المصانع السعودية تتجاوز مستهدفات 2023 نحو التحول ورفع تنافسية منتجاتها

معالجة 79 تحدياً وطلباً للمستثمرين... وارتفاع نسبة الالتزام في رخص التعدين 98 %

أحد المصانع السعودية الواقعة في المدينة الصناعية بعسير جنوب المملكة (الشرق الأوسط)
أحد المصانع السعودية الواقعة في المدينة الصناعية بعسير جنوب المملكة (الشرق الأوسط)
TT

المصانع السعودية تتجاوز مستهدفات 2023 نحو التحول ورفع تنافسية منتجاتها

أحد المصانع السعودية الواقعة في المدينة الصناعية بعسير جنوب المملكة (الشرق الأوسط)
أحد المصانع السعودية الواقعة في المدينة الصناعية بعسير جنوب المملكة (الشرق الأوسط)

أثبتت المصانع السعودية جديتها في التحول نحو الأتمتة وكفاءة التصنيع، في خطوة تحسن مستوى جودة وتنافسية المنتجات الوطنية وتخفض التكاليف التشغيلية، وذلك بعد قيام 479 مصنعاً بعمل التقييم المدقق لمؤشر «سيري»، متجاوزةً مستهدفات البلاد لعام 2023.

وبدأت وزارة الصناعة والثروة المعدنية في تقييم مصانع الشريحة الثانية من المرحلة الثانية لبرنامج مصانع المستقبل، في يوليو (تموز) 2023، والتي تستهدف تقييم «سيري»، المدقق الأول لعدد 260 مصنعاً، والتي تتجاوز رأسمالها المرخص لكل مصنع منها 200 مليون ريال (53.3 مليون دولار).

وطبقاً لتقرير حديث عن الصناعة والتعدين في السعودية، اطلعت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، تمكنت وزارة الصناعة والثروة المعدنية من معالجة 97 تحدياً وطلباً خلال العام الماضي، واستفادة 17 مصنعاً من الدعم الاستشاري ضمن حماية الصناعة الوطنية من المنافسة غير العادلة.

وبخصوص برنامج قياس التحول الرقمي 2023، حققت الوزارة 87.08 في المائة، واستطاعت الربط مع أكثر من 67 جهة حكومية، علاوةً على إطلاق عدد من الأنظمة والمواقع الإلكترونية الداعمة للأهداف الاستراتيجية.

المواقع التعدينية

وكشف التقرير عن ارتفاع نسبة الالتزام في رخص التعدين إلى 98 في المائة، وأن الحكومة خصصت 15 موقعاً للأنشطة التعدينية خلال العام المنصرم، إلى جانب تدشين مشروع الخرائط الجيولوجية لمنطقة الدرع العربي بـ271 تقريراً وخريطة يقدمها المشروع، وأيضاً إطلاق خدمة طلب المواد الخام للمواءمة بين توافر المواد البتروكيماوية واحتياجات الصناعات التحويلية.

وأفصحت وزارة الصناعة والثروة المعدنية، مؤخراً عن ارتفاع عدد المصانع القائمة بنسبة 10 في المائة خلال 2023، من 10.518 في 2022 إلى 11.549 حتى العام الماضي، حيث بلغ عدد التراخيص الجديدة الصادرة 1379 ترخيصاً، بحجم استثمارات تصل إلى أكثر من 81 مليار ريال (21.6 مليار دولار)، فيما بدأ الإنتاج في 1058 مصنعاً خلال العام نفسه باستثمارات تبلغ 45 مليار ريال (12 مليار دولار).

ووصل إجمالي عدد المصانع القائمة في المملكة حتى نهاية شهر ديسمبر 2023، إلى قرابة 11549 مصنعاً، بإجمالي استثمارات تقدر بـ1.541 تريليون ريال (410.9 مليار دولار).

وأشارت إلى أن التراخيص الجديدة توزعت على 25 نشاطاً، يتصدرها صنع المنتجات الغذائية بـ244، يليه المعادن اللافلزية بـ176، ثم المعادن المشكلة 165، وأخيراً نشاط صنع منتجات المطاط واللدائن بعدد 123 ترخيصاً.

واستحوذت المنشآت الوطنية على العدد الأكبر من التراخيص الصناعية الصادرة بـ1043 ترخيصاً، تليها ذات الاستثمار الأجنبي 194، ثم المنشآت ذات الاستثمار المشترك بـ142 ترخيصاً.

