مصر: غرفتان بمعبد رمسيس الثالث استُخدمتا كساعة زمنية لتحديد الفصول

معبد الملك رمسيس الثالث في الأقصر (أرشيفية - وسائل إعلام محلية)
معبد الملك رمسيس الثالث في الأقصر (أرشيفية - وسائل إعلام محلية)
TT
20

مصر: غرفتان بمعبد رمسيس الثالث استُخدمتا كساعة زمنية لتحديد الفصول

معبد الملك رمسيس الثالث في الأقصر (أرشيفية - وسائل إعلام محلية)
معبد الملك رمسيس الثالث في الأقصر (أرشيفية - وسائل إعلام محلية)

أكد أيمن أبو زيد، رئيس الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية، وجود أدلة على أن قدماء المصريين عرفوا فصل الخريف، وأن السنة المصرية القديمة كانت تتكوّن من أربعة فصول، مشيراً إلى أن دراسة حديثة قامت بها جمعيته، أثبتت أن اليوم (السبت) يوافق اليوم الأول من فصل الخريف.

وقال أبو زيد، في تصريحات لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن الغرفتين بمعبد الملك رمسيس الثالث الواقع ضمن مجموعة معابد الكرنك، في مدينة الأقصر التاريخية في صعيد مصر، استُخدمتا من قبل المصري القديم كساعة زمنية لتحديد الفصول، لافتاً إلى أنه تمكّن من خلال الدراسة العلمية والرصد الميداني لحركة الشمس في هاتين الغرفتين من رصد نهاية فصل الصيف وبداية فصل الخريف.

وأوضح أبو زيد أن معبد الملك رمسيس الثالث هو أحد المعابد المقدسة بمجموعة معابد الكرنك المشيّدة على أسس فلكية، والتي تجعل المعبد بمثابة ساعة تقويم لرصد فصول العام.

ولفت إلى أن ما تم رصده لحركة الشمس داخل الغرفتين المقدستين بالمعبد منذ 21 من شهر يونيو (حزيران) الماضي وحتى اليوم، وعلى مدار ثلاثة شهور كاملة، أكد على أن هاتين الغرفتين تسجلان نهاية فصل الصيف وبداية فصل الخريف بحسب التقويم المصري القديم.

وبيّن أنه بذلك تكون السنة المصرية القديمة قد تكوّنت من أربعة فصول، كل فصل مكوّن من ثلاثة شهور، على عكس ما عُرف في الماضي أن السنة المصرية القديمة مكونة من ثلاثة فصول، كل فصل منها مكون من أربعة شهور.

وتابع أبو زيد أن الغرف الداخلية الملحقة بمعبد الملك رمسيس الثالث بالكرنك، صُممت لتسقط من خلالها أشعة الشمس عبر فتحات رأسية في سقف المعبد، وذلك بصورة مائلة تنتهي مع بداية فصل الخريف. وأشار إلى أن ذلك يدل، طبقاً لزوايا سقوط أشعة الشمس داخل هذه الغرف، على أن القياسات المعمارية توافقت مع حركة الشمس وسقوط أشعتها لتستمر حركة الشمس وسقوط أشعتها بزوايا مختلفة مع بداية فصل الصيف والانتهاء بإعلان فصل جديد وهو فصل الخريف.

ولفت أبو زيد إلى أن علماء الآثار لم يشيروا إلى فصل الخريف، وإنما نوّهوا إلى تداخله مع فصل الصيف، وبذلك توافقت الدراسات في السابق على القول إن السنة المصرية القديمة تكوّنت من ثلاثة فصول ارتبطت بالزراعة.

ورأى أن دراسته الجديدة، التي جرت من خلال الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية، أثبتت من خلال العمارة الفلكية التي شُيّد على أساسها معبد الملك رمسيس الثالث بالكرنك، أن المصري القديم عرف أربعة فصول في العام، وأن سقوط الشمس داخل تلك الغرف الملحقة بالمعبد، لم يكن من قبيل الصدفة، وإنما يدل على مدى معرفة قدماء المصريين بدقائق العلوم الفلكية، ومعرفتهم بأربعة فصول من بينها فصل الخريف.

ورفض أبو زيد القبول بصحة كل النظريات الأجنبية المتعلقة بتاريخ وعلوم وفنون مصر القديمة، عادّاً أن ما تركه المصري القديم من معالم أكد ريادته في شتى العلوم والفنون التي تستوعب وجود أكثر من نظرية علمية بشأن هذه الحضارة.

وقال إن معابد الكرنك هي الأشهر بين مجموعات المعابد والمعالم الأثرية بالعالم، وعمل بها العديد من علماء الآثار الأجانب والمصريين على مدار قرابة قرنين من الزمان، لافتاً إلى أن من كشف ارتباط معابد الكرنك بالانقلاب الصيفي، والظاهرة الفلكية التي تشهدها تلك المعابد في وقت الظهيرة، هم الباحثون المصريون الذين توصلوا لاكتشاف أهم حلقة من حلقات أطوار الشمس التي ذكرها المصري القديم بصورة رمزية ومعمارية في كتاباته وفي فنون عمارته التي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بعلوم الفلك.

