لماذا أنشأت مصر جهازاً للأموال المُصادرة والمُستردة؟
وزير المالية المصري محمد معيط (مجلس الوزراء)
استحدثت مصر جهازاً جديداً بهدف «إدارة أصول الأموال المستردة والمصادرة»، ويتاح له «التعاقد مع جهات متخصصة لإدارة بعض الأصول»، الأمر الذي أثار تساؤلات بشأن اختصاصاته ومردود نشاطه.
وقال وزير المالية المصري محمد معيط، الأربعاء، عقب تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي على قانون «إنشاء جهاز إدارة والتصرف في الأموال المستردة والمتحفظ عليها»، إن الجهاز يحل محل كل من «الإدارة العامة للأموال المستردة بالهيئة العامة للخدمات الحكومية»، و«الإدارة المركزية لموارد وتعويضات الإصلاح الزراعي»، و«جهاز تصفية الحراسات»، في إطار «الإصلاحات الهيكلية الهادفة لتعزيز الحوكمة والشفافية والتنمية المستدامة في الأصول المملوكة للدولة، من أجل الإسهام الفعال في دعم جهود الاستقرار الاقتصادي والحفاظ على المسار الآمن، تحقيقاً للمستهدفات الاقتصادية، وتلبية الاحتياجات التنموية».
وأكد معيط في إفادة رسمية أن الجهاز الجديد يعد «كياناً تنظيمياً موحداً»، تؤول إليه حقوق والتزامات الإدارات ذات النشاط الشبيه، التي حل محلها، بما «يضمن الاستغلال الأمثل للأصول المملوكة للدولة ومواردها، وتعظيم العائد عليها، وإدارتها والتصرف فيها بشكل مؤسسي، على نحو يسهم في رفع كفاءة الإدارة الاقتصادية وتعظيم عوائد إدارة هذه الأصول، من خلال العمل على تنمية الأموال المستردة والمتحفظ عليها».
ووافق مجلس النواب «الغرفة الرئيسية للبرلمان» في يناير (كانون الثاني) الماضي على مشروع قدمته الحكومة بإنشاء الجهاز. ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور وائل النحاس، أن الجهاز الجديد «سيفض الاشتباك الذي يحدث بسبب تعدد الجهات الحكومية التي تذهب إليها هذه الأموال، ويزيد فرص تنمية واستثمار الأموال عبر شركات متخصصة».
وقال النحاس، لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك بنوكاً مصرية لديها خبرات ونجاحات في إدارة الأصول يمكن إشراكها في ذلك»، لافتاً إلى أن «مصادرة الأموال مصطلح يسبقه مصطلح آخر هو التحفظ عليها، ما يعني أن يختص الجهاز بنظر النزاعات حول هذه الأموال، مثل تلك التي يتم التحفظ عليها وفق قانون (الكيانات الإرهابية)، فالدولة تتحفظ على العديد من الأصول وتقوم بإدارتها في الوقت الراهن، منها مستشفيات ومدارس».
وأقر مجلس النواب في فبراير (شباط) 2020 تعديلات تشريعية على بعض مواد وأحكام القانون رقم 8 لسنة 2015 المتصل بتنظيم قوائم «الكيانات الإرهابية»، تضمنت «تجميد الأموال أو الأصول الأخرى المملوكة للكيان الإرهابي ولأعضائه، سواء بالكامل أو في صورة حصة في ملكية مشتركة، والعائدات المتولدة منها، أو التي يتحكم فيها بشكل مباشر أو غير مباشر، والأموال أو الأصول الخاصة بالأشخاص والكيانات التي تعمل من خلاله».
ووفق وزير المالية المصري، فإن قانون الجهاز المستحدث «يتيح التعاقد مع شركات أو جهات متخصصة في إدارة بعض الأصول التي تتطلب خبرة فنية غير متوفرة بالجهاز الجديد، وسيتم تشكيل لجنة برئاسة وزير المالية وعضوية ممثلين عن بعض الوزارات وجهات الدولة المختلفة وخبراء اقتصاديين وماليين لتتولي إدارة هذا الجهاز الجديد».
