كيف تفاعل الليبيون مع حرب غزة؟

مظاهرات في مدن عدة دعماً للمقاومة الفلسطينية... وتنديد واسع بالقصف الإسرائيلي

لقطة من فيديو بثته قناة «ليبيا الوطنية» لمظاهرة في مصراتة (غرب ليبيا) تضامناً مع الشعب الفلسطيني
لقطة من فيديو بثته قناة «ليبيا الوطنية» لمظاهرة في مصراتة (غرب ليبيا) تضامناً مع الشعب الفلسطيني
TT

كيف تفاعل الليبيون مع حرب غزة؟

لقطة من فيديو بثته قناة «ليبيا الوطنية» لمظاهرة في مصراتة (غرب ليبيا) تضامناً مع الشعب الفلسطيني
لقطة من فيديو بثته قناة «ليبيا الوطنية» لمظاهرة في مصراتة (غرب ليبيا) تضامناً مع الشعب الفلسطيني

عمّت موجة تضامن شعبي ورسمي واسعة مدن ليبيا مع الشعب الفلسطيني ضد «العدوان الإسرائيلي» على غزة، رغم انشغال البلاد بالجدل الدائر حول قوانين الانتخابات المنتظَرة.

لقطة من فيديو بثته قناة «ليبيا الوطنية» لمظاهرة في مصراتة (غرب ليبيا) تضامناً مع الشعب الفلسطيني

ومنذ اندلاع الحرب على القطاع، خرجت مظاهرات عدة مؤيدة للفلسطينيين في مدن ليبية عدة، من بينها مصراتة والزنتان والزاوية (غرب)، فيما انتشرت دعوات شعبية إلى مظاهرة بميدان (الشهداء) وسط العاصمة طرابلس؛ تنديداً بالقصف الإسرائيلي على القطاع.

ومع بداية الحرب، وجّهت السلطات في طرابلس بإضاءة أبراج «ذات العماد» الشهيرة بعلم فلسطين، في رسالة تضامنية مع المقاومة الفلسطينية. علماً بأن التحركات الشعبية الليبية لمناصرة الفلسطينيين هي الثانية من نوعها في غضون شهرين، بعد احتجاجات سابقة ضد حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) الماضيين، إثر الاجتماع «السري» بين وزيرة الخارجية المقالة نجلاء المنقوش، ونظيرها الإسرائيلي إيلي كوهين في روما.

ويرى عضو مجلس النواب الليبي عن مدينة مصراتة، محمد الرعيض، أن حرب غزة «ردة فعل طبيعية للشعب الفلسطيني حيال التوسع الاستيطاني المستفز، الذي يتم أمام نظر العالم، دون أن يكترث له أحد، والاقتحامات المتكررة لليمين المتطرف للمسجد الأقصى بصورة تسيء للمسلمين ومقدساتهم».

وأشار الرعيض في إدراج له عبر حسابه على «فيسبوك» إلى أنه لمس «التضييق الاقتصادي الممنهج على قطاع غزة وفلسطين عموماً، خلال زيارة أجراها لفلسطين في فبراير (شباط)الماضي».

رسمياً، ورغم غياب أي موقف رسمي من رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، بشأن التطورات في غزة، فإن الدبيبة عدّ أن «التحديات الداخلية في ليبيا لن تُنسي الليبيين نضال إخوانهم في فلسطين»، وذلك في كلمة له أمس (الاثنين)، مُجدِّداً التأكيد على موقف سابق مع بدء الحرب في غزة.

وكان الدبيبة قد دعا المجتمع الدولي إلى «إيقاف انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي السافرة، ووضع حد لها»، وحمّل عبر حسابه على «فيسبوك» سلطات «الاحتلال الإسرائيلي تبعات رد فعل المقاومة على الاقتحامات المتواصلة للمسجد الأقصى».

وكان لافتاً تطابق موقفي مجلسي النواب و«الأعلى للدولة» بشأن حرب غزة، وسط تصاعد الأزمة السياسية بين المجلسين بشأن القوانين الانتخابية، التي اعتمدها «النواب» الأسبوع الماضي، إذ شدد مجلس النواب على دعمه «لكفاح الشعب الفلسطيني ضد عدوان الاحتلال الإسرائيلي لتحرير أرضه واستعادة استقلاله». وأدان في بيان رسمي «الصمت العربي والدولي تجاه دعم القضية الفلسطينية».

