تروج العاصمة النمساوية فيينا لزيارة أفخم أسواقها كالمثلث الذهبي حيث أرقى المحال التجارية وأكبر العلامات التجارية، كما تحظى سوق مثل الناش ماركت بدعاية واسعة لمعروضاته التي تعتبر دون منازع من أجود أنواع الفواكه والخضراوات والتوابل التي يتم استيرادها من مختلف أنحاء الأرض.
هذا مفهوم لكن أن يشمل الترويج والدعاية السياحية سوقًا لبيع الخردة والبضائع المستعملة يسمونها «سوق البراغيث» فهذا ما يثير الاستغراب ويدفع لزيارة هذه السوق. يعود اسم السوق كما تقول المنشورات السياحية الرسمية للقرن الـ17 حيث كانت هناك منصة خشبية يقف عليها قرد مهمته البحث عن القمل في رؤوس الناس.
وحتى يومنا ورغم اختفاء القرد وانحسار القمل لا يزال النمساويون يطلقون عليه اسم Flee Markt أي سوق البراغيث، ويظن البعض أن الاسم يعود لبراغيث تسرح في الملابس القديمة التي تعرض للبيع وبعضها مكوم على الأرض حيث تباع القطعة أيا كانت بـ2 يورو فيما يرتفع الثمن في مواقع أخرى حسب النوع والشكل كمعاطف الفراء ومنتجات الحرير التي قد يصل سعرها لمئات.
تعود بعض الملابس لمشاهير لم يعودوا راغبين فيها لأي سبب من الأسباب لكونها لم تعد موضة الموسم مثلا، أو لحاجتهم لنقود كما هناك ملابس موتى يرى ورثتهم أن بيعها أفضل من التبرع بها فيما يبيع بعض صغار تجاره ملابس محدودة العدد جديدة يحصلون عليها من متاجر جملة بأسعار زهيدة.
بعيدًا عن الملابس والأحذية والحقائب والأواني القديمة وبعضها قمة في القدم، تعتبر السوق فرصة للباحثين عن أشياء بعينها كقطع غيار لسيارة أو معدات كهربائية وآلات موسيقية وقطع عملات لم تعد مستعملة وحتى بعض قطع أثاث. هذا إلى جانب عدد ضخم من لوحات فنية هناك من يشتريها كاستثمار في انتظار أن تكون ضربة حظ عندما يتضح لاحقا أنها لرسام عالمي لم يعلم البائع عن أصلها شيئا.
وهناك من يقصد هذه السوق فقط بحثًا عن كتب وأسطوانات وقطع إكسسوار قديمة ومميزة.
ومن البضاعة المعروضة ما قد يبدأ ثمنه بـ3 آلاف يورو ومنها ما لا يزيد عن 2 يورو وفي ساعاته الأخيرة قبل الإغلاق يباع بيورو، بينما يرفض البعض التهاون في أسعارهم مبقين على بضائعهم انتظارًا للأسبوع القادم.. وهكذا. إلى ذلك تعتبر المفاصلة في الأسعار من سماته التي يشتهر بها، رغم أن المفاصلة أمر غير وارد إطلاقا في عموم المتاجر بالنمسا فالأسعار محددة ومعلنة بصورة ظاهرة لا تخفى على مشتر حتى في مواسم التنزيلات.
تقام السوق كل يوم سبت من الساعة السادسة والنصف صباحًا وحتى السادسة والنصف مساء في أرض فسيحة واسعة، وتقع في نهايتها الـ«ناش ماركت» المشهورة بأجود وأغلى أنواع الخضراوات والفاكهة والأجبان بالإضافة لمأكولات جاهزة ومخبوزات مسكرة، ومنها أخذت اسمها.
وغالبًا ما يختتم المرفهون من سياح سوق البراغيث جولتهم بالـ«ناش ماركت» لتذوق فاكهته وخضراواته العالمية التي يتفنن باعته ومن بينهم مصريون وروس وأتراك وآسيويون في مناداة المارة ليتذوقوا الزيتون.
«سوق البراغيث».. منجم لكنوز تخلى عنها أصحابها في فيينا
العاصمة النمساوية احتضنت بضاعتها من الملابس واللوحات وحتى الأسطوانات منذ القرن الـ17
«سوق البراغيث».. منجم لكنوز تخلى عنها أصحابها في فيينا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة