سهر الصايغ: تمردت على دور «الفتاة البريئة»

قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها لن تشارك في الجزء الخامس من «المدّاح»

سهر الصايغ خلال تسلمها إحدى الجوائز (حسابها على إنستغرام)
سهر الصايغ خلال تسلمها إحدى الجوائز (حسابها على إنستغرام)
TT

سهر الصايغ: تمردت على دور «الفتاة البريئة»

سهر الصايغ خلال تسلمها إحدى الجوائز (حسابها على إنستغرام)
سهر الصايغ خلال تسلمها إحدى الجوائز (حسابها على إنستغرام)

عاشت الفنانة سهر الصايغ مؤخراً لحظات رائعة بعد أن تم تكريمها في المهرجان الدولي للفيلم المغاربي بمدينة بوجدة، في أول تكريم تحصل عليه خارج مصر.

وقالت في حوارها مع «الشرق الأوسط»: «عندما طُلب مني الصعود إلى خشبة المسرح وأنا أرتدي القفطان المغربي لم أتردد لحظة واحدة؛ لأنني كنت حريصة على احترام رغبة الجمهور المغربي في التعبير عن زيهم التقليدي».

وعن متابعتها للسينما المغربية قالت إنها تتابعها فقط من خلال المهرجانات التي تشارك فيها وكان آخرها مهرجان خريبكة للسينما الأفريقية، موضحة أن السينما المغربية تعاني من عدم قدرتها على عبور الحدود، بالإضافة إلى اللهجة التي تشكل عائقاً كبيراً في التواصل معها، رغم العدد الكبير من المهرجانات السينمائية التي تقام بالمغرب على مدار العام، مما يدل على اهتمام الدولة بصناعة السينما.

الصايغ خلال رحلتها للمغرب (حسابها على إنستغرام)

وأشارت سهر إلى مشاركتها الأخيرة في مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط في دورته الأربعين من خلال الفيلم القصير «لعل الله يراني»، الذي عرض في مسابقة أفلام شباب مصر، وهو تأليف جوزيف فوزي وإخراج محب وديع وتدور قصته حول فكرة الانتحار من خلال شخصية «دينا»، التي تعتقد أنها مجرد رقم في الحياة وتشعر بأنها بلا قيمة ولا أحد يهتم بها، ما يدفعها للتفكير في الانتحار، إلا أن حياتها تتغير فجأة ليقدم الفيلم رسالة لكل من يعاني من الاكتئاب ويفكر في إنهاء حياته.

وعن آخر عمل انتهت من تصويره وهو مسلسل «أسود باهت» قالت: «أجسد شخصية فتاة اسمها (شغف) تتورط في جريمة قتل وتحاول أن تكشف من القاتل الحقيقي».

وأكدت أنها سعيدة بهذه التجربة لأنها تقدم من خلالها دوراً جديداً عليها، بالإضافة إلى أنه مكون من خمس حلقات فقط، مما يكثف مساحة الدراما فيه فلا يشعر المشاهد بالملل.

الصايغ تؤكد تمردها على أدوار «الفتاة البريئة» (حسابها على إنستغرام)

وبسؤالها عن ترشيحها المتكرر لأدوار الفتاة «البريئة والمقهورة والطيبة والرومانسية»؛ أكدت أنها تحاول طوال الوقت التمرد على حصرها في تلك الأدوار رغم كسل صناع الأعمال الفنية في توظيف ملامحها في أدوار مختلفة وجديدة.

وأكدت أنها استطاعت التمرد على أدوار الفتاة «البريئة»، حيث جسدت شخصية «الجنية مليكة» في الجزأين الثاني والرابع من مسلسل «المدّاح» مع الفنان حمادة هلال، مشيرة إلى عدم مشاركتها في الجزء الخامس من العمل.

ولا تمانع الصايغ استثمار نجاح العمل الفني وتصوير عدة أجزاء منه طالما أن الورق مكتوب درامياً بشكل جيد، مثلما حدث مع رائعة الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، والمخرج الراحل إسماعيل عبد الحافظ «ليالي الحلمية»، الذي تم إنتاج خمسة أجزاء منه حققت نجاحاً كبيراً.

جائزة المهرجان الكاثوليكي المصري (حسابها على إنستغرام)

وتحدثت سهر عن العمل الفني الذي تصوره حالياً للعرض في شهر رمضان القادم، وهو مسلسل «حكيم باشا»، في ثالث تعاون فني بينها وبين النجم مصطفى شعبان بعد مسلسلي «بابا المجال» و«المعلم»، وقالت إن هناك «كيمياء فنية» بينها وبين شعبان، الذي تعتبره محطة فنية مهمة في مشوارها، وإنه فنان مثقف وواع وله جماهيرية كبيرة، بدليل أنه يقدم مسلسلاً رمضانياً كل عام منذ 15 عاماً.