وعلى المسار ذاته، أكد المجلس الأعلى للدولة وقوفه مع الشعب الفلسطيني، داعياً في بيان مماثل له «المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه إدانة الممارسات الهمجية لقوات الاحتلال»، وطالب بـ«تدخل دولي عاجل».

لقطة من فيديو بثته قناة «ليبيا الوطنية» تضامناً مع الشعب الفلسطيني

ولم تكن النقابات الليبية بعيدة عن المشهد التضامني، إذ أصدرت لجنة الحريات بالنقابة العامة للمحامين الليبية بياناً مقتضباً، يؤكد «حق الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه والدفاع عن كرامته بكل الوسائل الممكنة»، وحثت النقابة العامة لأعضاء هيئة التدريس في ليبيا، في بيان، المؤسسات الليبية كافة على تأييد عملية «طوفان الأقصى»، ورفع العلم الفلسطيني إلى جانب العلم الليبي، وحثت أعضاء هيئة التدريس على التأكيد على أن القضية الفلسطينية هي «قضية العرب المركزية في المحاضرات كافة».

كما تضامن «برلمان شباب ليبيا»، التابع لحكومة الدبيبة، مع «المقاومة الفلسطينية في وجه العنف والقمع». أما حزب «العدالة والبناء» (الذراع السياسية لتنظيم إخوان ليبيا)، فقد دعا من جانبه إلى «هبّة رسمية وشعبية لإعلان التآزر في كل العالم الإسلامي مع الشعب الفلسطيني الأعزل، ومقاومته الباسلة». وعدّ أن «تسطير المقاومة الفلسطينية للملاحم البطولية للدفاع عن شعبها ومقدساتها، واسترداد أراضيها المحتلة، أمر مشروع ينبغي التضامن معه، والوقوف بجانبه من كل العالم، وخاصة حكومات العالم الإسلامي وشعوبه الحرة».

وعلى الصعيد الثقافي والفني، عبّر كتّاب ليبيون عن تضامنهم مع الفلسطينيين في حرب غزة، إذ قال الأديب والمسرحي الليبي منصور بوشناف لـ«الشرق الأوسط» إن «القضية الفلسطينية كانت على رأس اهتمامات ومشاغل المثقف الليبي عبر كل العقود الماضية، وظل غالبية المثقفين الليبيين، بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية والفكرية، مناصرين للشعب الفلسطيني في كفاحه ضد الكيان العنصري الصهيوني المحتل».

وأضاف بوشناق «في حرب التحرير التي أطلقتها (حماس) والمقاومة الفلسطينية رأينا تفاعل المثقف الليبي، ومناصرته لنهج المقاومة للتحرير الذي تسلكه (حماس) ضد العدو المحتل». ويرى أن أغلبية المثقفين الليبيين عدّوا هذه المعركة «الخطوة الحقيقية لاستعادة الأرض وتحريرها، وقبل ذلك إعادة الثقة بالنفس للشعوب المقهورة وكسر الحواجز، ودحض خرافة إسرائيل التي لا تقهر».

لقطة من فيديو بثته قناة «ليبيا الوطنية» لمظاهرة في مصراتة (غرب ليبيا) تضامناً مع الشعب الفلسطيني

أما المخرج الليبي محمد المصلي، فلا يرى من جانبه فرقاً بين موقف الفنان والإنسان في النظر إلى هذه الحرب، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «فلسطين أرض الفلسطينيين، ومهما تحدث المحللون والسياسيون، فلن يشعروا بما يشعر به كل فلسطيني موجود بداخلها... هذا حق البقاء، أن تعيش بكرامة».

وعلى صفحات التواصل الاجتماعي الليبية، أعادت الحرب الحديث عن الإعلامية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، التي اغتيلت برصاص الجيش الإسرائيلي في 11 من مايو (أيار) 2022، وذلك في منشورات لأدباء وإعلاميين. وقال القاص الليبي سفيان قصيبات في منشور عبر صفحته بـ«فيسبوك» «حلمك يا شيرين وحلمنا... التغطية الصحفية ينقصها شيرين».

