* نظافة اليدين في المستشفيات
لا تقتصر الأخطاء الشائعة التي نتداولها في هذه الزاوية على ما يصدر من أفراد الجمهور من غير المنسوبين للقطاع الصحي فقط، بل هناك أخطاء، وإن كانت نادرة الحدوث، فهي جسيمة وخطيرة عند صدورها من الفريق الطبي المعالج. ومن تلك الأخطاء ما يتعلق بناحية النظافة والتعقيم في غرف العمليات أثناء القيام ببعض الإجراءات اليومية كالتخدير وزرع أجهزة طبية مساندة مثلا. وهذا يستوجب العمل الجاد من أجل استكشاف مؤشرات ومواطن ذلك التقصير.
بالرجوع إلى دراسة الملاحظات observational study التي قامت بها مجموعة من الباحثين السويديين وعلماء من جامعة غوتنبرغ في أحد المستشفيات الكبيرة بالسويد، وجد أن هناك نقصا كبيرا في مجال النظافة واستخدام تقنيات العقيم. ووفقا للنتائج التي نشرت في مجلة «مقاومة مضادات الميكروبات والعدوى Antimicrobial Resistance and Infection»، وجد الأطباء ومقدمو الرعاية الطبية أن هناك نقصا كبيرا في تطبيق تقنيات مكافحة العدوى وأن هناك كثيرا من الإجراءات التي تمهد للتعرض للخطر، مثل أنابيب البلعوم والقصبة الهوائية، والتخدير الموضعي، وإدخال القسطرة في مجرى الدم أو المسالك البولية، وتم استبعاد التدخلات الجراحية الطارئة في هذه الدراسة.
تمت دراسة عدد 94 نوعا من التدخلات الطبية للفترة ما بين 2012 و2013، وجد الباحثون خلالها، وتحديدا في 6 آلاف دقيقة من العمل نحو 2393 فرصة لتطهير الأيدي أو تطبيق تقنيات التعقيم، ولم يتم عملها. ومما يخيب الآمال أن 90 من تلك الأخطاء كانت تعود للأطباء ومقدمي الرعاية الطبية. وكان التقصير، في الغالب، يتركز في استخدام تقنيات التعقيم، فضلا عن عدم كفاية استخدام القفازات، أو سوء استخدامها بدلاً من تطهير اليدين.
افترض الباحثون أن سبب هذا التقصير يعود إلى العجز في تدريس مادة تقنيات النظافة والتعقيم في المدارس الطبية. أما عن فئة الأطباء والتمريض، فلا نشك في معرفتهم التامة بفوائد غسل وتعقيم الأيدي، ولكن امتلاك المعرفة وحده لا يكفي للممارسة الجيدة والكافية في غرف العمليات التي تتطلب تطبيق أنظمة وأساليب محددة وفقا لسياسات وإجراءات علمية.
لقد أصبح واضحا من هذه الدراسة وغيرها من الدراسات المشابهة أن هناك أدلة دامغة لانخفاض مستوى التعقيم وتطبيق المبادئ الأساسية للنظافة في غرف العمليات في أكبر المستشفيات في العالم؛ هذا من ناحية، ومن ثم الحاجة الملحة لتحسين فعالية الاستراتيجيات وأن تكون فعالة وصارمة لتحسين هذا الوضع، وبشكل طارئ، حيث إن واحدة من أهم الملاحظات كانت الافتقار إلى تقنيات التعقيم خلال الإجراءات والتدخلات الجراحية مما يعرض لمخاطر التلوث البكتيري، وهي أمور في غاية الأهمية ويمكن تجنبها. ورفعت هذه الدراسة توصية للمسؤولين عن الصحة والسلامة الصحية بأن تشمل البرامج تعليما وتدريبا عمليا على كيفية تطبيق تقنيات التعقيم والطرق الصحيحة لاستخدام القفازات ومتى يجب استبدالها أثناء القيام بالتدخلات الجراحية.
