الدول الأوروبية المؤيدة للطاقة النووية تسعى إلى خطة لتطويرها

صورة لمفاعل نووي في بوتي - كو بفرنسا 9 ديسمبر 2022 (رويترز)
صورة لمفاعل نووي في بوتي - كو بفرنسا 9 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

الدول الأوروبية المؤيدة للطاقة النووية تسعى إلى خطة لتطويرها

صورة لمفاعل نووي في بوتي - كو بفرنسا 9 ديسمبر 2022 (رويترز)
صورة لمفاعل نووي في بوتي - كو بفرنسا 9 ديسمبر 2022 (رويترز)

اجتمع في باريس اليوم (الثلاثاء)، خمسة عشر ممثلاً لدول أوروبية مؤيدة للطاقة النووية من أجل وضع «خريطة طريق» لتطويرها، لتكرس بذلك نفسها رأس حربة أوروبية للطاقة الذرية.

ووفق وكالة الصحافة الفرنسية، يتعلق الأمر بتحديد دور «الطاقة النووية في تحقيق أهدافنا المتعلقة بحياد الكربون في غضون السنوات الثلاثين المقبلة»، كما صرحت وزيرة انتقال الطاقة الفرنسية أنييس بانييه - روناشر، فيما من المقرر أن تصوت الجمعية الوطنية (البرلمان) بالتوازي نهائياً الثلاثاء على مشروع قانون إحياء الطاقة النووية في فرنسا.

ودُعي ممثلو 16 دولة - هي بلجيكا وبلغاريا وكرواتيا وتشيكيا وإستونيا وفنلندا وفرنسا والمجر وهولندا وبولندا ورومانيا وسلوفينيا، فضلاً على السويد وسلوفاكيا وإيطاليا (بصفة مراقب) والمملكة المتحدة «كضيف خاص» - لتعرض خبرتها في هذا المجال.

وأشارت الوزيرة إلى أن «هذا الاجتماع أظهر أنه يمكننا، إذا قمنا بتجميع كل المشاريع... الوصول إلى 150 غيغاوات من الطاقة النووية في عام 2050»، مقابل 100 الآن.

وأوضحت الوزيرة أن هذا الرقم هو نتيجة «تجميع المشروعات المختلفة»، و«ما يمكن أن يمثله مجرد الحفاظ على حصة الطاقة النووية في مزيج الكهرباء الأوروبي (25 بالمائة)»، وسيسمح ذلك بإيجاد «450 ألف فرصة عمل إضافية في أوروبا».

ونددت منظمة «غرينبيس» غير الحكومية التي تظاهر بعض نشطائها أمام الوزارة بـ«تحويل المناخ»، مؤكدة أنه بالنظر إلى الوقت اللازم لبناء مفاعلات، فإن الطاقة النووية «ستتجاوز المهلة من أجل الاستجابة لأزمة المناخ والطاقة».

وشددت على أن «بناء الطاقة النووية هو أمر بطيء للغاية، وعرضة لتأثيرات تغير المناخ».

وأوضحت المنظمة غير الحكومية: «في حين أن السنوات القليلة المقبلة ستكون حاسمة لوضع أوروبا على المسار المناخي الصحيح، فلن يكون أي من المفاعلات النووية الأوروبية المضغوطة التي أعلنت عنها الحكومة الفرنسية جاهزة قبل خمسة عشر عاماً على أفضل تقدير».

يتزامن اجتماع التحالف النووي هذا مع بدء دول التكتل الأوروبي مفاوضاتها حول مشروع قانون يهدف إلى تشجيع تطوير التقنيات الخضراء في الاتحاد الأوروبي، رداً على «قانون خفض التضخم» الأميركي، وهي خطة استثمارات هائلة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة.

*صفر نفايات

يقدم مشروع «اللوائح الخاصة بصناعة خالية من الانبعاثات» لغازات الدفيئة الذي اقترحته المفوضية الأوروبية في منتصف مارس (آذار)، تسهيلات تنظيمية كثيرة، بالإضافة إلى تبسيط لمساعدات الدولة.