ووصف الإعلامي الليبي ومسؤول الإعلام بالمكتب التنفيذي لـ«المجلس الوطني الانتقالي» السابق محمود شمام، ما حدث في غزة بأنه «إنجاز فلسطيني لا سابق له باللغة الوحيدة التي تفهمها إسرائيل».

أما الأكاديمي الليبي والأستاذ بجامعة مصراتة، مختار الجديد، فرفض أصواتاً تؤكد عدم تعادل القوة بين «حماس» وإسرائيل، وقال عبر «فيسبوك»: «عقلك القاصر يزن كل شيء بميزان الربح والخسارة... الموضوع أكبر من ذلك».

بدوره، قال جلال حرشاوي، المتخصص في الشؤون الليبية، والزميل المشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، في تصريح إلى «الشرق الأوسط»: «لقد خرج الليبيون إلى الشارع في أواخر أغسطس (آب) الماضي، عندما اندلعت فضيحة المنقوش - كوهين ليعربوا عن معارضتهم لاحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية».

وانتهى الحرشاوي إلى أن «المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في ليبيا، ورغم أنها تتمركز في المنطقة الغربية، لكنها منظمة بشكل جيد، خصوصاً في مصراتة مسقط رأس الدبيبة».


مقالات ذات صلة

ليبيا: أزمة السيولة واحتياجات المواطنين تفجّران جدلاً حول «مشاريع التنمية»

شمال افريقيا الدبيبة خلال افتتاح «المتحف الوطني» في طرابلس الذي أثار انتقادات عدد كبير من الليبيين (رويترز)

ليبيا: أزمة السيولة واحتياجات المواطنين تفجّران جدلاً حول «مشاريع التنمية»

هيمنت أزمة نقص السيولة على المشهد الليبي؛ في ظل اصطفاف المواطنين أمام المصارف لساعات طويلة، إلى جانب نقاشات موسعة مع خبراء ومسؤولين حول سبل المعالجة.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا افتتاح «الحوار المهيكل» في ليبيا (أرشيفية - البعثة الأممية)

مصراتة تنتفض لـ«حل الأجسام المسيطرة» على المشهد الليبي

دافعت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، مجدداً، عن «الحوار المهيكل» الذي ترعاه في العاصمة طرابلس، رغم الجدل المثار حول إمكانية نجاحه.

خالد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)

تيتيه: زعماء ليبيا يتقاعسون عن تنفيذ «خريطة الطريق»

اتَّهمت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أنسميل) الممثلة الخاصة للأمين العام أنطونيو غوتيريش، هانا تيتيه، أصحابَ المصلحة السياسيين الرئيسيين.

علي بردى (واشنطن)
شمال افريقيا الهيشري القيادي في «جهاز الردع» الليبي خلال مثوله أمام المحكمة الجنائية الدولية الأربعاء (المحكمة)

«الوحدة» الليبية تتابع ملف الهيشري الموقوف لدى «الجنائية الدولية»

قالت سفارة ليبيا في هولندا إن «القسم القنصلي سينظم زيارات دورية للمحتجز الهيشري، ضمن اختصاصاته ومسؤولياته القنصلية تجاه المواطنين الليبيين».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من إحاطة تيتيه أمام أعضاء مجلس الأمن حول الأزمة الليبية (المجلس)

تيتيه تتهم الزعماء الليبيين بـ«التقاعس» عن تنفيذ «خريطة الطريق»

اتهمت هانا تيتيه، أصحاب المصلحة السياسيين الرئيسيين في ليبيا بـ«التقاعس» عن تنفيذ موجبات العملية السياسية المحددة من المنظمة الدولية.

علي بردى (واشنطن)

روبيو يكثّف الدعوات لهدنة في السودان

روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)
روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)
TT

روبيو يكثّف الدعوات لهدنة في السودان

روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)
روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)

وضع وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، مدى زمنياً من 10 أيام لتثبيت هدنة إنسانية في السودان، مع بداية العام المقبل، وهي المرة الأولى التي تضع فيها واشنطن مواقيتَ أمام طرفي النزاع، الجيش و«قوات الدعم السريع».