المصانع الوطنية

وقالت الوزارة إن المنشآت الصغيرة استحوذت على النسبة الكبرى من التراخيص الصادرة بـ1203 تراخيص، تليها المتوسطة بـ158 ترخيصاً، والمنشآت متناهية الصغر بـ15 ترخيصاً، وأخيراً المنشآت الكبيرة بـ3 تراخيص.

وحظيت الرياض بالنصيب الأكبر من التراخيص الصادرة بواقع بـ479 ترخيصاً، بينما احتلت المنطقة الشرقية المرتبة الثانية بـ340، تليها مكة المكرمة 269، ثم القصيم 87، والمدينة المنورة بـ79 ترخيصاً.

وأظهر التقرير أن المصانع التي بدأت الإنتاج خلال العام الماضي توزعت على 24 نشاطاً صناعياً، يأتي في مقدمتها تصنيع منتجات المعادن اللافلزية بـ228 مصنعاً، يليه تصنيع المنتجات الغذائية بـ175، ثم المعادن المشكلة بواقع 119.

وحصلت المنشآت الوطنية على العدد الأكبر من المصانع التي بدأت الإنتاج بـ868 مصنعاً، تليها ذات الاستثمار الأجنبي بعدد 116 مصنعاً، ثم المصانع ذات الاستثمارات المشتركة بعدد 74 مصنعاً.

ونالت المنطقة الشرقية العدد الأكبر من المصانع التي بدأت الإنتاج بواقع 274 مصنعاً، تليها الرياض 268، ثم مكة المكرمة 174، والقصيم بـ93 مصنعاً.


مقالات ذات صلة

كيف يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل سوق العمل السعودية؟

الاقتصاد رجل يسير بجانب شاشة ذكاء اصطناعي في مؤتمر «ليب 25» في الرياض (واس)

كيف يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل سوق العمل السعودية؟

تؤكد تحليلات ودراسات أن الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة باتا يشكلان حجر الزاوية في صياغة ملامح سوق العمل خلال السنوات المقبلة.

آيات نور (الرياض)
عالم الاعمال «فُلك» البحرية تُوسّع أسطولها بثلاث سفن جديدة لدعم مسارات البحر الأحمر والخليج

«فُلك» البحرية تُوسّع أسطولها بثلاث سفن جديدة لدعم مسارات البحر الأحمر والخليج

أعلنت شركة «فُلك» للخدمات البحرية، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، عن توسّع جديد في أسطولها التشغيلي بإضافة 3 سفن حاويات جديدة تحمل العلم السعودي.

الاقتصاد مشاريع سكنية تابعة لوزارة البلديات والإسكان السعودية (الشرق الأوسط)

تباطؤ نمو إيجارات المساكن يُبقي معدل التضخم في السعودية مستقراً

أظهرَ تباطؤ نمو الإيجارات المدفوعة للسكن تأثيره على معدل التضخم في السعودية ليبقى مستقراً عند 2.3 في المائة خلال أبريل (نيسان) الماضي.

بندر مسلم (الرياض)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

«يونيكوين» للعملات المشفرة: السعودية تعزز موقعها العالمي في التمويل الرقمي

في ظل التحولات الاقتصادية المتسارعة التي تشهدها السعودية، يبرز التمويل الرقمي بوصفه إحدى الركائز الأساسية في مساعي تنويع الاقتصاد خلال السنوات المقبلة.

زينب علي («الشرق الأوسط»)
الاقتصاد أحد متاجر المواد الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

معدل التضخم في السعودية يستقر عند 2.3 %

كشفت الهيئة العامة للإحصاء، الخميس، أنّ معدل التضخم السنوي في السعودية بلغ 2.3 % خلال شهر أبريل (نيسان) 2025.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

كيف يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل سوق العمل السعودية؟

رجل يسير بجانب شاشة ذكاء اصطناعي في مؤتمر «ليب 25» في الرياض (واس)
رجل يسير بجانب شاشة ذكاء اصطناعي في مؤتمر «ليب 25» في الرياض (واس)
TT

كيف يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل سوق العمل السعودية؟

رجل يسير بجانب شاشة ذكاء اصطناعي في مؤتمر «ليب 25» في الرياض (واس)
رجل يسير بجانب شاشة ذكاء اصطناعي في مؤتمر «ليب 25» في الرياض (واس)

في خضم التحول الرقمي المتسارع الذي تشهده السعودية، تؤكد تحليلات ودراسات أن الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة باتا يشكلان حجر الزاوية في صياغة ملامح سوق العمل خلال السنوات المقبلة. فبينما تُسهم الأتمتة في رفع كفاءة العمليات وتعزيز الإنتاجية، تظهر الحاجة الملحّة لإعادة تأهيل الكفاءات الحالية، وتجهيز الأجيال الجديدة بمهارات المستقبل، لردم الفجوة المتسعة بين مخرجات التعليم التقليدية واحتياجات السوق التقنية.

