تخطّى لؤي حسين، رئيس تنظيم «تيار بناء الدولة» في سوريا، مواقف المعارضة السياسية السورية، معتبرًا أنّ مقررات «مؤتمر جنيف» التي يطالب «الائتلاف الوطني السوري» بأن تكون منطلقًا لأي مفاوضات سياسية، «لم تعد صالحة»، لأنه، وفق رأيه، «تحوّل النظام إلى ميليشيا».
حسين، الذي خرج من سوريا سرًّا قبل نحو عشرة أيام ووصل لاحقًا إلى إسبانيا حيث تقيم عائلته، قال إن قرار مغادرته دمشق جاء بعدما توصّل إلى قناعة بأن النظام تحوّل إلى ميليشيا وبات من المستحيل عليه أن يدخل في عملية سياسية للحل. وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نتيجة لطبيعته الميليشياوية بات عاجزًا عن الدخول في مفاوضات أو القبول بمشاركة المعارضة في السلطة».
وأوضح رئيس «تيار بناء الدولة» الذي كان يعد من «المعارضة الداخلية» المعتدلة المفترض بها أنها من النظام، أنّ الضغوط عليه وعلى أعضاء تنظيمه زادت كثيرًا في الفترة الأخيرة، وكان اعتقاله رسالة واضحة بأن أي تحرك سياسي معارض إضافي سيكون عقابه أشدّ بطشًا.
ما يُذكر أن حسين كان قد اعتقل في نهاية العام الماضي، بتهمة «إضعاف الشعور القومي وتوهين نفسية الأمة»، لدى محاولته مغادرة سوريا عبر لبنان، وذلك بعد إصدار تنظيمه بيانًا اعتبر فيه أنّ «النظام يتهالك وينهار»، داعيا السوريين إلى «إنقاذ دولتهم» عبر «تسوية سياسية» تؤدي إلى تشكيل «سلطة ائتلافية» من المعارضة والسلطة بديلة عن نظام بشار الأسد، وفي ما بعد أطلق سراحه في شهر فبراير (شباط) الماضي، بكفالة مادية.
غير أن حسين ما زال، على ما يبدو، متمسكًا بالموقف الذي كان وراء توقيفه. ولقد شدد خلال حديثه على «ضرورة العمل لإنقاذ سوريا ككيان موحّد بعدما انهار النظام وأوصل معه الوطن إلى حافة الهاوية»، وفق تعبيره. وأضاف: «مع الحالة التي وصل إليها النظام، ومن ثم سيطرة (داعش) و(جبهة النصرة) اللذين لا يختلفان عنه، على مناطق عدّة، بات من الضروري القيام بتحرّك مختلف من خارج سوريا».
وفي حين لمّحت بعض المعلومات من مصادر في المعارضة إلى أنّه قد يكون لحسين، وهو من الطائفة العلوية، دورٌ ما في العملية السياسية المستقبلية في سوريا، اكتفى حسين بالقول: «هناك تواصل مع بعض الدول المعنية، إنما ليس هناك أي كلام جدي في هذا الإطار».
كذلك، بينما يشير حسين إلى أن «الصورة السياسية» المستقبلية لتنظيم «تيار بناء الدولة» لم تكتمل بعد، ويقول إن مقره الجديد سيكون في تركيا، فإنه حرص على التأكيد: «لن نحاول أن نكون رقمًا مضافًا إلى أرقام المعارضين، كما أننا لن نكون حركة سياسية شريكة ضمن (الائتلاف) أو بموازاته ولا في مواجهته»، ثم أوضح: «هذا ليس اعتراضا على مسار (الائتلاف) الذي نتواصل معه بشكل دائم، إنما الوضع لم يعد يحتمل، بل يتطلب حراكًا سريعًا وفاعلا بالتفاهم والتنسيق مع (الائتلاف) وبعض الدول المعنية بالقضية السورية». وتابع رئيس «تيار بناء الدولة»: «الرؤية لم تكتمل لغاية الآن، لكن الأكيد أنه يجب أن نتحرك لإيجاد خيار جديد غير النظام أو (داعش) و(النصرة) لإنقاذ البلد» من دون أن ينفي أنّ المهمة صعبة للغاية نتيجة الانهيار في سوريا، لا سيما في ظل التدخلات الخارجية. ومن ثم، لم يستبعد حسين أن يحصل في سوريا تدخّل عسكري، إلا أنه في الوقت عينه أكد أنّ المرحلة المقبلة ستشهد وضوحًا للصورة، وأن «التغيير قد يحصل باعتماد الوسيلة العسكرية».
من ناحية أخرى، مع أن «تيار بناء الدولة» سيكون حاضرًا في مشاورات جنيف المقبلة التي دعا إليها ستيفان دي ميستورا، المبعوث الدولي إلى سوريا، بعد يومين، فإن لؤي حسين لا يعوّل على هذه المفاوضات ولا على أي عملية سياسية، بل يقول: «سنبلّغه أن وثيقة جنيف لم تعد صالحة. كنا نطالب بالحل السياسي والمشاركة في السلطة، لكن اليوم الوضع اختلف، وهذه المطالب لم تعد صالحة».
يذكر أن «تيار بناء الدولة» كان قد أعلن الثلاثاء الماضي نقل مقره إلى خارج البلاد «نظرًا لازدياد الضغوط الأمنية للنظام، وذلك بعد نحو عشرة أيام من الإعلان عن خروج حسين ونائبته منى غانم من دمشق»، في حين أعلن عدد من أعضاء التيار الانسحاب منه بسبب ما قالوا إنها «مجموعة من التغييرات التي طرأت على خطاب التيار وكيانه».
وكان قد أعلن عن تأسيس «التيار» في سبتمبر (أيلول) 2011 في دمشق بهدف العمل على «بناء دولة ديمقراطية مدنية»، والعمل على تمكين السوريين، خصوصًا الشباب من «الانخراط العلني والفعّال» في الحياة السياسية والعامة، وفق ما أعلن آنذاك، ومنذ ذلك الحين سار في ما وصف بخط المعارضة المعتدلة. وكما سبقت الإشارة، ينتمي حسين (55 سنة) إلى الطائفة العلوية، وهو كاتب معارض منذ زمن طويل، ومؤسس «دار بترا» للنشر المتخصصة بنشر الكتب الفكرية والسياسية.
وقبل اعتقال حسين نهاية العام الماضي، كان قد اعتقل بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية في سوريا عام 2011 إثر إصداره بيان تضامن مع أبناء محافظة درعا الذين جرّدت عليهم حملة عسكرية دموية نتيجة مشاركاتهم في مظاهرات ضدّ النظام، وطالب بمنح السوريين الحق في التظاهر السلمي وحرية التعبير.
واعتقل حسين، من قبل، عام 1984 أيضا حين كان طالبا جامعيا، على خلفية نشاطه السياسي وانتمائه إلى حزب العمل الشيوعي، وأفرج عنه عام 1991.
لؤي حسين: خرجت من دمشق بعدما أدركت أن النظام تحول إلى ميليشيا
رئيس «تيار بناء الدولة» لـ («الشرق الأوسط») : سنلتقي دي ميستورا لإبلاغه بأن «مقررات جنيف لم تعد صالحة»
لؤي حسين: خرجت من دمشق بعدما أدركت أن النظام تحول إلى ميليشيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة