السعودية تفتتح أكبر سفاراتها حول العالم في مصر

بحضور وزيري خارجية البلدين والبعثات الدبلوماسية

السعودية تفتتح أكبر سفاراتها حول العالم في مصر
TT

السعودية تفتتح أكبر سفاراتها حول العالم في مصر

السعودية تفتتح أكبر سفاراتها حول العالم في مصر

دشنت السعودية اليوم (الاثنين)، أكبر سفارة لها حول العالم في العاصمة المصرية القاهرة، حيث افتتح الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، المقر الجديد لسفارة خادم الحرمين الشريفين لدى مصر، بحضور الأمير خالد بن سعود مساعد وزير الخارجية، ووزير الخارجية المصري سامح شكري، والأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى مصر، ومندوب السعودية الدائم لدى جامعة الدول العربية السفير أحمد قطان، وعدد من وزراء الخارجية العرب والسفراء المعتمدين لدى مصر.
وألقى الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، كلمة أعرب فيها عن الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع، على ما لقيته وزارة الخارجية من دعم وتأييد لتشييد هذا الصرح؛ الذي يعكس ما تشهده العلاقات التي تربط بين السعودية ومصر، من تنسيق دائم ومستمر في جميع القضايا الدولية والإقليمية، من قبل قيادة البلدين.
وقال الأمير سعود الفيصل: "إن هذا المقر لا يحتوي على مكاتب السفارة بجميع أقسامها وإداراتها فحسب، وإنما يضم كل المكاتب السعودية العاملة في مصر، وهذا من شأنه أن يسهل اتصال المواطنين السعوديين بسفارة بلادهم وييسر وصول إخوانهم المصريين وغيرهم إليها، ويهيئ للموظفين أداء واجبهم بكل يسر وسهولة".
ونوّه وزير الخارجية بمتانة العلاقات التي تربط بين السعودية ومصر وقيادتي البلدين، وقال : "إن هذا أمر ليس بمستغرب منذ أن نشأت هذه العلاقات في عهد الملك عبد العزيز، وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وما زالت تشهد هذه العلاقات اضطرادا ونموا يوما بعد يوم، يقينا من القيادات المتعاقبة بأهمية هذه العلاقة وانعكاسها على وحدة الصف العربي".
وأضاف الفيصل : "أن من حسن الطالع أن يجري إنجاز هذا المبنى الذي يجسد العلاقات الراسخة بين البلدين لخدمة المصالح المشتركة"، معبرا عن شكره وامتنانه لحكومة مصر، وجميع المسؤولين "على ما قدموه من تسهيلات لتشييد هذا المبنى".
بعد ذلك ألقى الأمير خالد بن سعود مساعد وزير الخارجية، كلمة أكد فيها أن افتتاح هذا الصرح الذي يمثل أكبر مبنى بعثة دبلوماسية سعودية في العالم، يعبر عن جانب مما شهدته وتشهده العلاقات الأخوية التي تربط السعودية بمصر، منذ عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، الذي حرص على بناء علاقات قوية مع مصر الشقيقة، إدراكا منه لأهميتها الاستراتيجية، مرورا بتوقيع معاهدة الصداقة بين البلدين الشقيقين عام 1926م.
واستعرض الأمير مواصفات المبنى الجديد للسفارة، مفيدا بأن مساحته تزيد على 40 ألف متر مربع، وبتكلفة تقدر بألفين ومائة دولار للمتر المربع الواحد شاملة الأثاث وأحدث التجهيزات المكتبية والفنية والأمنية. وأضاف : "ان المبنى الجديد يضم أكثر من 250 موظفا يقدمون وبكل يسر وسهولة خدماتهم لأكثر من مليون حاج ومعتمر وزائر مصري سنويا، وحوالى المليونين من الأشقاء المصريين المقيمين في السعودية، إضافة إلى ما يزيد على المليون مواطن سعودي بين زائر ومقيم في مصر"، مثنيا على الجهود التي قدمها السفير أحمد قطان والسفراء السابقون لإقامة هذا المبنى.
عقب ذلك ألقى وزير الخارجية المصري سامح شكري، كلمة عبّر فيها عن سعادته بالمشاركة في افتتاح المبنى، الذي يعبّر عن قوة ومتانة العلاقات بين البلدين الشقيقين.



مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان
TT

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

لم يصدف في التاريخ أن كانت الحرب معزولة عن السياسة. فالحرب هي السياسة، لكن بوسائل أخرى، حسب كارل فون كلوزفيتز. والحرب تُخاض لأهداف سياسية بحتة، شرط أن تكون هذه الأهداف قابلة للتحقيق. والعكس قد يعني أن استراتيجيّة الحرب المرسومة سوف تناقض طبيعتها. فاستراتيجيّة الحرب بشكل عام، هي تلك الطريقة (الكيف في التنفيذ) التي تربط الأهداف بالوسائل، شرط التوازن بين الاثنتين.
أن تدخل الحرب بثقة زائدة، متجاهلاً الكثير والكثير من متطلّبات النجاح، لهو أمر قاتل. وأن تدخل الحرب ومفتاح نجاحها بيد الأعداء، لهو أمر يعكس السطحيّة الاستراتيجيّة للمخطّطين. لكن المصيبة تكمن، بالثمن المدفوع لأي تعثّر. فمن يرِدْ أن يكون قوّة عظمى فعليه تجميع عناصر القوّة لمشروعه.
وإذا تعذّر ذلك، فعليه ابتكار استراتيجيّة فريدة من نوعها، تجمع «القوّة الطريّة» مع القوّة الصلبة، بهدف التعويض عن أيّ نقص من عناصر القوّة.

فشل منظومة بوتين
لردع الغرب!
لم يستطع الرئيس بوتين وبعد سنة على عمليته العسكريّة في أوكرانيا، تركيب منظومة ردعيّة فاعلة وقادرة على تسهيل حربه. بكلام آخر، لم تنفع استراتيجيّته والمُسمّاة استراتيجيّة الرجل المجنون (Mad Man Theory)، في ردع الغرب. فهو أراد حماية حربه التقليديّة بمظلّته النوويّة، مُظهراً نفسه لاعباً غير عقلانيّ (Irrational). فمن التهديد النوويّ المتكرّر من قبله، ومن قبل الرئيس الروسي السابق ميدفيديف، إلى وزير الخارجيّة سيرغي لافروف. كان ردّ الغرب عبر اتباع استراتيجيّة القضم المُتدرّج لخطوط بوتين الحمراء.
وللتذكير فقط، استعمل الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون، وبالتعاون والتنسيق مع هنري كيسنجر، استراتيجيّة الرجل المجنون في حربه على فيتنام. فصوّر نيكسون نفسه آنذاك على أنه لاعب غير عقلاني قد يذهب إلى استعمال النووي في حال لم تلبَّ مطالبه، وذلك مقابل حركيّة كيسنجر العقلانيّة لإيجاد مخرج من مستنقع فيتنام.

من يريد كلّ شيء، قد
لا يحصل على شيء
وضع الرئيس بوتين لنفسه أهدافاً تعجيزيّة. من طلبه عودة وضع حلف «الناتو» إلى منتصف التسعينات، إلى إلغاء الدولة الأوكرانيّة، وضمّها إلى روسيا على أنها جزء لا يتجزّأ من مناطق النفوذ الروسيّ، إلى قيادة الانتفاضة العالميّة ضد الإمبرياليّة الأميركيّة، إلى رسم نظام عالميّ جديد تكون فيه روسيا لاعباً كونيّاً وقوّة عظمى على غرار أميركا والصين. كلّ ذلك، باقتصاد ودخل قوميّ يوازي الدخل القومي لمدينة نيويورك. كل ذلك مع تصنيع حربيّ متواضع، يعود أغلبه إلى أيام الاتحاد السوفياتيّ، ودون تصنيع محلّي للشرائح الذكيّة، التي تعد حيويّة لتشغيل أسلحة القرن الحادي والعشرين. كل ذلك مع جيش أغلبه من الأقليات التي تعيش في المناطق النائية وعلى هامش حياة الشعب الروسي في المدن الرئيسّية. جيش لا يحسن القتال المشترك للأسلحة (Combined). جيش مؤلّف من عدّة جيوش، منها الجيش الروسيّ الرسمي، إلى الفرق الشيشانيّة، وحتى شركة «فاغنر» الخاصة. حتى إن هذه الجيوش لا يقاتل بعضها مع بعض، وهي ليست على وفاق، لا بل تتصارع علناً، إن كان حول الاستراتيجيات العسكريّة، أو حتى في طريقة إدارة الحرب. جيش لم يخطط للسيناريو السيّئ، فوقع في فخ الرضا المسبق عن الذات.
بوتين الحائر
بين الاستراتيجيّة والتكتيك
في المرحلة الأولى للحرب حول كييف، خسر بوتين في الاستراتيجيّة والتكتيك. غيّر الاستراتيجيّة وتوجّه نحو إقليم الدونباس فحقق نجاحات تكتيكيّة، لكنها لم تُصَب وتتراكم لتؤمّن النجاحات الاستراتيجيّة.
بعد الدونباس، خسر الرئيس بوتين التكتيك في إقليم خاركيف، كما أجبر على الانسحاب من مدينة خيرسون. وبذلك، تراكمت الخسائر التكتيكيّة والاستراتيجيّة على كتف الرئيس بوتين لتعيده إلى مربّع الخسارة الأول حول العاصمة كييف.

