البنك الدولي يشرح لـ«الشرق الأوسط» أسباب رفع توقعات نمو السعودية في 2025

رئيسة الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابعة للبنك الدولي روبرتا غاتي (الشرق الأوسط)
رئيسة الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابعة للبنك الدولي روبرتا غاتي (الشرق الأوسط)
TT

البنك الدولي يشرح لـ«الشرق الأوسط» أسباب رفع توقعات نمو السعودية في 2025

رئيسة الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابعة للبنك الدولي روبرتا غاتي (الشرق الأوسط)
رئيسة الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابعة للبنك الدولي روبرتا غاتي (الشرق الأوسط)

بعدما توقع البنك الدولي في تقريره الأسبوع الماضي نمو اقتصاد السعودية إلى ما نسبته 5.9 في المائة في عام 2025، شرحت رئيسة الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابعة للبنك الدولي، روبرتا غاتي لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا الانتعاش المرتقب في النشاط الاقتصادي للمملكة العام المقبل جاء مدفوعاً بالعديد من العوامل، أبرزها تعزيز الأنشطة غير النفطية والارتفاع المتوقع للنفط في 2025.

وكان البنك الدولي رفع توقعاته لنمو اقتصاد المملكة خلال العام المقبل بنحو 1.7 في المائة إلى 5.9 في المائة، وذلك مقارنة بتوقعاته السابقة في يناير (كانون الثاني) الماضي عند 4.2 في المائة. وتوقع في تقريره حول أحدث المستجدات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والذي أطلقه على هامش اجتماعات الربيع التي عقدت في واشنطن الأسبوع الماضي، أن ينمو القطاع الخاص غير النفطي في السعودية بنسبة 4.8 في المائة خلال العام الحالي.

وأشارت غاتي إلى أن رفع توقعات نمو اقتصاد المملكة في العام المقبل، يرتكز إلى:

- تعزيز الأنشطة غير النفطية بفضل السياسة المالية الفضفاضة، والاستثمارات الضخمة (وخاصة العامة)، والاستهلاك الخاص القوي (مع احتواء التضخم عند مستوى 2.2 في المائة في الأمد المتوسط بفضل الإعانات السخية للوقود والغذاء والواردات الأرخص ثمناً).

- توقُع ارتفاع إنتاج النفط بقوة في عام 2025، مما يعكس الاتجاه الانكماشي الحالي والتمديد الطوعي لتخفيضات إنتاج النفط حتى نهاية الربع الثاني من عام 2024، مما سيؤدي إلى نمو إجمالي الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.9 في المائة.

تأثير الصدمات الاقتصادية والديون

ومن جانب آخر، قالت غاتي عن عنوان التقرير «الصراع والديون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، إن الصراع يتداخل مع نقاط ضعف كبيرة في المنطقة مثل ارتفاع نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي. إذ شهدت معظم اقتصادات المنطقة على مدى العقد الماضي، زيادات في نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي. مع العلم أن الوباء أدى إلى تسريع تراكم الديون، حيث ارتفع الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي لدى الدول المستوردة للنفط في المنطقة من 81 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2013 إلى 88 في المائة في عام 2023. كما أن مستوى المديونية أعلى بكثير بالنسبة للبلدان المستوردة للنفط (في المتوسط 88 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023) في المنطقة، مقارنة بالبلدان المصدرة للنفط في المنطقة (في المتوسط 34 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023).

وشددت غاتي على أن شفافية الديون تعدُّ أمراً أساسياً بالنسبة للدول المستوردة للنفط، وأنه يجب إيلاء اهتمام كبير للنفقات من خارج الموازنة، والتي لا يتم تسجيلها في الرصيد المالي. وبالتالي، فإن أي تعديلات مالية من خلال الرصيد الأولي لمعالجة مدفوعات الفائدة المرتفعة قد لا تكون قادرة على معالجة أعباء الديون المتزايدة التي لا تنتج عن النفقات المدرجة في الموازنة، وخاصة بالنسبة للبلدان المستوردة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحسب غاتي.

أما بالنسبة للبلدان المصدرة للنفط، فإن التحدي الذي يواجهها يتمثل في تنويع الإيرادات الاقتصادية والمالية نظراً للتغير البنيوي في أسواق النفط العالمية والطلب المتزايد على مصادر الطاقة المتجددة.

وأوضحت غاتي أن حالة عدم اليقين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي كانت مرتفعة تاريخياً، مقارنة باقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية الأخرى، زادت بعد 7 أكتوبر (بدء الصراع بين إسرائيل و«حماس»)، ولا تزال أعلى مما هي عليه في اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية الأخرى.

