«باب عشق»... ماذا لو حكم المدينة شاعر بقلب فارس؟

المسرحية المصرية مستوحاة من التراث الشعري العربي

الصراع من أجل الفوز بالحكم والحياة المترفة (البيت الفني للمسرح)
الصراع من أجل الفوز بالحكم والحياة المترفة (البيت الفني للمسرح)
TT
20

«باب عشق»... ماذا لو حكم المدينة شاعر بقلب فارس؟

الصراع من أجل الفوز بالحكم والحياة المترفة (البيت الفني للمسرح)
الصراع من أجل الفوز بالحكم والحياة المترفة (البيت الفني للمسرح)

خطأ واحد في حياة المرء قد يتسبب في إنهاء حياته، وكذلك يمكن لقصيدة واحدة أن تقتل صاحبها! حول هذه الفكرة يدور العرض المسرحي المصري «باب عشق» حيث يكتب شاعر مجهول قصيدة للوصول لقلب أميرة لكنها تكون وراء قتله هو وشخص آخر مع اختلاف ظروف نهايتهما، وتتوالى الأحداث.

المؤلف يرى أن الاستلهام من التراث بات ضرورة ملحّة (البيت الفني للمسرح)
المؤلف يرى أن الاستلهام من التراث بات ضرورة ملحّة (البيت الفني للمسرح)

يُعد العرض ثاني عروض فرقة مسرح «الطليعة» خلال هذا العام بعد العرض المسرحي «بيت روز»، وذلك في إطار شعار أطلقه البيت الفني للمسرح بمصر في يناير (كانون الثاني) الماضي وهو «2023... عام جديد ومسرح جديد»، والعمل للكاتب إبراهيم الحسيني، وهو النص الفائز بجائزة «ساويرس الثقافية» في التأليف المسرحي لعام 2022.

و خلال نحو 90 دقيقة يعيش الجمهور في فضاء الحكي والشعر، حيث استُلهم النص من التراث العربي، وتحديداً من القصيدة الدعدية نسبةً إلى «دعد» وهو اسم المرأة التي قيلت فيها، وقد عُرفت أيضاً باسم «القصيدة اليتيمة»؛ باعتبار أنه لا يُعرف لها شاعر، وإن كان بعض المصادر ـومنها «فهرسة ابن خير الإشبيلي»ـ قد نسبتها إلى الشاعر دوقلة المنبجي.

وتدور أحداث المسرحية حول «دعد» وهي امرأة جميلة وابنة أحد الملوك، اشترطت لمن يتقدم للزواج منها أن يكون شاعراً فصيح المعاني والبيان، وأن يكتب لها قصيدة تصف جمالها، فنظم لها أحد الشعراء قصيدة سُميت لاحقاً بـ«الدعدية» نسبةً إليها، وبينما كان في طريقه إلى مدينتها كي يُسمعها ما نظم لها من شعر، استضافه أحد الذين مرَّت ناقته بمكانهم، فقصَّ عليه حكايته وأنشده قصيدته، فما كان من الرجل إلا أن قتل هذا الشاعر لكي يأخذها منه ويتوجه بها إلى «دعد» ليفوز بقلبها.

لكن تمر الأحداث وتكتشف أنه محتال لأنه يخطئ ويقول لها إنه من مدينة «الجبل» في حين أن أحد أبيات القصيدة وهو (إن تَتْهَمِي فتهامة وطني)، يدل على أنه من «تهامة» فما كان منها إلا أن دبّرت مجموعة من الحيل والمؤامرات لكي تتخلص منه.

يُعد العمل غنائياً استعراضياً؛ حيث جاء مكتوباً بالفصحى، ومحملاً بمعانٍ وقضايا متعددة متشابكة مع الواقع مصحوباً باستعراضات وأغانٍ مسجَّلة وحية كتب كلماتها الشاعر درويش الأسيوطي. واللافت أن الأغاني الثماني التي يضمها ليست جمالية بقدر كونها وظيفية؛ إذ تعمل كل منها على توضيح معنى ما داخل العمل من دون أن تعلق عليه أو تسهم في وجوده.

الأميرة تشترط أن يكون من يتزوجها شاعراً (البيت الفني للمسرح)
الأميرة تشترط أن يكون من يتزوجها شاعراً (البيت الفني للمسرح)

وطوال العرض يجد المتلقي نفسه محاطاً بمجموعة من التساؤلات التي تطرحها البطلة والأحداث ما بين الماضي والحاضر، والواقع والخيال، وفي مقدمتها ماذا يحدث لو أن البلاد حكمها الشعراء الذين يتميزون بالحكمة؟ لكن في الوقت نفسه ماذا عن الاحتياج إلى القوة؟! أيضاً ماذا يمكن أن يحدث لو أن شاعراً بقلب فارس هو من حَكَم المدينة؟ كما تقود الجميلة «دعد» الجمهور إلى التفكير في قضايا إنسانية عامة، فبعد أن تفشل في الوصول إلى السعادة واستقرار مملكتها عبر الزواج من شاعر، وعقب محاولاتها للتخلص من المحتال تقول: «إن الواقع من حولنا مليء بالقبح والمؤامرات، وإن هذا القبح للأسف يدعونا لأن نكون نحن أيضاً من صناعه في لحظة معينة، وذلك في محاولة منّا للتخلص منه». وتتابع: «نحن نصنع قبحاً موازياً له، فرغم إرادتنا نقع في الخطأ».