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده لـ«الشرق الأوسط»، إن «إسناد إدارة الأصول إلى جهات متخصصة سيساهم في تنمية ونجاح استثمارها عبر الاستعانة بالخبرات الاقتصادية والشركات العالمية المتخصصة، كما أن تجميع مسؤولية هذه الأموال في جهاز واحد يمنع الارتباك الاقتصادي».
وبحسب عبده، فإن «كل الأصول والأموال المصرية المصادرة أو المستردة ستدخل في نطاق صلاحيات الجهاز الجديد، وما زال لدى مصر أصول تاريخية في دول أخرى يمكن العمل على استردادها، منها أموال خاصة بأسرة محمد علي (مؤسس الأسرة العلوية) وأموال أوقاف خاصة بالأزهر، وكذلك الكنيسة».
حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.
تجري مصر محادثات مع شركات أميركية وأجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في تحول من الاعتماد على السوق الفورية الأكثر تكلفة.
بينما خفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي يدخل البنك المركزي المصري اجتماعه قبل الأخير في العام الحالي والأنظار تتجه نحو التضخم
الاستثمارات الأجنبية تتضاعف في السعودية... واستفادة 1200 مستثمر من «الإقامة المميزة»
المهندس خالد الفالح خلال كلمته الافتتاحية بمؤتمر الاستثمار العالمي في نسخته الثامنة والعشرين المنعقد بالرياض (الشرق الأوسط)
تمكنت السعودية من مضاعفة حجم الاستثمارات 3 أضعاف، والمستثمرين بواقع 10 مرات منذ إطلاق «رؤية 2030»، في حين بلغ عدد المستثمرين الدوليين الذين حصلوا على الإقامة المميزة في السعودية أكثر من 1200 مستثمر.
هذا ما أفصح عنه وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح، في كلمته مع انطلاق مؤتمر الاستثمار العالمي في نسخته الثامنة والعشرين المنعقد في الرياض، الاثنين، تحت رعاية ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز.
وأكد الفالح أن الإقامة المميزة تمثل أحد الممكنات المهمة لجذب الاستثمارات الأجنبية، إذ تيسر الإجراءات على المستثمرين وتعزز قدرتهم على الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة في المملكة، مما يعزز مكانتها وجهة عالمية جاذبة للاستثمار. وقال إن الحاصلين عليها يعاملون كما لو كانوا في بلدانهم الأصلية.
الفرص والمزايا
وأوضح أن هذه الخطوة تسهم في تمكين القطاع الاستثماري من خلال استقطاب وجذب المستثمرين في القطاعات الاقتصادية المختلفة بالمملكة، وتمكنهم من الاستفادة من الفرص والمزايا التنافسية التي تقدمها الإقامة المميزة، مؤكداً أن هذه الخطوة تعبير عملي لاستقطاب واستبقاء الاستثمارات للمساهمة في مستهدفات رؤية المملكة 2030 لتمكين الاقتصاد الوطني من خلال استحداث الوظائف، ونقل المعرفة للكوادر الوطنية وتبادل الخبرات.
ونوّه بمناخ الاستثمار في المملكة والتطور منذ إطلاق «رؤية 2030»، حيث تضاعفت التدفقات الاستثمارية الآن 3 مرات مقارنة بما قبل الرؤية، كما ارتفع الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة نفسها بنسبة 70 في المائة ليصل إلى 1.1 تريليون دولار، يأتي نصفه من القطاعات غير النفطية.
وتحدّث عن الفرص الكبيرة الموجودة للاستثمار في تطوير البنى التحتية الرقمية، وأن البحث العلمي محرك للنمو والاستثمار، محدداً حجم الاستثمار الحالي في الاستدامة ومشروعات الاقتصاد الدائري للكربون؛ كونها من أبرز التغيرات في الوقت الراهن.
