تسعى مصر لإنشاء متحف جديد للري بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)؛ لتوثيق الحضارة المصرية القديمة والحديثة فيما يتعلق بقضية المياه، والتطورات التاريخية في إدارة المياه، وحصر المقتنيات والمنشآت التاريخية والتراثية على نهر النيل لتوثيقها وترميمها.
ووفق وزارة الموارد المائية والري المصرية، فإن مصر تسعى للحصول على دعم «اليونسكو» في «الحفاظ على منشآت الري ذات الطابع التراثي وترميم الوثائق التاريخية المهمة (الكتب والخرائط والتقارير والصور)».
ووجه وزير الري المصري، الدكتور هاني سويلم، الأحد، بإعداد «حصر لجميع المقتنيات والمنشآت التاريخية التابعة للوزارة، يتضمن وصفاً تفصيلياً لحالتها والبيانات المتاحة عن تاريخها، تمهيداً لإعداد مجموعة من الأفلام الوثائقية التي تستعرض تاريخ الري في مصر منذ القدم».
في مصر متحف للري بمنطقة القناطر الخيرية بمحافظة القليوبية في «دلتا مصر»، الذي يعد من أقدم المتاحف المصرية، إذ أُنشئ عقب افتتاح قناطر الدلتا (القناطر الخيرية) في عهد محمد علي باشا عام 1833، وكان يضم نماذج للقناطر، إلى أن نُقل إلى مبنى جديد وتم تطويره، وأعيد افتتاحه عام 1957 تحت اسم «متحف الثورة» تيمناً بثورة 23 يوليو (تموز) 1952، وخضع المتحف لعملية تطوير وترميم وتحديث منذ عام 2004، وافتُتح مرة أخرى عقب التطوير في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2011، وفي عام 2020 تم تغيير اسمه إلى «متحف الري».
ويرى الخبير الأثري، مفتش الآثار في وزارة السياحة والآثار الدكتور أحمد عامر، أن فكرة إنشاء متحف جديد للري ستكون إضافة كبيرة للمتاحف المصرية المتنوعة، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المتحف الجديد الذي يجب أن يكون أكثر شمولاً وتنوعاً من المتحف الحالي، يمكن أن يضم بجانب المقتنيات والوثائق التي تمتلكها وزارة الري، مستنسخات من آلاف القطع والجداريات والتماثيل التي توثق وتؤرخ لتاريخ الري بمصر، والموجودة في العديد من المتاحف، لتحقيق فكرة التنوع في المقتنيات».
وبالتزامن مع بحث إنشاء المتحف الجديد، تدرس وزارة الري المصرية إعداد سلسلة من الأفلام الوثائقية لتوثيق تاريخ الري بمصر، ونشر الوعي بأهمية قضية المياه، وأكد وزير الري المصري، في إفادة رسمية، (الأحد)، أهمية الأفلام الوثائقية التي «تستعرض تاريخ الري القديم والحديث، للتعريف بهذا التاريخ العريق الذي تمتلكه مصر فيما يتعلق بالري، حيث كانت الحضارة المصرية القديمة القائمة على ضفاف نهر النيل رائدة فى وضع تقنيات للري تُعد من بين الأقدم في التاريخ، مما يتطلب حماية هذا التراث وتوثيق الحضارة المصرية القديمة والحديثة في حسن إدارة المياه».
ووفق سويلم، تهدف الأفلام الوثائقية إلى «زيادة الوعي المجتمعي بأهمية المياه والعلاقة القوية التي تربط المصريين بنهر النيل منذ آلاف السنين بما يشجع المصريين على الحفاظ على نهر النيل والمجارى المائية من مختلف أشكال التلوث وترشيد استخدام المياه وحُسن إدارتها».ويؤكد عامر أن «المصري القديم عرف وبرع في ترشيد استخدام المياه وحسن إدارتها عبر إنشاء الترع والسدود، ويوجد الكثير من المقتنيات الأثرية التي وثقت ذلك».
وتدرس وزارة الري المصرية بالتنسيق مع «اليونسكو» ترميم وتجديد المقتنيات والمنشآت المائية التاريخية، وأكد سويلم أن «وزارة الري تمتلك أيضاً الكثير من المقتنيات والوثائق التاريخية المهمة مثل الكتب والخرائط والتقارير والصور والموسوعات وألبومات نادرة مثل (كتاب وصف مصر)، و(ألبوم حفل افتتاح قناة السويس عام 1869)، و(أطلس خرائط مصر لعام 1928)».
وفي رأي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، فإن إنشاء متحف جديد للري سيحقق أهدافاً عدة تتجاوز كونه متحفاً أثرياً، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المتحف الجديد يمكنه أن يبرز من خلال مقتنياته عراقة الحضارة المصرية خصوصاً ما يتعلق بقضية المياه ونهر النيل وتطور الزراعة، ويسهم في معرفة تاريخ وتطور استخدام المياه وعلاقتها بالحضارة، ومن بين الأهداف المرجوة، إبراز عراقة مدرسة الري المصرية وتطورها تاريخياً، بما يسهم في نشر الوعي بقضية المياه وأهميتها بين الأجيال الجديدة».
ومن بين المنشآت المائية التاريخية التي تبحث مصر ترميمها بالتعاون مع «اليونسكو»، وفق وزارة الري، «سد الكفرة»، بمنطقة التبين (جنوب القاهرة) الذي تم إنشاؤه في عهد المصريين القدماء، ويعد من أقدم السدود في التاريخ الإنساني، ولا تزال أجزاء منه قائمة حتى اليوم، وقناطر الدلتا القديمة التي أُنشئت عام 1862، وخزان أسوان القديم الذي أُنشئت عام 1902، وقناطر أسيوط القديمة (عام 1902)، وقناطر زفتى القديمة (عام 1902)، وقناطر إسنا القديمة (عام 1906)، وقناطر نجع حمادي القديمة (عام 1930)، وقناطر إدفينا (عام 1951).