ويشير إلى الطاقة النووية من بين وسائل إزالة الكربون من الاقتصاد، ما يشكل انتصاراً سياسياً لفرنسا والدول المؤيدة للطاقة الذرية في الاتحاد الأوروبي.

لكن من الناحية العملية، يتعلق الأمر بمفاعلات الجيل الرابع فقط، وهي غير موجودة بعد، ومن المنتظر أن تجعل من الممكن تقليل النفايات إلى الصفر تقريباً، والمفاعلات المعيارية الصغيرة، وهي قيد التطوير أيضاً، ومواد مستقبلية قابلة للاحتراق. وهو نطاق ضيق من المرجح أن يرضي المعسكر المناهض للطاقة النووية وعلى رأسه ألمانيا.

وأعربت بانييه - روناشر الثلاثاء عن رغبتها في أن تساعد المحادثات بين المؤيدين للطاقة النووية «في التوصل إلى إجماع داخل مجلس الطاقة الأوروبي لدمج الطاقة النووية بشكل كامل في خطة الاتحاد حول الطاقة».

هذا الاجتماع هو الثالث للتحالف الذي تشكل للدفاع عن دور الطاقة النووية في إزالة الكربون من الاقتصاد. وللمرة الأولى، لم يُعقد على هامش مجلس الطاقة الأوروبي، ولكن بشكل مستقل.

وأكد المجتمعون في بيان مشترك «ضرورة ضمان استمرار أوروبا في تقليص اعتمادها على الواردات الروسية»، خصوصاً ما يتعلق بالوقود النووي.

وأشارت الوزيرة إلى أنه من خلال إشراك المملكة المتحدة «سنكون مستقلين في القطاع النووي بأكثر من 90 في المائة، ولا توجد أي طاقة أخرى تتمتع بها بهذا المستوى من الاستقلال».

وفي ما يتعلق بالدول التي توجد على أراضيها محطات طاقة روسية، رأت الوزيرة أنها تحتاج إلى «نحو عشر سنوات» للتخلي عن الاعتماد على الوقود الروسي.


مقالات ذات صلة

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

تسعى روسيا إلى تصعيد التهديد النووي، في محاولة لتثبيط الدعم الغربي لأوكرانيا بانتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض، آملة التوصل إلى اتفاق سلام بشروطها.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري «أتاكمز» صاروخ موجَّه بعيد المدى يبلغ مداه نحو 300 كيلومتر (رويترز)

تحليل إخباري تحليل: صواريخ أتاكمز التي تطلقها أوكرانيا على روسيا ستنفجر في وجه أميركا

دخلت الحرب الروسية الأوكرانية مرحلة بالغة الخطورة من بعد استخدام كييف للصواريخ بعيدة المدى التي حصلت عليها من أميركا وبريطانيا لضرب أهداف في العمق الروسي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا أعمال تنفيذ محطة الضبعة النووية (هيئة المحطات النووية المصرية)

مصر وروسيا لتسريع العمل بمحطة «الضبعة» النووية

بحث مسؤولون من مصر وروسيا، الثلاثاء، في القاهرة، سبل تسريع إجراءات تنفيذ مشروع محطة «الضبعة» النووية، الذي تقيمه الحكومة المصرية بالتعاون مع روسيا.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شؤون إقليمية صورة عامة لمفاعل بوشهر النووي في إيران، على بعد 1200 كيلومتر جنوب طهران، 21 أغسطس 2010 (رويترز)

عرض إيراني مشروط لعدم التوسع في إنتاج اليورانيوم المخصب

أعلنت الأمم المتحدة أن إيران زادت مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى ما يقترب من مستويات تصلح للاستخدام في صنع الأسلحة.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
العالم جانب من إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً عابراً للقارات من طراز «هواسونغ 18» في 18 ديسمبر 2023 (رويترز)

خبراء: تجربة كوريا الشمالية الباليستية تشير إلى احتمال القدرة على استهداف البر الأميركي

يدل إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً عابراً للقارات، اليوم (الخميس)، على تقدم محتمل في قدرتها على إطلاق هجمات نووية يمكن أن تصل إلى البر الأميركي.

«الشرق الأوسط» (سيول)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».