وذكر روبيو في تصريحات، الجمعة، أنَّ «هدف واشنطن الفوري وقف الأعمال القتالية في السودان قبل بداية العام الجديد»، في تكثيف للتحرك الأميركي من أجل الوصول إلى هدنة إنسانية.

وقال إنَّ بلاده منخرطة «بشكل مكثف» مع أطراف إقليمية عديدة، لافتاً إلى محادثات أجرتها واشنطن مع مسؤولين في السعودية والإمارات ومصر، بالتنسيق مع المملكة المتحدة، للدفع نحو هدنة إنسانية تسمح بتوسيع عمليات الإغاثة.

وقال روبيو: «99 في المائة من تركيزنا ينصب على هذه الهدنة الإنسانية والتوصل إليها في أسرع وقت ممكن». وأضاف: «نعتقد أنَّ العام الجديد والأعياد المقبلة تُمثل فرصة عظيمة لكلا الجانبين للاتفاق على ذلك».


10 أيام فاصلة... ما ملامح خطة أميركا لوقف حرب السودان؟

TT

10 أيام فاصلة... ما ملامح خطة أميركا لوقف حرب السودان؟

روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)
روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)

وضع وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، مدى زمنياً من 10 أيام لتثبيت هدنة إنسانية في السودان، مع بداية العام المقبل، وهي المرة الأولى التي تحدد فيها الإدارة الأميركية مواقيت زمنية أمام طرفي النزاع؛ الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» منذ إعلان تدخل واشنطن بقوة في هذا الملف.

وذكر روبيو في تصريحات صحافية، الجمعة، أن «هدف واشنطن الفوري وقف الأعمال القتالية في السودان قبل بداية العام الجديد». وقال إن بلاده منخرطة «بشكل مكثف» مع أطراف إقليمية عديدة، لافتاً إلى محادثات أجرتها واشنطن مع مسؤولين في السعودية والإمارات ومصر، بالتنسيق مع المملكة المتحدة، في إطار الدفع نحو هدنة إنسانية تسمح بتوسيع عمليات الإغاثة.

روبيو في حديث هامس مع الرئيس ترمب خلال طاولة مناسبات سابقة (أ.ف.ب)

وأكد روبيو في مؤتمر صحافي أن «99 في المائة من تركيزنا ينصب على هذه الهدنة الإنسانية والتوصل إليها في أسرع وقت ممكن». وأضاف: «نعتقد أن العام الجديد والأعياد المقبلة تمثل فرصة عظيمة لكلا الجانبين للاتفاق على ذلك، ونحن نبذل قصارى جهدنا في هذا الصدد».

وقال روبيو إن كلا الجانبين انتهك التزاماته، وأعرب عن قلقه إزاء التقارير الجديدة التي تفيد بتعرض قوافل مساعدات إنسانية لهجمات. وأضاف: «ما يحدث هناك مروع، إنه فظيع». وتابع: «سيأتي يوم تُعرف فيه القصة الحقيقية لما حدث هناك، وسيبدو كل من شارك في الأمر بمظهر سيئ».

ضغوط على السودان

وفي هذا الصدد، قال مصدر سوداني مطلع لــ«الشرق الأوسط»، إن رئيس «مجلس السيادة»، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، اطلع خلال زيارته الأخيرة إلى الرياض على دعوة عاجلة للامتثال لخريطة الرباعية للموافقة على تهدئة القتال، وإنه طلب أسبوعاً للرد عليها بعد إجراء مشاورات مع حلفائه في الداخل.

وأوضح المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن الخطة التي طرحت على البرهان، لا تخرج عن إطار خريطة الرباعية المتفق عليها بين الدول الأربع؛ الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر. وفي حين لم يشر وزير الخارجية الأميركي إلى أي خطة جديدة، لكنه ألمح إلى أن الإدارة الأميركية قد تلجأ لممارسة المزيد من الضغوط من أجل الوصول إلى المرحلة الأولى، التي تشمل الهدنة الإنسانية، وربطها في الوقت نفسه بإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين في مناطق النزاع.

قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

وربط المصدر السوداني حديث روبيو في هذا التوقيت، بزيارة البرهان إلى السعودية، وتزامنها مع وجود كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، الذي عاد إلى واشنطن بعد جولة طويلة شملت السعودية والإمارات ومصر.

تدخل سعودي حاسم

وصعد ملف الحرب في السودان إلى سلم أولويات الإدارة الأميركية، بعد التدخل السعودي الحاسم، وطلب ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان من الرئيس دونالد ترمب التدخل لوقف الحرب. ووفقاً لوزارة الخارجية السودانية، أكد البرهان خلال زيارته إلى الرياض الأسبوع الماضي، حرصه على العمل مع السعودية والرئيس دونالد ترمب ومبعوثه للسلام مسعد بولس لوقف الحرب في السودان.

وبحسب المصدر نفسه، تعكس تصريحات البرهان تحولاً كبيراً في موقف الحكومة السودانية التي سبق أن رفضت مقترح «الآلية الرباعية» بهدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، مشيراً إلى أن دول الرباعية أكدت مراراً وتكراراً التزامها بالعمل في إطار هذه المبادرة لوقف الحرب عبر الحل السلمي المتفاوض عليه.

من جهته، قال مستشار «قوات الدعم السريع»، محمد المختار، إن «موقفنا المبدئي هو الترحيب بأي مبادرة لوقف الحرب ومعالجة جذور الأزمة في السودان». وأضاف أن «الدعم السريع وتحالف تأسيس (المرجعية السياسية لحكومة السلام) في نيالا، على اتفاق تام بالتعاطي مع أي جهود أو تسوية تؤدي إلى إحلال السلام في البلاد... وظللنا منذ اندلاع الحرب نستجيب لكل المساعي الإقليمية والدولية في هذا الصدد».

التحركات الأميركية

وقال دبلوماسي سوداني سابق، إن الإدارة الأميركية لا تلجأ في العادة لتحديد سقف زمني لأي ملف تتحرك فيه دون مؤشرات واضحة أو حصولها على ضوء أخضر، مضيفاً: «صحيح أن القيد الزمني الذي وضعته ضيق جداً، لكنها قد تنجح في اقتلاع موافقة نهائية من طرفي الحرب بخصوص الهدنة الإنسانية في الأيام القليلة المقبلة».

وأشار الدبلوماسي السوداني إلى أن وقف إطلاق النار يتوقف على كلا الجانبين، من حيث الوفاء بالتزاماتهما في تنفيذ المقترح المطروح من قبل «الآلية الرباعية». وأضاف الدبلوماسي، الذي طلب أيضاً عدم ذكر اسمه، أن إدارة ترمب تركز في الوقت الحالي على جمع الطرفين في مفاوضات مباشرة للاتفاق على تنفيذ المرحلة الأولى للهدنة الإنسانية التي تمهد الانتقال إلى مرحلة إيقاف دائم لإطلاق النار، يعقب ذلك تنفيذ الرؤية المضمنة في خريطة الرباعية بخصوص العملية السياسية والانتقال إلى الحكم المدني.وتوقع الدبلوماسي أن تتسارع وتيرة تحركات الرباعية بكثافة في الأيام المقبلة، بعد حديث روبيو، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مع طرفي الصراع للالتزام بتنفيذ الهدنة فوراً دون تأخير.

وتنص خريطة «الرباعية» على التنفيذ السريع لمقترح الهدنة الإنسانية لمدة 3 أشهر، وإيقاف فوري لإطلاق النار دون قيد أو شرط، وتطويره إلى وقف إطلاق نار دائم، ثم البدء في مفاوضات سياسية.

ترحيب إماراتي

من جهته، جدّد الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، التأكيد على أن الوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، وضمان وصول إنساني آمن من دون عوائق إلى المدنيين، يمثلان أولوية قصوى في ظل تفاقم الاحتياجات الإنسانية واتساع دائرة المعاناة في السودان.

ورحّب الشيخ عبد الله بن زايد بتصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بشأن السودان، التي شدد فيها على أن الهدف العاجل لواشنطن يتمثل في وقف الأعمال العدائية مع دخول العام الجديد بما يسمح للمنظمات الإنسانية بإيصال المساعدات إلى مختلف أنحاء البلاد.

الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي (وام)

وأثنى وزير الخارجية الإماراتي على ما تضمنته التصريحات الأميركية من تركيز على دفع مسار التهدئة الإنسانية والتخفيف من وطأة الأزمة، مؤكداً أن أي تقدم عملي يبدأ بوقف إطلاق النار على نحو عاجل، بما يوفر حماية للمدنيين ويؤسس لتهيئة بيئة سياسية أكثر قابلية للحل.

كما رأى أن تثبيت الهدنة الإنسانية وفتح الممرات أمام الإغاثة «يمهدان الطريق» لمسار سياسي يفضي إلى انتقال مدني مستقل يحقق تطلعات السودانيين إلى الأمن والاستقرار والسلام.

وفي هذا السياق، أكد الشيخ عبد الله بن زايد التزام دولة الإمارات بالعمل مع المجموعة الرباعية بقيادة الولايات المتحدة، ضمن جهود تستهدف دعم مسار سياسي مدني مستدام يضع مصلحة الشعب السوداني فوق كل اعتبار.

إدريس إلى نيويورك

من جهة ثانية، توجّه رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، إلى نيويورك، السبت، للاجتماع بالأمين العام للأمم المتحدة ومسؤولين آخرين ومناقشة سبل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية ووقف محتمل لإطلاق النار، وفق ما أفاد مصدران في الحكومة السودانية.

وتأتي هذه الزيارة في ظلّ احتدام المعارك بين الجيش السوداني و«قوّات الدعم السريع» في جنوب كردفان، ما يثير مخاوف من فظائع جديدة شبيهة بتلك التي ارتكبت في مدينة الفاشر في أواخر أكتوبر (تشرين الأول). وترافقت سيطرة «قوّات الدعم السريع» على آخر معقل للجيش في إقليم دارفور (غرب) مع تقارير عن عمليات قتل جماعي واغتصاب واختطاف.


مصر: رفع اسم علاء عبد الفتاح من قائمة «منع السفر»

علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)
علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)
TT

مصر: رفع اسم علاء عبد الفتاح من قائمة «منع السفر»

علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)
علاء عبد الفتاح (حسابه على «فيسبوك»)

رفع النائب العام المصري، محمد شوقي عياد، السبت، اسم الناشط علاء عبد الفتاح من قوائم «منع السفر»، استجابةً لطلب قدمه محاميه في وقت سابق.

وبموجب قرار النائب العام الذي ستجري مخاطبة الجهات المختصة به، سيكون من حق علاء عبد الفتاح، الحاصل على الجنسية البريطانية بجانب جنسيته المصرية، القدرة على مغادرة البلاد بعد نحو 3 أشهر من الإفراج عنه بعفو رئاسي استجابة لمناشدات عدة قدمتها أسرته، ومخاطبة قدمها «المجلس القومي لحقوق الإنسان» في مصر.

وصدر حكم قضائي على علاء عبد الفتاح في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بالسجن 5 سنوات بتهمة «الانضمام إلى جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، ونشر وبث أخبار وبيانات كاذبة داخل وخارج البلاد، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها».

وجاء الحكم بعد أكثر من عامين على توقيف الناشط، الذي أُلقي القبض عليه في سبتمبر (أيلول) 2019.

وكانت محكمة جنايات القاهرة قد قررت رفع اسم علاء عبد الفتاح من «قوائم الإرهاب» في القضية رقم 1781 لسنة 2019 في يوليو (تموز) الماضي، مستندة إلى التحريات التي أفادت بـ«عدم استمراره في أي نشاط لصالح جماعة إرهابية»، وهو القرار الذي ترتّب عليه إنهاء جميع الآثار القانونية المترتبة على الإدراج، بما في ذلك المنع من السفر وتجميد الأموال وغيرهما من العقوبات.

وحصل علاء عبد الفتاح على الجنسية البريطانية خلال وجوده في السجن، بعدما تقدمت شقيقتاه بطلب للسلطات البريطانية على خلفية حصول والدته على الجنسية لولادتها هناك، وهو ما جعل موقفه القانوني محل نقاش مستمر بين المسؤولين المصريين ونظرائهم البريطانيين خلال السنوات الماضية.