وإذ أوضحت أن التقرير أعد على أساس افتراض عدم تصاعد الصراع، نبهت من عواقب طويلة المدى نتيجته. أضافت: «أظهرت الأبحاث أن مسار الديون بعد الصراع يختلف عما بعد الكوارث الأخرى. يزداد الدين بسبب أي نوع من الكوارث الطبيعية تقريباً، وينهار نمو الناتج المحلي الإجمالي في عام الكارثة. ومع ذلك، يتسارع النمو في السنوات التالية. بعد الصراع المسلح، تزداد الديون بشكل كبير كما هو الحال في أي كارثة. ومع ذلك، فإن النمو الاقتصادي لا ينتعش بعد الصراع، مما يعني أن تدخلات الحكومات بعد انتهاء القتال لا تؤدي بالضرورة إلى تحسين النمو الاقتصادي. وهذا يعني أن الديون هي نقطة ضعف موجودة مسبقاً يمكن أن تتفاقم إذا تصاعد الصراع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا».


مقالات ذات صلة

اجتماع حاسم لـ«الفيدرالي» تظلله تعقيدات الاقتراب من الانتخابات الرئاسية

الاقتصاد مقر الاحتياطي الفيدرالي (الموقع الرسمي للمصرف)

اجتماع حاسم لـ«الفيدرالي» تظلله تعقيدات الاقتراب من الانتخابات الرئاسية

يتوقع على نطاق واسع أن يبقي المسؤولون في الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة الرئيسية ثابتة عندما يجتمعون يوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد موظفو «أمازون» يحملون الطرود على عربات قبل وضعها في الشاحنات للتوزيع خلال الحدث السنوي للشركة (أ.ب)

الاقتصاد الأميركي يفوق المتوقع وينمو بـ2.8 % في الربع الثاني

نما الاقتصاد الأميركي بوتيرة أسرع من المتوقع في الربع الثاني، لكن التضخم تراجع، مما ترك توقعات خفض أسعار الفائدة في سبتمبر سليمة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد واحد من كل خمسة في أفريقيا يعاني من الجوع (فاو)

عدد الجياع في العالم يواصل ارتفاعه مع تفاقم الأزمات العالمية

نحو 733 مليون شخص واجهوا الجوع في العام الماضي، أي ما يعادل واحداً من كل أحد عشر شخصاً على مستوى العالم، وواحداً من كل خمسة في أفريقيا.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد رجل يقف بينما تستخدم شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين خلال مظاهرة مناهضة للحكومة بسبب الضرائب (رويترز)

كينيا تتوقع مراجعة صندوق النقد الدولي لخطتها الاقتصادية نهاية أغسطس

تتوقّع كينيا أن يراجع صندوق النقد الدولي خطتها المعدّلة للإصلاح المالي في نهاية أغسطس (آب)، بحسب ما كشف رئيس وزرائها.

«الشرق الأوسط» (نيروبي)
الاقتصاد وزيرة المالية الهندية تحمل مجلداً يحمل شعار حكومة الهند أثناء مغادرتها مكتبها لتقديم الموازنة في البرلمان (رويترز)

الهند: مودي ينفق المليارات على الوظائف وإرضاء الحلفاء الرئيسيين

كشفت الهند عن إنفاق مليارات الدولارات لخلق فرص عمل جديدة وإرضاء الشركاء الرئيسيين في الائتلاف في أول موازنة لحكومة ناريندرا مودي بعد انتكاسة الانتخابات.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)

في فصل جديد من المواجهة بين شبكة التواصل الاجتماعي الصينية «تيك توك» والحكومة الأميركية، قدمت وزارة العدل الأميركية الجمعة حججها إلى المحكمة الفيدرالية التي ستقرر ما إذا كان القانون الهادف إلى البيع القسري للتطبيق يتماشى مع الدستور أم لا.

واعتمد الكونغرس الأميركي في أبريل (نيسان)، قانوناً يجبر «بايتدانس»؛ الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك»، على بيعه لمستثمرين غير صينيين خلال 9 أشهر، وإلا تواجه خطر حظرها في الولايات المتحدة.

ويرى التطبيق أن هذا القانون ينتهك حرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي في التعديل الأول منه.

لكن الحكومة الأميركية تؤكد أن القانون يهدف إلى الاستجابة لمخاوف تتعلق بالأمن القومي، وليس إلى الحد من حرية التعبير، عادّة أن ليس بإمكان «بايتدانس» الاستفادة في هذه الحالة من الحماية التي ينص عليها التعديل الأول من الدستور.

ووفقاً للحجج التي قدمتها وزارة العدل الأميركية، تتعلق المخاوف بأن «بايتدانس» ملزمة على الاستجابة لطلبات السلطات الصينية في الوصول إلى بيانات المستخدمين الأميركيين، كما يمكن للتطبيق أيضاً فرض رقابة على محتوى معين على منصته أو تسليط الضوء على آخر.

