مشتريات الصين من الذهب تعزز ارتفاع أسعاره وتحطيمه أرقاماً قياسية

عززت احتياطياتها من المعدن الأصفر بعيداً عن الدولار وللتحوط ضد انخفاض العملة

ارتفع الطلب على المجوهرات الذهبية في الصين بنسبة 10 % (إ.ب.أ)
ارتفع الطلب على المجوهرات الذهبية في الصين بنسبة 10 % (إ.ب.أ)
TT

مشتريات الصين من الذهب تعزز ارتفاع أسعاره وتحطيمه أرقاماً قياسية

ارتفع الطلب على المجوهرات الذهبية في الصين بنسبة 10 % (إ.ب.أ)
ارتفع الطلب على المجوهرات الذهبية في الصين بنسبة 10 % (إ.ب.أ)

استحوذ صعود الذهب إلى أعلى مستوياته على الإطلاق فوق 2400 دولار للأوقية هذا العام، على اهتمام الأسواق العالمية. والصين، أكبر منتج ومستهلك للمعادن الثمينة في العالم، هي في مقدمة ومركز الصعود الاستثنائي.

إن التوترات الجيوسياسية المتفاقمة، بما في ذلك الحرب في الشرق الأوسط وأوكرانيا، واحتمال انخفاض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، كل هذا يعمل على تلميع صورة الذهب بوصفه استثماراً؛ لكن تحفيز الارتفاع يؤدي إلى طلب صيني لا يلين؛ حيث يتطلع المتسوقون الأفراد ومستثمرو الصناديق وتجار العقود الآجلة، وحتى البنك المركزي، إلى السبائك بوصفها مخزناً للقيمة في أوقات عدم اليقين، وفق «بلومبرغ».

أكبر مشترٍ

وتتنافس الصين والهند عادة على لقب أكبر مشترٍ في العالم؛ لكن هذا تغير في العام الماضي مع تضخم الاستهلاك الصيني للمجوهرات والسبائك والعملات المعدنية إلى مستويات قياسية. وارتفع الطلب على المجوهرات الذهبية في الصين بنسبة 10 في المائة، بينما انخفض الطلب في الهند بنسبة 6 في المائة. وفي الوقت نفسه، ارتفعت استثمارات الصين في السبائك والعملات المعدنية بنسبة 28 في المائة.

وعلى الرغم من أن الصين تستخرج ذهباً أكثر من أي دولة أخرى، فإنها لا تزال بحاجة إلى استيراد الكثير، والكميات تزداد. ففي العامين الماضيين؛ بلغ إجمالي المشتريات الخارجية أكثر من 2800 طن؛ أي نحو ثلث المخزونات التي يحتفظ بها بنك «الاحتياطي الفيدرالي».

ومع ذلك، تسارعت وتيرة الشحنات في الآونة الأخيرة. وارتفعت الواردات في الفترة التي سبقت العام القمري الجديد في الصين، وهو موسم الذروة للهدايا، وعلى مدى الشهرين الأولين من العام أعلى بنسبة 53 في المائة مما كانت عليه في عام 2023.

المصرف المركزي

ويواصل بنك «الشعب» الصيني موجة شراء لمدة 17 شهراً على التوالي، وهي أطول سلسلة من عمليات الشراء على الإطلاق؛ حيث يتطلع إلى تنويع احتياطياته بعيداً عن الدولار، والتحوط ضد انخفاض قيمة العملة.

إنه المشتري الأكثر حرصاً بين عدد من البنوك المركزية التي تفضل الذهب. واستحوذ القطاع الرسمي على مستويات شبه قياسية من المعدن الثمين العام الماضي، ومن المتوقع أن يحافظ على ارتفاع المشتريات في عام 2024.

ومن المؤشرات على جاذبية الذهب أن الطلب الصيني لا يزال مزدهراً للغاية، على الرغم من الأسعار القياسية وضعف اليوان الذي يحرم المشترين من القوة الشرائية.

وبوصفها مستورداً رئيسياً، غالباً ما يضطر مشتري الذهب في الصين إلى دفع علاوة على الأسعار الدولية، وقد قفز إلى 89 دولاراً للأوقية في بداية الشهر، وبلغ المتوسط خلال العام الماضي 35 دولاراً مقابل متوسط تاريخي قدره 7 دولارات فقط.