المخاطر الجيوسياسية
ولفت إلى أن المخاطر الجيوسياسية ونقص الكوادر من أبرز التحديات أمام الاستثمار، وأن الجنوب العالمي قد يستقطب نصف التدفقات المالية في 2025.
وقال الفالح إن انعقاد مؤتمر الاستثمار العالمي، هذا العام، في الرياض، سيوفّر منصة تطرح فيها المملكة رؤيتها الاستراتيجية أمام شركائها من حضور المؤتمر، كما سيكون فرصة سانحةً لتسليط الضوء على مكانة وإمكانات البلاد بوصفها شريكاً موثوقاً به في الاستثمار والنمو الاقتصادي المستدام، مبيناً أن السعودية ترحب بقادة الاستثمار والمؤثرين فيه من جميع أنحاء العالم، لبناء شراكات من شأنها أن تعود بالنفع على الدولة، والعالم أجمع.
التنمية الاقتصادية
من ناحيتها، شددت العضو المنتدبة والرئيسة التنفيذية لـ«استثمر في الهند» ورئيسة منظمة «وايبا» نيفروتي راي، على أهمية التعاون الدولي في تحقيق التحول الرقمي والنمو المستدام، مشيرة إلى «رؤية 2030» التي تُعد نموذجاً يُحتذى به لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وذلك من خلال التركيز على التكنولوجيا والتعليم، إلى جانب تعزيز قطاع السياحة.
واستطردت: «العالم استهلك نحو 2.5 تريليون طن متري من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وما تبقى للاستهلاك المستدام يتراوح بين 500 و700 مليار طن متري فقط، وهذا التحدي الهائل يتطلب من دول مثل السعودية والهند وغيرهما قيادة الابتكار لتحقيق استدامة بيئية من خلال مصادر الطاقة المتجددة مثل: الطاقة الشمسية، والرياح، والهيدروجين الأخضر».
وأشارت إلى التزام المملكة بالابتكار في مجالات الطاقة والمياه، موضحةً أنّ التقنية والبنية التحتية هما المدخل الأساسي للنمو.
التحول الرقمي
وبينت راي أنّ دول «وايبا»، التي تضم 110 أعضاء، تقوم بدور رئيس في مواجهة التحديات العالمية من خلال الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والبيانات، مفيدةً بأنّ الالتزام بتطوير إطار عمل عالمي للذكاء الاصطناعي يعزز الصحة والطاقة ويحسن جودة الحياة.
واختتمت كلمتها خلال المؤتمر بالحديث عن مشروعات المملكة الكبرى، مثل مشروع «نيوم»، واصفة إياه بأنه «حلم يتحقق» ومثال على كيفية دمج التكنولوجيا والاستدامة لتحقيق جودة حياة استثنائية، مؤكدةً أنّ التعاون بين الدول الأعضاء في «وايبا» سيسهم في تحقيق رؤية مشتركة للنمو المستدام والتحول الرقمي، مما يفتح آفاقاً جديدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وفي جلسة حوارية على هامش المؤتمر، كشف وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي فيصل الإبراهيم، عن وصول نسبة الاستثمار ورأس المال الثابت إلى 25 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وأن هناك حاجة لمواصلة دعم النمو المستدام والابتكار في القطاعات غير النفطية.
وأوضح الإبراهيم، خلال جلسة حوارية بعنوان «تحدي الجاذبية: الدور المتغير للاقتصادات الناشئة في الاقتصاد العالمي والبيئة الاستثمارية»، أن «رؤية 2030» بدأت تؤتي ثمارها بشكل ملموس، حيث تمكنت المملكة من استكشاف إمكانات كبيرة لم تكن مستغَلة من قبل في مختلف القطاعات.