وأضافت: «مصطفى بالنسبة لي تميمة حظ، وأرى أننا نجحنا معاً ثنائياً درامياً في الأعمال التي جمعتنا».

الصايغ بالقفطان المغربي (حسابها على إنستغرام)

ويشارك في بطولة مسلسل «حكيم باشا» منذر رياحنة ورياض الخولي وسلوى خطاب ودينا فؤاد وأحمد صيام ومحمد نجاتي وهاجر الشرنوبي وفتوح أحمد، وهو ينتمي لنوعية الأعمال الصعيدية، حيث تدور الأحداث حول تجارة الآثار.

وأبدت سهر أسفها الشديد لاعتذارها عن عدم المشاركة في مسرحية «الملك لير» أمام النجم يحيى الفخراني؛ بسبب انشغالها بتصوير مسلسلها الرمضاني، وقالت إنها أصرت على حضور أول بروفة من المسرحية حتى تلتقي بالفخراني وتعتذر له وجهاً لوجه.

الصايغ تؤكد عدم مشاركتها بالجزء الخامس من «المدّاح» (حسابها على إنستغرام)

وأبدت الصايغ رضاها عن كل أعمالها السينمائية ومنها «الباب الأخضر» للمخرج رؤوف عبد العزيز، و«حدث في 2 طلعت حرب» للمخرج مجدي أحمد علي، و«سوق الجمعة» للمخرج سامح عبد العزيز، مؤكدة أن الأعمال السينمائية التي تعرض عليها ليست بقوة الأعمال التلفزيونية؛ لذلك ترفض فكرة الوجود السينمائي من خلال أعمال دون المستوى، رغم أن لديها شغفاً كبيراً بالسينما، خصوصاً أن الأفلام تعيش أكثر من الدراما التلفزيونية.


مقالات ذات صلة

«ميد تيرم»... حكايات طلابية في زمن الخصوصية الهشّة

يوميات الشرق من كواليس التصوير (حساب ياسمينا العبد على «فيسبوك»)

«ميد تيرم»... حكايات طلابية في زمن الخصوصية الهشّة

يقدّم مسلسل «ميد تيرم» معالجة درامية تنطلق من الحياة اليومية داخل الجامعة بوصفها مساحة تتكثف فيها الأسئلة والضغوط والتجارب الأولى.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)

خيرية نظمي لـ«الشرق الأوسط»: حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين

تعود خيرية نظمي إلى فكرة السلام الداخلي، مؤكدةً أنها تعيش حالة رضا وتصالح مع الذات...

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)

رحيل «الوجه الأرستقراطي» سمية الألفي

صدم خبرُ وفاة الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاماً الوسطَ الفني. ونعى وزير الثقافة المصري أحمد فؤاد هنو، الراحلة، مؤكداً أنَّها «أسهمت بأعمالها المتنوعة.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق سمية الألفي (وزارة الثقافة المصرية)

حزن في الوسط الفني المصري لرحيل الوجه الأرستقراطي سمية الألفي

خيَّمت حالة من الحزن على الوسط الفني بمصر، السبت، لرحيل الفنانة سمية الألفي، التي توفيت بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز 72 عاماً.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الطفلان شادي وجولي مع والدتهما سلمى في المسلسل (فيسبوك)

«سلمى»... نهاية صادمة مقابل أداء تمثيلي متقن

استغرب متابعو المسلسل المعرّب «سلمى» نهايته الفاترة وغير المتوقعة، فخاب أمل المشاهد العربي بعمل درامي أغرته قصّته الإنسانية.

فيفيان حداد (بيروت)

«نوابغ العرب» تختار البروفسور اللبناني بادي هاني لجائزة «الاقتصاد»

حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)
حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)
TT

«نوابغ العرب» تختار البروفسور اللبناني بادي هاني لجائزة «الاقتصاد»

حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)
حصل البروفسور اللبناني بادي هاني على جائزة فئة الاقتصاد لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية (الشرق الأوسط)

اختارت مبادرة «نوابغ العرب» البروفسور اللبناني بادي هاني للفوز بالجائزة عن فئة الاقتصاد، تقديراً لإسهاماته العلمية في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية.