من المؤكد أن الأسعار المرتفعة من المرجح أن تخفف من بعض الحماس للسبائك؛ لكن السوق تثبت مرونتها على نحو غير عادي. وعادة ما يلجأ المستهلكون الصينيون إلى شراء الذهب عندما تنخفض الأسعار، مما ساعد على إنشاء أرضية للسوق خلال أوقات الضعف؛ لكن الأمر ليس كذلك هذه المرة؛ حيث تساعد شهية الصين في دعم الأسعار عند مستويات أعلى كثيراً.

وقال نيكوس كافاليس، العضو المنتدب في شركة «ميتالز فوكس» الاستشارية المحدودة، إن هذا يشير إلى أن الارتفاع مستدام، وأن مشتري الذهب في كل مكان يجب أن يشعروا بالارتياح بسبب الطلب المزدهر في الصين.

أما السلطات الصينية التي قد تكون معادية تماماً للمضاربات في السوق، فهي أقل تفاؤلاً. وحذرت وسائل الإعلام الحكومية المستثمرين من توخي الحذر في ملاحقة الارتفاع، في حين رفعت كل من بورصة شنغهاي للذهب وبورصة شنغهاي للعقود الآجلة متطلبات الهامش على بعض العقود، للقضاء على الإفراط في المخاطرة. وجاءت خطوة بورصة شنغهاي للعقود الآجلة في أعقاب ارتفاع أحجام التداول اليومية إلى أعلى مستوى لها منذ 5 سنوات.

تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة

الطريقة الأقل خطورة للاستثمار في الذهب هي من خلال الصناديق المتداولة في البورصة. وتدفقت الأموال إلى صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب بالصين القارية خلال كل شهر تقريباً منذ يونيو (حزيران)، وفقاً لـ«بلومبرغ إنتليجنس» ويقارن ذلك بالتدفقات الكبيرة إلى الخارج من صناديق الذهب في بقية أنحاء العالم.

وبلغ إجمالي تدفق الأموال 1.3 مليار دولار حتى الآن هذا العام، مقارنة بـ4 مليارات دولار من التدفقات الخارجة من الصناديق في الخارج. وتشكل القيود المفروضة على الاستثمار في الصين عاملاً مرة أخرى، نظراً لقلة الخيارات المتاحة للصينيين بخلاف العقارات والأسهم المحلية.


مقالات ذات صلة

ضبابية سياسات ترمب تعزز الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية

الاقتصاد سبائك من الذهب الخالص (رويترز)

ضبابية سياسات ترمب تعزز الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية

ارتفعت أسعار الذهب، يوم الثلاثاء، بدعم من حالة الضبابية المحيطة بخطط سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب وترقب المستثمرين لبيانات تضخم أميركية مهمة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سبائك ذهبية في خزائن الأمانات في دار الذهب «برو أوروم» في ميونيخ (رويترز)

الذهب يتراجع على وقع البيانات القوية للوظائف الأميركية

تراجعت أسعار الذهب يوم الاثنين وسط دعم تقرير أقوى من المتوقع عن الوظائف في الولايات المتحدة للدولار وللنهج الحذر لمجلس الاحتياطي الفيدرالي إزاء خفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع الآمنة في دار «برو أوروم» للذهب في ميونيخ (رويترز)

الذهب يسجل مكاسب ملحوظة مع تزايد المخاوف حول سياسات ترمب

ارتفعت أسعار الذهب يوم الجمعة مع تزايد حالة عدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، مما زاد من الطلب على السبائك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد امرأة تنظر إلى سوار ذهبي داخل صالة عرض مجوهرات في سوق في مومباي (أرشيفية - رويترز)

الذهب يتراجع وسط ترقب لتقرير الوظائف في أميركا

انخفضت أسعار الذهب، يوم الخميس، بفعل عمليات جني الأرباح بعد أن وصلت إلى أعلى مستوياتها في 4 أسابيع تقريباً في الجلسة الماضية.

الاقتصاد عرض قلادة ذهبية في صالة للمجوهرات بمناسبة «أكشايا تريتيا» في كولكاتا - الهند (رويترز)

الهند تخفض تقديرات واردات الذهب بـ5 مليارات دولار في نوفمبر

أظهرت بيانات حكومية، الأربعاء، أن الهند قد خفضت تقديراتها لواردات الذهب في نوفمبر (تشرين الثاني) بشكل غير مسبوق بمقدار خمسة مليارات دولار.

