د. حسن منصور الحاج
من دون شك؛ سؤال معنى الحياة يشغل كل إنسان واعٍ بدرجات مختلفة ومتفاوتة وانطلاقاً من خلفيات ثقافية متعددة.
فرص الميسورين عددها أكبر من فرص الفقراء في تحصيل الجدارة
في ظل الأزمات المتتالية التي تواجه البشرية في العالم المعاصر يتساءل الفيلسوف وعالم الاجتماع الألماني هارتموت روزا (Hartmut Rosa) حول ماهية الحياة الجيدة.
في البداية، لا بد من تبرير عنوان هذا المقال المكثف. في الواقع، إن لبنان منذ نشأته ككيان وكدولة وكوطن عانى وما زال يعاني من أزمات وحروب أهلية وتدخلات أجنبية وأخوية ومن اعتداءات إسرائيلية.
لا شك في أن عالمنا المعاصر يتخبط في مشكلات عظمى، ومن أهم هذه المشكلات قضية اغتصاب الأرض الفلسطينية من قِبل الحركة الصهيونية قبل خمسة وسبعين عاماً، حيث شهد تاريخ هذه القضية صراعات وحروباً ومحاولات تسوية من دون نتائج. وأمام هذا المأزق اختلفت وجهات النظر تجاه الحق في الأرض الفلسطينية بين العرب من جهة واليهود من جهة أخرى. هذا الخلاف ما زال قائماً ويشكل تهديداً لأمن المنطقة والعالم بأجمعه. بالفعل، إن نزاع الشرق الأوسط الذي يضع الدولة الصهيونية (إسرائيل) في مواجهة الشعوب العربية، وبشكل خاص في مواجهة الشعب الفلسطيني، هو من أهم المشكلات التي تشغل العالم بأكمله.
في كتابه: «الإنسان ذو البعد الواحد»، الصادر عام 1964، اعتبر هربرت ماركيوز أن المجتمع الصناعي القائم على التكنولوجيا تحول إلى مجتمع أحادي البعد في النظامين الرأسمالي والاشتراكي، وبالتالي انعكس ذلك الوضع على الإنسان الذي أصبح بدوره أحادي البُعد، نتيجة خضوعه لمنطق سيطرة العقلانية التكنولوجية التي تجاوزت التناقضات الطبقية في التشكيلات الاجتماعية، وأدت إلى تخدير الفلسفة النقدية وإلى غياب المعارضة في المجتمع.
بعد أن فتح كارل ماركس طريق النقد من خلال إعلانه موت الفلسفة كممارسة تأملية، وبعد أن حاول فهم التاريخ باعتباره يقوم على عدة مستويات، اقتصادية وسياسية وآيديولوجية، قاطعاً بذلك مع فكرة التاريخ القائم على أحادية الجوهر، كان يمهد بطريقة غير مباشرة لفلسفة الاختلاف وغياب الواحد. ولقد بدأت إرهاصات فلسفة الاختلاف مع نيتشه بعد أن لاحظ سيطرة إرادة العدم في إرادة القوة التي ليست سوى إرادة القوى الفاعلة والارتكاسية المتصارعة في عملية الصيرورة والتي تشكل مصادر وظهورات الكينونة. وبما أن القوة هي التي تريد، فإن انتصار إحدى القوى على القوى الأخرى يحدد مسار صيرورة الإنسان في الكينونة.
في السابع عشر من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المنصرم احتفل العالم باليوم العالمي للفلسفة. ولكن كيف يمكن لهذا الاحتفال أن يكون مناسبة وحافزاً لاستقبال وقبول الفكر الفلسفي لدى أجيال العصر الراهن المحكوم من ثورة التكنولوجيا وسرعة الاتصالات ومن سيطرة نمط الحياة السريع في كل المجالات؟ وهل يمكن لهذا الجيل أن يجد الوقت الكافي لقراءة مجلدات الفلاسفة الكبار الذين أغنوا تاريخ الفلسفة بفلسفاتهم حول مصير الكون والإنسان والطبيعة؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة