من المسؤول عن الحرب الباردة الجديدة؟

محرر «ذي صنداي تايمز» البريطانية في قراءة مغايرة للعلاقة بين روسيا والغرب

«من أضاع روسيا؟»  - المؤلف: بيتر كونرادي - الناشر: وون وورلد، لندن، 2017
«من أضاع روسيا؟» - المؤلف: بيتر كونرادي - الناشر: وون وورلد، لندن، 2017
TT

من المسؤول عن الحرب الباردة الجديدة؟

«من أضاع روسيا؟»  - المؤلف: بيتر كونرادي - الناشر: وون وورلد، لندن، 2017
«من أضاع روسيا؟» - المؤلف: بيتر كونرادي - الناشر: وون وورلد، لندن، 2017

لا يبدو اختيار بيتر كونرادي، محرر الدوليّات لدى صحيفة «ذي صنداي تايمز» البريطانيّة، مراسل «رويترز» في موسكو عدة سنوات، للعنوان الرئيس الذي وضعه على كتابه الصادر حديثاً «من أضاع روسيا؟»، عن دار «وون وورلد)» موفقاً، أقله مقارنة بالعنوان الفرعي «كيف دخل العالم في حرب باردة جديدة؟». فـ«من أضاع روسيا؟» يشي بنظرة مركزيّة غربيّة، تتعامل مع كيان شديد التعقيد، وأكبر دول العالم مساحة، وإحدى أهم الأمم في تاريخ البشريّة المعاصر، وكأنها شيء يمكن إضاعته، أو أنها مجرد موضوع للفعل، وضحيّة سلبيّة لسياسات غربيّة جانبها الصّواب.
لكن إذا غفرنا للكاتب، وتجاوزنا العنوان إلى المضمون، فلا شك أنه يقدم صورة عامة تتسم بالشمول والتوازن - النسبي - عن كيفية تحول العلاقات بين الغرب وروسيا لتكون أشبه بحرب باردة جديدة، رغم زوال خطر الشيوعيّة، وسقوط الاتحاد السوفياتي، وتحوّل جمهوريّة روسيا الاتحاديّة إلى دولة رأسماليّة ذات نظام على النمط الغربيّ.
يبدأ كونرادي كتابه من أيام «بيروسترويكا» ميخائيل غورباتشوف، التي شهدت انفراط عقد الأنظمة الشيوعيّة في أوروبا الشرقيّة (1989)، وانتهاء الاتحاد السوفياتي نفسه (1991)، وما تلاها من فوضى التسعينات في عهد بوريس يلتسين، أول رئيس لروسيا المعاصرة.
نظريّة كونرادي في سرديته التاريخيّة هي أن مناخ الحرب الباردة المتجدد، الذي استيقظ العالم عليه في القرن الحادي والعشرين، لم يطلقه الرئيس بوتين تحديداً، وإنما تعود جذوره إلى إدارة الغرب الفاشلة للعلاقة مع روسيا في تلك المرحلة. ويصف كونرادي بتفصيل الأزمة الاقتصاديّة العنيفة التي ضربت روسيّا وقتها، فأفقرت ملايين المواطنين، بينما رفعت إلى قمم ثراء غير مسبوق مجموعة رجال جشعين سرقوا مقدرات الدولة، وحولوها إلى أملاك خاصة، وتحالفت فيما بينها لتشكل منظومة حكم أوليغاركيّة مغلقة عليهم، بينما كان الغرب وقتها منتشياً يحتفل بالنصر، ويطلق حملة لتوسيع حلف شمال الأطلسي نحو عتبات موسكو، ويثني على رجال العصابات الذين نهبوا روسيا، ويكتفي بمجرد تقديم مساهمات مالية تافهة للتخفيف من معاناة المواطنين الروس العاديين، مرفقة بجعجعة إعلامية فارغة.
يلقي كونرادي الضوء على الفساد المستشري في أعلى مستويات النخبة الحاكمة الجديدة بروسيا في تلك المرحلة، تلك النخبة التي أوصلت رئيساً عديم الكفاءة مثل بوريس يلتسين لمنصب الرئيس، مقابل حصص سخية من صناعات الدولة العظمى السابقة بيعت لهم بأثمان بخسة، بينما كانت إدارة الرئيس كلينتون تصف ما يحدث بأنه «انتصار حاسم للديمقراطية»، وتسمي سياسات عمليات النهب الممنهج بأنها «إصلاحات للسوق الروسية، وإعادة تأهيل لها».
يقول كونرادي في معرض تدليله على نوعية الحكم الروسي الجديد - الذي كان يحظى بتقريظ الغرب - إن رجال الأمن الأميركيين الموكلين بحماية الرئيس يلتسين، إبان إحدى زياراته للولايات المتحدة، فوجئوا به سكراناً لا يرتدي سوى ملابسه الداخلية وهو يحاول أن يستقل سيارة أجرة إلى محل بيتزا قريب من البيت الأبيض.
لقد كان الغرب وقتها يعتبر يلتسين وزمرته ضمانة لمواجهة بقايا المتشددين الروس في الحزب الشيوعي الروسي، الذين كانت تزداد شعبيتهم على نحو مضطرد مع ازدياد معاناة المواطنين الروس العاديين، وإحساسهم المرير بالإهانة من سياسات الغرب المتسمة بالصلف تجاه بلادهم.
ويعتبر الكاتب هذه المرحلة بمثابة التأسيس لروسيا الرأسمالية الحالية، تحت حكم الرئيس فلاديمير بوتين، التي كرست خلال عقدين تقريباً شكلاً أكثر استقراراً من مرحلة يلتسين بالتأكيد، لكنه امتداد لتحكم الأليغاركيّة - في جناحها الشوفيني هذه المرّة - مع قبضة حديديّة على السلطة، وتشدد أكبر فيما ذهبت إليه قيادات المؤسسة العسكريّة الروسيّة في عهد يلتسين من التململ والامتعاض تجاه توسع «الناتو»، شرقاً باتجاه الحدود مع روسيا، وهو الأمر الذي اعتبرته إدارة الرئيس كلينتون وقتها أمراً «سخيفاً»، ولا يستحق كبير اهتمام، ورفضت بعناد كل توسلات يلتسين للتخفيف حتى من علانيته على الأقل.
وينبه كونرادي كذلك إلى أن سياسات بوتين للدفاع عن مناطق النفوذ التاريخي لروسيا في آسيا الوسطى وأوكرانيا ليست جديدة بدورها، ويدلل على ذلك بأن عدة مسؤولين من الليبراليين الموالين ليلتسين أبلغوا نظراءهم الأميركيين في مناسبات عدّة بأن تلك المناطق خطوط حمراء، بل ونقل عن سفير يلتسين لدى واشنطن نصيحته لستروب تالبوت - كبير خبراء الشأن الروسي في إدارة كلينتون - باعتبار العلاقة بين روسيا وأوكرانيا كما لو أنها تلك العلاقة «المتداخلة» بين نيويورك ونيوجيرسي.
النقطة الهامة الأخرى التي يذكرنا بها كونرادي هي أن روسيا بوتين التزمت بنوع من الانخراط الإيجابي في العلاقة مع الغرب، سواء في الاجتماعات الأولى لبوتين مع الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير، وحتى مع الأمين العام لحلف «الناتو»، جورج روبرستون.
وتذكر الوثائق من تلك الفترة أن الخطاب الرسمي الروسي كان يعتبر روسيا جزءاً من الغرب، لدرجة أن الرئيس بوتين فاجأ مستمعيه في أحد الاجتماعات بدعوته لضم روسيا إلى حلف الناتو، وقد كان شخصياً من أوائل المتصلين بالبيت الأبيض تضامناً بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، ووفر فعلياً مساندة لوجيستية مهمة للقوات الأميركيّة في حربها لإسقاط حكم «طالبان» في أفغانستان.
ماذا كان رد الغرب على مبادرات روسيا - بوتين الإيجابية تلك؟ لم يكتف الرئيس بوش وقتها بالتخلي عن معاهدة 1972 المشتركة للحد من الأسلحة الاستراتيجية، ولا بتجاهل روسيا التام في غزو العراق، ولا حتى بضم دول البلطيق الثلاث المجاورة لروسيا إلى حلف الناتو. لا، بل اندفعت المنظمات الأميركيّة والأوروبيّة إلى دعم مباشر وغير مباشر للثورات الملونة داخل حزام نفوذ روسيا الداخلي، في جورجيا، وبعدها أوكرانيا، مترافقة مع تصفيق عواصم الغرب الصريح.
كانت الثورات الملونة تلك، وفق وصف كونرادي، بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير في علاقة روسيا الجديدة بالغرب. لقد اعتبر بوتين أن دعم الغرب لتلك الحراكات بمثابة طعنة في قلب روسيا، تحت غطاءات من الشعارات الفارغة عن نشر الديمقراطيّة، واحترام حقوق الإنسان. ولذا، عندما اتهم بوتين - في خطاب له عام 2007 - الولايات المتحدة بمحاولة فرض قيمها الخاصة على العالم، ونشر عدم الاستقرار والقلاقل، ارتفعت شعبيته بشكل غير مسبوق في روسيا، واعتبره كثير من مواطنيه بمثابة استعادة لروح الأمة الروسية، بعد عقد تسعينات يلتسين المتخم بالإهانة والذّل وخيبات الأمل.
تدفقت على روسيا في العقد الأول من القرن الحالي مداخيل هائلة، نتيجة ارتفاع أسعار النفط والغاز حينها، وقد وجهت بعض هذه المداخيل لتطوير الصناعات العسكريّة الروسيّة، وتحسين كفاءة الجيش، الأمر الذي أعطى السلطة الروسيّة الثقة للشروع في مواجهات حاسمة مع الغرب، سواء بسحق الجيش الجورجي عام 2008، وبعدها في المواجهة مع أوكرانيا، ومن ثم ضم شبه جزيرة القرم، ولاحقاً التدخل المباشر في سوريا.
ووفق المشهد الكلي الذي ذهب في رسمه كونرادي، لا تساعد السياسات الغربيّة المستمرة في عدوانيتها تجاه روسيا سوى على مزيد من استعداء الأمة الروسيّة - الفخورة رغم كل شيء - وهو لا يرى في العقوبات الاقتصاديّة التي فرضت عليها بعد ضم القرم، والجدل اللاحق بتدخل مفترض لها في الانتخابات الأميركيّة، إلا تصعيداً في شعبيّة السياسات الروسيّة المعادية للغرب، وتكريساً لهيمنة الأوليغاركيّة الحاكمة على السلطة في روسيا.
كتاب كونرادي ليس تبرئة تامة لبوتين من إشعال نار العداوة مع الغرب، لكنه يضع النقاط على الحروف بشأن السياسات قصيرة النظر الغالبة في تعامل العواصم الغربية مع موسكو. لقد أضاعت حكومات الغرب المتعاقبة، كما يرى، فرصة استيعاب روسيا إيجابياً بسبب من سوء التقدير والعمى الآيديولوجي، والحاجة الدائمة لإنتاج أعداء خارجيين في مواجهة الداخل غير المستقر، وهي لا تبدو في وارد تغيير نهجها ذلك في أي مدى منظور.



«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
TT

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة من خلال حديث مطول أدلى به لمحرر المذكرات ومؤلف الكتاب الصحافي سيد محمود سلام. ورغم أن حديث الذكريات هنا يشمل محطات مختلفة، فإن الكتاب يركز بشكل خاص على مرحلة النشأة والطفولة وما اكتنفها من اكتشاف الفنان في سنوات التكوين الأولى لعالم الأدب وخصوصية مدينته بورسعيد، مسقط رأسه.

ويشير محمود ياسين إلى أن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر، وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها. ويرى أنه كان طفلاً محظوظاً لأنه نشأ في أسرة تعد الثقافة جزءاً مهماً من تكوين أبنائها، وكان ترتيبه السادس بين أشقائه العشرة، وقد تأثر في طفولته بشقيقه الأكبر فاروق: «إذ فتح عيني على شيء اسمه الكتاب بمعناه الواسع. كان يتسلم الكتب ويذهب إلى المدرسة، لكن فاروق كانت له في البيت مكتبة خاصة عبارة عن خزانة كبيرة في الحائط صُممت على الطراز الفرنسي تضع فيها الوالدة الفخار وقطع الخزف الصيني وكؤوس الزجاج وأشياءها الخاصة، فصنع منها مكتبة بعرض الحائط بعد أن أقنعها بذلك حيث كانوا يقطنون في فيلا من دورين تابعة لشركة قناة السويس التي كان يعمل بها والده، وعاشوا فيها ما يزيد على 25 عاماً».

ظل فاروق يشتري الكتب باستمرار مثل سلسلة «اقرأ» التي كانت تصدر ملخصات لعيون الأدب العربي والعالمي والسير الذاتية مثل السيرة الذاتية لطه حسين ودوستويفسكي ومكسيم غوركي وأنطون تشيخوف، فضلاً عن عيون الأدب الفرنسي مثل مؤلفات غي دي موباسان. كانت السلسلة تصدر كتيبات لكل كتّاب ومفكّري العالم، فالتراث الإنساني كله أنتجته سلسلة «اقرأ»، وقد جمعه فاروق في مكتبته وأيضاً سلسلة أخرى بعنوان «كتابي» جمعها أيضاً في المكتبة.