يُذكر أن قدماء المصريين برعوا في علوم الفلك والهندسة، ونجحوا في توجيه معابدهم باتجاهات متعددة، بحسب معتقدات وطقوس كل معبد، وما كان يشهده من ظواهر فلكية تأتي إحياء لمناسبات ملكية ودينية.

وتتباين الظواهر الفلكية بالمعابد المصرية، ما بين تعامد للشمس وقت الشروق، مثل ما يشهده معبد أبو سمبل في أسوان، وتعامد الشمس في وقت الظهيرة، مثل ما يشهده معبد إدفو، وتعامد القمر مثل ما يجري في معابد الكرنك الفرعونية الشهيرة بمدينة الأقصر الغنية بمعابد ومقابر ملوك وملكات ونبلاء الفراعنة.

وتقول الدراسات الأثرية إن مصر الفرعونية، عرفت الكثير من الظواهر الفلكية عبر تاريخها.


مقالات ذات صلة

الأردن يعلن اكتشاف نقش هيروغليفي للملك رمسيس الثالث

يوميات الشرق اكتشاف أثري جديد جنوب شرقي محمية وادي رم بالأردن يتمثل في نقش هيروغليفي لقدماء المصريين يحمل ختماً ملكياً (خرطوشاً) يعود للملك المصري رمسيس الثالث (1155-1186 ق.م)... (وزارة الآثار الأردنية)

الأردن يعلن اكتشاف نقش هيروغليفي للملك رمسيس الثالث

وزارة الآثار الأردنية تعلن اكتشافاً أثرياً جديداً جنوب شرقي محمية وادي رم، جنوب الأردن، يتمثل في نقش هيروغليفي يعود للملك المصري رمسيس الثالث.

«الشرق الأوسط» (عمان)
الاقتصاد توجه لإنشاء صندوق عقاري مشترك بين السعودية ومصر

توجه لإنشاء صندوق عقاري مشترك بين السعودية ومصر

أعلن رئيس مجلس الأعمال السعودي المصري، بندر العامري، عن توجه لإنشاء صندوق عقاري مشترك بين السعودية ومصر يتضمن محفظة من الأراضي، في زيارة لوفد سعودي للقاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)

تعاون بين مصر و«اليونسكو» لإنشاء متحف جديد للري

مدينة القناطر الخيرية بـ«دلتا مصر» (الشرق الأوسط)
مدينة القناطر الخيرية بـ«دلتا مصر» (الشرق الأوسط)
TT
20

تعاون بين مصر و«اليونسكو» لإنشاء متحف جديد للري

مدينة القناطر الخيرية بـ«دلتا مصر» (الشرق الأوسط)
مدينة القناطر الخيرية بـ«دلتا مصر» (الشرق الأوسط)

تسعى مصر لإنشاء متحف جديد للري بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)؛ لتوثيق الحضارة المصرية القديمة والحديثة فيما يتعلق بقضية المياه، والتطورات التاريخية في إدارة المياه، وحصر المقتنيات والمنشآت التاريخية والتراثية على نهر النيل لتوثيقها وترميمها.

ووفق وزارة الموارد المائية والري المصرية، فإن مصر تسعى للحصول على دعم «اليونسكو» في «الحفاظ على منشآت الري ذات الطابع التراثي وترميم الوثائق التاريخية المهمة (الكتب والخرائط والتقارير والصور)».

ووجه وزير الري المصري، الدكتور هاني سويلم، الأحد، بإعداد «حصر لجميع المقتنيات والمنشآت التاريخية التابعة للوزارة، يتضمن وصفاً تفصيلياً لحالتها والبيانات المتاحة عن تاريخها، تمهيداً لإعداد مجموعة من الأفلام الوثائقية التي تستعرض تاريخ الري في مصر منذ القدم».

متحف الري الحالي بـ«دلتا مصر» (وزارة الري المصرية)
متحف الري الحالي بـ«دلتا مصر» (وزارة الري المصرية)

في مصر متحف للري بمنطقة القناطر الخيرية بمحافظة القليوبية في «دلتا مصر»، الذي يعد من أقدم المتاحف المصرية، إذ أُنشئ عقب افتتاح قناطر الدلتا (القناطر الخيرية) في عهد محمد علي باشا عام 1833، وكان يضم نماذج للقناطر، إلى أن نُقل إلى مبنى جديد وتم تطويره، وأعيد افتتاحه عام 1957 تحت اسم «متحف الثورة» تيمناً بثورة 23 يوليو (تموز) 1952، وخضع المتحف لعملية تطوير وترميم وتحديث منذ عام 2004، وافتُتح مرة أخرى عقب التطوير في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2011، وفي عام 2020 تم تغيير اسمه إلى «متحف الري».

مسؤولون مصريون يتفقدون إحدى القناطر بمحافظة المنوفية (وزارة الري المصرية)
مسؤولون مصريون يتفقدون إحدى القناطر بمحافظة المنوفية (وزارة الري المصرية)

ويرى الخبير الأثري، مفتش الآثار في وزارة السياحة والآثار الدكتور أحمد عامر، أن فكرة إنشاء متحف جديد للري ستكون إضافة كبيرة للمتاحف المصرية المتنوعة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المتحف الجديد الذي يجب أن يكون أكثر شمولاً وتنوعاً من المتحف الحالي، يمكن أن يضم بجانب المقتنيات والوثائق التي تمتلكها وزارة الري، مستنسخات من آلاف القطع والجداريات والتماثيل التي توثق وتؤرخ لتاريخ الري بمصر، والموجودة في العديد من المتاحف، لتحقيق فكرة التنوع في المقتنيات».

وبالتزامن مع بحث إنشاء المتحف الجديد، تدرس وزارة الري المصرية إعداد سلسلة من الأفلام الوثائقية لتوثيق تاريخ الري بمصر، ونشر الوعي بأهمية قضية المياه، وأكد وزير الري المصري، في إفادة رسمية، (الأحد)، أهمية الأفلام الوثائقية التي «تستعرض تاريخ الري القديم والحديث، للتعريف بهذا التاريخ العريق الذي تمتلكه مصر فيما يتعلق بالري، حيث كانت الحضارة المصرية القديمة القائمة على ضفاف نهر النيل رائدة فى وضع تقنيات للري تُعد من بين الأقدم في التاريخ، مما يتطلب حماية هذا التراث وتوثيق الحضارة المصرية القديمة والحديثة في حسن إدارة المياه».

ترعة وادي النقرة بمحافظة أسوان (وزارة الري المصرية)
ترعة وادي النقرة بمحافظة أسوان (وزارة الري المصرية)

ووفق سويلم، تهدف الأفلام الوثائقية إلى «زيادة الوعي المجتمعي بأهمية المياه والعلاقة القوية التي تربط المصريين بنهر النيل منذ آلاف السنين بما يشجع المصريين على الحفاظ على نهر النيل والمجارى المائية من مختلف أشكال التلوث وترشيد استخدام المياه وحُسن إدارتها».ويؤكد عامر أن «المصري القديم عرف وبرع في ترشيد استخدام المياه وحسن إدارتها عبر إنشاء الترع والسدود، ويوجد الكثير من المقتنيات الأثرية التي وثقت ذلك».

وتدرس وزارة الري المصرية بالتنسيق مع «اليونسكو» ترميم وتجديد المقتنيات والمنشآت المائية التاريخية، وأكد سويلم أن «وزارة الري تمتلك أيضاً الكثير من المقتنيات والوثائق التاريخية المهمة مثل الكتب والخرائط والتقارير والصور والموسوعات وألبومات نادرة مثل (كتاب وصف مصر)، و(ألبوم حفل افتتاح قناة السويس عام 1869)، و(أطلس خرائط مصر لعام 1928)».

متحف الري الحالي بمحافظة القليوبية (وزارة الري المصرية)
متحف الري الحالي بمحافظة القليوبية (وزارة الري المصرية)

وفي رأي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، فإن إنشاء متحف جديد للري سيحقق أهدافاً عدة تتجاوز كونه متحفاً أثرياً، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المتحف الجديد يمكنه أن يبرز من خلال مقتنياته عراقة الحضارة المصرية خصوصاً ما يتعلق بقضية المياه ونهر النيل وتطور الزراعة، ويسهم في معرفة تاريخ وتطور استخدام المياه وعلاقتها بالحضارة، ومن بين الأهداف المرجوة، إبراز عراقة مدرسة الري المصرية وتطورها تاريخياً، بما يسهم في نشر الوعي بقضية المياه وأهميتها بين الأجيال الجديدة».

ومن بين المنشآت المائية التاريخية التي تبحث مصر ترميمها بالتعاون مع «اليونسكو»، وفق وزارة الري، «سد الكفرة»، بمنطقة التبين (جنوب القاهرة) الذي تم إنشاؤه في عهد المصريين القدماء، ويعد من أقدم السدود في التاريخ الإنساني، ولا تزال أجزاء منه قائمة حتى اليوم، وقناطر الدلتا القديمة التي أُنشئت عام 1862، وخزان أسوان القديم الذي أُنشئت عام 1902، وقناطر أسيوط القديمة (عام 1902)، وقناطر زفتى القديمة (عام 1902)، وقناطر إسنا القديمة (عام 1906)، وقناطر نجع حمادي القديمة (عام 1930)، وقناطر إدفينا (عام 1951).