الاستلهام من التراث مَلمَح أساسي في كتابات المؤلف إبراهيم الحسيني، فقد سبق له تقديم أعمال عن «إخناتون» و«سنوحي» و«مراكب الشمس» و«سعيد الوزان» وغيرها جنباً إلى جنب احتفائه بالواقع ومشكلاته وتفاصيله، وحول ذلك يقول لـ«الشرق الأوسط»: «استوحيت (باب عشق) من التراث الشعري العربي، وأرى أنه بات أمراً ضرورياً للغاية أن نعود إلى تراثنا»، ويبرر ذلك بقوله: «إن الأجيال الجديدة لا تعي تراثها ولا تاريخها، كما أصبح مستوى تعلم اللغة العربية متدنياً للغاية، وبالتالي هناك حاجة مُلحة للتشبث بجذورنا؛ لأنها شئنا أم لم نشأ وثيقة الارتباط بالأخلاقيات والجماليات والحكايات»، ويردف: «ومن ثم أضحى الاستلهام من التراث العربي أو التاريخ الإنساني بشكل عام يشكل واحداً من أهم مصادر الأدب المطلوبة للارتقاء به».

المسرحية تتطرق إلى الخداع والطمع الإنساني (البيت الفني للمسرح)
المسرحية تتطرق إلى الخداع والطمع الإنساني (البيت الفني للمسرح)

جاء اختياره القصيدة «الدعدية» هذه المرة على وجه الخصوص لأنها تحمل بين طياتها قصة حالمة مسكونة بالمعاني والدلالات، كما تحتمل الكثير من التأويلات الراهنة، يقول الحسيني: «كلما بحثت في التاريخ أو الحكايات التراثية وجدت مادة غنية للغاية من الممكن استلهامها للتعبير عن الزمن الحالي أو ما سبقه».

المؤلف يرى أن الاستلهام من التراث بات ضرورة ملحّة (البيت الفني للمسرح)
المؤلف يرى أن الاستلهام من التراث بات ضرورة ملحّة (البيت الفني للمسرح)

«باب عشق» إخراج حسن الوزير، موسيقى وألحان محمد حسني، أزياء مها عبد الرحمن، استعراضات محمد بحيري، تمثيل ماهر محمود، وهالة ياسر، وفكري سليم، وأحمد حسن، ومحمد أمين، ومحمد صلاح، وإسلام بشبيشي، ودنيا عوني.


مقالات ذات صلة

«اللي شبكنا يخلّصنا»... جرعة درامية للشفاء الجماعي 

يوميات الشرق جوزيف وزينة السجن جمعهما والغربة وحدتهما (الشرق الأوسط)

«اللي شبكنا يخلّصنا»... جرعة درامية للشفاء الجماعي 

مسرحية «اللي شبكنا يخلّصنا» لزينة دكاش تأخذك في رحلة فريدة من نوعها، تُهدئ من روعك وتلطّف أفكارك، ممّا ينعكس إيجاباً على مزاجك.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق جانب من أوبريت «الليلة الكبيرة» في قرية بالمنوفية (وزارة الثقافة المصرية)

أوبريت «الليلة الكبيرة» يجوب قرى مصر

يجوب أوبريت «الليلة الكبيرة» قرى مصر من خلال مشروع «مسرح المواجهة والتجوال»، الذي أطلقه «البيت الفني للمسرح»، ليقدم عروضاً مسرحية في قرى «حياة كريمة».

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق تُعرَض «كوما» في 8 و9 فبراير الحالي على مسرح «زقاق»... (مسرح زقاق)

«مسرح زقاق» يقدّم «كوما»... صرخة الشباب في وجه العتمة

عند كلِّ جيلٍ جديدٍ ملاحظات على الذي قبله، والعكس بالعكس. الفرق بين جيل وآخر عادة هو مدى التأثّر بالزمن الذي يعيش فيه كل منهما.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الملصق الترويجي لمسرحية المجانين (الهيئة العامة للترفيه)

محمد هنيدي يسدل الستار على مسرحية «المجانين»

أسدل الفنان المصري محمد هنيدي الستار على مسرحيته «المجانين» التي عرضت ضمن «موسم الرياض».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تقنيات الوصف الصوتي ولغة الإشارة يُتبعان في العروض المسرحية (مونو)

«مونو» يستحدث مسرحاً لذوي الحاجات الخاصة بمعايير عالمية

هذه العروض الخاصة يتّبعها مسرح «مونو» أقلّه مرة في الشهر، ضمن فترة تمتدّ من فبراير (شباط) حتى سبتمبر (أيلول) 2025.

فيفيان حداد (بيروت)

تغريم المخرج المصري محمد سامي في «سب» الفنانة عفاف شعيب

محمد سامي  (فيسبوك)
محمد سامي (فيسبوك)
TT
20

تغريم المخرج المصري محمد سامي في «سب» الفنانة عفاف شعيب

محمد سامي  (فيسبوك)
محمد سامي (فيسبوك)

في ثاني حكم يصدر ضده خلال هذا الأسبوع، قضت محكمة «جنح أكتوبر»، الاثنين، بتغريم المخرج محمد سامي 5 آلاف جنيه (الدولار يوازي 50.62 جنيه مصري) في اتهامه بسب وقذف الفنانة عفاف شعيب، وذلك بعد يومين من صدور حكم بحبسه لمدة شهرين عن تهمتي التعدي على مدير مركز صيانة سيارات بالسب والقذف والضرب.

وكانت الفنانة عفاف شعيب قد أقامت دعوى قضائية ضد المخرج محمد سامي عقب تصريحات أدلى بها في أحد البرامج التلفزيونية، طالتها بالسب والقذف، وطالب محاميها بتعويض مادي قدره 5 ملايين جنيه.

وكشف باسم الخواجة، محامي الفنانة عفاف شعيب، عن أن الحكم بالغرامة الذي صدر يعادل الحبس، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «المحكمة المدنية ستنظر في 19 فبراير (شباط) الحالي جانب التعويض في الدعوى المدنية بعد صدور حكم محكمة الجنح»، متوقعاً أن يستأنف محامي الطرف الآخر على الحكم الصادر اليوم.

وأضاف أنه قدم شهادات طبية تؤكد أن الفنانة عفاف شعيب كانت موجودة بالمستشفى للعلاج خلال الفترة موضوع النزاع، وأنه تم استخراج شهادات من المستشفى تثبت ذلك.

وكانت النيابة العامة قد أحالت الدعوى للمحكمة المختصة بعد تحقيقات أثبتت وجود أدلة كافية لدعم اتهامات الفنانة، بعد تصريحات المخرج محمد سامي ضد عفاف شعيب بأحد البرامج ذكر فيها أنها ادعت المرض خلال تصوير مسلسل «آدم» متهماً إياها بالكذب لتصوير مسلسل آخر، ما عدّته الفنانة سباً وقذفاً في حقها وإساءة بالغة لها.

وكان سعيد شعبان، محامي المخرج محمد سامي، قد دافع عن موكله أمام المحكمة، قائلاً إن «التصريحات التي أدلى بها موكله في أحد البرامج التلفزيونية لم تكن مسيئة بل كانت رداً على أسئلة المذيعة، وأنه لم يستخدم عبارات تخدش الشرف أو الاعتبار»، وأفاد بـ«وجود كيدية من قبل الفنانة عفاف شعيب لعدم استعانة موكله بها في الأعمال التي يقوم بإخراجها».

ترجع جذور الأزمة لنحو 13 عاماً مضت خلال تصوير مسلسل «آدم» عام 2011 الذي كانت تشارك به عفاف شعيب ويخرجه محمد سامي ويؤدي بطولته تامر حسني ومي عز الدين، وتجددت الأزمة خلال تصريحات سامي في البرنامج التلفزيوني الذي عُرض رمضان الماضي.

الفنانة المصرية عفاف شعيب (موقع السينما دوت كوم)
الفنانة المصرية عفاف شعيب (موقع السينما دوت كوم)

وأبدت الفنانة عفاف شعيب ارتياحها للحكم الذي صدر اليوم، مؤكدة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الحكم سيكتمل بالجلسة التي تعقد بعد يومين أمام المحكمة المدنية، وأنها لن تتنازل عن حقها»، ولفتت الفنانة إلى أن «الأجواء لم تكن مريحة من البداية خلال تصوير مسلسل (آدم)، حيث كان المخرج يريد ممثلة أخرى بدلاً مني، في حين تمسك بوجودي كل من المؤلف أحمد أبو زيد والفنان تامر حسني والمنتج محمود شميس»، وفق قولها، مؤكدة أنها التزمت بعملها، واضطرت خلال التصوير لصعود سيارة الشرطة دون درج تصعد عليه رغم معاناتها من آلام الظهر، وأدى مرضها لإلغاء تصوير مشاهدها الأخيرة رغم أن معظم العاملين بالمسلسل زاروها في المستشفى خلال مرضها، بحسب قولها، موضحة أنها «أغلقت هذه الصفحة بعد انتهاء تصوير المسلسل وعرضه».

وقالت: «عملت طوال حياتي مع مخرجين كبار وصغار، ولم يكن بيننا سوى كل احترام، ولم يحدث قط أي خلافات بيني وبين أي منهم، ولكنني فوجئت بتصريحات المخرج التي اعتبرتها سباً وقذفاً في حقي وتتضمن إساءة لتاريخي الفني، وليس صحيحاً ما يقوله محاميه بل العكس هو الصحيح، فأنا سأرفض العمل معه مجدداً».