وهنّأ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، البروفسور هاني، مؤكداً أن استدامة النمو الاقتصادي المرن والمتوازن تُعد ركناً أساسياً لتقدم المجتمعات وازدهار الحضارة الإنسانية. وقال في منشور على منصة «إكس» إن هاني، أستاذ الاقتصاد في جامعة سيراكيوز، قدّم «إسهامات استثنائية» في الاقتصاد القياسي وتطوير نماذج تحليل البيانات الاقتصادية، لافتاً إلى أنه نشر أكثر من 200 بحث علمي، وأن كتابه في تحليل نماذج البيانات الاقتصادية بات مرجعاً للباحثين حول العالم.

وأشار الشيخ محمد بن راشد إلى حاجة المجتمعات العربية إلى اقتصاديين محترفين، مؤكداً أن السياسات الفاعلة تُبنى على علم راسخ وبيانات دقيقة، وأن «اقتصاد الأمة يُصنع بعقولها»، معبّراً عن تطلعه إلى «فصل عربي جديد» في مسيرة استئناف الحضارة العربية.

وجاء منح جائزة الاقتصاد هذا العام للبروفسور بادي هاني تقديراً لإسهاماته في تطوير أدوات التحليل الاقتصادي، خصوصاً في مجال «تحليل لوحة البيانات الاقتصادية»، الذي يعزز دقة دراسة البيانات عبر دمج معلومات من فترات زمنية ومصادر متعددة. وأسهمت ابتكاراته، بحسب المبادرة، في تحسين تقييم آثار السياسات الاقتصادية على المدى البعيد وعبر مناطق مختلفة، ما دفع حكومات ومؤسسات إلى تبنّي أساليبه في قياس كفاءة السياسات والإنفاق العام والأطر التنظيمية.

كما قدّم هاني دورات تدريبية لمختصين اقتصاديين ضمن مؤسسات دولية، بينها البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وبنوك مركزية عدة. ونشر أكثر من 200 بحث علمي، وله مؤلفات أكاديمية مؤثرة، أبرزها كتاب «تحليل نماذج البيانات الاقتصادية» المرجعي. وهو يحمل درجة البكالوريوس في الإحصاء من الجامعة الأميركية في بيروت، والماجستير من جامعة كارنيجي ميلون، والدكتوراه في الاقتصاد من جامعة بنسلفانيا.

وفي إطار الإعلان عن الجائزة، أجرى محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء ورئيس اللجنة العليا لمبادرة «نوابغ العرب»، اتصالاً مرئياً بالبروفسور بادي هاني أبلغه خلاله بفوزه بجائزة «نوابغ العرب 2025» عن فئة الاقتصاد، مشيراً إلى أهمية الأبحاث والنظريات والأدوات التي طورها على مدى عقود، والتي أصبحت ركيزة أساسية في التحليل الاقتصادي الاستراتيجي القائم على المعطيات والبيانات الدقيقة لاستشراف مستقبل التنمية وتعظيم فرصها.

واعتبر القرقاوي أن فوز هاني يمنح «دافعاً قوياً» لجيل جديد من الباحثين والمحللين والاقتصاديين العرب للإسهام في رسم المرحلة المقبلة من التنمية الشاملة في المنطقة.


آلاف يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند «ستونهنج» في إنجلترا

أشخاص يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند موقع «ستونهنج» في إنجلترا (أ.ب)
أشخاص يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند موقع «ستونهنج» في إنجلترا (أ.ب)
TT

آلاف يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند «ستونهنج» في إنجلترا

أشخاص يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند موقع «ستونهنج» في إنجلترا (أ.ب)
أشخاص يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند موقع «ستونهنج» في إنجلترا (أ.ب)

احتشد آلاف الأشخاص ورقصوا حول «ستونهنج» في إنجلترا، بينما ارتفعت الشمس فوق الدائرة الحجرية ما قبل التاريخ، اليوم (الأحد)، في الانقلاب الشتوي.

وتجمعت الحشود، العديد منهم مرتدون زي الدرويد والمشعوذين الوثنيين، قبل الفجر، منتظرين بصبر في الحقل البارد والمظلم في جنوب غربي إنجلترا. وغنى بعضهم، وضربوا الطبول، بينما أخذ آخرون وقتهم للتأمل بين الأعمدة الحجرية الضخمة.

أشخاص يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند موقع «ستونهنج» في إنجلترا (أ.ب)

يقوم كثيرون بزيارة هذه الدائرة الحجرية كل صيف وشتاء، معتبرين ذلك تجربة روحية. ويعد النصب القديم، الذي بني بين 5000 و3500 سنة مضت، مصمماً ليتوافق مع حركة الشمس خلال الانقلابات، وهي تواريخ رئيسية في التقويم بالنسبة للمزارعين القدماء.