قرأ محمود ياسين في صغره معظم دواوين الشعراء العرب وعبقريات العقاد في مكتبة شقيقه، فضلاً عن كتب سلسلة «الكتاب الذهبي» التي تعرّف فيها على محمد عبد الحليم عبد الله ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ويوسف السباعي. كما كان الشقيق الأكبر فاروق شغوفاً باقتناء الكتب والمطبوعات الثقافية مثل مجلة «الهلال» حتى إنه يشتري الكتب بمصروفه الشخصي المحدود. ولم يكن الطفل محمود يشغل نفسه بشراء الكتب، لكن يده بدأت تمتد إلى مكتبة شقيقه، فغضب بشدة من استعارته كتبه؛ وذلك خوفاً من ألا تلقى الاحترام ذاته الذي تلقاه عنده تلك المكتبة التي كوّنها واشتراها من مصروفه. لكن عندما اطمأن لشقيقه، بدأ يشجعه مع بعض النصائح خوفاً على هذه الكتب. وبدأ الشقيق الأصغر في متابعة المسرحيات المترجمة بشكل خاص، لا سيما أعمال وليام شكسبير وهو ما أثار دهشة وإعجاب فاروق حين رأى شقيقه لا يفوّت نصاً للكاتب العالمي، سواء في سلسلة «كتابي» أو نظيرتها «اقرأ».

ويشير محمود ياسين إلى أن أبناء بورسعيد يتشابهون في ملامحهم وتكوينهم؛ لأن هذه المدينة تترك بصماتها على أبنائها، فهي بلد مفتوح على الدنيا ويُطل على أوروبا، فهناك شاطئ بحر وفي الأفق عالم آخر يجب أن تحلم به. إنها مدينة وسط جزر من المياه، فتأثر بهذه الخصوصية الجغرافية وما أكسبته لسكانها من حس حضاري لافت.

يقول محمود ياسين في مذكراته إن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها.

امتزجت شخصية محمود ياسين بالبحر المتوسط الذي تطل عليه مدينته، فهو مثله تراه شديد الهدوء تارة، شديد الصخب تارة أخرى. يقول: «إن أخلاقي كأخلاق البحر وطبيعتي تشبهه، فأنا في شهري سبتمبر وأكتوبر أكون هادئاً هدوءاً غريباً وعندما تنظر إليّ تشاهد ما في أعماقي، وإذا تحدثت إليّ يمكنك أن تكتشف كل شيء. أما الشخص الصاخب العصبي فهو أيضاً أنا ولكن في شهر يناير، وكذلك البحر بـ(نواته) وأمواجه المتلاطمة. لا أحب شهر يناير، قد يكون لأنه بداية عام لا أعلم ما يخبئه، وحين راقبت نفسي وجدت أنني في مواسم أكون هادئاً وأخرى أكون صاخباً وهذا هو حال البحر».

كانت حياة الصبي محمود ياسين قبل التمثيل غير مستقرة، كأنه يبحث عن شيء يسعده. كان يراقب شقيقه فاروق، الممثل العظيم بقصور الثقافة، وتعلم منه كيف يحب الريحاني. يشاهده فيشعر بأنه يمتلك عالم التمثيل بين عينيه، نظراته، تأمله، صوته حتى وهو يغني بصوتٍ أجش تستسيغ غناءه من هذه الحالة التي لاحظها وتأثر بها. أحبَّ التمثيل وشعر بأنه الشيء الذي يبحث عنه، إنه عالمه المفقود، به ستكتمل حياته.

اللافت أن التمثيل منذ البدايات الأولى بالنسبة لمحمود ياسين «حالة»، إنه بمثابة «عفريت» يتجسد في الشخص المحب له، فكان يسعد بالمشاهد التي يمثلها في نادٍ يسمى «نادي المريخ» ببورسعيد وهو طفل. وكوّن هو وزملاؤه فرقة مسرحية، مع عباس أحمد الذي عُرف بأشهر مخرجي الثقافة الجماهيرية، وله باع طويل وأثر في حياته كصديق ورفيق رحلة كفاح، هو والسيد طليب، وكانا أقرب صديقين له، سواء على مستوى هواية التمثيل أو الحياة.

ويروي كيف كان يقدم مسرحية على خشبة مسرح صنعوه بأنفسهم من مناضد وكراسي متراصة، وفي قاعة تسع 100 شخص، فلمح والده، وكانت المرة الأولى التي يمثل فيها ويشاهده أبوه، وإذا به يبتسم له ابتسامة هادئة، اعتبرها أول تصريح رسمي منه بموافقته على دخوله هذا المجال. ويذكر أيضاً أن من بين العمال الذين تأثر بهم محمود عزمي، مهندس الديكور العبقري، الذي لم يحصل على أي شهادات دراسية ولم يلتحق بالتعليم، لكنه كان يهوى الرسم ويصمّم ديكورات أي نصوص سواء عربية أو عالمية ببراعة مدهشة.