التحول لا يعني اختفاء الوظائف، بل إعادة تشكيلها، إذ تتلاشى المهام الروتينية لصالح أدوار تتطلب قدرات تحليلية ورقمية وابتكارية، وهو ما يفرض تحولاً جذرياً في فلسفة التوظيف، من «تنفيذ المهام» إلى «إدارة الحلول». ويعزز الذكاء الاصطناعي هذا التحول في قطاعات حيوية، كالصحة، والتصنيع، والمالية، حيث أظهرت تجارب محلية واقعية كفاءة الذكاء الاصطناعي في تقليص التكاليف، وتحسين النتائج التشغيلية.

ومع أن التقنية تفتح آفاقاً واسعة للنمو وتوليد وظائف جديدة، إلا أن التحديات تظل ماثلة، وعلى رأسها ارتفاع تكاليف التبني، وضعف البنية التحتية، ونقص الكفاءات المؤهلة. وهو ما يضع مسؤولية مشتركة على عاتق الحكومات، والقطاع الخاص، والمؤسسات التعليمية، لضمان تحول رقمي متوازن لا يستبعد الطاقات البشرية، بل يعيد توجيهها، وتمكينها.

صناعة التحول الوطني

أكد المختص في الموارد البشرية، علي آل عيد، لـ«الشرق الأوسط»، أن التحول الرقمي، والاستعداد لمتطلبات المستقبل، إلى جانب الوعي بأهم المهارات اللازمة لأدوار سوق العمل، تشكل اليوم مرتكزات أساسية في صناعة التحول الوطني، مشيراً إلى أن الذكاء الاصطناعي، ورغم ما يثيره من قلق لدى البعض، لن يلغي الوظائف بشكل كلي، بل سيعيد تشكيلها من جديد.

وأوضح أن الفترة المقبلة ستشهد اختفاء عدد من الوظائف الروتينية، مقابل بروز أخرى تعتمد على مهارات تحليلية، ورقمية، ومهارات تواصل بشري متقدمة. وستتحول طبيعة الأدوار من «تنفيذ المهام» إلى «إدارة الحلول»، ومن الاعتماد على «الخبرة» إلى التركيز على «المرونة والابتكار».

ولفت آل عيد إلى أن الذكاء الاصطناعي يسهم في رفع معدلات الأتمتة، وتحليل البيانات الضخمة، كما يدعم اتخاذ القرار بسرعة، ودقة، مما يقلل من الهدر، ويعزز الكفاءة التشغيلية، لافتاً إلى أن قطاعات مثل الصحة، واللوجستيات، والمالية، وحتى الموارد البشرية باتت تشهد تحولات ملحوظة في سرعة اتخاذ القرار، وجودة المخرجات.

وشدد على أهمية صياغة استراتيجيات شاملة تعزز الابتكار، وتدفع القطاعات نحو تبني التقنية، مع ضمان انتقال عادل للموظفين عبر برامج إعادة التمهير، وتوفير شبكات أمان اجتماعي، مشيراً إلى أن نجاح التدريب والتوظيف المستقبلي سيبقى مرهوناً بمدى جدية القطاع الخاص في مواكبة هذا التحول.

تعزيز الابتكار

بدوره، أكد المختص في السياسات الاقتصادية، أحمد الشهري، لـ«الشرق الأوسط» أن التقنيات الحديثة، وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي، تعيد رسم ملامح سوق العمل في السعودية بشكل متسارع، مدفوعة برؤية المملكة 2030 التي تركز على تنويع الاقتصاد، وتعزيز الابتكار.