وقالت منظمة إنجلش هيريتاج، المسؤولة عن إدارة «ستونهنج»، إن نحو 8500 شخص احتفلوا يوم السبت بالموقع في سالزبوري بلين، على بعد نحو 75 ميلاً (120 كيلومتراً) جنوب غربي لندن. وأضافت أن البثّ المباشر للاحتفالات جذب أكثر من 242 ألف مشاهدة من جميع أنحاء العالم.

أشخاص يحتفلون بشروق شمس الانقلاب الشتوي عند موقع «ستونهنج» في إنجلترا (أ.ب)

واليوم (الأحد)، هو أقصر يوم في السنة شمال خط الاستواء، حيث يشير الانقلاب الشتوي إلى بداية الشتاء الفلكي. أما في نصف الكرة الجنوبي، فهو أطول يوم في السنة ويبدأ الصيف.

ويحدث الانقلاب الشتوي عندما تصنع الشمس أقصر وأدنى قوس لها، لكن العديد من الأشخاص يحتفلون به كوقت للتجديد، لأن الشمس بعد يوم الأحد ستبدأ بالارتفاع مجدداً، وستزداد مدة النهار يوماً بعد يوم حتى أواخر يونيو (حزيران).


«الأسود على نهر دجلة»... صراع إنساني تكشفه بوابة نجت من الدمار

المخرج العراقي زرادشت أحمد (الشركة المنتجة للفيلم)
المخرج العراقي زرادشت أحمد (الشركة المنتجة للفيلم)
TT

«الأسود على نهر دجلة»... صراع إنساني تكشفه بوابة نجت من الدمار

المخرج العراقي زرادشت أحمد (الشركة المنتجة للفيلم)
المخرج العراقي زرادشت أحمد (الشركة المنتجة للفيلم)

يقدّم الفيلم العراقي «الأسود على نهر دجلة» تجربة تتقاطع فيها الذاكرة الشخصية بالذاكرة الجماعية، ويعود فيها المخرج زرادشت أحمد إلى المُوصل، مدينة الجراح المفتوحة، بعد سنوات من محاولته الابتعاد عن العراق وصراعاته، فبعد نجاح فيلمه السابق «لا مكان للاختباء» وما تركه من أثر عاطفي ثقيل عليه، كان المخرج يؤكد لنفسه أنه لن يصوّر في المنطقة مرة أخرى.

لكن المُوصل كما يقول لـ«الشرق الأوسط» أعادت جذبه ببطء حين رأى الدمار الهائل الذي خلّفته الحرب مع تنظيم «داعش»، وواجه أسئلة لم يتمكن من تجاهلها حول كيفية سقوط مدينة بهذا التاريخ أمام 800 مقاتل فقط، وكيف يحاول سكانها اليوم النهوض من جديد.

الفيلم الذي حصد التانيت الفضي للفيلم الوثائقي الطويل ضمن فعاليات الدورة الـ36 من «أيام قرطاج السينمائية»، بتونس، بدأت رحلة مخرجه من فكرة مختلفة تماماً، إذ كان يبحث عن تحفة أثرية، تُعرف باسم «بطارية بغداد»، ظنّ أنها سُرقت بعد عام 2003، قبل أن يكتشف وجودها في قبو المتحف الوطني.

وثّق الفيلم جانباً من الأضرار التي لحقت بالموصل (الشركة المنتجة)

لكن زيارة إلى الموصل بدّلت مسار الفيلم، ففي أحد الأزقة الضيقة للمدينة القديمة، وقف أمام منزل دُمر بالكامل، ولم يبقَ منه سوى بوابة رخامية، يعلوها أسدان منحوتان، كأنهما الحارسان الأخيران لزمنٍ مضى، هذا المشهد كان كافياً ليقرر أنه أمام قصة أكبر من مجرد بحث أثري، بل أمام ذاكرة مدينة بأكملها.

تعرف أحمد خلال تلك الرحلات إلى بشّار، الصياد ابن الموصل وصاحب المنزل المدمر، 4 أجيال من عائلته عاشت في ذلك البيت، واليوم لم يبقَ لهم سوى هذين الأسدين، في نظر بشّار لم يكونا حجارة، بل كانا امتداداً لعائلته، لذكرياته، لروحه كلها، يذهب يومياً إلى الأطلال ليحرسهما، ويواجه محاولات سرقة متكررة، ويقاوم شعوراً لا ينتهي بأن الدولة تخلّت عنه، وأن مدينته فقدت القدرة على ضمّه، مأساته في الفيلم ليست فقدان منزل فقط، بل فقدان هوية، وفشل محاولات الإقناع بأن الوقت قد حان للبدء من جديد.

