسجل أفضل أداء منذ 2021

أفاد تجار التجزئة البريطانيون بتحقيق أفضل بداية سنوية لهم منذ عام 2021، في تطور قد يشكِّل دفعةً مؤقتةً للاقتصاد، وسط ضغوط متزايدة ناجمة عن ارتفاع الفواتير.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية كثير من سكان إسطنبول يمضون ليلتهم في العراء خوفاً من العودة إلى منازلهم (أ.ب)

كابوس زلزال الـ13 ثانية يخيم «نفسياً» على سكان إسطنبول وقلق من المقبل

لا يزال آلاف من سكان إسطنبول يعيشون حالة الرعب من كابوس الـ13 ثانية للزلزال القوي الذي ضرب المدينة الكبرى بالبلاد، وبلغت شدته 6.2 على مقياس ريختر.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد د. جهاد أزعور يتحدث على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدولي في واشنطن (من موقع الصندوق على «إكس»)

صندوق النقد يتوقع نمو الاقتصاد المصري 4.3% العام المقبل

قال مدير الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، جهاد أزعور، إن معدل النمو المتوقع للاقتصاد المصري سيصل إلى 3.8 في المائة في السنة المالية الحالية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد بيث هاماك رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند (أ.ب)

رئيسة «فيدرالي» كليفلاند تدعو إلى الصبر في السياسة النقدية

دعت بيث هاماك، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي بكليفلاند، يوم الخميس، إلى التريّث في اتخاذ قرارات السياسة النقدية، في ظل حالة عدم اليقين المرتفعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

السعودية تتصدر الدول العربية في العمل الإحصائي

جانب من المنتدى السعودي الأول للإحصاء في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المنتدى السعودي الأول للإحصاء في الرياض (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تتصدر الدول العربية في العمل الإحصائي

جانب من المنتدى السعودي الأول للإحصاء في الرياض (الشرق الأوسط)
جانب من المنتدى السعودي الأول للإحصاء في الرياض (الشرق الأوسط)

كشف وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإحصاء، فيصل الإبراهيم، عن أن المملكة هي الأولى عربياً في العمل الإحصائي، وتسعى الحكومة إلى رفع كفاءة المؤشرات وتسهيل الوصول إلى المعلومات.

كلام الإبراهيم جاء في المنتدى السعودي الأول للإحصاء، الذي ينعقد بالتزامن مع مرور 65 عاماً على تأسيس العمل الإحصائي الرسمي في المملكة.

تحقيق التحول الرقمي

وأكد رئيس الهيئة العامة للإحصاء، فهد الدوسري، خلال كلمته الافتتاحية، أن الهيئة عملت على تطوير نحو 39 منتجاً جديداً لتوفير بيانات أكثر تفصيلاً، وتغطية قطاعات ومناطق أوسع. وقال إنها تعمل على تحقيق التحول الرقمي الكامل في العمليات الإحصائية، مستفيدةً من تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة، لضمان موثوقية البيانات وشموليتها. كما شدد على أن الإحصاءات لم تعد أداة مساندة فقط، بل أصبحت في قلب العمل التنموي، داعماً لتحقيق التنمية المستدامة وضمان كفاءة الإنفاق وجودة الخدمات.

رئيس الهيئة العامة للإحصاء فهد الدوسري (الشرق الأوسط)

من جانبه، شدد فيصل الإبراهيم على أهمية الشفافية في دعم القرارات المبنية على الأدلة والبيانات الدقيقة، لا سيما في ظل الأزمات والتحديات الدولية المتسارعة، لافتاً إلى أن القطاع شهد تحولات كبرى جعلته أكثر نضجاً في جودة الإحصاءات ودقة المعلومات.


وأكد أن العمل الإحصائي يعيش مرحلة استثنائية بدعم قيادة الحكومة، مما مكّن المملكة من تصدّر المؤشر العربي للأداء الإحصائي والتقدم 22 مرتبة عالمياً خلال عام 2023.

وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم (الشرق الأوسط)

وأوضح الإبراهيم أن تطوير منظومة البيانات الوطنية يمثل أولوية، حيث تسعى المملكة لتكون نموذجاً عالمياً في قياس الأداء ومعرفة أثر السياسات عبر المؤشرات الإحصائية الدقيقة، حيث تستضيف الرياض منتدى الأمم المتحدة العالمي السادس للبيانات عام 2026.

جذب الاستثمارات النوعية

وخلال جلسة حوارية، أكد وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن المملكة تمتلك منظومة معلومات قوية تمكّن متخذي القرار من اتخاذ قرارات مبنية على أسس سليمة، مشدداً على أن قوة البيانات لا تقل أهمية عن البنية التحتية.

وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وأضاف أن المعلومات الدقيقة تمثل ركناً أساسياً لدعم الاستثمارات الصناعية والتعدينية، خصوصاً في ظل التحول الذي تشهده المملكة لتحقيق مستهدفات «رؤية 2030». وأشار إلى أن مركز المعلومات الصناعية والتعدينية يلعب دوراً محورياً في توفير هذه البيانات لدعم تنافسية المملكة وجذب الاستثمارات النوعية.

وعلى هامش المنتدى، وقعت الهيئة العامة للإحصاء مذكرات تفاهم أبرزها مع المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومركز الإحصاء الوطني في دولة قطر، لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات في مجال الإحصاء.