«الشرق الأوسط» (مومباي )

ارتفاع النفط وسط مؤشرات على انخفاض المخزونات الأميركية

أنابيب النفط في مزرعة خزانات النفط المركزية بالقرب من نيلاهوزيفيس بالتشيك (أ.ب)
أنابيب النفط في مزرعة خزانات النفط المركزية بالقرب من نيلاهوزيفيس بالتشيك (أ.ب)
TT

ارتفاع النفط وسط مؤشرات على انخفاض المخزونات الأميركية

أنابيب النفط في مزرعة خزانات النفط المركزية بالقرب من نيلاهوزيفيس بالتشيك (أ.ب)
أنابيب النفط في مزرعة خزانات النفط المركزية بالقرب من نيلاهوزيفيس بالتشيك (أ.ب)

ارتفعت أسعار النفط يوم الأربعاء مقلِّصة خسائرها من اليوم السابق، مع تحول التركيز مرة أخرى إلى الاضطرابات المحتملة في الإمدادات، بسبب العقوبات المفروضة على الناقلات الروسية، على الرغم من أن المكاسب كانت محدودة، مع انتظار السوق لمزيد من الوضوح بشأن تأثيرها.

وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 51 سنتاً، أو 0.6 في المائة، إلى 80.43 دولار للبرميل بحلول الساعة 07:35 بتوقيت غرينتش، بعد أن انخفضت 1.4 في المائة بالجلسة السابقة. وارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 64 سنتاً، أو 0.8 في المائة، إلى 78.14 دولار للبرميل، بعد انخفاض بنسبة 1.6 في المائة.

وكانت الأسعار قد انخفضت الثلاثاء، بعد أن توقعت إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن يتعرض النفط لضغوط على مدى العامين المقبلين، مع تجاوز العرض للطلب.

وقال استراتيجي السوق في «آي جي» ييب جون رونغ: «كان المحرك المهيمن هو العقوبات النفطية الروسية مؤخراً، بالإضافة إلى سلسلة من البيانات الاقتصادية الأميركية الأقوى». وأضاف: «السؤال الرئيس لا يزال قائماً حول مقدار الإمدادات الروسية التي ستفقد في السوق العالمية، وما إذا كانت التدابير البديلة قادرة على تعويض النقص»، لافتاً إلى أن النفط قد يتخلى في الأمد القريب عن بعض مكاسبه الحادة من الأسبوع الماضي.

كما وجدت السوق بعض الدعم يوم الأربعاء من انخفاض مخزونات الخام في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط في العالم، وفقاً لتقرير معهد البترول الأميركي في وقت متأخر من يوم الثلاثاء.

وقال محللون في «آي جي» إن أسعار النفط تتداول بشكل أكثر ثباتاً في التعاملات الصباحية المبكرة في آسيا اليوم، بعد أن أظهرت أرقام معهد البترول الأميركي أن مخزونات النفط الخام الأميركية انخفضت أكثر من المتوقع خلال الأسبوع الماضي.

وأضاف المحللون أنه في حين زادت مخزونات النفط الخام في مركز التخزين الرئيسي في البلاد (كوشينغ بولاية أوكلاهوما) بمقدار 600 ألف برميل، فإن المخزونات لا تزال منخفضة تاريخياً.

وكوشينغ هي موقع التسليم لعقود آجلة لخام غرب تكساس الوسيط.

وأفاد معهد البترول الأميركي بأن مخزونات النفط الخام الأميركية انخفضت بمقدار 2.6 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 10 يناير (كانون الثاني)، وفقاً لمصادر السوق، نقلاً عن أرقام معهد البترول الأميركي.

وأضاف أن مخزونات البنزين ارتفعت 5.4 مليون برميل، بينما ارتفعت مخزونات المقطرات 4.88 مليون برميل.

وأظهر استطلاع أجرته «رويترز» أن المحللين يتوقعون انخفاض مخزونات النفط الخام الأميركية بنحو مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 10 يناير. ومن المقرر أن تصدر بيانات المخزون من إدارة معلومات الطاقة، الذراع الإحصائية لوزارة الطاقة الأميركية، في وقت لاحق يوم الأربعاء.

وخفضت إدارة معلومات الطاقة الأميركية يوم الثلاثاء توقعاتها للطلب العالمي في عام 2025 إلى 104.1 مليون برميل يومياً، بينما تتوقع أن يبلغ متوسط ​​إمدادات النفط والوقود السائل 104.4 مليون برميل يومياً. وتوقعت أن تنخفض أسعار برنت بنسبة 8 في المائة إلى متوسط ​​74 دولاراً للبرميل في عام 2025، ثم تنخفض أكثر إلى 66 دولاراً للبرميل في عام 2026، في حين يبلغ متوسط ​​خام غرب تكساس الوسيط 70 دولاراً في عام 2025 ثم ينخفض ​​إلى 62 دولاراً العام المقبل.