يوم في حياة بائع متجول على الرصيف بنيويورك

اشتهر ببيع برياني الدجاج للمصرفيين والسياح والطلاب

يعمل أحمد في بيع الدجاج والأرز... وقد هاجر من بنغلاديش منذ 23 عامًا (نيويورك تايمز)
يعمل أحمد في بيع الدجاج والأرز... وقد هاجر من بنغلاديش منذ 23 عامًا (نيويورك تايمز)
TT

يوم في حياة بائع متجول على الرصيف بنيويورك

يعمل أحمد في بيع الدجاج والأرز... وقد هاجر من بنغلاديش منذ 23 عامًا (نيويورك تايمز)
يعمل أحمد في بيع الدجاج والأرز... وقد هاجر من بنغلاديش منذ 23 عامًا (نيويورك تايمز)

في السادسة صباح الأربعاء، أرجأ كبير أحمد انطلاق المنبه الذي يصحو عليه مرات كثيرة. وأخيراً، نهض من فراشه بهدوء وسار عاري القدمين بأرجاء الصالة ذات الطلاء الأخضر والوردي من شقته الصغيرة في الطابق الثاني في بناية بمنطقة جامايكا في بلدية كوينز بمدينة نيويورك.
يعمل أحمد (46 عاماً) في بيع الدجاج والأرز. وقد هاجر قادماً من بنغلاديش منذ 23 عاماً. والآن، هو أحد شريكين في عربة لبيع المأكولات الحلال تقف بشارع غرينتش ستريت، قرب مركز التجارة العالمي، بجميع أيام السنة من حر وبرد. كما أنه واحد من أكثر من 10 آلاف شخص، معظمهم من المهاجرين، يحصلون على قوتهم من خلال بيع الأطعمة على أرصفة المدينة.
ويعتبر هؤلاء الباعة أحد الملامح الأساسية المميزة لشوارع نيويورك وعنصراً حيوياً في الثقافة السائدة بالمدينة. ومع ذلك، فإنه من يوم لآخر، يناضل هؤلاء الباعة في مواجهة مجموعة من التحديات، منها القوانين المعقدة التي تفرضها المدينة على بيع الأطعمة بالشوارع والغرامات الضخمة على المخالفات البسيطة وموجات الغضب التي يصبها عليهم من وقت لآخر مقيمون بالمدينة أو أصحاب متاجر، ناهيك بظروف الطقس وتقلبات المشهد على صعيد النقل والمشاه، وصعوبة الوقوف لساعات، غالباً وحيداً، دون توافر ملاذ حقيقي أو مساحة خاصة.
من جانبه قال أحمد: «ما الصعب في هذا العمل؟ كل ما يرتبط به صعباً، وإذا تقدمت في العمر لن أتمكن من الاضطلاع به».
ويتسم العمل بمشقته ورتابته الشديدة. لممارسة مهام عمله، يضطر أحمد للانتقال في المواصلات خمسة أو ستة أيام أسبوعياً، والاضطلاع بنوبات عمل تستمر كل منها 8 ساعات. وتستغرق رحلته إلى داخل مانهاتن ما يزيد قليلاً على الساعة. وإذا حالفه الحظ وتمكن من الجلوس على مقعد، يستغل وقت الرحلة في النوم أو مشاهدة فيلم عبر هاتفه الجوال.
بحلول السابعة والربع صباحاً، يكون قد بلغ المكان المعتاد له، الذي عثر عليه منذ ثلاثة سنوات، وهو عبارة عن مساحة واسعة من رصيف يقع أمام بناية «بي إن واي ميلون» تزداد الحركة به على نحو بالغ خلال فترة الظهيرة عندما تتطلع الجموع العاملة والوافدة إلى الضاحية المالية بالمدينة، مزيج من مصرفيين في «وول ستريت» وعمال بناء وتشييد وطلاب وسائحين، لإنفاق 5 أو 6 دولارات على وجبة سريعة.
ورغم أن ثمة نزاعات على فرض النفوذ تشتعل من حين لآخر بين البائعين، فإن أحمد حالفه الحظ بعدم اضطراره قط للشجار للاستحواذ على مساحة. وأشار إلى أنه يشتري فطوره، كوب من القهوة وكعكة محلاة، من بائع قريب يمنحه «خصم لاعتبارات الجيرة»، حسبما قال أحمد.
ومثلما الحال مع الكثير من ملاك عربات الطعام، يستعين أحمد بشخص لينقل له العربة كل صباح ويعيدها إلى مرأب السيارات مساءً كل ليلة. ويقود السائق سيارة أحمد في السابعة و52 دقيقة، ويعمل الرجلان سريعاً على وضعها في مكانها المناسب. في الداخل، تتسم العربة ببرودتها ونظافتها وتتكدس بها صناديق من المكونات التي يستخدمها أحمد في إعداد الأطعمة.
ويأتي الطعام من مطبخ مرخص ملحق بمرأب للسيارات في لونغ آيلاند سيتي في كوينز. وتفرض المدينة أن تعتمد عربات الطعام على مطابخ مرخصة. وبالفعل، يوجد كثير من هذه المطابخ، بأحجام متنوعة وتتبع ملاك مختلفين، بمختلف أرجاء نيويورك. ومقابل تكلفة إضافية، قدم هذا المطبخ كل ما يحتاج إليه أحمد خلال اليوم: «خس وبضعة ثمرات طماطم وبطاطا مجمدة وشرائح من لحم ماعز حلال وعدة أكياس من أفخاذ الدجاج مخلية العظم، وكيسين كبيرين من الأرز البسمتي وأربع حاويات بلاستيكية كبيرة من مياه شرب للطهي وغسل الصحون، بجانب مناديل ورقية وعبوات للطعام».
ويرتدي أحمد مئزراً، ثم يدفع ببضعة صناديق إلى أسفل العربة بحيث يتمكن من حشر جسده في الداخل والانهماك في العمل. ويمكن أن يتسبب أي صندوق يظهر خارج حدود العربة في التعرض لغرامة قد تصل إلى 1000 دولار، وكذلك وضع العربة على مسافة تقل عن 20 قدماً عن مدخل مبنى ما.
ورغم أن أحمد لم تكن لديه خبرة كبيرة بمجال الطهي عندما بدأ، فإن زوجته، شيرين أكتر، تقول إن الطعام الذي يعده أفضل مما تقدمه معظم العربات الأخرى؛ فهو دسم بدرجة أقل ويحمل نكهة أقوى ومتبل جيداً.
وتتضمن قائمة الطعام الخاصة بأحمد قرابة 20 طبقاً، يجري إعداد معظمها بمجرد صدور طلب بها، لكن العملاء الذين اعتادوا الشراء منه يطلبون في الغالب بيرياني الدجاج، وبه قطع من البصل المحمر وكزبرة، مع تزيينه بنصف بيضة مسلوقة جيداً، وذلك مقابل 6 دولارات مع مشروب. ومن داخله، تراود أحمد الرغبة في زيادة السعر، لكنه يخشى فقدان عملائه.
أول زبائن أحمد ذلك اليوم كان سلمان أختار، الطالب لدى مانهاتن كوميونيتي كوليدج، الذي وفد إلى العربة في التاسعة والنصف صباحاً. وتبادل الرجلان أطراف الحديث باللغة البنغالية. واللافت أنه عندما تحدث أحمد بالبنغالية، انطلق الكلام منه أسرع وبصوت أعلى وبدأ يطلق النكات بمعدل أكبر.
كان أحمد قد قدم إلى نيويورك بمفرده في سن الـ23. وقد درس المحاسبة والتجارة في دكا كوليدج، لكن في كوينز استغرق الأمر منه بضعة شهور كي يجد فرصة العمل. وبحلول ذلك الوقت، أصبح مديناً لرفاقه في السكن بـ3000 دولار.
وعمل أحمد لتسديد ديونه في قيادة السيارات، لكن لاحقاً، بعدما تزوج وأنجب، راوده حلم إدارة مشروع تجاري صغير يمكن توسيعه بعد ذلك.
وبالفعل، تقدم بطلب للحصول على ترخيص لبيع الطعام، ومر بالدورة التدريبية اللازمة بمجالي الصحة والسلامة، واشترى عربة مستخدمة فحصها مسؤولو المدينة.
ومع ذلك، ظل أحمد بحاجة للحصول على ترخيص آخر بسبب فرض حد أقصى على عدد التراخيص التي تصدر سنوياً في ثمانينات القرن الماضي يبلغ 4000 فقط. وحصل على الترخيص الخاص به عبر شرائه من آخر وافق على تأجير ترخيصه لأحمد وشريكه مقابل 25 ألف دولار عن عامين (رغم أن الترخيص كلف صاحبه 200 دولار فقط). وحتى الآن، لا يزال أحمد وشريكه يسددان في قيمة هذا الإيجار.
وبمجرد أن تبدأ ساعة الذروة للغداء، قرابة 11:30، يصعب على أحمد الابتعاد عن العربة. وينهمك في العمل، حتى ينضم إليه في الظهيرة رجلان آخران، في مساحة لا يزيد طولها عن 10 أقدام - وهما شريكه ومساعده ويعمل الثلاثة بكفاءة حول المشواة وعربة البخار، وينهمكون في تلقي الطلبات وإعدادها مع توافد العملاء.
وفي الأيام الجيدة، وبعد أن يدفع أجرة السائق والمرأب، ويقتسم العائدات مع زميليه، يحصل أحمد على نحو 125 دولاراً. وبالنسبة لرجل يمتلك عربة طعام، لا يبدو هذا مبلغاً استثنائياً.
في الخريف، من المقرر أن ينضم نجل أحمد، كوشيك، الذي يحلم بالعمل لدى وكالة «ناسا»، إلى المدرسة الثانوية. ويأمل أحمد في أن يتلقى جميع أبنائه تعليماً جامعياً. وقال: «في الوقت الراهن، لا أملك رفاهية المرض أو التوقف عن العمل».
في الساعة 3:30 عصراً، تنتهي نوبة عمل أحمد، ويتجه صوب مترو الأنفاق ليذهب إلى بيته، بينما يبقى شريكه حتى وقت انتهاء عمل العربة في الـ8 مساءً.
* خدمة «نيويورك تايمز»



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.