التقييدات على سلوك بوتين
في المرحلة المقبلة
• لا يمكن للرئيس بوتين أن يخسر مرّتين متتاليتين في أوكرانيا.
• فالخسارة تعني بالحدّ الأدنى الإطاحة به سياسياً، حتى ولو لم تتظهّر معارضة داخلية حتى الآن.
• تاريخيّاً، لا مكان للضعفاء في الكرملين. فكلمة الكرملين وهي من أصل تتريّ، تعني القلعة المُحصّنة. وكلّما كان هناك تعثّر عسكريّ روسي في الخارج، كان التغيير السياسي في الداخل النمط المعتاد.
• لا بد للرئيس بوتين من تقديم نصر عسكريّ للداخل الروسي، حتى لو كان محدوداً. وقد يكون هذا النصر في إقليم الدونباس أولاً، وفي إقليم زابوريجيا ثانياً. فهو قد ضمّ هذين الإقليمين إلى جانب إقليم خيرسون.
• لكن السيطرة على الأقاليم الثلاثة: الدونباس وزابوريجيا وخيرسون، بأكملها، ليس بالأمر السهل، وذلك استناداً إلى التجارب السابقة مع الجيش الروسيّ. فعلى سبيل المثال لا الحصر، لم يستطع الجيش الروسي، و«فاغنر» إسقاط مدينة بخموت حتى الآن، وبعد مرور أكثر من سبعة أشهر على العمليّة العسكريّة حولها.

المنتظر من بوتين
• بدل النوعيّة أغرق الرئيس بوتين الجبهات بالكميّة، خصوصاً من العسكر الجديد. ألم يقل الزعيم السوفياتي الراحل جوزيف ستالين: «إن للكميّة نوعيّة بحد ذاتها؟»، وبذلك يحاول بوتين اختبار جاهزيّة الانتشار الأوكراني على طول الجبهة لرصد نقاط الضعف.
• تقول المعلومات إن الجيش الروسي قد حشد كثيراً من الطائرات الحربيّة والطوافات على حدود أوكرانيا استعداداً لاستعمالها في المعركة المقبلة، خصوصاً أن جاهزيّة السلاح الجويّ الروسي تتجاوز نسبة 80 في المائة.
• كما تقول المعلومات إن التجمعات العسكريّة بدأت تظهر داخل الأراضي الروسيّة خصوصاً في مدينة كورسك، التي تقع خارج مدى راجمات «الهايمرس».
• يحاول الرئيس بوتين استرداد زمام المبادرة من يد الجيش الأوكراني، وذلك استباقاً لوصول المساعدات الغربيّة، خصوصاً الدفاعات الجويّة ودبابات القتال الرئيسيّة.
• وأخيراً وليس آخراً، قد يحاول الرئيس بوتين زرع الفوضى في المحيط الجغرافي لأوكرانيا، إن كان في مولدوفا، أو انطلاقاً من إقليم كاليننغراد الروسي والواقع على بحر البلطيق. هذا عدا إمكانيّة ضرب خطوط الإمداد لأوكرانيا على ثلاثة ممرات بريّة؛ تمرّ عبر كل من: سلوفاكيا ورومانيا وبولندا.
في الختام، هذه هي صورة الجبهّة الروسيّة. لكن رقصة «التانغو» بحاجة إلى شخصين كي تكتمل. فكيف ستكون عليه الجاهزيّة الأوكرانيّة؟ خصوصاً أننا عاينّا في هذه الحرب نماذج الحرب من العصر الزراعي، كما من العصر الصناعي، ودون شكّ من العصر التكنولوجيّ.
بعد عام على الحرب... هل باتت روسيا أكثر أمناً؟
مستقبل الحرب... واحتمالات توسعها وخروجها عن السيطرة
كيف أساءت روسيا تقدير موقف ألمانيا؟
أوروبا... تساؤلات حول مآلات الدعم لأوكرانيا
الأزمة... والدور «المشلول» لمجلس الأمن