تنويع مصادر الدخل
وتابع الإبراهيم أن بداية تنفيذ الرؤية كانت حاسمة وسريعة، إذ تمكنت من تحديد مسارات واضحة للنمو، لكنها تتطلب استمرار العمل والابتكار في المستقبل.
وتعمل المملكة على فتح قطاعات جديدة مثل التعدين، والسياحة، والثقافة، والرياضة، والترفيه، ما يعكس رؤيتها في تعزيز تنوع مصادر الدخل الوطني، وأن قطاع السياحة أسهم بشكل كبير في تعزيز النمو غير النفط، بحسب الإبراهيم.
وشرح أن المملكة تعمل على تبنّي تقنيات جديدة في قطاعات الطاقة المتجددة، والهيدروجين الأخضر، والصناعات الدفاعية، والتعليم، والرعاية الصحية؛ بهدف تحقيق التميز والابتكار في هذه المجالات.
وأضاف أن بلاده تنتقل من الطاقة التقليدية إلى مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة، وتسعى لإحداث تحول كبير في مختلف القطاعات، بما يخدم المصالح الوطنية ويرسخ مكانة البلاد عالمياً.
وشدد وزير الاقتصاد على أهمية التعاون مع الشركاء الدوليين للوصول إلى أسواق جديدة، وتعزيز قدرة المملكة على المنافسة عالمياً من خلال الابتكار المستمر، مؤكداً أن الرياض أصبحت منصة أساسية للدول الراغبة في الوصول إلى أسواق جديدة، بما يعزز استقرار النمو العالمي.
الاستثمارات السعودية - المصرية
وفي الجلسة نفسها، أكد وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري المهندس حسن الخطيب، أن التعاون مع المملكة، إلى جانب تبني سياسات مدروسة، سيُسهم في التركيز على القطاعات الواعدة وتطبيق السياسات المناسبة لجذب المستثمرين، بما في ذلك تعزيز استثمارات الرياض في القاهرة، مفيداً بأن هذه السياسات ستدعم جهود بلاده في التقدم بخطى ثابتة نحو تهيئة بيئة جاذبة للاستثمار.
وتابع أن الاتفاقيات متعددة الأطراف تُعد عنصراً أساسياً في الاستراتيجية المستقبلية لمصر، حيث تشكل جزءاً محورياً من خططها طويلة المدى، مؤكداً أن التركيز على التكنولوجيا والتحول الأخضر يمثل ركيزة مهمة لدعم أهداف التنمية في مصر خلال السنوات المقبلة.
وبحسب المهندس الخطيب، فإن مصر تُعد بيئة مثالية لنمو وازدهار القطاع الخاص، وأن الدولة تسعى لزيادة مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي لتصل إلى نسبة تتراوح بين 6 و7 في المائة.
الأسواق الأوروبية
بينما ذكر نائب وزير الخارجية للدبلوماسية الاقتصادية والانفتاح اليوناني كوستاس فراغكوجيانيس، أن بلاده تعمل على جذب الاستثمارات، مع وضع قطاع الغاز في الحسبان لوصولها إلى الأسواق الأوروبية، كاشفاً عن وجود نقاشات مع السعودية وبعض الدول للاستثمار في قطاع الغاز.
وتُنظم منصة «استثمر في السعودية»، مؤتمر الاستثمار العالمي في نسخته الثامنة والعشرين، على مدى 3 أيام من 25 إلى 27 من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، بالشراكة مع الرابطة العالمية لوكالات ترويج الاستثمار «دبليو إيه آي بي إيه».
وتلتقي في هذا الحدث البارز الذي يركز على تسخير التحول الرقمي والنمو المستدام عن طريق توسيع فرص الاستثمار، نخبة من أبرز الشخصيات العالمية من القطاعين الحكومي والخاص، ومن كبار المستثمرين، وممثلي المنظمات والهيئات الدولية، والجهات ذات العلاقة بتنمية وتنويع وتعزيز الاستثمار.