رصد الفيلم جوانب مختلفة من الحياة في الموصل (الشركة المنتجة)

وفي مقابل بشار، يظهر فخري، الشخصية التي تضيف بعداً مختلفاً للفيلم، رجلاً ستينياً، جمع على مدى سنوات أكثر من 6 آلاف قطعة أثرية أنقذها من بيوت مهجورة وبقايا خراب الحرب، وحوّل منزله إلى متحف مفتوح للناس، باع سيارته، ومقتنيات زوجته، ومدخراته كلها ليحافظ على جزء من هوية الموصل. في البداية، كان يحلم بأن يضم باب منزل بشّار إلى مجموعته، معتقداً أنه يحمي تاريخ المدينة من الضياع.

لكن مع الوقت تبدأ تحولات داخلية عميقة تظهر في شخصيته، خصوصاً حين يواجهه صديقه الموسيقار فاضل بأن التاريخ ليس سلعة، وأن ما تبقى لبشّار ليس حجراً بل حياته نفسها، فيصبح هذا الصراع الإنساني بين رجلين يحبان مدينتهما على طريقتين مختلفتين محوراً أساسياً ينبني عليه الفيلم.

أما فاضل، الموسيقار الذي عاش 3 سنوات من الرعب تحت حكم «داعش»، فكان يخفي آلته الموسيقية خشية إعدامه. يخرج اليوم إلى الشارع، يعزف وسط الأنقاض، يعلّم جيلاً جديداً من الشباب ومعظمهم من الفتيات ويعيد الموسيقى إلى مدينة حاول التطرف أن يخنق صوتها، وجوده في الفيلم لا يقدّم بعداً موسيقياً جمالياً فقط، بل يعكس التغيّر الأعمق الذي عاشته الموصل بعد التحرير، انفتاحاً ثقافياً مفاجئاً وغير متوقع، وعودة للحياة المدنية من خلال الفن، لا السياسة.

التصوير كان رحلة محفوفة بالمخاطر كما يؤكد المخرج، فالكاميرا في العراق ليست موضع ترحيب، الناس يخشونها، السلطات تشك فيها، والمخابئ والممرات تحت الأرض كانت لا تزال مليئة بالألغام وبقايا العبوات، كثيراً ما أوقفته الشرطة أو اتهمه البعض بالتجسس، بينما كان يحاول الحفاظ على سلامة فريقه وسلامة الشخصيات التي ترافقه داخل أحياء مهدمة. ومع ذلك، كان الإحساس بأن الوقت ضيق والمدينة تتغير بسرعة دافعاً له للاستمرار، كما لو أنه يصوّر آخر فرصة لتوثيق ما تبقى من ذاكرة شفافة قبل أن تذوب.

خلال 5 سنوات من العمل، جمع المخرج أكثر من 600 ساعة تصوير، لم يكن يعتمد على سيناريو ثابت، بل على تطور القصة من قلب الواقع، وعلى اللحظة التي يلتقطها بعفوية، وعلى مشاهد تنشأ من الصمت أو من جملة يقولها بشّار أو فخري أو فاضل. ولهذا يبدو الفيلم حياً، غير مشكَّل مسبقاً، أقرب إلى تسجيل نبض مدينة تبحث عن روحها.

عودة الروح والموسيقى إلى الموصل بعد تحريرها من أيدي «داعش» (الشركة المنتجة)

يمتد أثر الفيلم إلى ما يتجاوز الشخصيات، فالموصل التي يظهرها أحمد ليست مجرد مدينة مدمرة، بل مدينة تحاول استعادة معمارها وروحها وذاكرتها، حيث نساء يخرجن إلى الساحات من جديد، فنانون يعيدون افتتاح المسرح، موسيقيون يدرّبون أطفالاً صغاراً، ومتحف وطني يُرمَّم بعد أن دمّره «داعش»، كل تفصيلة تتحرك داخل الفيلم باعتبارها جزءاً من سؤال أكبر؛ هل يمكن لمدينة فقدت كل شيء أن تستعيد هويتها؟ وهل يستطيع الإنسان أن يشفى من ذاكرة الحرب؟

ورغم أن الموصل اليوم أكثر أماناً، فإن المخرج يذكّر بأن الأفكار المتطرفة لا تختفي بسهولة، ويرى أن المدينة مثل مرآة للمنطقة كلها، وأن ما يحدث فيها يعكس ما يمكن أن يحدث في مدن أخرى إذا تُركت بلا دعم حقيقي أو دون إعادة بناء للثقة والوعي والانتماء.