وكتبت وزارة العدل في ملف حججها، أنه «نظراً لانتشار (تيك توك) الواسع في الولايات المتحدة، فإن قدرة الصين على استخدام ميزات (تيك توك) لتحقيق هدفها الأساسي المتمثل في الإضرار بالمصالح الأميركية يخلق تهديداً عميقاً وواسع النطاق للأمن القومي».

وذكر الملف أيضاً أن «تيك توك» يمنح بكين «الوسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي» من خلال جمع كميات كبيرة من البيانات الحساسة من المستخدمين الأميركيين واستخدام خوارزمية خاصة للتحكم في مقاطع الفيديو التي يشاهدها المستخدمون.

وأضافت وزارة العدل الأميركية «يمكن التحكم بهذه الخوارزمية يدوياً». وتابعت: «موقعها في الصين من شأنه أن يسمح للحكومة الصينية بالتحكم سراً في الخوارزمية - وبالتالي تشكيل المحتوى الذي يتلقاه المستخدمون الأميركيون سراً».

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

وردت الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك» السبت بالقول إن «الدستور إلى جانبنا».

وعدّت الشركة أن «حظر تيك توك من شأنه إسكات أصوات 170 مليون أميركي، في انتهاك للتعديل الأول للدستور»، في إشارة إلى مستخدميه بالولايات المتحدة.

وأضاف التطبيق: «كما قلنا في السابق، لم تقدم الحكومة أبداً دليلاً على تأكيداتها»، بما في ذلك أثناء اعتماد القانون.

ولكن أوضح مسؤول أميركي أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تشعر بالقلق بشأن إمكانية قيام بكين «باستخدام تطبيقات الهاتف الجوال سلاحاً».

وشدّد المسؤول على أن «الهدف من القانون هو ضمان أنه يمكن للصغار والمسنين على حد سواء، وكل (الفئات العمرية) بينهم، استخدام التطبيق بكل أمان، مع الثقة في أن بياناتهم ليست في متناول الحكومة الصينية أو أن ما يشاهدونه لم تقرره الحكومة الصينية».

ورأى مسؤول في وزارة العدل الأميركية أن «من الواضح أن الحكومة الصينية تسعى منذ سنوات إلى وضع يدها على كميات كبيرة من البيانات الأميركية بأي طرق ممكنة، بينها هجمات سيبرانية أو شراء بيانات عبر الإنترنت، وتدرِّب نماذج من الذكاء الاصطناعي لاستخدام هذه البيانات».

ويرى «تيك توك» أن طلب بيع التطبيق «مستحيل ببساطة»، خصوصاً خلال فترة زمنية محدد.

وجاء في الشكوى المقدمة من «تيك توك» و«بايتدانس»، أنه «لأول مرة في التاريخ، اعتمد الكونغرس تشريعاً يستهدف منصة واحدة لفرض حظره على مستوى البلاد ومنع كل أميركي من المشاركة في مجتمع عالمي واحد يضم أكثر من مليار شخص».

وأكدت «بايتدانس» أنها لا تنوي بيع «تيك توك»، معتمدة المسار القضائي وصولاً إلى المحكمة العليا الأميركية، باعتباره الرد الوحيد لمنع الحظر في 19 يناير (كانون الثاني) 2025.

وظل «تيك توك» لسنوات في مرمى السلطات الأميركية لوضع حد لاستخدامه في البلاد.

وفي عام 2020، نجح «تيك توك» في تعليق قرار بحظره أصدرته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من خلال طلب استئناف. وعلّق قاضٍ القرار مؤقتاً، عادّاً أن الأسباب المقدمة للحظر مبالغ فيها، وأن حرية التعبير مهددة.

لكن يهدف القانون الأميركي الجديد إلى التغلب على الصعوبات التي تمت مواجهتها سابقاً.

ويرى خبراء أن المحكمة العليا قد تأخذ في الحسبان حججاً تشير إلى إمكانية تهديد التطبيق للأمن القومي يقدمها مسؤولون في الولايات المتحدة.

ولكن من الصعب حالياً تصور إمكانية استحواذ طرف آخر على «تيك توك»، حتى لو كانت «بايتدانس» منفتحة على إمكانية بيعه، إذ لم يتقدم أحد بالفعل لشرائه.

وليس من السهل توفر طرف لديه أموال كافية للاستحواذ على تطبيق يضم 170 مليون مستخدم في الولايات المتحدة، وأكثر من مليار مستخدم في كل أنحاء العالم، في حين أن الشركات الرقمية العملاقة هي بلا شك الوحيدة التي تمتلك الإمكانات اللازمة للاستحواذ على التطبيق.