وأضاف الشهري أن الذكاء الاصطناعي يسهم في أتمتة المهام الروتينية، ويرفع من جودة مخرجات الأعمال في القطاعين العام والخاص، مما قد يؤثر على نحو 25 إلى 30 في المائة من الوظائف الحالية بحلول عام 2030، قياساً على مستوى التأثير في الدول المتقدمة. لكنه في المقابل، يفتح الباب أمام فرص عمل جديدة في مجالات تقنية ومتقدمة، ويعزز الإنتاجية من خلال تحسين كفاءة العمليات.

وبيّن أن قطاع النفط يُعد من أبرز القطاعات التي بدأت تجني ثمار هذا التحول، حيث تستخدم شركة «أرامكو السعودية» تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطبيقات الصيانة التنبئية، ما أسهم في خفض التكاليف، وزيادة الكفاءة التشغيلية بنسبة تصل إلى 20 في المائة.

وأشار إلى أن دعم «مهارات المستقبل» يمثل أولوية لعدد من المؤسسات التعليمية، والجهات المعنية، حيث يجري العمل على ردم الفجوة بين مخرجات التعليم التقليدي واحتياجات السوق التقنية.

وأوضح الشهري أن السياسات الحالية قادرة على تحقيق توازن بين تسريع وتيرة التحول التقني وحماية الوظائف القائمة، من خلال مبادرات محفزة، وشراكات بين القطاعين العام والخاص، كما هو الحال في مشاريع مثل «نيوم».

تمويل البرامج

من جانبه، قال الشريك الرئيس في «ماكنزي»، طارق منصور، لـ«الشرق الأوسط» إن أحدث الأبحاث الصادرة عن «مبادرة مستقبل الاستثمار» بالتعاون مع شركته تشير إلى أن اعتماد الأتمتة وإعادة تأهيل المهارات يمثلان عوامل رئيسة لتحقيق مكاسب إنتاجية في المنطقة. وتكشف الدراسة عن إمكانية رفع معدل نمو الإنتاجية إلى 2.7 في المائة سنوياً بحلول عام 2030، مدعوماً بالتقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يعزز الابتكار، ويدعم الإبداع البشري في مجالات حيوية، مثل الخدمات الطبية، والبحث العلمي.

وأضاف أن فوائد التقنية والتحول الرقمي لا تقتصر على زيادة الإنتاجية فحسب، بل تمتد إلى خلق وظائف جديدة، وتخفيف النقص في المهارات المتخصصة التي يصعب جذب الكفاءات إليها، خاصة في مجالات العلوم، والتقنية، والهندسة، والرياضيات.

وأكد أن دول الخليج تمتلك قاعدة كبيرة من المواهب عالية الجودة، ويمكن تنفيذ مبادرات مثل تمويل برامج بناء المهارات، خصوصاً في المجالات التقنية، والقطاعات الاستراتيجية، لتأهيل القوى العاملة لمتطلبات السوق المتغيرة، وزيادة فرص توظيف الشباب.

وتابع الشريك الرئيس في «ماكنزي» أن السعودية اتخذت خطوات متسارعة لزيادة تبني التكنولوجيا في المنطقة، مع التركيز على جاهزية الذكاء الاصطناعي، وتطوير البنية التحتية الرقمية لمواكبة سرعة التغير التقني.

وأفاد بأنه وفقاً لاستطلاع أُجري ضمن هذه الدراسة في عام 2024، تستخدم 56 في المائة من الشركات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذكاء الاصطناعي، مقابل 85 في المائة في الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة.

كذلك، بيّن منصور أن الأبحاث تشير إلى أن التحديات الأساسية أمام تبني التقنيات المتقدمة تتمثل في التكلفة، والبنية التحتية، ونقص المهارات. وعلى مستوى المنطقة، يرى 52 في المائة من قادة الأعمال في الشرق الأوسط أن تكاليف التنفيذ تمثل تحدياً كبيراً، بينما يرى 45 في المائة أن البنية التحتية تمثل عائقاً.

وتابع أن التقنية تمثل رافعة رئيسة لتعزيز الإنتاجية في القطاعات الاقتصادية الحيوية، مثل التقنية المالية، إلى جانب قطاعات الرعاية الصحية، والتصنيع.

وأوصى منصور بالتركيز على أربعة مسارات رئيسة لتسريع تبني التكنولوجيا في السعودية والمنطقة، تشمل: تعزيز التعاون الإقليمي، وتطوير حلول مرنة قابلة للتوسع، وتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات ذات الأولوية، إلى جانب تفعيل الشراكات بين القطاعين العام والخاص، لدعم بناء المهارات، والقدرات الرقمية.