* المشي حافي القدمين
من الأخطاء الشائعة بين الناس في مختلف مجتمعات العالم تداولهم فكرة خاطئة منذ القدم بأن المشي حفاة الأقدام يعتبر عادة صحية للأقدام على الإطلاق، وهذا يدفع بالناس إلى الخروج للمشي حفاة الأقدام على الشواطئ والاسترخاء على الرمال من دون أي قيود أو احتياطات.
لا شك أن للمشي حافي القدمين فوائد كثيرة، إلا أنه يجب الأخذ في الاعتبار عمر الشخص ووضعه الصحي خصوصا بالنسبة للأمراض المزمنة كداء السكري.
يؤكد المتخصصون في طب وجراحة العظام وأمراض القدمين أن لهذه الممارسة الخاطئة تبعات سلبية، وكثيرا ما ينتهي الأمر بمشكلات خطيرة في القدمين. وكم من حالة وإصابة خطيرة سجلت بسبب هذه الممارسة الخاطئة مثل التهابات أغشية ولفافات القدم أو التواءات المفصل أو تمزقات الأوتار. وكم هي معاناة مرضى داء السكري جراء ما يلحق بهم بسبب المشي حفاة الأقدام مثل الخدوش والجروح القطعية وتشققات ما بين أصابع الأقدام وتلوث الجروح، وإصابة البعض بالغنغرينا التي تنتهي في كثير من الأحيان بعملية البتر.
كما انتشرت، في السنوات الأخيرة، رياضة الجري «حافي القدمين» وأصبحت شائعة ولها شعبية كبيرة. ولا شك أن لهذا النمط من الرياضة إيجابيات صحية كثيرة خاصة على قدمي الشخص، ولكنه يظل يحمل أيضا مخاطر؛ خاصة لكبار السن، وحتى العدائين ذوي الخبرة.
وفي دراسة قدمت في الاجتماع السنوي (لعام 2015) للأكاديمية الأميركية لجراحي العظامAmerican Academy of Orthopaedic Surgeons، AAOS، الذي عقد أخيرا في لاس فيغاس في الفترة ما بين 28 و24 مارس (آذار) 2015، تمت متابعة العدائين الذين يمارسون الجري «حفاة القدمين» ممن تجاوزت أعمارهم 30 سنة (40 في المائة من الرجال و30 في المائة من النساء)، ووجد أن عددا كبيرا منهم ظهر لديهم ما يسمى «النمط الأول للجري» في منطقة الكعب، وهذا النمط يحدث عادة بشكل طبيعي عندما يرتدي الشخص حذاء بكعب مرتفع. ولكن الأمر هنا يختلف مع العدائين، فظهور هذا النمط يعني احتمالا أكبر لحدوث إصابات عند هؤلاء العدائين حفاة الأقدام، وهو ما أوضحه رئيس فريق البحث سكوت مولنScott Mullen.
قام عدد من جراحي العظام من جامعة كنساس (الولايات المتحدة الأميركية) بقياس سمك أسفل القدم من الكعب إلى أخمص القدمين (الأصابع) لعدد 26 من العدائين من الشباب أكبر من سن 30 سنة وكانت خبرتهم في الجري أكثر من 10 سنوات، تعودوا الجري حفاة الأقدام. ومرة أخرى أعادوا عمل القياس بعد ارتداء الأحذية. تم قياس سمك كعب ومقدمة الأقدام عندما كانت سرعة الجري 6 و7 و8 أميال في الساعة بالنسبة للنساء، وبالنسبة للرجال عندما كانت السرعة 7 و8 و9 أميال في الساعة. وقد تم تحليل القياسات ونمط الحركة باستخدام نظام التقاط الحركة.
نستخلص من هذه الدراسة أن العدائين من الشباب الكبار ليسوا قادرين على التكيف بسرعة على الجري حفاة الأقدام، مما قد يزيد من خطر الإصابات، وأنهم يجب أن يكونوا أكثر حذرا عند الانتقال إلى نمط الجري من دون أحذية.
أما في حالة معاناة البعض من داء السكّري أو إصابتهم بمرض دموي وعائي خارجي، فإننا ننصحهم بلبس الأحذية دائما سواء عند المشي أو الهرولة حتى وإن كانوا على رمال الشواطئ.
استشاري في طب المجتمع
مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة
[email protected]